لغز محير وغامض يطرحه تواجد كمية كبيرة من مبيدات الجراد السامة والمنتهية الصلاحية منذ ٢٠٠٦ بالتعاونية النموذجية ببلدية تعظميت التي تبعد ٥٠ كم عن عاصمة ولاية الجلفة ، رغم تحذيرات منظمة ''فاو '' العالمية من الخطر البيئي والصحي جراء التخزين العشوائي لمثل هذه المبيدات ، و ما يزيد القضية ابهاما هو تنصل الجهات المعنية من القضية، رغم أن جمعيات مختصة أكدت وجود إصابات في وقت يجهل عددها بسبب اللامبالاة وجهل سكان المنطقة لخطورة المبيدات القاتلة .
وحسب المعلومات المتوفرة لدى الشعب يعود تواجد هذه المبيدات منذ سنة ٢٠٠٤ تاريخ حملة مكافحة الجراد التي مست العديد من المناطق عبر التراب الوطني وأعلنت حينها الدولة مشاركة عدة هيئات بالتنسيق مع وزارة الفلاحة، ومنذ ذلك التاريخ يُجهل سبب عدم استعمال هذه المبيدات وسبب تخرينها وعدم التخلص منها رغم انها منتهية الصلاحية لاكثر من ٨ سنوات ،خاصة أن المكان يُعد مزرعة نموذجية تحيط بها أراضي فلاحية ورعوية ، ما اعتبره مختصون تحدثوا لــالشعب بمثابة كارثة مع احتمال إمتداد خطر المبيدات عبر اللحوم والمنتجات الفلاحية و الملامسة .
قال المختصون لنا في هذا الاستطلاع الميداني نجهل مكونات المبيدات وان كانت تتواجد معها مواد اخرى قد تؤدي الى تفاعلات ، ما يجعلنا نجد صعوبة في تحديد مدى مقدار السمية او ما يعني الجرعة القاتلة ، وقال البيطري ب، نورالدين أنه حسب الصور هي من نوع مالاتوكس لكن ما يثير تساؤلاتي أنها منتهية الصلاحية،كما أن التخزين غير لائق وتسربات الزيوت على الأرضية تشكل خطورة كبيرة ، وأضاف بخصوص مكوناته الكيميائية كل المبيدات تعد خطرا كبيرا على البيئة وصحة الانسان وهي مواد لم تؤكد الدراسات انها مسرطنة لكن هذا لا يعني الجزم أنها ليست كذلك، كون معاهد دراسات عالمية لا تزال تدرس نوع المبيدات المسببة للسرطان ولم يثبت لحد الساعة انه من المواد المسرطنة ، غير أن هناك إجراءات سلامة أثناء استعمالها وشروط دقيقة لتخزينها ، ما يعني أن طريقة التخزين العشوائية تضاعف خطورتها بيئيا وصحيا.
تقارير طبية : المالاتوكس يسبب أمراضا مزمنة ؟
حسب تقارير طبية حول خطورة المبيدات ، فإن المالاتوكس أو الملاثيون يعد من مبيدات الحشرات و مصنف في خانة الخطر على الصحة والبيئة ، وتوصي نشرة الاستعمال بالحذر أثناء الرش وعدم تجاوز نسبة ضئيلة جدا نظرا لخطورته الكبيرة، مع تجنب ملامسة الجلد و ارتداء حماية العين، وفي حالة عدم كفاية التهوية، ضرورة استخدام المعدات المناسبة في الجهاز التنفسي ،و توصي التقارير بعدم الاكل الشرب حين الاستعمال ، ويضيف التقرير أن المالاتوكس يجب تخزينه في مكان بارد جيد التهوية وفي حاويات محكمة الاغلاق مع الابتعاد عن مصادر الحرارة، وهذا ما هو غير متوفر في التخزين المعتمد بالمزرعة النموذجية ، إضافة إلى أن المبيدات المتواجدة بالمزرعة النموذجية منتهية الصلاحية ما يعني تضاعف الخطورة على البيئة والانسان ، وتشير التقارير إلى ان هذا المبيد يسبب الغثيان، والتقيؤ، والصداع، والإسهال والدوار الرؤية وضعف العضلات، وضيق الصدر، وعدم وضوح،تقبض الحدقة، دمعان، اللعاب، وألم في البطن، تليف العضلات، والاكتئابات القلبية التنفسية والتشنجات والغيبوبة والموت من خلال وقف القلب أو الجهاز التنفسي مجرد ملامستها وتتضاعف الخطورة حين تفاعله مع مواد أخرى، مضيفة أن أعراض التسمم قد تتأخر لكنها أشارت إلى أن الخطورة المتوقعة هو تسببه في الامراض المزمنة منها التهاب المعدة والتقرح والتهاب الكبد والكلى وفقدان الوزن، في وقت يجهل تسببه في داء السرطان .
حاولنا البحث عن احتمال إصابات سكان تعظميت بمثل هاته الأعراض لكن السكان الذين تحدثنا معهم يجهلون تواجد هذه المواد وخطورتها ، مع أن الحديث عن السرطان في المنطقة والتزايد الرهيب صار موضوعا لا يأخذ الاهتمام الكبير من الدراسة في وقت يشكل هاجسا لدى السكان الذين ذكروا لنا جهلهم بمصدر بعض الاصابات و عدم وجود دراسات طبية دقيقة واهتمام واضح بالبحث.
من جهته أشار تقرير لجمعية العافية لحماية المستهلك التي راسلت والي الولاية محذرة من تواجد كميات كبيرة لمبيدات عرضة للاهمال ومنتهية الصلاحية ، إلى إصابة أحد الرعاة نقلا عن رواية السكان تم نقله على جناج السرعة الى مصلحة الاستعجالات وحسب رئيس الجمعية ع، جنيدي فإن المواطن مكث لمدة يومين في حالة غيبوبة ، في وقت يُجهل ان كانت هناك إصابات أخرى جراء تعرض سكان للمبيدات لأسباب كثيرة ،كما يجهل إن كانت الاثار المزمنة للمبيدات قد ظهرت على السكان، رغم أن التهاب المعدة والتقرحات وتلف الكبد وقصور الكلى من بين الامراض المنتشرة في المنطقة ناهيك عن الارقام المخيفة للسرطان التي لطالما كانت تجد تبريرات لدى مديرية الصحة وبالمقابل تحذيرات من طرف الجمعيات المرافقة لمرضى السرطان ، اما ما يزيد في الملف غموضا وخطورة ويدعو لضرورة دق ناقوس الخطر والتدخل العاجل هو طبيعة المنطقة الزراعية والفلاحية والرعوية باعتبارها تزود الولاية بكمية كبيرة من المنتوجات في السوق المحلي من خضروات ولحوم.
إلى جانب هذا اعتبرت مصادر طبية لــالشعب أن الأمراض الناتجة عن هذه المبيدات موجودة وأحيانا يتم استقبال حالات مصابين بمثل هذه الامراض ، لكن لا نعلم أن كانت للمبيدات علاقة بالأمر في غياب تحديد الاشخاص الذين تعرضوا له أو فحص المواطنين المقيمين بالمنطقة ، حيث أن التعرض للتسمم في شهر الصيف يشهد ارتفاعا كبيرا لكن غالبا ما يكون بسبب بعض المأكولات ، في ذات السياق اعتبر رئيس جمعية العافية لحماية المستهلك ان التدخل في حالة التعرض للمبيد يحتاج تدخلا طبيا خاصا و هو ما انقذ الراعي الذي تعرض للاصابة حين علم الطاقم الطبي أن سببها مبيد المالاتوكس.
مديرية البيئة ترفض كشف التفاصيل
في رحلة البحث عن إجابات حول القضية وسر تجاهل الجهات المعنية لمدى خطورة الكميات الكبيرة من المبيدات عرضة للتحزين العشوائي، وانعكاساتها على البيئة و صحة الانسان ، اصطدمنا من تعامل المسؤولين رغم اننا في البداية اعتبرنا القضية بسيطة ومجرد إهمال لنتفاجأ أن الملف وراءه الكثير من الاستفهامات والغموض ، فكان علينا البحث عن الجهات التي شاركت في حملة مكافحة الجراد للبحث عن المسؤول وراء تركها ، حيث نفت المحافظة السامية لتطور السهوب مسؤوليتها الكاملة على لسان رئيس الديوان في الوقت الذي فشلنا بعد محاولات عديدة الاتصال بمديرية الفلاحة التي لا تجيب رغم محاولاتنا المتكررة ، خاصة انها المعني الأول بالقضية.
من جهتها أخلت مديرية البيئة مسؤوليتها معتبرة على لسان مديرها أنها حذرت من خطورة المبيدات ؟وطريقة التخزين ؟، مضيفا أنه أرسل تقريرا مفصلا الى الجهات المعنية من أجل التخلص من هاته الكميات ، دون أن يكشف عن فحوى التقرير وتاريخه لأسباب نجهلها؟ وما زاد في شكوكنا هو استغراب المسؤول الاول عن البيئة في الولاية اهتمامنا بالقضية وتهربه عن الاجابة رغم إصرارنا وتوضيحنا لخطورة الوضع ، كما رفض مدير البيئة كشف تأثير المبيدات المباشرة على صحة المواطن والبيئة في ذات السياق أكد تصرف مدير البيئة و محاولته اعتبار الملف سرا خطيرا ان الملف فيه الكثير من الغموض والخطورة بدليل ان مديرية البيئة دقت ناقوس الخطر وراسلت الجهات المعنية لتختمها بإخفاء المعلومة عن الرأي العام بطريقة فيها الكثير مما يقال .