تشمـل الأمـن والإستقـرار الإقليمـي والإستثمـار فـي الطاقة

خارطـة طريق جزائرية أمريكية لتعميق العلاقات التاريخية

حمزة. م

إرادة مشتركـة في إرسـاء السلم والأمـان في الساحـل الإفريقي وغـرب المتوسـط

 الجزائر متمسكة بعلاقتهـا مع الولايــات المتحـدة ومــع جميـع الـدول الكـبرى

تتأكد من يوم لآخر، رغبة الجزائر والولايات المتحدة، في الارتقاء بعلاقاتهما إلى مستوى استراتيجي، في مجالات حيوية، تشمل الأمن والاستقرار الإقليمي والاستثمار في الطاقة والطاقات المتجددة.

لا يتوقف البلدان عن إظهار مزيد من الإرادة في تجسيد شراكة استراتيجية بشكل عملي وفعال، يعود بالفائدة على كليهما وعلى الأمن والسلم في منطقة إقليمية تعاني من أخطار وتهديدات متزايدة.
الرغبة الجزائرية-الأمريكية، في الارتقاء بالعلاقات الثنائية، لها قاعدتها التاريخية الصلبة، والتي تعود إلى الواجهة مع تزيد الحراك الدبلوماسي بين الجانبين، ومع ما تبديه الجزائر من حسن قراءة واستباق للتحولات الدولية الجارية، عبر ترسيخ موقعها كدولة رائدة في عدم الانحياز ترفض أن تكون “خصما لأحد” ولكن صديقا “للجميع” وفقا لما يراعي مصالحها الوطنية.
وعبر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون بوضوح عن هذا الأمر في آخر حوار له مع وسائل الإعلام الوطنية، حين أكد أن “الجزائر متمسكة بعلاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومع جميع الدول الكبرى”.
وأوضح أن ثمن حرية الجزائر في اختيار شركائها وأًصدقائها هو 5.630.000 شهيد، ولا يمكنها (الجزائر)، أن ترهن شركاتها مع جهة أو دولة بعينها، مفيدا بوجود إرادة فعلية لتعميق التعاون مع واشنطن.
وأضاف الرئيس تبون في ذات الحوار قائلا: “لا يوجد جزائري لا يذكر خطاب السيناتور كينيدي عن الجزائر، في الكونغرس، أو لا يذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي أدخلت الملف الجزائري إلى الأمم المتحدة ما تسبب في انسحاب الوفد الفرنسي”.
وذكر بأن الولايات المتحدة، كانت من أوائل الدول التي قدمت مساعدات للجزائر، عقب استقلالها مباشرة، مؤكدا في الوقت ذاته أن عملا جادا انطلق بين الجانبين، على جميع الأصعدة وعلى رأسها الجانب الدفاعي، أين استقبل شخصيا وفي ثلاث مناسبات القائد السابق للقيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا “أفريكوم” الفريق أول مايكل لانغلي 03 مرات.
وآخرها، كانت في جانفي 2025، أين وقع البلدان مذكرة تفاهم في التعاون العسكري، وشرع مؤخرا في تنفيذ تمارين مشتركة في الصحة العسكرية تقع ضمن نطاق هذه الاتفاقية.

إستعــداد وإرادة

تصريحات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، تعكس استعداد الجزائر للمضي قدما في مسار نوعي لتوسيع الشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي ظلت تتمتع بمواقع جيدة في الطاقة ومكافحة الإرهاب.
ومع تزايد النشاط الدبلوماسي بين البلدين، انطلاقا من رسالة التهنئة التي بعث بها الرئيس تبون، للرئيس الأمريكي في نوفمبر الماضي بمناسبة انتخابه، وكذا رسالة التهنئة التي بعث بها الرئيس ترامب بمناسبة احتفال الجزائر بالذكرى 63 لعيد استقلال الجزائر.
وبات واضحا أن الولايات المتحدة الأمريكية، تسارع لاستغلال الإشارات الواضحة التي تبعث بها الجزائر، والتي تقدم بموجبها رؤيتها الطموحة في أن تصل إلى ساحة الدول النامية ببناء اقتصاد منتج بعيدا عن الاعتماد المفرط على المحروقات، مع استغلال مواردها الطاقوية في بناء صناعة تحويلية رائدة تفتح باب الاستثمار أمام عديد الشركاء.
الطموح الجزائري المشروع، وبقدر ما يزعج البعض في الجانب الشمالي من ضفة المتوسط، فإنه يؤخذ بجدية بالغة من قبل دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي تقتنع بالجزائر كرائد في المنطقة، له موارده الخاصة وقدراته الوطنية التي استطاع من خلالها أن يحفظ أمنه واستقراره في محيط شديد التوتر.
ولم تتسبب الجزائر يوما، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في المشاكل التي يعيشها جوارها، وعلى عكس من ذلك، تعتبر وسيطا نزيها يملك مفاتيح الحل لكل الأزمات عبر الوساطة السلمية.
هذه المكانة الإقليمية تشجع الولايات المتحدة الأمريكية، على النظر إلى الجزائر بصفتها شريكا إقليميا مستقلا بحرصه على السلم والأمن بعيدا عن التجاذبات السياسية.
لذلك بدأ الاهتمام يتزايد بالارتقاء بالتعاون الإيجابي، لحد الآن، إلى مستوى شراكة استراتيجية، تقوم على المصالح المتبادلة في الاقتصاد والتجارة والاستثمار وفي إرساء السلم والأمن الإقليميين في الساحل الإفريقي وفي الجهة الغربية للمتوسط.

ركيـزة استراتيجيــة

استعداد الجزائر لشراكة واعدة مع الولايات المتحدة الأمريكية، يقابله رؤية أمريكية للجزائر باعتبارها ركيزة استراتيجية في المنطقة، ظلت راسخة بمبادئها لم تتزعزع رغم ما مرت به من عواصف الإرهاب الأعمى، ورغم ما حدث حولها من أزمات مستعصية، حيث ظلت في منأى عن الصفقات الدولية المشبوهة.
ويستشف ذلك من تصريحات كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مسعد بولس، الذي صرح عقب لقائه برئيس الجمهورية، قائلا “جئت إلى الجزائر نيابة عن الرئيس الأمريكي وعن وزير الخارجية ماركو روبيو”.
وشدد على “الأهمية البالغة” التي توليها بلاده للعلاقات مع الجزائر، والتزامها “بتعزيز الشراكة الثنائية” إلى جانب “العلاقات التجارية والأمنية”.
وتحدث بولس عن مجالات التعاون بين البلدين مبرزا “المصالح المشتركة، تحقيق السلم وهزيمة الإرهاب وتأمين الحدود”، مؤكدا أن لكلا الدولتين مصلحة مشتركة من أجل “عالم أكثر سلاما”.
ومن خلال اللقاءات المكثفة التي جمعته بمسؤولين جزائريين، أكد كبير مستشاري ترامب، على تطلع بلاده إلى مستقبل نوعي في التعاون مع الجزائر، خاصة في قطاع الطاقة والطاقات المتجددة والمناجم.
ومن الواضح، أن الرغبة الأمريكية نابعة من اليقين بأن الجزائر هي ذلك الشريك الذي يمكن التعويل عليه في عقد صفقات مربحة جدا اقتصاديا وأيضا يمكن المراهنة عليه في التعاون الأمني والإقليمي، لأنها ليست مثل بعض الدول التي تبني علاقتها على دور وظيفي مقابل مبالغ طائلة تقبضها كمساعدات.
وتبدي زيارة بولس إلى الجزائر، وكل النشاط الدبلوماسي المكثف، أن الجزائر والولايات المتحدة، بصدد ترسيخ شراكة استراتيجية على المدى القريب.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19837

العدد 19837

الخميس 31 جويلية 2025
العدد 19836

العدد 19836

الأربعاء 30 جويلية 2025
العدد 19835

العدد 19835

الثلاثاء 29 جويلية 2025
العدد 19834

العدد 19834

الإثنين 28 جويلية 2025