تشهد عاصمة الحضنة المسيلة قفزة نوعية في مجال الاستثمار بفضل التسهيلات الإدارية والامتيازات الجبائية التي أقرتها الحكومة لمناطق الهضاب والجنوب، وكذا عملية التكامل الإداري بين مختلف الإدارات التي لها علاقة بالاستثمار وكذا المتابعة الميدانية من قبل هذه الأخيرة، وهو ما جسدته العديد من المشاريع على أرضية الواقع وفي مختلف القطاعات الصناعية والخدماتية وحتى الفلاحية، ما أسهم بشكل فعال في خلق آلاف مناصب الشغل.
تسعى مختلف الهيئات الإدارية والتي لها علاقة بالاستثمار إلى تسهيل خلق وإنشاء مشاريع استثمارية وتسيير الملائمة لفائدة المستثمرين، وهو ما أكّده مدير الشباك الوحيد غير المركزي بالمسيلة والتابع للوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار مختاري عبد الباسط في حديثه لـ«الشعب».
الشباك الوحيد لمرافقة حاملي المشاريع
أشار المتحدث إلى أن الشباك أنشئ في سنة 2011 في إطار استكمال الهياكل القاعدية للوكالة الوطنية للاستثمار والتي تهدف إلى تسهيل عمليات إنشاء مشاريع استثمارية، وكذا تقديم كل المعلومات التي تدخل ضمن اختصاصه للمستثمر، خاصة في ما يتعلق بمساعدته ومرافقته عند القيام بالإجراءات الشكلية والقيام بدور الوسيط بين الإدارة الأصلية وبين المستثمر والتكليف بإعداد الوثائق اللازمة لإنجاز الاستثمار. وهو ما جسّده الشباك الوحيد غير المركزي بانطلاقة 62 مشروعا بقيمة مالية تقدر بـ361 مليار سنتيم وتشغيل 639 عامل.
وسجل هذه السنة قفزة نوعية بعدد الاستثمارات التي بلغت 227 مشروع، بقيمة مالية تقدر 1973 مليار سنتيم وتشغيل ما يقدر بـ 2575 عامل، وهذا بإشراك مختلف الهيئات الإدارية التي لها علاقة بالاستثمار، على غرار ممثل عن التشغيل وممثل عن صندوق الضمان الاجتماعي لغير الإجراء، وممثل عن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وممثل عن أملاك الدولة والبلدية والضرائب والبيئة والجمارك والسجل التجاري والتعمير.
بحكم أن المسيلة تابعة لمنطقة الهضاب العليا فقد تم إدراجها ضمن النظام الاستثنائي للهضاب العليا والجنوب، حيث يتضمن هذا النظام الإعفاء من الرسم على القيمة المضافة وحقوق الجمارك والإعفاء من حقوق نقل الملكية على الأملاك العقارية المبنية وغير المبنية في إطار الاستثمار، ناهيك عن التخفيض من نسبة حقوق التحميل على إنشاء أو رفع رأس مال بقيمة 02 بالألف عوض المعدل العام، وبالإضافة إلى هذا يعفى طالب الاستثمار من حقوق التسجيل على حقوق الامتياز وفق الدينار الرمزي وفي بلوغ مرحلة الاستغلال يعفى صاحب المشروع لمدة 10 سنوات من الرسم على النشاط المهني والضريبة على أرباح الشركات، وهذا عوضا عن المدة المعمول بها بالنظام العام.
وبخصوص التحفيز للنظام الاستثنائي التكميلي فإن هذه القاعدة تهدف إلى التكفل الجزئي أو الكلي من قبل الدولة في ما يتعلق بأشغال البنية التحتية الضرورية لإنجاز المشروع وتخفيض نسبة الفوائد على القروض بنسبة ٥ ، ١ بالمائة، وبخصوص التسهيلات الإدارية الممنوحة لطالب الاستثمار فهي الاستفادة من المقررات المختلفة في أجل ثلاثة أيام فقط ناهيك عن المتابعة من قبل ممثلي الهيئات الإدارية.
قطاع الصناعة الأكثر استقطابا للاستثمارات
باعتبار أن المسيلة هي ولاية جاذبة للاستثمار بنسيج صناعي متنوع يضم مختلف قطاعات النشاط، منها الصناعات الغذائية والتي تسجل أكثر من 150 مشروعا، وهذا على غرار مجمع عمر بن عمر الذي يركز على زراعة الحبوب باستعمال الطرق العلمية للمساهمة في تشجيع الفلاحين على الإنتاج، كما يشغل 60 عاملا بوحدة الخبانة لإنتاج المصبرات الغذائية – مشمش وهريسة بطاقة إنتاجية سنوية تقدر 15000 طن مربى المشمش و10000 طن هريسة، بالإضافة إلى وجود استثمارات تتعلق بالتوسع في القطاع السياحي وتخصّ سد القصب وبلدية المعاضيد التي تتواجد بها قلعة بني حماد ناهيك عن المنطقة السياحية لبوسعادة.
وأحصت لجنة المساعدة على تحديد الموقع وضبط العقار وترقية الاستثمار 1394 ملف مودع لدى مصالحها، درس منها 1039 ملف، وتم قبول 652 ملف موزع على 15 دائرة و35 بلدية بنسبة 74.47 بالمائة، في حين تم رفض 277 ملف بسبب أن معظم الدراسات التي تقدم بها المستثمرون هي دراسات غير جادة ولا تعكس متطلبات المشروع، وكذا مشكلة عدم توفر العقار المطلوب من طرف المستثمر وإصراره على الحصول عليه في المكان الذي يريده، فضلا عن أن بعض القطاعات مشبعة كقطاع مواد البناء، ومشاريع لا تحظى بالأولوية الاستثمارية من حيث اليد العاملة ولا تخلق قيمة مضافة. بينما قدرت الإنجازات الميدانية الحقيقية على أرض الميدان بـ 262 قرار امتياز و77 عقدا ومنح 65 رخصة بناء، انطلق خلالها 50 مشروعا استثماريا بما يوفر 3569 منصب عمل، حيث استحوذ قطاع الصناعة على حصة الأسد بـ 376 مشروع بنسبة مئوية تقدر بـ 57.66 بالمائة، يليه قطاع مواد البناء بـ 128 مشروع بنسبة مئوية تقدر بـ19.63 بالمائة .
ويأتي في المرتبة الثالثة قطاع الخدمات بـ107 مشروع بنسبة 16.41 بالمائة، يليه قطاع السياحة وقطاع الأشغال العمومية، ولعل أهم أسباب تحول عاصمة الحضنة إلى منطلقة جذب استثمارية توفر مناخ الاستثمار والتسهيلات التي فرضتها السلطات المعنية بتوفر منطقتين صناعيتين بمساحة تقدر بـ241.75 هكتار، واستحداث 22 منطقة نشاط منها 17 بمساحة تقدر 535.57 هكتار والـ05 الباقية هي في طور الإنشاء، بالإضافة إلى 09 مناطق نشاط أخرى في طور التهيئة وهي منتشرة عبر تراب الولاية.