لسكيكدة حكم موقعها الجغرافي ،مقومات تؤهلها لأن تنتزع مكانتها السياحية كأفضل وجهات الجزائر وأكثرها سحرا، بفضل ما تزخر به من معالم حضارية وتاريخية ومناظر طبيعية في غاية الجمال، استهوت كل من يزورها.
كانت لجريدة “الشعب” ان نزلت بـ«اخناق مايون” التحفة السياحية بامتياز، اذ تحيط بها من كل جانب غابات الأرز والصنوبر الحلبي وأشجار الفلين التي تؤشر لوجود ثروة اقتصادية تحتاج الى استغلال يزيد في خلق الثروة ويعزز بهاء المكان وجماله، رغم ان واقع البلدية ما زال لحد الساعة قاسيا ومريرا، زاد الوضع سوءا. موجة الحرائق التي أتت على مساحة هامة من الغابات والاحراش بمنطقة العوينات وكادت ان تأتي على منازل المواطنين لولا تدخل أفراد الجيش، ومصالح الحماية المدنية والغابات والتضامن الكبير من السكان.
شاطئ “ خرايف” ببلدية خناق مايون يحبس الأنفاس
من أجمل الشواطئ التي تتميز بها سكيكدة، شاطئ خرايف والذي يطلق عليه كذلك تسمية سيدي عبد الرحمن ببلدية “خناق مايون” التي تبعد عن عاصمة الولاية بحوالي 130 كلم، المتاخم لولاية جيجل، يتميز هذا الشاطئ برمال ذهبية وتزاوج مياهه بالبساط الأخضر من غابات المنطقة الغربية جعلته قطعة من جنة، ناهيك عن الهدوء والسكون الذي يضفي عليه جمالية تجعله مقصد محبي الطبيعة العذراء التي لم تنتهكها أيادي المفسدين، لوقوعه في مكان يَصعب الوصول إليه ولكنه يستحق العناء، إلى جانب هدوئه وخلوه من الضجيج، يوفر هذا الشاطئ منظراً في غاية الجمال والروعة لغابات كثيفة تحيط به ويخترقه مصبّ الوادي.
في كثير من المناسبات يطالب سكان لعوينات، فتح شاطئ “خرايف” للمصطافين، بتخصيص قيم مالية تمكّن من توسيع وتهيئة الطريق الترابي، خصوصا وباتفاق زوار المنطقة، أنه من أجمل الشواطئ وآخر شواطئ سكيكدة من الجهة الغربية، يمتد على مسافة 3 كلم.
يبقى مطلب السكان، كما أكدوا لـ “الشعب”، إتمام تهيئة الطريق نحو شاطئ مرسى الزيتون لإنعاش السياحة بالمنطقة، باعتبار أن البلدية لها من الإمكانات الطبيعية ما يسمح لها بالوصول إلى مراتب متقدمة، سيما في مجال السياحة الشاطئية والغابية، وبالتالي توفير مناصب عمل للشباب وتدعيم البلدية المصنفة من البلديات الفقيرة بالولاية رغم ثرائها الطبيعي بمداخيل إضافية.
الشاطئ رغم أنه غير مفتوح في وجه حركة الاصطياف، إلا أنه يعرف إنزالا قويا من قبل رواده، خاصة أيام نهاية الأسبوع، سيما من الشباب هواة الصيد، متحدين تدهور الطريق وسلكه يعتبر ضربا من المغامرة.
ويرى سكان بلدية “أخناق مايون”، أنّه من الضروري فك العزلة عن منطقتهم لتوفرها على كل مقومات النهوض بالسياحة الجبلية منها والشاطئية على حدّ السواء، لامتلاكها شريطا ساحليا في غاية الجمال، وثروة غابية متنوعة، وشواطئ رملية بمناظر ساحرة.
كما أن تعبيد وتوسيع طريق خرايف، بإمكانه إنعاش السياحة بالمنطقة عبر تمكين المصطافين من التوافد على الشاطئ بكل راحة، وإعطاء دفع للتنمية المحلية وبالأخص قرية لعوينات، وذلك بتمكين المواطنين من استغلال أراضيهم الفلاحية في جني المحاصيل الزراعية المتنوعة، خاصة عند موسم جني الزيتون، وأشجار القسطل والجوز التي تشتهر به الجهة.
أنموذجا للسياحة الجبلية والشاطئية
بلدية خناق مايون تتوافر على مؤهّلات كبيرة كفيلة بأن تؤهّلها لتكون قطبا سياحيا بامتياز، ومن بين تلك المؤهلات الطبيعية للمنطقة من غطاء نباتي متنوع، وشريط ساحلي خلاب يضم شاطئين في قمة السحر والجمال هما مرسى الزيتون وخرايف إضافة الى شواطئ أخرى صخرية، على غرار لفنار الذي ماتزال سفينة غرقت به خلال شهر افريل من سنة 2005 وشاهدة على خطورة هذا الشاطئ وبالأخص عند فصل الشتاء فبلدية خناق مايون بأعالي القل، سياحية بامتياز، ولا تزال عذراء تبحث عن الاستثمار، فرغم كل تلك الإمكانيات الطبيعية تعدّ من أفقر بلديات ولاية سكيكدة.
وقد بادر المجلس البلدي بإنشاء 3 مساحات للراحة على مستوى الفضاءات الغابية التي تشتهر بها البلدية ويخترق هذه الأخيرة واديان اثنان، وادي أم لحجار ووادي بوثويا، اللذان تحيط بهما أشجار نادرة، زيادة الى الينابيع المائية، ناهيك على المناطق الأثرية القديمة كمنطقة ركاب الغولة التي تعود إلى الحقبة الرومانية، وكذا آثار المقاوم بلحرش القائدة الذي حارب الجيش الإنكشاري العثماني بالمنطقة.
استفادت البلدية من مناطقة للتوسع السياحي على مساحة إجمالية تقدر بـ65 هكتارا، تمّ الإعلان عن المنطقة من أصل 9 مناطق استفادت منها الولاية، بموجب المرسوم التنفيذي رقم 88 / 238 المؤرخ في 05 /11 /1988.
ويمكن لها أن تجلب استثمارات هامة في المجال السياحي، وفي هذا الصدد أشار رئيس البلدية إلى “أن دخول منطقة التوسع السياحي لمرسي الزيتون مرحلة الاستغلال والاستثمار سيحدث حركة ديناميكية واسعة من التنمية الشاملة. كما سيوفر الاستثمار فرص عمل متعددة الأوجه للشباب المحلي وللعاطلين عن العمل ويقضي على البطالة وعلى الجمود الاقتصادي والصناعي الذي تعرفه البلدية مند سنوات”.
المجلس البلدي: نطمح لخلق ورشة للمشاريع السياحية
لغرض التعريف بمقوماتها السياحية استحدثت البلدية الاحتفال بالقطلب “الساسنو”، حيث بلغت التظاهرة الطبعة الثالثة خلال موسم جني هذا الثمار الغابي في فصل الشتاء، خاصة أن سكان المنطقة يعتبرون إحياء هذا العيد ضمن المورث الثقافي والطبيعي الذي يجب المحافظة عليه، وذلك للتعريف بالمنطقة وجدب انظار السياح الى هذه المنطقة التي يمكن ان تصبح رائدة في السياحة الجبلية، والترويج السياحي للمنطقة من جهة، ومن جهة أخرى التعريف بها وما تزخر به من ثروة غابية تتشكل في معظمها من هذا النوع من الأشجار المتواجد بكثرة في المنطقة والمقدرة، حسب نفس المصدر بأكثر من 70 بالمائة من المساحة الغابية، ومنه العمل من أجل تثمين كل ما له علاقة بتراث المنطقة.
رئيس البلدية مسعود مجرداوي، يؤكد المسعى الجاد لنفض الغبار عن المنطقة والسعي لإنجاز مشاريع تنموية بها، مذكرا لـ«الشعب” هناك تمّ انجاز 3 مساحات غابية كمنتجعات ضمن استراتيجية جلب السواح الذين يفضلون الجبال للاستجمام والقيام ببعض النشاطات الرياضية، إلى جانب اقتراح مشروع لإنجاز طريق بين شاطئ مرسى الزيتون ناحية ميناء وادي الزهور، مرورا بشاطئ سيدي عبد الرحمن، على مسافة 5 كلم لإنعاش الحركة التجارية بالجهة.
ودعا رئيس البلدية رجال الأعمال الاستثمار بالمنطقة كإنجاز حديقة للحيوانات على غرار حديقة كسير بجيجل لأن المنطقة تتوفر على مقومات نجاح هذه المشروع بأرض الواقع، وستكون ذات مردود سياحي وتجاري ناجح بأتم معنى الكلمة، إضافة الى اخراج البلدية من العزلة التي جعلت سكانها في نزوح شبه دائم الى بلديات أخرى بالولاية”.
وتساهم جمعية “الشروق” الثقافية للعوينات، منذ نشأتها في 23 جوان 2014 بشكل كبير في بعث حركة دائمة بالمنطقة، مكنتها من تحقيق أهدافها، والمتمثلة حسب رئيس الجمعية محمد قاري، في نشر ثقافة العمل الجمعوي واكتشاف المواهب والطاقات المبدعة وإعادة رد الاعتبار لتاريخ المنطقة الضارب جذوره في الأعماق، من خلال تنظيم أبحاث ومحاضرات وزيارات لأهم المواقع الأثرية، مع التركيز على الجانب السياحي والثقافي.
الصيد مهنة من لا مهنة له
تتوفر “خناق معيون” على ثروة سمكية هائلة تعد من أهم الثروات البحرية في الولاية إذ يشير رئيس البلدية إلى أن ساحل البلدية الممتد على طول سبعة عشر كيلومترا يختزن أنواعا مهمة من الأسماك منها السردين الذي يسوق بكميات كبيرة في الوقت الحاضر إلى ولايتي جيجل وسكيكدة.
هناك سمك صرصور البحر الذي لا يوجد إلا في شواطئ خناق مايون ويستغله الصيادون المحليون في دعم مدخولهم الذاتي وربط الصلة بهده المهنة التي تكاد تكون الوحيدة في الجهة، كما يتوفر ساحل البلدية علي أنواعا عديدة من الأسماك البيضاء ذات الاستهلاك الواسع لبعد المنطقة عن مصادر التلوث، وتبقى أكبر مشكلة تعترض الصيادين في كل الأوقات هي انعدام مرفأ أو ملجأ بحري يحميهم وقواربهم من الكوارث الطبيعية ويمكنهم من تطوير عملهم.