تطور كبير بلغته الصناعة التحويلية وزراعة التمور وزيت الزيتون العضوي
الأولوية للتصدير والاستيراد من متعاملين أفارقة بدل التوجّه إلى أسواق أبعد خارج القارّة
لقاءات ثنائية بين المتعاملين.. إبرام اتفاقيات وتسجيل طلبيات هامة
استقطبت الطبعة الرابعة من معرض التجارة البينية، التي تختتم فعاليتها اليوم، أكبر المستثمرين والمنتجين في القارّة، إلى جانب جذبه للباحثين عن الشراكات والسلع والبضائع وكذا المواد الأولية لتحريك مشاريعهم الاقتصادية. وهو معرض كشف عن الأسواق الاقتصادية والتجارية الجديدة، برز فيه المنتوج الجزائري بشكل لافت.
سجّل معرض التجارة البينية الإفريقية إقبالا كبيرا، منذ انطلاقه يوم الخميس الماضي، حيث تعدّدت الفرص الثمينة للتصدير وكذلك للاستيراد بين بلدان القارّة الواحدة، في توجه يعكس تناغما وقوة في الانتماء القاري للشعوب، كما الحكومات الإفريقية، من خلال منح الأولوية للتصدير والاستيراد من متعاملين أفارقة بدل التوجه إلى أسواق أبعد خارج القارة، وتزينت أجنحة المعرض بحلة إفريقية ذات ألوان زاهية وجذابة، مشكّلة بصمة خاصة.
كما احتضنت أجنحة “الأهقار” الكثير من الصناعات الإفريقية، وهو ما سمح للزوار بخوض رحلة ممتعة تنوّعت بين الصناعات التقليدية الأصيلة، وكل ما تنتجه الآلة الاقتصادية الإفريقية المنفتحة على التطور والنمو والشراكات الثنائية القارية وكذلك على الأسواق الداخلية.
المعـرض قبلــة للتجارة والاقتصــاد
حركية واسعة وقفت عليها “الشّعب” طيلة يوم كامل، منذ افتتاح المعرض إلى غاية الفترة المسائية، لقاءات ثنائية بين المتعاملين، إبرام اتفاقيات وتسجيل طلبيات، ولقاءات أخرى ثلاثية ضمت مسؤولين عن البنك الإفريقي للاستيراد والتصدير، وكذا ممثلين عن أمانة منطقة “زليكاف”. كما حضر مستثمرون شباب إلى طبعة الجزائر، باحثين عن استيراد المواد الأولية ووجدوها بالجزائر، إضافة إلى إيجاد زبائن لتسويق منتجاتهم.
على هامش ذلك تُنظَّم ندوات اقتصادية قيّمة، تحتضن بعضها أجنحة “جي” بقصر المعارض بالصنوبر البحري، يشارك فيها خبراء ومختصّون ومستثمرون دوليون. علما أنّ القاعات ممتلئة عن آخرها في ظل الإقبال الكبير على مثل هذه اللقاءات المهمة.
أغلبية أجنحة المعرض يتدفّق عليها الزوار، سواء كانت لشركات عمومية أو خاصة جزائرية أو إفريقية، كما أنّ السلك الدبلوماسي من عدة دول حضر بقوة، إلى جانب الحضور المكثف لفئة الشباب سواء كزائرين أو عارضين باحثين عن الفرص والتمويلات، أو لمناقشة أفكارهم الابتكارية مع المحترفين والمختصّين. وفي جولة لـ “الشّعب”، تمّ الاقتراب من شركات جزائرية وإفريقية لتشريح فرص التصدير والاستيراد، باعتبار أنّ المعرض منح المشاركين والزوار من المهنيّين فرصة استكشاف أسواق جديدة. كما وقفت بالموازاة، على حقيقة أنّ الأفارقة مهتمّون بإعجاب بالمنتجات الجزائرية، ليتحول المعرض إلى قبلة حقيقية للاقتصاد والتجارة بشكل ملموس.
سامـوري: دعــوة للاستثمـار في الأسمــاك
حول الفرص والشراكات المتوفّرة في مجال التصدير والاستيراد، تحدّث السيد سلمو ساموري، رئيس مجلس إدارة شركة ساموري، وهي شركة فاعلة في قطاع الصيد الموريتاني، قائلا إنه على ضوء مشاركته في طبعات المعرض السابقة، يرى أنّ طبعة الجزائر الرابعة اتسمت بالكثير من الدقة في التنظيم، واصفا الاستقبال بالأخوي والرائع، إلى جانب تسخير جميع الوسائل اللوجستية المهمة.
أضاف المتحدث أنه بما أنّ الشعبين الجزائري والموريتاني شعب واحد، ينبغي الرفع من مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري الثنائي، مستغلين قوة الروابط الأخوية والتاريخية، بما يفضي إلى ربحية مشتركة ومردودية تنموية يتقاسمها البلدان. ولم يخف حاجتهم إلى المنتجات الجزائرية التي شهدت تطورا كبيرا وجودة عالية.
كما أثنى المتعامل الاقتصادي الموريتاني ساموري، على دور الجزائر في تهيئة أرضيات التعاون مع الدول الإفريقية، مذكّرا في هذا الإطار بجهودها وتمويلها لطريق تندوف - الزويرات، واعتبره بوابة إستراتيجية تجارية واقتصادية تدفع التعاون إلى مستويات أسرع وأكثر كثافة، مع تدفّق البضائع الجزائرية إلى السوق الموريتانية وتصدير الأسماك الموريتانية إلى الجزائر، بالإضافة إلى الخط البحري الذي يربط البلدين، وهو ما يُنتظر منه تفعيل التعاون الاقتصادي، لأنهم يطمحون في موريتانيا إلى تحقيق التكامل الاقتصادي، وهو هدف تسعى إليه جميع الدول الإفريقية فيما بينها.
وأكّد صاحب شركة ساموري للصيد، أنهم يبحثون عن شركاء جزائريّين للاستثمار في مجال الصيد البحري وإنتاج الأسماك، باعتبار أنّ الجزائر متطورة جدا في إنشاء مصانع بموريتانيا للصيد والتعليب والتوضيب والتصدير نحو أسواق أوروبا وأمريكا، لتكون شريكا أساسيا في مجال الإنتاج.
إلى ذلك، تمتلك الجزائر قدرات وخبرة وسفنا وتكنولوجيا، كما أنها مهتمة ببناء شراكات في هذا المجال الغذائي الحيوي والاستراتيجي. وذكر أنّ العديد من الشركات الموريتانية في هذا القطاع مهتمة بإقامة شراكات مع الجزائريّين الأشقاء.
من جهة أخرى، أكّد المتعامل الاقتصادي ساموري أنه انجذب إلى جودة صناعة المولدات الكهربائية المتطورة، وسيقوم باستيراد ما يحتاجه، حيث تحدّث إلى الشركات المنتجة واتفق معها مبدئيا بعد أن طلب منها العروض. وأكّد أنّ المنتجات الجزائرية في المعرض متنوعة ومهمة ولافتة للانتباه، بفضل مستوى التطور الذي بلغته في مجالات الصناعة التحويلية ومواد التجميل وصناعة السيارات والكوابل وغيرها.
فـراح: طلـب كبير علـى المنتجـات الجزائريـة
من جانبه، اعتبر فراح عز الدين، إطار بالغرفة الوطنية للفلاحة والمكلف بتنظيم المعارض والصالونات، أنّ المعرض كان زاخرا بالفرص وموفرا للكثير من الأسواق. وقال في هذا المقام إنّ الغرفة الوطنية للفلاحة تشارك في هذا الموعد الاقتصادي والتجاري القاري الهام، بهدف تثمين المنتوج الجزائري والتعريف بجودته والترويج له عبر أسواق إقليمية ودولية جديدة، إلى جانب المساعدة على انتشاره في الأسواق الداخلية. أوضح فراح أنّ لديهم العديد من المنتجين والمهنيّين والمتعاملين الاقتصاديّين المحترفين، وفي كل صالون أو تظاهرة اقتصادية يقدمون يد العون للمنتجين الفلاحيّين والمتعاملين الاقتصاديّين في هذا المجال، وكذا مرافقتهم من أجل التعريف بمنتجاتهم عبر تنظيم أيام تكوينية على مستوى الغرفة الوطنية للفلاحة أو عن طريق الغرف الفلاحية الولائية، بخصوص مسار التصدير وعملية توضيب المنتوج بطريقة حديثة وجذابة، لأنّ لكل منتوج خصوصيته.كما تحدث فراح عز الدين، كذلك عن الإقبال الكبير المسجّل على المنتجات الفلاحية الجزائرية، موضّحا أنّ العارضين تلقوا عدة طلبيات وعروضا لعقد مذكّرات توريد لبلدان إفريقية، بما يسمح بانطلاقة أقوى للمتعاملين في قطاع الفلاحة ضمن مسار تصدير الخضر والفواكه وكذا الخضر والفواكه المجفّفة.
وكشف فراح أنه خلال المعرض، تمّ تسجيل طلبيات ضخمة على التمور وزيت الزيتون العضوي، في ظل توفّر منتوج حاصل على شهادة اعتماد لزيت الزيتون العضوي. كما قال ممثل الغرفة الوطنية للفلاحة، إنّ قطاع الفلاحة جذب اهتمام مستوردين من العديد من البلدان، وطلبوا التوقيع على عقود لتموين أسواقهم، وذكر على سبيل المثال تونس والأردن والنيجر والسنغال ودولا أخرى من الساحل وغرب إفريقيا. وأشار محدثنا في السياق ذاته، إلى أنّ الفواكه المجفّفة التي تُعرض بشكل طبيعي ومن دون مواد حافظة، جذبت بقوة الزبائن الأفارقة، وتصل مدة صلاحيتها إلى 24 شهرا، ومعظم المموّنين حاصلون على شهادات اعتماد. وقال فراح: “نتطلع بعد دخولنا أسواقا جديدة قبل المعرض إلى التواجد عبر المزيد من الأسواق”.
وأوضح أنّ المنتجات الفلاحية الجزائرية تصل إلى أزيد من 10 بلدان سابقا، ورغم أنّ هدفهم كان فيما مضى التواجد في أسواق أوروبية، فإنّ المنتوج الجزائري اليوم صار يتدفّق على أسواق عربية وآسيوية وإفريقية. وجميع المنتجين الجزائريّين الذين شاركوا في معارض دولية حقّقوا المراتب الأولى من حيث الجودة، ولأنّ الجزائر – باعتراف الجميع – تحولت إلى مورد بارز في مجال تأمين الغذاء.
إيديم: تطـــور الصناعـة الجزائريــة أذهلنـي
كما عبّر أغوزي كوكو إيديم، المدير العام لشركة “يونيكوس” والشاب الثلاثيني المنحدر من الطوغو، عن إعجابه بمستوى تطور الإنتاج الجزائري وتنوعه. وبحكم نشاطه في مجال تصنيع مستحضرات التجميل، أوضح أنه وجد في السوق الجزائرية المواد الأولية التي يبحث عن استيرادها، مؤكّداً نيته عقد اتفاقيات مع عدة منتجين جزائريّين، لأنها مواد ذات جودة عالية، قائلاً: “تطور الصناعة الجزائرية أذهلني”.
ثمّن أغوزي كوكو الحركية التي يشهدها المعرض، وما قامت به الجزائر والمنظمون من “زليكاف” إلى البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد، مشيراً إلى أنّ الجميع يلتقون حول هدف جوهري واحد، يتمثل في بناء شراكات متعدّدة بين الشعوب الإفريقية، في إطار تحقيق حلم التكامل القاري الضروري والحتمي، خاصة وأنّ أغلبية سكان القارّة من فئة الشباب، وهم مستقبلها. كما أكّد قائلاً: “لم يعد من المفترض أن نبرم معاهداتنا خارج السوق الإفريقية، ففي الماضي كنا نستورد ونتعامل مع الهند ودول أوروبية وأمريكية، وقد حان الوقت لتغيير هذه المعادلة”. وأضاف المتعامل الاقتصادي من الطوغو، أنّ الجزائر بلد كبير يشبه قارّة ومنفتح على السوق الإفريقية، وتمكّن من تقديم ابتكارات تكنولوجية مبهرة، قادرة على دخول مختلف الأسواق الإفريقية بأسعار معقولة، بفضل تقليص تكاليف النقل ومدة الاستيراد، وهو ما سيكون له أثر إيجابي على القدرة الشرائية للمستهلك الإفريقي. كما أشاد برئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لما يقدمه للقارّة وشعوبها الكادحة، مثمّناً حفاوة الاستقبال والدعم الذي حظي به مختلف المشاركين دون استثناء.
حرار: متعاملون من الغابون يريدون توريــــد منتوجنــا
كشف جلال الدين حرار، رئيس قسم التسويق والاتصالات بشركة كابلات الاتصالات السلكية واللاسلكية في الجزائر “كاتل”، عن تقرّب متعاملين من الغابون خلال معرض التجارة البينية الإفريقية في طبعته الرابعة المقام بقصر المعارض، بغرض استيراد منتجات الشركة التي تتميّز بجودة عالية، خاصة وأنها تتعامل في السوق المحلية مع شركات عمومية وخاصة.استعرض حرار المسار الطويل للشركة ذات الخبرة الكبيرة والاحترافية، في دعم السوق الإفريقية والمتعاملين الاقتصاديّين عبر القارّة، موضّحا أنّ شركة CATEL SPA، فرع شركة Holding Elec Djaziar، هي شركة صناعية جزائرية تأسست سنة 1928 وتم تأميمها سنة 1968، متخصصة في إنتاج الكابلات، وقد دعمت تاريخياً تطور شبكات الاتصالات في الجزائر.
وبعد عقود من الأداء الناجح، شهدت الشركة تحولات جعلتها رائدة في إنتاج الكابلات بمختلف القطاعات الإستراتيجية، مثل النقل الحديدي الحضري، والنفط والغاز، والصناعة، والبناء، والأمن.
بفضل استثمارات معتبرة، قال ممثل الشركة إنّ “كاتل” تعرض اليوم، وفي المعرض بشكل خاص، مجموعة واسعة من المنتجات المطابقة للمعايير العالمية، بما فيها الأوروبية، مع ضمان جودة عالية، مشيراً إلى أنّ المشاركة تمثل فرصة لاكتساب زبائن جدد.
جوشوا: وجدنا فرصاً لاستيراد المعدات وتمويل المشاريع
تسعى شركة “داديمبا جوشوا” من ملاوي، وهي شركة رائدة في توليد الطاقة، إلى إقامة علاقات تجارية مع شركات قادرة على تزويدها بقطع غيار لمحطات الطاقة الكهرومائية، والطاقة الشمسية، ومحطات الديزل الحراري. كما تبحث أيضاً عن تمويل من مؤسّسات مالية يمكنها الاستثمار في مشاريعها.أكّد جوشوا، مدير الشؤون المالية بالشركة، أنّ مؤسّسته ناجحة وتمتلك مشاريع في قطاع الطاقة الكهرومائية بقدرة تقارب 120 ميغاوات، ومشاريع في الطاقة الشمسية بقدرة حوالي 20 ميغاوات، إضافة إلى مشاريع في الديزل الحراري بطاقة 100 ميغاوات. وأوضح أنّ مشاركتهم في هذا المعرض منحتهم فرصة لقاء مورّدين ومؤسّسات مالية أبدت اهتماماً كبيراً بالاستثمار في شركتهم، من بينها بنك متمرس.كما أعرب عن تفاؤله بالمزايا التي وفّرها المعرض المنظم بالجزائر، مشيراً إلى أنه قبل نهاية الفعالية سيتمّ الاتفاق على تقديم طلبيات لاستيراد قطع غيار لمعدات الشركة، مؤكّداً أنّ وجودهم في الجزائر كان مثمراً للغاية.
داتو بوتشوكـو: إنـتاج مواد البـناء متطور في الجزائر
من جهته، أكّد داتو بوتشوكو ويليامز، الرئيس التنفيذي لشركة InShelters النيجيرية الناشطة في مجال البناء والتطوير العقاري، أن مشاركتهم في المعرض تندرج ضمن هدف رئيسي يتمثل في استكشاف الفرص وبحث إقامة شراكات تجارية مع الجزائر ودول إفريقية أخرى.
قال ويليامز إنّ الفرص التي يوفّرها المعرض كثيرة وذات حجم معتبر، ويمكن استغلالها سواء في استيراد المواد الأولية أو في تبادل الخبرات ودعوة الشركات الجزائرية والإفريقية للاستثمار في نيجيريا. وأضاف أنهم بحاجة كبيرة إلى منتجات السوق الجزائرية المتطوّرة، خصوصاً في قطاع مواد البناء من إسمنت وسيراميك وحديد وغيرها، فضلاً عن الخبرة التي يمتلكها القطاع الخاص الجزائري في تشييد المباني.