محلات مغلقة وأخرى حوّلت إلى سكنات

مشروع «100 محل بكل بلدية» بسيدي بلعباس عرضة للإهمال

سيدي بلعباس: غ. شعدو

لايزال مشروع 100 محل بكل بلدية، من الملفات العالقة التي تنظر حلولا نهائية من طرف مسؤولي ولاية سيدي بلعباس. أغلب المحلات مغلقة وغير مستغلة، فرغم مرور سنوات عديدة عن تشييدها، إلا أن معظمها يعاني الإهمال والتسيب، ما تسبب في انحرافها وابتعادها عن مهمتها الأصلية ووقوعها في أيادي التخريب والإهمال، حيث تم استغلال بعضها في أنشطة بعيدة كل البعد عن أهدافها المرجوة، في حين تحول البعض الآخر إلى أوكار لممارسة مختلف أشكال الانحرافات، في الوقت الذي يعاني فيه الكثير من الشباب من بطالة خانقة، خاصة من قاطني البلديات النائية وهو ما يدفع للتساؤل عن مصير هذه المحلات.

إستفادت ولاية سيدي بلعباس، على غرار باقي ولايات الوطن، من حصتها من البرنامج الوطني القاضي بإنجاز 100 محل بكل بلدية، حيث قدرت الحصة الإجمالية بـ4212 محل موزعة على 188 موقع بـ52 بلدية، أنجز منها 3349 محل بنسبة إنجاز قدرت بـ89,79٪. كما بلغ عدد المحلات المهيأة والتي تم ربطها بشبكة الكهرباء 1902 محل وحوالي 296 محل تم إيصاله بشبكة الماء الشروب، في حين فاق عدد المحلات غير المهيأة 1106 وهي المحلات التي لاتزال تنتظر ربطها بشبكات الكهرباء، الغاز، الماء والتهيئة الخارجية.
هذا وتحصي الجهات المختصة حوالي 482 محل تم إلغاؤه وإدراجه ضمن برنامج الأسواق الجوارية و367 محل توقفت الأشغال بها بعد فسخ الصفقات مع المقاولات المكلفة بالإنجاز، بكل من بلديات سيدي بلعباس، سفيزف، تسالة، تلاغ، سيدي لحسن وابن باديس.
وقد بلغ عدد المستفيدين من هذه المحلات 2425، 1664 منهم من فئة الذكور و761 من فئة الإناث، موزعين على عديد أجهزة التشغيل، على غرار الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب بعدد إجمالي قدر بـ624 مستفيد، منهم 126 من فئة الإناث، الصندوق الوطني للتأمين عن البطالة بـ121 مستفيد، الوكالة الوطنية للقرض المصغر بحوالي 1431 مستفيد، منهم 860 من فئة الذكور. هذا واستفاد 103 آخرون من محلات لممارسة الأنشطة التجارية و146 مستفيد تم تصنيفهم ضمن نشاطات أخرى.
عن طبيعة الأنشطة المقترحة للمستفيدين، فقد نالت الصناعات التقليدية حصة الأسد بـ1232 مستفيد، تلاها قطاع الخدمات بـ735 مستفيد، التجارة بـ161 محل وأنشطة أخرى بـ243 محل.

15 ٪  نسبة المحلات المستغلة

بلغت نسبة المحلات المستغلة بشكل فعلي بالولاية 15٪ فقط، وهي نسبة تعكس مدى الإهمال والتسيّب الذي طال هذه المحلات التي خصصت أساسا لامتصاص نسب جد كبيرة من البطالة، حيث تحصي الجهات المختصة 346 محل فقط يتم إستغلاله فعليا من قبل المستفيدين، من جملة 2425 محل تم توزيعها عبر مختلف بلديات الولاية البالغ عددها 52، منها 363 محل تم تسليمها بعاصمة الولاية لوحدها، 388 محل بدائرة تنيرة الواقعة بنحو 20 كلم جنوب الولاية، 351 محل وزعت بدائرة تلاغ، 300 بدائرة مصطفى بن ابراهيم، و284 بدائرة رأس الماء الواقعة بنحو مائة كلم جنوب الولاية، 283 محل بدائرة سيدي علي بوسدي، أما دائرة المرحوم الواقعة هي الأخرى بجنوب الولاية فقد تم بها توزيع 271 محل، سيدي لحسن 246، عين البرد 198، سيدي علي بن يوب 155، ابن باديس 159، مرين 109، مولاي سليسن 94، في حين لم تتعد حصة المحلات الموزعة بدائرة تسالة 12 محلا. وعلى الرغم من توزيع هذه الحصص، إلا أن معظمها لايزال غير مستغل لأسباب أو لأخرى.

إنعدام شبكات الكهرباء والماء أسباب رئيسة في هجر المحلات

ولمعرفة خلفيات مشكل تخلي المستفيدين عن محلاتهم، لابد من فهم الأسباب الحقيقية التي دفعت بهم لعدم استغلال محلات لطالما كان الحصول عليها شغلهم الشاغل، وهي الأسباب التي وقفت عليها لجنة التنمية المحلية والتجهيز والتشغيل بعد إجرائها عديد الخرجات الميدانية لمختلف المواقع، حيث خلصت الزيارات إلى رصد جملة من المشاكل كانت عائقا حقيقيا أمام المستفيدين لمباشرة أنشطتهم داخل محلاتهم، أهمها مشاكل مباشرة تركزت أساسا في مشكل الإيصال والربط بشبكات الكهرباء، الماء والغاز، حيث تم في هذا الصدد إحصاء أزيد من 1400 محل غير موصول بالكهرباء و3053 محل غير موصول بشبكة الماء الشروب، فضلا عن وجود عديد المواقع التي تنعدم بها التهيئة الخارجية والإنارة العمومية، وحتى قنوات الصرف الصحي التي تغيب عن الكثير من المواقع وهي العوائق التي منعت نسبة كبيرة من الشباب المستفيدين من مباشرة أنشطتهم وحالت دون الانطلاق في تجسيد مشاريعهم، بالإضافة إلى مشاكل أخرى غير مباشرة تتعلق بقدرة بعض المستفيدين على الانطلاق في تجسيد مشاريعهم لضعف قدراتهم المالية وانعدام مخططات التسيير والتوجيه لإنجاح المشاريع، ونخص بالذكر الفئة التي فشلت في إنجاح مشاريعها بعد استفادتها من قروض أجهزة التشغيل كـ «أونساج» و»كناك».
ويعيب الكثير من المستفيدين بُعْد المحلات عن الأنسجة الحضرية ووقوعها في أماكن معزولة عن الحركة التجارية، الأمر الذي تسبّب في ركود الأنشطة التي باشرها أصحابها وإعلانهم الإفلاس بعد مدة قصيرة من العمل، ناهيك عن حالات اللاّأمن التي اعترضت سير أنشطتهم وتخوفهم الدائم من عمليات السطو على محلاتهم.

محلات أم اسطبلات؟

شهدت عديد المواقع بولاية سيدي بلعباس، عمليات اقتحام للمحلات غير المستغلة والتي فتحت شهية الكثير من الانتهازيين الذين وجدوا الفرصة لاستغلالها، وهو ما حدث بالموقع الذي يضم 305 محل تجاري بحي سيدي الجيلالي الذي تم تدشينه سنة 1999. فبعد عزوف الكثير من المستفيدين عن استغلال محلاتهم لأسباب، قالت عنها الجهات الوصية بغير المقنعة، قامت بعض العائلات وبعض الشباب المنحرفين باقتحام المكان وتحويله لحي سكني عشوائي، نتج عنه ظهور عديد الآفات كالانتشار الواسع للنفايات ومختلف أشكال الانحرافات، الأمر الذي دفع الجهات الوصية لفسخ عقود الاستغلال لحوالي 188 مستفيد، منها 93 عن طريق حكم قضائي ومباشرة عملية واسعة لإخلاء الموقع وإعادة توزيع المحلات على مستحقيها الفعليين، خاصة وأنها تقع وسط حي من أكبر أحياء المدينة.
هذا وعرفت عديد المواقع عمليات مشابهة لتحرير المحلات من محتليها، على غرار محلات حي بومليك وغيرها... فيما لاتزال عديد المحلات، خاصة تلك الواقعة بالبلديات النائية، تستغل في أمور بعيدة كل البعد عن مهامها، ومن ذلك استغلالها كاسطبلات للحيوانات وأوكار لممارسة الرذائل بكل أصنافها.

تدارك إنجاز المحلات المتوقفة واسترجاع غير المستغلة

رفعت لجنة التنمية المحلية والتجهيز والاستثمار والتشغيل، تقريرا مفصلا عن وضعية المحلات بالولاية خلال الدورة العادية للمجلس الشعبي الولائي، بعد أن قامت بخرجات ميدانية شملت عديد المواقع التي تضم محلات غير مستغلة وأخرى غير منتهية الأشغال، حيث خلص التقرير إلى تبنّي عديد التوصيات، أهمها إكمال أشغال البناء للمحلات التي لم تنته أشغال إنجازها والتي تمثل نسبتها الحالية 20٪، إستكمال أعمال توصيل وربط كل المحلات بشبكات الكهرباء، الغاز والماء وكذا التهيئة الخارجية. إلغاء كل عقود الاستفادة بالنسبة للمستفيدين غير المستغلين لمحلاتهم وهو الإجراء الذي قامت به مصالح الدوائر، من خلال توجيه إعذارات للمخالفين ومنحهم مهلة لا تزيد عن الشهرين لفسخ العقد، خاصة وأن الكثير من المحلات حولت عن نشاطها الأصلي، بعد أن قام مالكوها بتأجيرها لأطراف أخرى.
كما طالبت اللجنة بإنشاء لجان مراقبة ومتابعة ميدانية من طرف رؤساء المجالس الشعبية البلدية ومصالح الدوائر لمتابعة سير هذه المحلات وطرق استغلالها، فضلا عن إشراك المستفيدين في تهيئة محلاتهم وحراستها لمنع تخريبها أو إتلافها. هذا وطالبت اللجنة بتوزيع بقية المحلات المغلقة التي طالتها كل أشكال التخريب والعبث، بعد أن تعرضت أغراضها للسرقة، على غرار الأبواب، الكوابل الكهربائية، العدادات وغيرها.

مصالح الولاية تجتمع بالفاعلين للخروج بحلول مستعجلة

باشرت مصالح الولاية سلسلة من الاجتماعات مع الفاعلين الأساسيين في العملية، على غرار مديرية التشغيل، مديرية البرمجة وتسيير الميزانية، مديرية الطاقة، مؤسسة توزيع الكهرباء والغاز للغرب، مؤسسة الجزائرية للمياه ورؤساء الدوائر والمجالس الشعبية البلدية، لتدارك الوضع والخروج بالحلول الممكنة، حيث تقرر اتخاذ جملة من الإجراءات، أهمها تكليف مديرية التشغيل بإتمام إنجاز المحلات غير المنتهية والمقدرة بـ381 محل، مع ربط جميع المحلات المنجزة بشبكتي الكهرباء والماء الصالح للشرب. وكذا تكليف رؤساء الدوائر بالإشراف على عملية إعادة توزيع جميع المحلات، بعد وضع قائمة للمستفيدين الجدد وفسخ عقود المستفيدين القدامى الذين أهملوا هذه المحلات أو قاموا باستغلالها لأغراض أخرى، مع ضمان التهيئة الخارجية وشبكات الصرف الصحي.
هذا وتمت مطالبة مديرية توزيع الكهرباء والغاز والجزائرية للمياه بإعداد الكشوفات الكمية والتقييمية لعمليات الربط بشبكة الغاز، الكهرباء والماء، حيث تم في هذا الصدد الانتهاء من إنجاز خمسة محولات كهربائية، في انتظار تحديد كافة المواقع التي يجب إنجاز محولات بها والتفرغ بعدها لعملية الربط الفردي للمحلات.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024