أشرف السيد نورالدين بوفلاقة مدير أمن ولاية عنابة شخصيا في اليومين الفارطين على قيادة حملة مداهمات ميدانية، مست بعض الأحياء في ولاية عنابة التي شهدت في الآونة الأخيرة أعمال عنف متفرقة، العملية أعطت دفعا معنويا كبيرا لرجال الأمن، وولدت ارتياحا كبيرا وسط مواطني الولاية، وذلك بفضل المشاركة الميدانية الواسعة لوحدات الأمن من أجل المحافظة على الأمن العام بهذه المدينة السياحية.
العملية التي نفذت بعدما تناولت “الشعب” في استطلاع ظاهرة الإجرام المنتشرة بصورة مقلقة بمدينة عنابة، وبفضل التنسيق العالي المستوى بين مختلف وحدات الأمن الوطني للولاية مما مكن المدينة من استعادة صورتها الطبيعية غداة بعض الأحداث الإجرامية التي شهدتها المدينة في الأشهر الأخيرة، والتي خلفت استياء كبيرا لدى المواطنين، لأنهم لم يعهدوا ولايتهم بهذه الصورة، رغم أن مصالح الأمن تبذل جهودا كبيرة.
جريدة “الشعب” تقربت من مديرية أمن ولاية عنابة قصد الوقوف على حقيقة هذا الجهد الجبار الذي تبذله مصالح الأمن بجميع وحداتها على مستوى جميع بلديات ودوائر الولاية، والتقينا بالسيد بوبكري يزيد محافظ شرطة بأمن ولاية عنابة الذي رحب بنا وتناولنا معه العديد من المواضيع التي أجابنا عليها بكل ارتياح حيث تبين من معرض حديثه إلى أن عنابة مدينة سياحية وقطب اقتصادي هام بمنطقة شرق البلاد، وكما يعلم الجميع المجتمع العنابي مجتمع هجين، يجمع بين العديد من سكان الولايات الشرقية، يتميز بحزام سكاني بسيط على مستوى عدد كبير من بلديات الولاية، هذه البلديات كانت ولازالت تمثل أغلب الأحياء الفوضوية لمدينة عنابة حيث تتفشى البطالة والفقر وتبرز صعوبة الظروف المعيشية، فهي بؤر إجرام الرقم واحد في المدينة، كما أن طبيعة العمليات الإجرامية التي تتميز بها الولاية تتمثل خصوصا في السرقة والسطو، خاصة بهذه الأحياء الشعبية، فمصالح الأمن تعمل من أجل تطويق هذه البؤر التي أصبحت تهدد الحياة العامة للمواطنين في بعض الأحيان، ضف إلى ذلك انتشار الآفات الاجتماعية بهذه الأحياء مثل تعاطي المخدرات والمشروبات الكحولية والحبوب المهلوسة، وكذلك سرقة السيارات، هذه الأخيرة التي تم القضاء عليها تقريبا بصفة جذرية بفضل اليقظة والتنسيق العالي لمصالح الأمن التي فككت أكثر من خمسة شبكات إجرامية متخصصة في سرقة السيارات على المستوى الوطني، حيث كانت تحدث بمعدل سرقة سيارتين كل يوم وهو معدل رهيب.
ويضيف ذات المسؤول قائلا: “مصالحنا على يقظة دائمة سواء ما تعلق الأمر بالقضايا الاجتماعية أو الاقتصادية.. أهم رهانات المديرية المحافظة على الأمن وحفظ الصالح العام وكذا حماية رموز الدولة، فهناك العديد من الجرائم الاقتصادية التي كان الفضل في كشفها ومعالجتها لمصالح أمن الولاية، وحتى تدويل بعضها قضائيا مثل قضية مجمع فارفوس، وكذا قضية مازافران، في الحقيقة العديد من هذه القضايا لابد أن تأخذ وقتا كبيرا في المعالجة، وذلك لارتباطها بالعديد من الأطراف والمؤسسات الأخرى، أما قضايا الإجرام التي بلغت في السنتين الأخيرتين حوالي 24 جريمة قتل فقد تم فك 22 جريمة وتحديد الأطراف الفاعلة فيها، بينما بقيت 02 منها قيد المتابعة، هذه الجرائم تتطلب السرعة في التنفيذ لحصرها والحد من تداعياتها، وأعتقد أن هذا الرقم مقبول جدا بمعدل أكثر من 95 % من الجرائم يتم تحديدها، وهو فخر بالنسبة لمصالح الأمن وكذا المواطن الذي يعتبر أهم عنصر في كشف هذه الجرائم وملابساتها، هذه أولوية الأولويات بالنسبة لمصالحنا على أعلى مستوى، وكما رأيتم فأعلى قيادة على مستوى أمن الولاية تشرف وبصفة شخصية على سير العمليات الميدانية.
الجرائم الاجتماعية والاقتصادية والإدارية.. »الحراڤة« أهم التحديات..
في سؤال تم توجيهه إلى السيد المحافظ حول أهم الجرائم التي تميز الولاية، قال أنها تتعلق بالجرائم الاجتماعية كالسرقة، السطو، القتل، النصب والاحتيال، والتي كما سبق ذكره نتيجة بعض الظروف الاجتماعية القاسية التي تميز بعض الأحياء الشعبية لولاية عنابة، وبفضل اليقظة المستمرة لرجال الأمن والتنسيق العالي بين مختلف الوحدات الأمنية وكذا الدور الكبير الذي يلعبه المواطن في ولاية عنابة تم الحد من هذه الظواهر الغريبة، وكذا تطويق بؤر الإجرام وتوقيف أغلب العناصر النشطة على مستوى هذه الأحياء الشعبية، ماعدا بعض الحالات المتفرقة التي في الحقيقة لا تعكس الوضع الأمني العام للمدينة الذي يتميز بالهدوء التام.
ويضيف “كذلك كما قلنا هناك بعض الجرائم الاقتصادية التي رصدتها مصالح الأمن في السنتين الأخيرتين والتي أحيلت على مستوى الدوائر القضائية
والمحاكم المختصة للفصل فيها، حيث استطاعت مصالحنا أن تقف على حجم هذه الجرائم وتحديد أغلب الأطراف الفاعلة فيها. وكذا تفكيك أكبر شبكات المتاجرة بالمخدرات، إذ تم توقيف في غضون هذا الأسبوع شبكة تتكون من أكثر من 20 عنصرا مروجا للمخدرات، هذه الشبكة الدولية تنشط على مستوى أكثر من 10 ولايات من الوطن وعلى مستوى دول الجوار، حيث تم ضبط 22 كلغ و300 غ من الكيف المعالج، وهي امتداد لشبكة دولية تم توقيفها العام الماضي وتم حجز ما يعادل قنطار و75 كلغ من الكيف المعالج.
مصالح الأمن بعنابة في تنسيق مستمر مع حرس السواحل للحد من ظاهرة الحراقة من والى أوروبا، هذه الظاهرة الخطيرة التي عرفتها الجزائر في السنوات الأخيرة، هي من أصعب الظواهر، لأننا لا نعرف من ومتى تبحر هذه الفئات الشبانية بقوارب صغيرة باتجاه أوروبا، مما يفرض على مصالح الأمن وحرس السواحل يقظة وتنسيقا مستمرين، غالبا ما تشك في بعض الحالات لكن وأنت على مستوى البحر لتوقيف هؤلاء لا تجد شيئا يدينهم، ما عدا أنهم في رحلة استجمام على مستوى القارب، وبالتالي تطويق هذه الظاهرة بات صعب جدا ما لم تكن المتابعة دائمة ودورية خاصة على مستوى بعض الشبكات التي تشرف على تهجير هذه الفئة من الشباب نظير عمولات مالية، وبالتالي يقول السيد المحافظ ننتظر من المجتمع والمواطن بصفة خاصة أن يقف إلى جانب مصالح الأمن لمساعدتها على معالجة هذه الظواهر الغريبة بالتبليغ عن أي حالات مشكوك فيها سواء على مستوى الأحياء أو على مستوى بلديات عنابة، لأن مصالح الأمن لا تستطيع أن تقف على كل ما يدور في المجتمع بصورة دقيقة ما لم يكن هناك إحساس عام وسط المجتمع من جمعيات ومؤسسات ودور عبادة، وكذا التحسيس بدور المواطن في المحافظة على الأمن العام.
من جهة أخرى، هناك بعض الجرائم الغريبة عن المجتمع والتي استطاعت مصالحنا بحكمة كبيرة تحديدها ووضعها أمام الرقابة القضائية مثل قضية باروش التي أسالت الكثير من الحبر، وهي الآن أمام القضاء.