«الشعـب» تستطلع واقع المـدارس بمـدينـة تيـزي وزو

نقـائـص بالجملــة في 48 مــدرسة ابتــدائيــة و الأطفال يعــانون

من تيزي وزو :ضاوية تولايت

تزامنا مع الدخول الاجتماعي الجاري لسنة 201
تتواجد 48 مدرسة ابتدائية ببلدية تيزي وزو، في وضعية أقل ما يمكن القول عنها كارثية ، فهذه المنشآت التي يعود تسييرها إلى المنتخبين المحليين و على رأسهم رؤساء البلديات ،لا يولون أي اهتمام إلى ترميم و تحسين ظروف التمدرس للتلاميذ، رغم استفادة البلديات سنويا من ميزانيات للتخلص من النقائص التي تتخبط فيها هذه المنشآت التربوية، على غرار أشغال الترميم ،أو تجهيزها و شراء مختلف المعدات و المستلزمات، و كذا ضمان وجبات غذائية للتلاميذ المتمدرسين،إلا أن هذه الأموال غير مستغلة ما يثير الكثير من التساؤلات و الاستغراب لدى أولياء التلاميذ.
5/2014  تنقلت «الشعب» عبر العديد من المدارس الابتدائية التي تحويها بلدية تيزي وزو ،بهدف الوقوف عند وضعية هذه المؤسسات المسيرة من طرف بلدية تيزي وزو ، و ما أثار انتباهنا و لمسناه خلال هذه الوقفة، الوضعية الكارثية التي تتخبط فيها العديد منها، حيث سجلنا نقائص بالجملة و مشاكل غير منتهية تعود لسنوات ولت في غياب التفاتة من طرف المسؤولين ، جعلت الأطفال يدرسون في ظروف جد سيئة ،و بالتأكيد لها انعكاس سلبي على محصولهم العلمي ،فبعض المؤسسات لا تتواجد بها حتى الكهرباء ،و بعضها الآخر تشكل خطرا على حياتهم ،كونها مهددة بالانهيار بين لحظة و أخرى .
محطتنا الاولى كانت مدرسة الإخوة مولى بثالة عثمان التي تنبئ بحدوث كارثة صحية خطيرة في أوساط التلاميذ، بسبب تساقط الغبار من أسقف المطعم المدرسي أثناء تحضير الطباخين للوجبات الغذائية، أو أثناء تناول التلاميذ وجباتهم حيث تمتلئ صحونهم بالغبار و الأحجار، كون هذه المؤسسة لا تزال أسقفها مبنية بمادة جد سامة، ما يجعل التلاميذ يغطون صحونهم أثناء الفطور  و رغم أن هذا المشكل طرحه مرات عدة أولياء التلاميذ، إلا أنهم تلقوا وعودا بالنظر في الوضع لم تترجم في أرض الواقع.
الوضع لا يتوقف عند هذا الحد بل المفاجأة كانت أثناء تنقلنا لمدرسة بركاني 1 التي لا تحتوي حتى على «البلاط» ،فأرضية الأقسام لا تزال بالاسمنت ما يجعل الغبار يغمر الأقسام، وهو ما يؤثر على صحة التلاميذ و المعلمين على حد سواء ،فأغلبهم يعانون حاليا من مرض الحساسية بسببه، خاصة في فصل الربيع.
ولدى استفسارنا عن الوضع لدى أحد مسؤولي المدرسة الذي رفض الافصاح عن اسمه ، أكد لنا أنهم يتلقون شكاوى متكررة من أولياء التلاميذ لدى مديرية التربية ، ما جعل هذه الأخيرة حسبه تخصص ميزانية مقدرة ب 350 مليون سنتيم لترميمها حيث وضعت هذه الميزانية تحت تصرف البلدية إلا أن الوضع لا يزال على حاله ما يثير العديد من التساؤلات  .
مدرسة موح ارزقي استوقفتنا هي الأخرى فبعد الإعلان السنة المنصرمة عن استفادتها من 100  مليون سنتيم لإعادة تهيئتها، بعد ظهور تشققات على مستواها أدى بالوضع إلى حد إجلاء التلاميذ منها ، نتيجة الخطورة التي سببها تساقط كميات كبيرة من الثلوج ، لكن بعد مرور سنة لم تعالج المشكل خاصة بعد رحيل رئيس البلدية السابق الذي لم يقم بأي مبادرة .
 أما ساحات بعض المدارس فحدث ولا حرج، هو وضع آخر يشكل خطرا على الأطفال خاصة أثناء فترات الاستراحة ، فيفضلون الجري و اللعب بفناء المدرسة والذي للأسف لا يزال مهترئا وهو ما استوقفنا بمدرسة ميمون، و مدرسة تمزيرت عبد السلام بمنطقة حسناوة ، ومدرسة معمر ببوخالفة التي تعاني حتى من مشكل الكهرباء.
ونتيجة جملة هذه المشاكل، استفادت هذه المؤسسات من ميزانية قدرت حسب مصادرنا ب  27 مليار سنتيم لترميمها و 25 مليار سنتيم لشراء مختلف التجهيزات و المعدات ليصل المبلغ الإجمالي إلى 57 مليار سنتيم  إلى جانب ذلك منح 600 مليون سنتيم لتحسين الوجبات الغذائية ناهيك عن أموال أخرى مخصصة لإعادة ترميمها بعد تعرضها للانهيار و ظهور تشققات على مستواها بسبب موجة الثلوج التي اجتاحت الولاية خلال سنة 2012 و التي تسببت في خسائر كبيرة ،لكن لم يتم بعد صرف هذه الميزانيات لإصلاح الوضع فهذه الأموال لا يزال يكتنفها الغموض، ويبقى ضحية هذه الأوضاع الأطفال الأبرياء الذين يدفعون ثمن ذلك.

تبخر ميزانيات مخصصة لبناء مؤسسات و أقسام وهمية
 
نقلنا هذه الانشغالات لمسؤول الأمانة العامة لقطاع التربية و المكلف بتتبع أوضاع المدارس الابتدائية بولاية تيزي وزو،حيث استضافنا في مكتبه ،وكانت المفاجأة أكثر مما استقيناه

في أرض الواقع في جولتنا الميدانية، حيث كشف محدثنا أن عددا من المدارس استفادت من  ميزانيات بهدف توسيعها أي بناء أقسام جديدة للتخفيف من الضغط الذي يعانية التلاميذ ،لكن تبخرت هذه الأموال في الهواء ،ولا يزال يكتنفها الغموض، مستدلا في ذلك بمدرسة اوطالب محمد المتواجدة بمنطقة مزداتة ببترونة ، فبعد الشكاوى المتكررة لأولياء التلاميذ الذين يعاني أبناؤهم من ضغط الأقسام، استفادت هذه المنشأة من بناء قسم آخر ومنحت وزارة التربية ميزانية قدرت بـ 90 مليون سنتيم سنة 1999 ولكن الأشغال لا تزال صفر بالمائة ،وهو  ما أثار استغراب الحضور متسائلين عن مكان ذهاب هذه الأموال .
 كما كشف ذات المتحدث عن تبخر مشروع بناء مؤسسة تربوية جديدة بمنطقة أرجاونة و الذي سجل منذ سنة 2006 وخصصت له ميزانية 700 مليون سنتيم ،لكن لم يظهر أي شئ بشأنها سواء من حيث الدراسة أو انطلاق الأشغال رغم أن وزارة التربية قد منحت هذه الميزانية لرئيس البلدية المتواجد على رأس البلدية في تلك السنة ،حيث تبخرت هذه الأموال أيضا ولا يزال مصير بناء هذه المدرسة مجهولا .
وفي الشأن ذاته، فإن مدرسة 350 مسكن المتواجدة ببوخالفة ، تتواجد هي الأخرى في وضعية جد حرجة فأسقف الأقسام تتساقط منها الأمطار ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى استعمال الأطفال المظلة أو تغيير الأماكن تفاديا لتبللهم و إتلاف  كراريسهم ، وبسبب هذا الوضع منحت الوزارة سنة 2001 ميزانية لوضع حد لهذه المعضلة ، و بعد مرور 10 سنوات لا يزال المشكل ذاته مطروحا، في الوقت الذي تبخرت فيه الميزانية .
الوضع ذاته بمدرسة على بلقاسم ببوخالفة التي استفادت سنة 2009 من بناء مطعم جديد ولم يتم إنجازه إلى غاية اليوم، في الوقت الذي يضطر التلاميذ إلى تناول وجبات غذائية باردة في فصل الشتاء أو قطع مسافات طويلة للالتحاق بمنازلهم لتناول وجبة ساخنة و العودة مرة ثانية لمزالة دروس الفترة المسائية ما أرهقهم و جعلهم في معاناة يومية، في غياب للمسؤولية من طرف المنتخبين .
 
مدارس محاطة بالنفايات والجرذان بالمطاعم

وفي الوقت الذي يجب توفير أحسن الشروط للتلاميذ المتمدرسين، فإن مشكلة النفايات هي أقل ما يجب التخلص منه، حيث العديد من المدارس محاطة بالقمامة التي تنبعث منها روائح كريهة ، ويضطر الأطفال يوميا للسير أمامها للالتحاق بمدارسهم ،وهو الوضع المسجل بمدرسة رجاونة بتاشت و المشكل لا يتوقف عند هذا الحد، بل وصل الأمر إلى انتشار الجرذان وهو أكبر خطر محدق بالتلاميذ، خاصة وأنها تحمل فيروسات خطيرة ، ما يهدد بوباء خطير و الذي تقع مسؤوليته على عاتق البلدية ،التي لم تأخذ مطالب أولياء التلاميذ بعين الاعتبار رغم شكاويهم المتكررة ، بجمع هذه القمامات يوميا و تخصيص شاحنة لذلك أو وضع حاويات النفايات لترمى بداخلها بدل تواجدها بطريقة عشوائية بمدخل المدرسة ، و التي تتوسع إلى مطاعم المدرسة .
 مدرسة الإخوة مولى المتواجدة بثالة عثمان ، وضعها جد مقلق أيضا فلا يزال سقف المطعم المبنية بالفابريكا، ينزل كميات من الغبار في وجبات الأطفال ورغم استفادة هذه المنشأة من 230 مليون سنتيم السنة الجارية، لإعادة تهيئتها، إلا أن الوضع لا يزال كما هو ومازاد من حدة المشكل، أن العديد من العصافير أقامت عشوشا في هذه الأسقف المفتوحة وهو الوضع الذي يستوجب تدخلا عاجلا ،أما ساحة المؤسسة فحدث ولا حرج فهي ،في وضعية جد مهترئة وقد استفادت من 1 مليار سنتيم لإعادة تهئيتها و بناء جدار وقائي، لكن لم تنطلق بعد الأشغال لأسباب مجهولة .

 إدارات ...أقسام ... مطاعم تحولت لشقق بتصريح من البلدية

أكبر مشكل سجلناه في بعض المؤسسات كونها لا تحتوي حتى على إدارات ومكتب للمدير، فقد أضحت بعضها شققا يقطنها الأساتذة أو المدراء ،بعد منح رئيس البلدية السابق تصريحا لهم بتحويل هذا الجناح إلى مسكن عائلي، وهو الوضع الذي استوقفنا بمدرسة احداشن الكائنة بمنطقة تميزار لغبار، حيث عمدت المديرة لبناء مطبخ وصالون كما قامت بتوسيع الشقة واستغلت قسما آخر بالمؤسسة ، وذلك بموافقة المدير، و أصبحت المديرية مسكنا عائليا في الوقت الذي لا تتوفر فيه المؤسسة على مكتب للمدير ما خلق فوضى عارمة داخل المنشأة التربية .
وندد المسؤولون بهذا الوضع في عدة مرات أين رفعوا شكاوى لمديرية التربية التي ترد بأن ذلك يتعدى مسؤولياتها و تسييرها ليس من شأنها و الوضع تسبب في اللجوء لرئيس البلدية .
هذا الوضع الخارج عن القانون تسبب فيه رؤساء البلدية فبدل توسيع المؤسسات التربية يقومون بتحويل أقسامها إلى شقق على حساب الأقسام و الإدارات ،أما رئيس البلدية الجديد فلم يقم حاليا بمعالجة هذا الوضع .
الأكثر من ذلك ما يجري حاليا بزمرلي اكلي حيث تعرضت هي الأخرى للاستيلاء من طرف جمعية من المعوقين، بتصريح من البلدية لمزاولة نشاطهم الجمعوي ،وإلى هنا يبدو الوضع عاديا لكن المؤسف يكمن في أن البراعم الصغار يشاهدون يوميا هذه الشريحة في الوضعية المؤسفة، فأحدهم على كرسي متحرك و الآخر مبتور الرجلين أو الأيدي، ما يثير الشفقة في أعين هؤلاء البراعم الذين لا يحتملون ذلك ويبكون يوميا ما يؤثر على نفسيتهم، و تبقى الأمور على حالها رغم تنديد الأولياء بهذا الوضع ومطالبتهم بتخصيص مكان آخر لجمعية المعوقين ، واسترجاع جناح المدرسة للتخفيف من ضغط الأقسام بعد أن استولت عليه الجمعية .
الوضع ذاته سجلناه بمدرسة الاخوة حمواني ببوخالفة، فرغم أن هذه المدرسة لا تحتوي إلا على 4 أقسام فقط ، و تعاني ضغط الأقسام، إلا أن أستاذا احتل جناحا بأكمله و حوّله إلى مسكن و رغم الشكاوى المستمرة من أولياء التلاميذ إلا أنه لا حياة لمن تنادي .
مدرسة بلحوسين حسن لا تحتوي على مطعم مدرسي وذلك بسبب استحواذ عائلة أستاذ متوفى على هذا الفضاء للإقامة فيه في الوقت الذي يعاني الأطفال من عدم توفير لهم وجبات غذائية أثناء الغداء ، ومن المقرر إنجاز مشروع جد هام متمثل في بناء مخبزة خاصة لجلّ المطاعم المدرسية وذلك من منظمة حماية الطفولة ،التي أثناء تنقلها لمعاينة المكان تفاجأ أعضاؤها باقتحام العائلة لهذا المكان ،ما تسبب في ضياع هذا المشروع الهام .

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024