مرّ اليوم الأول من شهر رمضان على العاصمة في ظروف جد عادية، مثلما اطلعت عليه «الشعب» في الجولة التي قامت بها، أمس، ببعض شوارع وأحياء العاصمة. على درجة حرارة معتدلة لم تتجاوز ٣٠ درجة، وفي شارع بوقرة الأبيار قصدنا بائع الجرائد التي نفذت بسرعة البرق خاصة، وأكد البائع «أحمد» لـ «الشعب» أن شهر رمضان يعتبر أكثر الشهور إقبالا على الجرائد، فبعد الحادية عشر صباحا لا تجد أي عنوان، فالمواطن يشتري أكثر من ٣ جرائد في بعض الأحيان حتى «ينقضي الوقت»، كما يقولون.
تنتشر على طول شارع بوقرة كراسي كبيرة، يصطف فيها شباب وكهول وشيوخ يقرأون الجرائد ويتبادلون أطراف الحديث حول رمضان، وتقاطع الكل حول التهاب الأسعار وارتفاع تكاليف الحياة. وقال «كريمو» أب لـ ٣ أطفال -يعمل دهانا- إن تكاليف الحياة ارتفعت كثيرا وشهر رمضان بقدر ما هو شهر الرحمة، إلا أن جشع التجار حوّله الى جحيم، فجولة في السوق والاطلاع على الأسعار يفقدنا نكهة رمضان.
إقبال متواضع على مراكز البريد
عرفت مراكز بريد الأبيار بشارع بوقرة، والمتواجدة قرب ساحة كينيدي، وحتى البريد المركزي وسط العاصمة إقبالا عاديا حيث لا تتعدى الطوابير ١٠ أفراد مثلما كانت تشير إليه الآلات الالكترونية التي تنظم دور كل فرد.
وتحضر هذه المراكز نفسها للأسبوع الثاني من شهر رمضان التي تتزامن مع ضخ أجور الموظفين حيث تعتبر الفترة من ١٤ الى ٢٥ من كل شهر مرحلة الذروة من خلال الإقبال المكثف لأكثر من ١٠ ملايين زبون لسحب أموالهم في ظرف وجيز.
وقال «سفيان/ح.»، عامل بمركز بريدي بوسط العاصمة، إن تمديد فترات العمل ليلا سيقضي على الازدحام في مراكز البريد، موضحا بأن كل الإجراءات قد اتخذت لضمان خدمات ممتازة، وهذا تفاديا لما حدث في السنوات الماضية.
اللحم بـ ١٥٥٠ دج والدجاج
بـ ٣٧٠ دج للكيلوغرام
عرّجنا في جولتنا على قصابة لبيع اللحم والتي انعدمت فيها حركة الزبائن حيث تشير لوحة الأسعار الى أرقام خيالية، فسعر الكيلوغرام من لحم الخروف بلغ ١٥٥٠ دج وهو رقم قياسي بالمقارنة مع السنوات الماضية.
وكشف «كمال / ب. ٣٨ - سنة - مهندس دولة » ويعمل في مكتب دراسات ببئر مراد رايس عن الغلاء الفاحش الذي تعيشه العاصمة، موضحا بأن أسعار اللحم تفوق أسعار بعض الولايات الداخلية بـ ٣٠ في المائة، مؤكدا بأنه قبل ٣ أيام تنقل إلى اليشير ببرج بوعريريج واقتنى اللحم بـ ٩٥٠ دج للكيلوغرام، وقال لنا: «لكم أن تقارنوا بين برج بوعريريج والعاصمة، فأين هي مصالح الرقابة والإجراءات التي تتحدث عنها مختلف الهيئات والمؤسسات».
وبالمقابل ولدى توجهنا إلى سوق «كلوزال» بقلب العاصمة وقفنا على الارتفاع المذهل لسعر الدجاج الذي وصل سعره إلى ٣٧٠ دج للكيلوغرام، أي تضاعف بـ ١٠٠ بالمائة عما كان عليه قبل رمضان حيث كان يباع بـ ١٦٠ دج للكيلو غرام.
وكان مربو الدواجن قد اشتكوا كثيرا قبل رمضان من تدني الأسعار وارتفاع تكاليف تربية الدواجن، ويظهر أن شهر رمضان يعتبر الفرصة الكبرى لتحقيق التوازنات المالية على حساب جيوب المواطنين.
وبنفس السوق وصلت أسعار الطماطم الى ٩٠ دج، والكوسة بـ ١٣٠ دج والباذنجان بـ ١٠٠ دج، والفلفل بـ ١٠٠ دج، بينما شهدت أسعار الفواكه استقرارا بالمقارنة مع الخضر، فالخوخ يباع بين ١٠٠ و١٢٠ دج، والنيكتار بـ ١٣٠ دج، أما التمر من النوعية الحسنة، فوصل سعره إلى ٤٢٠ دج.
تشغيل البراءة يعود بقوة
النقطة السوداء التي شدت انتباهنا هي عمالة الأطفال التي عادت بقوة في الشهر الفضيل، فمن باب الوادي الى ساحة الشهداء ووسط العاصمة والأبيار، لاحظنا تواجد براءة تبيع «الديول» و«الكسرة» ومختلف المأكولات التي تأتي مع رمضان.
وتشتد المنافسة بين الأطفال لتسويق أكبر قدر ممكن من منتجاتهم مثلما وقفنا عليه في سوق الأبيار، ويصل الأمر في الكثير من الأحيان إلى التشابك فيما بينهم في صورة تعكس الكثير من التناقضات التي سادت في المجتمع.
وحتى وإن كان التبرير عبارة عن مساعدة الأطفال لعائلاتهم على تحقيق مصاريف إضافية لضمان شهر رمضان عادي ودخول مدرسي الذي بات يتطلب ميزانيات عملاقة، وتعود للأذهان هنا تلك الخطابات الرنانة التي تدافع عن البراءة دون أن تكون لها متابعة ميدانية.
اختفى الازدحام فجأة من العاصمة، فحركة المرور أكثر من عادية، وهو ما لفت انتباه سائق سيارة أجرة نقلنا من الأبيار الى ساحة أودان حيث عبر عن ارتياحه لحركة المرور وتمنى أن تكون على مدار السنة. ولكن تحسن حركة المرور قابله نقص في الزبائن موضحا بأن الجزائريين لا ينهضون باكرا، وهو ما ينعكس سلبا على عائداتهم المالية.
وطرح السائق مشكل الزحمة مساء، وتشنج الأعصاب وهو ما يدفعنا للدخول مبكرا إلى البيت.
ويحدث هذا في ظل الانتشار العادي لمصالح الأمن التي تعمل على تحسين حركة المرور ومعاقبة المخالفين حيث حضرنا وضع مساكات على سيارات مركونة بطريقة غير قانونية، أمس، قرب شارع منتوري ليس بعيدا عن ساحة أودان. وحتى حراس الحظائر غير الشرعية لم يظهر لهم أثرا حيث يكون السهر قد نال منهم وبالتالي تمكين أصحاب السيارات من توفير مصاريف إضافية.
مؤسسة النقل الحضري
تعمل إلى الواحدة ليلاً
استوقفنا سائق حافلة للمؤسسة الوطنية للنقل الحضري وشبه الحضري بساحة أودان وهو يتأهب للتوجه نحو شوفالي وسألناه عن المواقيت الجديدة للشهر الفضيل، حيث سطرت الشركة برنامجا خاصا تنطلق فيه الحافلات من الـ ٥ سا إلى ١٩,٠٠ مساء وتستأنف بعد الإفطار إلى ٠١,٠٠ سا ليلا وهذا في سياق توفير الخدمات للمواطنين الذين يرغبون في التنقل ليلا .