«الشعب» ترصد أكبر عملية ترحيل بعنابة

1050 عائلة تودع المحتشدات الاستعمارية بسيدي سالم

تعد عنابة واحدة من ولايات الجزائر، التي تسعى لتجسيد البرنامج الخماسي 2010 ـ 2014 الرامي للقضاء على البيوت الفوضوية، تطبيقا لتوجيهات رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي أعطى أولوية كبرى لقطاع السكن للقضاء على أزمة السكن في الجزائر مع نهاية 2018، وإعادة تأهيل وهيكلة المدن الجزائرية، إنها وضعية توّقفت عندها «الشعب» بعين المكان.
تشهد ولاية عنابة، منذ سنوات، ترحيل العائلات التي تفترش بيوتا قصديرية، إلى سكنات لائقة، حيث استفادت المدينة من حصة إجمالية، تقدر بأكثر من 50 ألف وحدة سكنية في مختلف الصيغ، من بينها 13 ألف وحدة من صيغة البيع بالإيجار، وتعرف الولاية عمليات ترحيل متواصلة إلى عدد من بلديات وأحياء المدينة، على غرار بوخضرة، بوزعرورة، برحال، سيدي عمار، الحجار..

سكان «لاصاص» يتنفسون

آخر عمليات القضاء على البناء الفوضوي التي عرفتها مدينة عنابة، شملت ترحيل عائلات من حي سيدي سالم ببلدية البوني، والتي شرعت فيها السلطات المحلية، أول أمس الأحد، حيث قامت بتهديم السكنات الهشة بالمحتشدات الاستعمارية المعروف بحي «لاصاص» في سيدي سالم، بعد ترحيل أكثر من 1350 عائلة، إلى سكنات اجتماعية جديدة بكل من «بوخضرة 03»، «بوزعرورة» بالبوني و»الكاليتوسة» ببلدية برحال، وتوفير كل الإمكانيات المادية والبشرية، لأجل إنجاح عملية الترحيل التي انتظرها سكان سيدي سالم طويلا، والقضاء
على واحدة من أكبر وأقدم المجمعات القصديرية في عنابة.
«الشعب» تابعت أطوار عملية الترحيل، التي أشرفت عليها مصالح بلدية عنابة، بالتنسيق مع ديوان الترقية والتسيير العقاري، وقد جرت وسط إجراءات تنظيمية محكمة، لتفادي أية انزلاقات أمنية، حيث قامت مصالح البلدية بتسجيل أسماء المستفيدين من السكنات الاجتماعية، وتسليمهم وثيقة الهدم، متبوعة بمفاتيح مقراتهم الجديدة.
وتسهر الأجهزة الأمنية على تأمين عملية الترحيل، والتي قد تتواصل لأيام متتالية، فقد تم تسخير قوة هامة من عناصر الحماية المدنية وأعوان الأمن، الذين تعزز بهم «سيدي سالم»، إضافة إلى أحياء السكنات الاجتماعية الجديدة، كما جندت مصالح الولاية مئات الجرافات لهدم السكنات الهشة، وقرابة 300 عامل للمساهمة في عملية الترحيل، التي جرت وسط فرحة كبيرة لسكان سيدي سالم، الذين ودعوا نهائيا سنوات البؤس والشقاء، والانتقال إلى سكنات جديدة تحفظ لهم كرامة العيش، حيث لم تغفل لهم عين ـ بحسب أحد المرحلين ـ منذ الإفراج عن قائمة المستفيدين من سكنات اجتماعية، مشيرا إلى أن حي «لاصاص» يعتبر من أسوء الأحياء القصديرية المتواجدة بعنابة، والذي يعود تاريخه إلى الحقبة الاستعمارية، قائلا: «كنا نعيش داخل سجون عسكرية وليس بيوت هشة».
وأشار المتحدث إلى أن سكان سيدي سالم نظموا العديد من الاحتجاجات، قبل ترحيلهم إلى سكنات لائقة، بعد أن بات العيش في هذه الجحور ـ كما قال ـ مستحيلا، وسط الجرذان والحشرات بمختلف أشكالها، فضلا عن الرطوبة العالية التي تهدد الأطفال على وجه الخصوص بأمراض مزمنة، وانتشار البرك المائية لاسيما في فصل الشتاء، بسبب انعدام قنوات الصرف الصحي، ما يعيق الدخول والخروج من الحي وولوج المنازل أيضا، مؤكدا بأن قاطني حي «لاصاص» كانوا يطالبون فقط بتحويلهم إلى سكنات تتوفر على شروط العيش الكريم، والابتعاد عن هذه الأكواخ القصديرية التي شيدتها فرنسا خلال الحقبة الاستعمارية كمحتشدات عسكرية، واستغلها سكان عنابة للعيش بها، بعد أن ضاقت بهم السبل في إيجاد سكنات لائقة، حيث باتت مأوى لهم منذ 1956، وأطلق عليها العديد من الأسماء على غرار «غزة»، «الملاحة» وسيدي سالم حاليا.

08 آلاف سكن هش ببونة

وبحسب مصادرنا، فإن بلدية «البوني» يتواجد بها أكبر مجمع قصديري في عنابة، وقد أحصت المصالح المعنية فيما سبق، أكثر من 8 آلاف سكن هش، على غرار حي «لاصاص» الذي يعرف عملية ترحيل لساكنيه منذ أعوام، وما تزال العملية متواصلة به إلى يومنا هذا، أين جرت آخر عملية إسكان في 2013 بترحيل أكثر من 500 عائلة.
 كما استفادت 800 عائلة قاطنة بكل من أحياء السرول، واد النيل، أول ماي، من سكنات اجتماعية بحي عين جبارة الجديد بمنطقة حجر الديس، وقد تم في نفس السنة توزيع ما مجموعه 3026 وحدة سكنية، في حين تعد عملية ترحيل 400 عائلة قاطنة بحي سيدي حرب 02 الفوضوي، نحو حي «الشعيبة» بسيدي عمار، أولى عمليات الإسكان التي شهدتها سنة 2014، تلتها ترحيل 1000 عائلة، ومع بداية 2015 تم ترحيل 352 عائلة كانت تقيم ببيوت هشة في حي الفخارين نحو بوزعرورة.. وتعد هذه الأرقام عينة فقط عن عمليات الاسكان التي تشهدها مدينة عنابة منذ سنوات.

القضاء على ظاهرة بيع السكنات الهشة

وتتزامن عملية الترحيل مباشرة بتهديم الأحياء القصديرية، للقضاء على ظاهرة بيع السكنات الهشة والآيلة للانهيار، والوقوف في وجه الصفقات المشبوهة، حيث أن بعض العائلات المرحلة، تُقدم على بيع سكناتها إلى أشخاص آخرين لاستغلالها بهدف الاستفادة من سكن اجتماعي، وهو ما تم تسجيله في عديد المرات على مستوى سيدي سالم ببلدية البوني، وحي «بلاص دارم» بوسط عنابة، حيث لجأت العديد من العائلات الغريبة عن الحي إلى بناء سكنات قصدرية، من أجل إستغلالها والتلاعب بها على السلطات المحلية والمطالبة بترحيلها ضمن برنامج القضاء على السكن الهش.
وكان والي الولاية الأسبق قد أمر بالتجند، وتسخير مختلف الإمكانيات المادية والبشرية للقضاء على هذه الظاهرة، ومحاربة جميع المتلاعبين وتقديمهم إلى العدالة إن تطلب الأمر ذلك، مع تجريد المرحلين الجدد من سكناتهم الاجتماعية، واستغلال المساحات التي تتواجد بها السكنات الهشة، لأجل انجاز مشاريع جديدة، تستفيد منها عائلات أخرى.

مكتتبو عدل 2001 و2002 ينتظرون

بالرغم من تسارع وتيرة الانجازات في مجال السكن، واستفادة العديد من سكان ولاية عنابة من سكنات اجتماعية لائقة، يبقى مكتتبو عدل 2001 و2002 في طابور الانتظار لتسليمهم بدورهم مفاتيح سكناتهم، بعد اكتمال الشروط اللازمة من دفع للشطر الأول والثاني.
وتبقى تطمينات المكتتبين باستلام سكناتهم ابتداء من السداسي الثاني للعام الجاري، على أن تنتهي خلال 2016 مجرد وعود، وهو ما أثار احتجاجا عارما وسط المكتتبين، الذين طالبوا بالشفافية والإفراج عن حصصهم في السكن، لاسيما وأن الغموض ما يزال يكتنف مناطق سكناتهم. 

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024