«سكانيا ـ الجزائر»لتنويع وتعزيز الإقتصاد الوطني
تذليل عقبات الاستثمار صمام الأمان
بعد الصناعات التحويلية وتسويقها تنويع الاقتصاد حتمية قصوى
نحو خلق 200 منصب شغل دائم والكفاءات الجامعية القاطرة
ترعى السلطات الولائية بمعسكر ملف الاستثمار بعناية فائقة، واضعة نصب أهدافها تحويل المنطقة ذات المؤهلات الفلاحية الخصبة والواعدة إلى قطب فلاحي بامتياز دون إهمال مجال الاستثمار في الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وهي ذاتها الأهداف المسطرة من قبل الجهات المركزية والحكومية التي وضعت أرضية واقعية، أعمدتها برامج تنموية ضخمة في شتى القطاعات، لتحقيق اقتصاد وطني قوي ومتكامل يعتمد على التنمية المحلية المستدامة تتطلب تنسيق الجهود وتضافر سواعد أبناء الوطن الواحد.
نفس الجهود الرامية لتحقيق حلم القطب الفلاحي بولاية معسكر من خلال توسيع نطاق الأراضي الفلاحية المسقية التي جاءت في شأنها برامج عدة لخلق محيطات مسقية جديدة أو إعادة الاعتبار لها، مع مرافقة ذلك ببرامج لدعم الفلاحين وتحفيزهم على الخوض في مجال الصناعات التحويلية لتحقيق الأمن الغذائي وتخليص الفلاح من أعباء التفكير في تسويق منتجاته، تأتي مساعي إصلاح النظم القانونية وتطويعها بحسب المتغيرات المحلية والوطنية وتماشيا مع تطلعات سياسة الحكومة وشعبا، منها على سيبل الذكر وليس الحصر جملة القوانين الرامية إلى تذليل عقبات الاستثمار.
ظروف مغرية للاستثمار و إطلاق المبادرات الاقتصادية
تلك التي قال عنها متحدث «الشعب» في موضوع الحال، مزوغي محمد أنها «إصلاحات قانونية توفر ظروفا مغرية للاستثمار في الجزائر»، موضحا على العموم ومستندا إلى تجربته في مجال الأعمال والاستثمارات مع الأجانب، أن «القوانين والإصلاحات الأخيرة في الجزائر، لا يمكن مقارنتها في كافة الأحوال مع قوانين الدول الأخرى»، مشيرا إلى أن الجزائري حالة استثنائية وأصحاب القرار يعملون على إيجاد حلول اقتصادية تراعي طبيعة الشخص الجزائري والمستثمر على وجه الخصوص» وفي ذلك لا بد من توفر عامل الثقة والعمل بما هو متوفر من قوانين والتكيف معها، مادامت الدولة تسعى لمعالجة أي اختلالات قد تعيق طريق الاستثمار والمرور نحو اقتصاد قوي ومتكامل وتنمية محلية مستدامة.
وأضاف مزوغي محمد رئيس مجمع مقاولات البناء والأشغال العمومية الكبرى بمعسكر، أن الظرف الاقتصادي الراهن يتطلب توفر عنصر الشجاعة والتسلح بالعزيمة لدى أي مستثمر جزائري، دون تخوف من الشراكات مع الأجانب وفق القاعدة 49-51، باعتبار هذه الأخيرة قاعدة أساسية للاستثمار الأجنبي في الجزائر ونقطة هامة ومدروسة، لها إيجابياتها وتترك للمستثمر الجزائري مجال التحكم في الشراكة وحرية القرار فضلا عن إيجابيات الشراكات مع الأجانب في مجال اكتساب الخبرات والمهارات في التسيير
والتحكم في التقنيات.
هكذا تتحقق الأحلام ..
وتحدث مزوغي محمد الشاب الجزائري الطموح الذي اقتحم مجال الأعمال
وتسيير المقاولات في سن مبكرة، عن فكرته لتأسيس استثمارات قوية في مجال الصناعة، التي تولدت لديه قبل سنتين، حين فكر في شراكة مع الأجانب لتركيب شاحنات الوزن الثقيل من الماركة العالمية «سكانيا»، المتواجدة بالسوق الجزائرية منذ 10 سنوات، والتي تعرف رواجا في السوق الوطنية والإفريقية، مستندا على مبدأ المواطنة التي تتملكه لدرجة الشغف بتاريخ القضايا الوطنية التي يعود إليها هذا الشاب الطموح كلما تعثر في تحقيق حلمه، وظهر ذلك جليا لدى حديثنا مع مزوغي محمد الرئيس المدير العام لمجمع «مزوغي» والمدير العام لشركة «أتفي» شريك المتعامل الصناعي السويسري في مشروع تركيب شاحنات سكانيا في الغرب الجزائري والممثل الرسمي للشركة الأم لبيع شاحنات وقطع غيار علامة سكانيا في الجزائر، حيث كثيرا ما عاد ليتحدث عن التاريخ والبطولات في حديثنا معه وكأنه يضعها كأرضية إقلاع لمشاريعه وتطلعاته المؤسساتية، وذلك ما يوجب الحديث عن الإرادة والعزيمة لدى طبيعة الإنسان الجزائري في حال توفرت له جميع الظروف.
خبرة طويلة في التعامل مع الشركاء الأجانب
وأكد مزوغي محمد أن الشراكة مع الأجانب في مجال البناء والمقاولات، جعلته يفكر في خوض التجربة في مجال التصنيع، كما أكسبته الشراكات الأجنبية الناجحة مع الإسبان والسويسريين مع مجمع مزوغي سمعة جيدة وخبرة مثالية في مجال الأعمال، وبحكم تعامل مجمع مزوغي بمعسكر مع شركة سكانيا منذ سنوات في توزيع منتجاتها من قطع غيار شاحنات الوزن الثقيل على مستوى ولايات الوطن، أماط مزوغي محمد اللجام عن طموحه في فكرة مشروع تركيب شاحنات سكانيا في الجزائر وطرح فكرة المشروع للمتعامل الأجنبي ممثلا في الشريك السويسري المتواجد بالجزائر، معللا طرحه بعوامل نجاح المشروع ومختلف الظروف الاقتصادية والقانونية المناسبة لنجاح الفكرة، حيث أبدى الشريك الأجنبي موافقته بما أن كل شروط العمل والاستثمار والتسويق متوفرة، فضلا عن دراية الشريك السويسري بالمؤهلات الجزائرية المتوفرة والتي تحتاج إلى الدعم والدفع قدما - وفق الرأي الذي أبداه الشريك السويسري لصاحب الفكرة مزوغي، وبعد فتح مجال الاستثمار في صناعات وتركيب السيارات أمام المتعامل الخاص في الجزائر، اتضحت أبعاد المشروع المستقبلية ووضعت أولى قاطراته على سكتها في طريق صحيح نحو تعزيز وتنويع الاقتصاد الوطني بكل ما يحمله من معطيات إيجابية على التنمية المحلية في مجال فتح فرص الشغل واستيعاب الكفاءات البشرية والاستثمار في طاقاتها، والأهم من ذلك وضع حد للأفكار السلبية التي تراود المستثمرين المحليين وتجعلهم يقتدون بفكرة المشروع والتخلص من الذهنية المتصلبة لغالبية أصحاب المال على المستوى المحلي.
الشراكة الأجنبية في مشروع سكانيا معسكر ستخضع لقاعدة 51-49
وأوضح مزوغي والشريك في مشروع «سكانيا الجزائر»، أن شكل الشراكة مع المتعامل السويسري سيكون وفق القاعدة 51-49، على أن تتأسس الخطوات الأولى للمشروع على التركيب الجزئي لشاحنات سكانيا لفترة سنتين ثم التوجه نحو التركيب الكلي لشاحنات سكانيا، مما يسمح في تطوير ورفع عدد مناصب العمل، فبالموازاة مع تجسيد المشروع تم تكليف مكتب دراسات لتحضير برنامج للتوظيف والتكوين والتوجيه، يستند إلى التعاون مع الجامعات الجزائرية ومعاهد التكوين المهني من باب الاستثمار في الموارد البشرية وتثمين الكفاءات الجامعية واليد العاملة المحلية التي ستستفيد في المرحلة الأولية من المشروع من 80 منصب شغل مباشر ليصل إلى 150 منصب شغل مباشر بعد بلوغ مرحلة الإنتاج والتركيب الكلي، فضلا عن تكوين التقنيين والكفاءات واستفادتهم من المهارات التكنولوجية للفريق التقني الأجنبي، وعن ذلك عموما، أسر مزوغي، أنه يستاء كلما اصطدم مع إطارات جامعية متخصصة تشتغل في غير تخصصها طلبا للقمة العيش، مما زاد في دفع طموحه لتجسيد المشروع قائلا بالمعنى الكامل العبارة «من واجبي أن أساعد تلك الكفاءات بالشكل المطلوب مثلما حظيت أنا بنفس المساعدة من طرف الدولة».
مليار دينار لتجسيد المشروع بالقطب الصناعي عقاز
ينتظر أن يدخل مصنع تركيب الشاحنات حيز الإنتاج في نهاية السنة الجارية بمعسكر، بعد حصول مؤسسة «أتيفي» على مقرر الامتياز للعقار الصناعي على مساحة 20 ألف متر مربع بالمنطقة الصناعية – عقاز، التي تعتزم السلطات الولائية تحويلها إلى قطب صناعي بامتياز، لعدة معطيات تقنية وإيجابية قد تسهم في إعطاء دفع لمجال الصناعات المتنوعة في المنطقة وذلك لقربها من موانئ الجهة الغربية الساحلية والموانئ الجافة
وموقعها الاستراتيجي بالقرب من شبكة الطرق الوطنية والطريق السيار الذي يعبر المنطقة، ولتجسيد مشروع تركيب شاحنات سكانيا في ولاية معسكر، سيتم توسيع مساحة العقار الصناعي الممنوح للشركة إلى الضعف بعد دخول المشروع حيز الإنتاج الفعلي، حيث من المنتظر إطلاق المشروع الذي رصد له قيمة 900 مليون دينار إلى مليار دينار، بعد استكمال الإجراءات الإدارية، ومن المتوقع أيضا أن ينتج المصنع 1200 شاحنة سنويا في مرحلة التركيب الجزئي، و 1600 وحدة بعد مرور المشروع إلى مرحلة التركيب الكلي، مما يسهم بتلبية الطلب المحلي والتوجه نحو تخصيص جزء من الإنتاج للتصدير نحو البلدان الإفريقية في البعد الاستراتيجي والاقتصادي للمشروع، الذي سيسهم عموما في تقليص نسبة استيراد شاحنات سكانيا محل الطلب الكبير في السوق الجزائرية من عتبة 15 إلى 20 بالمائة، خاصة في حال ذكر العوامل الاقتصادية المحفزة على ذلك، منها محدودية العرض وتزايد الطلب على منتوج سكانيا في الجزائر، ومنه إنشاء المصنع لسد العجز في تلبية الطلب، وتصنيع مركبات تلاءم الظروف المناخية والطبيعية للدول الإفريقية.
صناعة تجهيزات وعتاد الأشغال العمومية في الأفق
ولأن التوجه نحو الصناعة لبناء اقتصاد قوي وناجع صار ضروريا أكثر من أي وقت مضى خاصة في ظل الظروف الاقتصادية المجحفة وانفتاح القطر الجزائري على ورشات البناء وتجسيد المشاريع، يواصل مزوغي محمد، بأفكاره المنتجة، طريقه نحو المساهمة في معركة البناء الوطني، فعلا وليس قولا، حيث حظي مجمع «مزوغي» بالموافقة المبدئية لتجسيد مشروع تصنيع تجهيزات وعتاد شاحنات الأشغال العمومية والبناء «خلاطات الإسمنت، الرافعات، القلابات ..»، وهو المشروع الذي سيمكن من فتح أكثر من 80 منصب شغل قار في مرحلة أولية قابل للرفع إلى 200 منصب شغل في السنة الموالية لتنفيذ المشروع ودخول المصنع حيز الخدمة ، حيث يهدف المشروع إلى توفير العتاد اللازم في الأشغال العمومية و تغطية الطلب عليه محليا دون اللجوء إلى الاستيراد ، حيث تقدر قيمة هذا الاستثمار بمبلغ 400 إلى 600 مليون دينار، تلزم المجمع الذي -دخل في شراكة أجنبية مع متعامل إسباني بقاعدة اقتصادية 35-65 لصالح المستثمر المحلي-، الخروج بإنتاج يصل إلى صناعة وحدة واحدة عن التجهيزات المذكورة في اليوم الواحد،
ويعتمد في ذلك إلى التقنيات والخبرات الإسبانية، التي توجه إليها مجمع مزوغي لفعاليتها، موضحا أنه لا وقت للتجارب كما صار التركيز على اكتساب الخبرة والمهارة مطلوبا، ومن ثمة التوجه نحو تقليص عدد الأجانب وفسح المجال للجزائريين في التكوين
والتأطير، تمام مثلما حدث في تجربة مجمع مزوغي في شراكاته مع الإسبان في مجال المقاولات والأشغال العمومية، حين تمكن من تقليص نسبة الإطارات الأجنبية من 20 بالمائة إلى 4 بالمائة حاليا، وصار يعتمد أكثر على الكفاءات الوطنية والمحلية في تسيير مشاريعه ومؤسساته التي تشغل في مجموعها 2300 عامل أغلبهم من اليد العاملة المحلية.