يعاني سكان مسيدة بقسنطينة الكثير من المشاكل التي تعكر صفو حياتهم منها إنعدام شبكة غاز المدينة وإنتشار الامراض بين الاطفال.
وأمام الشكاوى المتزايدة من المواطنين تنقلت جريدة «الشعب» لتقصي حقيقة مايجري.
تنقلت «الشعب» تنقلت لقرية مسيدة التي تعتبر إحدى أقدم المناطق المعزولة بإقليم الولاية والتي عمرت منذ سنوات الثورة التحريرية والتابعة لبلدية مسعود بوجريو والتي تبعد عن مقر الولاية بـ٢٧ كلم، وبـ١٥كلم عن مقر البلدية تنقسم إلى شطرين مسيدة العليا والسفلى وتحوي على كثافة سكانية تقدر بـ١١٥٦ نسمة.
تعتبر منطقة فلاحية، رعوية من الدرجة الأولى تتوفر على مؤهلات طبيعية كبيرة كان يقطعها واد الرمال وبعد توسيع سد بني هارون تغيرت ملامح المنطقة وتحولت النعمة لنقمة أرهقت سكان قرية مسيدة وجعلتهم يعيشون على وقع التهديد والتخوف من تطورات وتوسع سد بني هارون الذي يبعد حوالي ٤٠ كلم.
وقفنا على وضعية المنطقة ونقلناها
في جولة استطلاعية قمنا بها رفقة سكان المنطقة الذين استقبلونا بحرارة المعاناة وشغف توصيل للرأي العام والسلطات الولائية وضعيتهم لانها تتفاقم خاصة في ظل النقائص وانعدام أبسط ضروريات العيش الكريم، فبدءا من انعدام وسائل النقل العاملة على خط مركز البلدية وقرية مسيدة ما يضع السكان تحت وطأة سيارات «الفرود» حيث أكد لنا أحد سكان المنطقة أنهم يتكبدون غلاء تكاليف التنقل لمركز البلدية لاقتناء أبسط الحاجيات أو حتى لتلقي العلاجات القاعدية التي تفتقر لها القاعة الصحية الكائنة بالقرية والتي لا تتوفر سوى على طبيب عام واحد غائب في معظم الأحيان، سكان المنطقة يضطرون لقطع العشرات من الكيلومترات مشيا على الأقدام بغية الوصول للبلدية التي تبقي الأمل الوحيد لهم لإيجاد حافلة أو حتى سيارة «فرود» فما بالك بسيارة أجرة التي تبقى الغائب الأكبر، الأمر الذي أثر سلبا على شباب المنطقة الذين اضطر بعضهم التخلي عن الدراسة في سن مبكر بسبب نقص المواصلات وبعد المسافة ما دفع بهم الوقوع بين أنياب البطالة وشبح الفراغ خاصة مع انعدام الهياكل الضرورية التي من شأنها أن ترفع الغبن عنهم هذه المطالب وأخرى أرقت شباب المنطقة وجعلتهم يعيشون وسط حلقة مفرغة عنوانها الانتظار لما سيجلبه لهم المجهول.
..... سد بني هارون...خطر قائم
ويشتكي سكان المنطقة من مشكل توسع مياه سد بني هارون عبر واد الرمال أين تم فقدان الأراضي الفلاحية التي كانت مصدر رزقهم ومهنتهم الوحيدة، حيث أضحوا يجدون صعوبة في التنقل للجهة الأخرى من الضفة وهو ما دفع بالسكان لاختراع طريقة خطيرة لاجتياز مياه السد أسموها «بقارب الحراقة» هذا القارب المشكل من ألواح مهترئة وأكياس مربوطة بالحبال من الجهتين، لتكون رحلة الموت وسط مياه السد الضحلة، «الشعب» تنقلت رفقة السكان لمكان «القارب» أو بالأحرى «العبارة» و التي وضعت في المكان الذي تضيق فيه المياه، أين وجدنا صعوبة في الوصول للمكان حيث تحيط به الأشجار والبرك المائية والطين إلا أننا وصلنا وحاولنا تجربة ما يدعونه «قارب الحرقة» رفقة أحد السكان وكانت تجربة خطيرة خطورة الموقف، التجربة أضحت من يوميات السكان الذين يعملون خارج القرية وكذا الطلبة الذين يتوجهون نحو الدروس الخصوصية اختصارا منهم للوقت، و يخلصهم من هاجس البحث عن وسيلة نقل تضمن لهم الوصول في الآجال المحددة لأوقات العمل، وعلى هذا الأساس ألح السكان المتضررون من هذه الوضعية بالمطالبة بإنشاء جسر يربطهم وأماكن عملهم و المتمثلة في أراضيهم الفلاحية، كما سيضمن لهم حرية التنقل بأمن وسلامة والراحة نحو أعمالهم خاصة في ظل انعدام النقل بالمنطقة .
... الغاز له حصة كبيرة من هموم سكان المنطقة
ذكر السكان في شهادتهم لـ (الشعب) الحالة المزرية التي يعانون منها جراء إنعدام خدمة غاز المدينة حيث يجد المواطن نفسه محاصرا بين هاجس توفير قارورة غاز البوتان في ضل ندرتها وصعوبة الحصول عليها وغلاء أسعارها فبسبب غياب هذه المادة الضرورية يضطر المواطن إلى جلبها في بعض الأحيان من مناطق بعيدة مستعملين الدواب لنقلها أحيانا وعلى ظهورهم أحيانا أخرى وهو ما زاد من معانات البسطاء بسبب ثقل كاهلهم بمصاريف كثيرة هم في غنى عنها، من جهة أخرى أكد سكان قرية مسيدة وعلى رأسهم عمي الشريف الذي أكد لنا أنهم يعيشون العزلة والتهميش بسبب التباطؤ في تجسيد ومد قنوات غاز المدينة بالقرية التي عانت سابقا ويلات العشرية السوداء والآن ألفية غاز البوتان، ليضيف في ذات السياق أنهم يلجؤون للاحتطاب من أجل التدفئة وحتى من أجل الطبخ لأن هناك من لا يتحمل أعباء ومصاريف قارورة البوتان، فضلا عن مشكل تلوث مياه الشرب بسبب قدم القناة الرئيسية لتوزيع المياه وهو ما يدفعهم للتوجه نحو مصادر أخرى لجلب مياه صحية بعيدة عن كل التخوفات في احتمالية التعرض للأمراض سيما وأن المياه تحتوي مادة الكلكار وهو ما جعلهم ينفرون من استهلاكه.
والأمراض التنفسية تفتك بأطفالهم
الوضعية المزرية التي يتخبط فيها أهالي مسيدة السفلى تتفاقم مع زيادة
نسبة الرطوبة بالمنطقة حيث تحولت حياتهم إلى جحيم جراء توسع مياه سد بني هارون على أراضيهم الفلاحية المجاورة لمساكنهم والتي تعتبر مصدر رزقهم الوحيد وأملهم في الحصول على لقمة عيش، المياه المتوسعة عبر واد بني هارون تهدد مساكنهم القديمة قدم المنطقة بالانهيار فضلا عن الآثار الجانبية التي يحدثها توسع مياه السد ، حيث أعرب عمي «ساقي» خلال حديثه معنا على خطورة الحالة الصحية التي يتعرض لها أطفالهم جراء الرطوبة حيث تسببت لهم في أمراض تنفسية مستعصية زادت من همومهم وأثقلت كاهلهم بمصاريف العلاج، ليأكد السكان على أنهم كانوا يعيشون في وضعية لا بأس بها رغم سلبيات مرور واد الرمال سابقا عن مقربة من منازلهم إلا أنهم لم يتصوروا مشكل توسع مياه سد بني هارون على هذا المنحى الخطير حيث قدمت لهم تطمينات من الجهات الوصية إلا أن السكان يتخوفون من مضاعفات هذا السد الذي يرتفع مستواه مع هطول الأمطار الغزيرة وهبوب الرياح العاتية وهو ما يقف من جهة أخرى حاجزا قويا أمام محاولة العبور بقارب « الحرقة » للجهة الأخرى، كما تتخوف العائلات على أطفالها من خطر الغرق والموت جراء الاقتراب من مياه سد نبي هارون حيث أكدوا أنهم يمنعون أطفالهم من الخروج واللعب في الحي الذي أضحى ينزلق بإتجاه الواد.
وعود.. تنتظر التجسيد
بعد مغادرتنا لمنطقة مسيدة السفلى استوقفنا ينبوع طبيعي روى بمياهه العذبة الباردة عطشنا كما روت فضولنا تصريحات سكان المنطقة الريفية الجميلة وبعد العملية الاستطلاعية التي قمنا بها عبر منطقة مسيدة السفلى، توجهنا لمقر رئيس البلدية السيد «بوذراع السبتي» الذي فتح لجريدة «الشعب» مكتبه وقلبه وأجاب عن أسئلتنا وعن انشغالات أهالي قرية مسيدة السفلى، حيث أكد على أن مشكل قدم شبكة المياه الصالحة للشرب تم حله السنة الفارطة ذلك بتجديد القناة الرئيسية، أما فيما يخص مشكل إنعدام الغاز الطبيعي فقد أضاف السيد السبتي أن البرنامج مسجل من طرف الجهات المختصة حيث أن الدراسة انتهت ولم يتبق سوى عملية الإنجاز، أما فيما يخص مسألة المعبر فإن البلدية تحركت وبوسائلها الخاصة و بالتنسيق مع السلطات الولائية بإنشاء معبر واد قيقاية يربط قرية مسيدة ليتمكن سكان القرية إلى الطريق الرابط بين قسنطينة وولاية ميلة، أما اقتراح إنشاء جسر صغير عبر الوادي والذي يطالب به سكان مسيدة العليا والسفلى أكد أن والي الولاية وخلال زيارة ميدانية قام بها للبلدية ولقراها المعزولة قام بتقديم اقتراح سكان مسيدة لمعالي وزير الأشغال العمومية وهو ما سيعمل على ربط المنطقة بعديد الجهات كما سيسمح للفلاحين بمزاولة نشاطهم .