«الشعب» تستطلع آراء المواطنين حول مطاعم الرحمة بعين تموشنت

وجبات إفطار كاملة وأطباق متنوعة ملاذ المعوزين

عين تموشنت: ب. م. الأمين

أدى كل من التهاب الأسعار وموجة الغلاء التي عرفتها مختلف أسواق عين تموشنت والتي مسّت السلع والمنتجات الاستهلاكية، خاصة للخضر والفواكه ومادة اللّحم الأساسية في الأطباق الرمضانية في الشهر الفضيل، إلى حرمان عدد كبير من المواطنين البسطاء والعائلات المعوزة، ووقفت حائلا أمامهم في طريق تأمين مائدة رمضانية لائقة، في حين وجد عدد كبير منهم في مطاعم الرحمة ملاذا لهم، يضمن لهم وجبة إفطار تسد جوعهم بعد ساعات طويلة من الصيام.
انتشرت في الآونة الأخيرة بعض مبادرات الإحسان الإيجابية في مختلف ربوع الوطن على غرار عين تموشنت، التي شهدت هي الأخرى انتشارا لهذا النوع من الأفعال الخيرية التي يسارع البعض من ميسوري الحال الذين أنعم عليهم البارئ عزّ وجل بنعمة الثراء إلى القيام بها من خلال استغلال حالتهم المادية المريحة في تقديم المساعدة للآخرين في بعض المواسم من أجل زيادة رصيد الحسنات والسعي لنيل مرضاة وثواب الخالق وتزداد وتيرة هذا الإحسان، خلال شهر رمضان الفضيل، حيث يسارع البعض إلى فتح ما يعرف بمطاعم الرحمة وتقديم موائد الإفطار الجماعي لفائدة عدد كبير من الصائمين.
كان هذا النوع من المطاعم أي مطاعم الرحمة فيما مضى مكانا يقصده بعض المشرّدين والمتسوّلين وعابري السبيل والعمال القادمين من مناطق أخرى للعمل في عين تموشنت، إلى جانب بعض المحرومين والمعوزين ومن الطبقات الفقيرة هؤلاء الذين كانوا رغم ظروفهم المعيشية القاسية يتحرجون من دخولها وتناول وجبة الإفطار على موائدها، غير أن اللافت هذه الأيام ونحن نعيش يوميات الشهر الفضيل هو تحوّل هذه المطاعم إلى قبلة ومقصد لعدد هائل من الأشخاص الصائمين الذين اكتسحوا هذه الأماكن الخيرية بأعداد هائلة بعد أن «أعجزتهم» موجة الغلاء وحاصرهم التهاب الأسعار من كل جانب، هذا الأخير الذي جعل موائدهم الرمضانية شبه فارغة، خاصة من الفواكه واللّحم هذه المادة الأساسية التي أضحت بالنسبة للكثير من «الزوالية» بمثابة الحلم الذي يرجى تحقيقه.

موائد الإفطار الجماعي ملاذ للمتشرّدين والمتسوّلين

باتت مطاعم الرحمة حلا لا بديل عنه بالنسبة للكثير من المتشردين، الذين لا مأوى لهم إلا الشارع الذي لا يرحم ولا يقيهم عناء الجوع القاتل، وفي هذا الصدد أفصحت إحدى المستفيدات من تناول وجبة الإفطار في هذا النوع من المطاعم المتواجد بعاصمة الولاية والتي يعد الشارع مأواها بسبب ظروفها القاهرة، تقول، إنها تنتظر حلول شهر رمضان الكريم بفارغ الصبر من أجل الحصول على وجبة الإفطار التي تراها كاملة وغنية بمختلف الأطعمة والمأكولات التي عوّضتها ولو لمدة شهر فقط عن التسوّل الذي كانت على موعد معه يوميا من أجل الحصول على ما يسد الرمق ويسكت الأمعاء المتضوّرة جوعا بعد أن قلّ جود وكرم الناس، حسب حديثها إلينا، لتضيف أن هذه المطاعم أصبحت تقتحم من قبل الكثير من الأشخاص ما يسبب لها صعوبة في الحصول على مكان وسط هذه الجموع الغفيرة لاسيما من الرجال.

فرصة لتذوّق أطباق متنوعة

 هو نفس ما ذهب إليه الشاب «ع. ل.» صاحب 25 سنة الذي اتخذ هو الآخر من الشارع مأوى له بعد أن قاطع عائلته، إثر خلاف حاد نشب بينهم، حيث قرر ترك المنزل وولوج عالم الشارع الذي على ما يبدو أدخله عالم الضياع والحرمان، ومحاولة اقترابنا منه رغم صعوبتها لم تذهب هباء حيث كشف لنا عن واقع معاناته مع الجوع والعوز الكبير الذي جعله هو الآخر يجد في مطاعم الرحمة التي تقدم وجبات الإفطار الجماعية فرصة لا تعوّض لالتهام مختلف الأطعمة والأطباق التي حرم منها ليضيف أن شهر رمضان يجعل الكثير من الأشخاص كرماء للغاية، لكن بمجرد مغادرته يتحوّل الأمر إلى ما كان عليه سابقا حيث يعلن الجوع والحرمان عن وجودهما.
أما أحد المتشردين الذي كان يبدو ساخطا جدا على وضع هذه المطاعم التي أضحت تستقطب الكثير من الأشخاص الصائمين بما فيهم الذين ينتمون إلى الأسر والعائلات الذين، بحسبه، يسارعون إلى اكتساح المكان ما جعله يتساءل عن سبب لجوئهم إلى هذه المطاعم، حيث أظهر من خلال ملامح التذمر والاستياء التي كانت واضحة عليه انزعاجه الكبير من هذا الاكتساح الكبير والذين زاحموهم حتى في موائد الرحمة والإفطار الذي يقدمه بعض المحسنين.
 إذا كان الحرمان والحاجة هي من دفعت بالكثير من هؤلاء المتشردين الذين اتخذوا من الشارع مأوى لهم إلى اللّجوء إلى مختلف مطاعم الرحمة التي تكرمت عليهم بوجبات أكل حرموا منها لعدة شهور وإذا كان عدد كبير من عابري السبيل والقادمين من مناطق أخرى للعمل في عين تموشنت وجدوا فيها الحل لاسيما في ظل عدم الاستقرار الذي يعيشون فيه فإن هناك أيضا عددا هائلا من الأشخاص من لفحهم لهيب الأسعار التي اشتعلت مع حلول الشهر الفضيل والذين لم يترددوا في إيجاد مكان لهم في هذه المطاعم التي أصبحت تستقبل عددا هائلا من أفواج الصائمين الذين وجدوا بذلك حلا لوجبة الإفطار التي كانوا يحملون همها في ظل الظروف الخانقة لبعض الأفراد التي زاد من حدتها الارتفاع المذهل الذي مسّ معظم السلع والمنتجات الاستهلاكية التي قضت على أحلامهم في تحضير مائدة رمضانية لائقة.
من أجل الإحاطة بهذه النقطة المهمة في موضوع حديثنا كان لابد من القيام بجولة ميدانية بسيطة والقيام في ذات الوقت بإجراء استطلاع بغية الاقتراب من أصحاب الشأن وكشف يومياتهم الرمضانية.

«يترّدد على مراكز الإفطار دون أي حرج»

 في ذات السياق، اقتربنا من السيد سليم، 34 سنة، مطلق وأب لطفلة عمرها 12 سنة والذي يعيش ظروفا معيشية قاهرة للغاية، كان فيها السبب الرئيسي البطالة التي أثرت بشكل سلبي على حياته وأدخلته عالم الحرمان والضيق من الباب الواسع، والذي أكد لـ»الشعب» أنه لم يجد حلا إلا اللّجوء إلى مطاعم الرحمة التي يرى أنها كريمة للغاية، وتعمد إلى مساعدة المعوزين وأصحاب الدخل الضعيف الذين يعيشون أوضاعا مادية مزرية والتي أدى إلى تفاقمها بشكل كبير موجة الغلاء الكاسحة التي ضربت أسعارها الباهظة مختلف الفئات البسيطة بعد أن جعلتها تمضي عقد تطليقها لبعض المنتجات والمأكولات على المائدة الرمضانية التي حسب المتحدث افتقدت هذا العام مختلف أنواع الفواكه، إضافة إلى منتج اللحم الذي يبدو أنه طلق بالثلاث من طرف الكثير من فئة البسطاء خلال شهر رمضان لهذا العام، وعن سؤالنا له عن ما إذا كان يجد في الأمر حرجا، فأكد أنه على العكس لا يجد في ذلك حرجا خاصة وأنه لا يملك حلا إزاء هذا الغلاء الفاحش الذي حرمه من أشياء كثيرة خلال هذا العام.

«الغلاء سبب كافٍ للتوجه لمراكز الإفطار»

 الأمر سيان بالنسبة للسيد عمار الذي لم يتجاوز عمره العقد الرابع والذي يعيش رفقة عائلته الكثيرة العدد التي تشمل تسعة أفراد، أغلبهم يعانون من البطالة التي جعلت الأوضاع المادية لهذه العائلة في تقهقر تدريجيا، بل من سيء إلى أسوأ والذي أكد هو الآخر أنه تردد في هذه الأيام الرمضانية الفارطة على أحد مطاعم الرحمة المتواجدة بعاصمة الولاية التي يقطن بها والسبب، بحسب، ما أفضى به لنا يكمن في الظروف المعيشية القاهرة التي ازدادت سوءا بفعل الغلاء الذي شمل مختلف المنتجات والسلع الاستهلاكية بما فيها تلك الضرورية للمائدة الرمضانية، ما يعني، بحسب المتحدث، أن الفقير والمعدوم لن يتناول وجبة الإفطار، خلال شهر الصيام، الذي من المفروض أن يكون شهر البركة والتكافل والتراحم والرخاء في الأسعار حتى يتمكن الجميع من تناول وجبة إفطار لائقة، بل نتيجة هذا الغلاء سيضطر الكثير على أن يفطر على الخبز والماء، بحسبه، مضيفا أن مطاعم الرحمة في النهاية هي الحل الوحيد لهؤلاء المعوزين وأصحاب الدخل الضعيف الذين وجدوا فيها ضالتهم، خلال الشهر الفضيل، ليختم بالقول أنه شخصيا سيتجه إليها كل أيام رمضان ولو أمكن لقام بإحضار كل العائلة لتناول وجبة فطور كاملة يحرمون، منها بسبب الغلاء.

وجبات إفطار كاملة وأطباق متنوعة بمراكز الإفطار

أما بالنسبة للشاب، فيصل 27 سنة، الذي يتجرع يوميا ويلات البطالة، فمائدة العائلة الرمضانية التي تفتقد لأبسط الأطعمة الضرورية جعلته يقبل على مطاعم الإفطار الجماعي. وفي هذا الصدد، أكد المتحدث أن هذه المطاعم تقدم وجبة رمضانية لائقة وكاملة تحتوي على كل ما يجب، إضافة إلى الفواكه والمشروبات الغازية، وهي الوجبة الكاملة التي قد لا تتوفر في بيته نتيجة موجات الغلاء التي قضت على الأخضر واليابس، بحسبه، خاصة بالنسبة لمختلف أنواع الفواكه، بما فيها تلك الفواكه الصيفية التي يبدو أنها ستغيب عن موائد البسطاء والزوالية ليسترسل في الحديث عن هذه المطاعم التي أصبحت، بحسب رأيه، ملاذا للكثير من ضحايا ارتفاع الأسعار الذين وجدوا فيها ما يرضي شهيتهم.

العجز عن توفير متطلبات العائلة يدفعهم إلى مطاعم الرحمة

من جانبه، الشاب فضيل 30 عاما الذي قال إنه تعرض قبل بضعة أشهر لطرد تعسفي من عمله في إحدى الشركات العمومية، حيث كان يعمل كعون أمن، بحسب ما صرح به لـ»الشعب»، الأمر الذي جعله يعاني بالطبع من البطالة التي أثرت دون شك بشكل جد سلبي على حياته، وأدخلته في دوامات لا نهاية لها،  أكد أنه عجز عن توفير بعض متطلبات ومستلزمات العائلة بسبب ظروفه المادية القاهرة، فقرر الإفطار في الموائد الجماعية، مضيفا أن الإفطار في هذه المطاعم لا يشكل له أي نوع من الحرج على الإطلاق، بل يرى أنها تقدم وجبات إفطار للمحتاجين إليها والمعوزين و العاجزين عن تأمينها، وهو يعد من بينهم خاصة بعد أن ذاق مرارة البطالة ظلما وتعسفا، بحسب ما أفضى به لنا.

تسجيل 4 آلاف طن من النفايات المنزلية

كشفت مصادر من المديرية التقنية لتسيير النفايات بعين تموشنت، عن ارتفاع كمية النفايات المنزلية التي يتم تجميعها من مختلف المفرغات العمومية، منذ بداية شهر رمضان، حيث بلغ حجم النفايات المجمعة 4 آلاف طن بكل من مركزي الدفن التقني بسيدي بن عدة وسيدي الصافي، بعد أن كان حجمها لا يتعدى 5 آلاف طن خلال الثلاثي وتشير كمية النفايات المنزلية التي يتم نقلها إلى مراكز الردم التقني إلى ارتفاع معدل الاستهلاك، خلال الشهر الفضيل نتيجة انتهاج المواطن سياسة التبذير وغياب الثقافة الاستهلاكية.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024