سكانها ينتظرون إلتفاتة

سيدي رغيس بأم البواقي بحاجة إلى مشاريع

استطلاع: إلياس بكوش

تتواصل معاناة سكان قرية سيدي رغيس الواقع على بعد 10 كلم من ولاية أم البواقي، مع جملة النقائص التي عكّرت صفو حياتهم وعقّدت يومياتهم؛ ممّا أحدث لديهم استياء كبيرا، أجبرهم على رفع حزمة من المطالب إلى الجهات المعنية، هذه الأخيرة تجاهلتها ولم تستجب لها منذ سنوات، حسب تأكيد عدد من المواطنين في تصريح لـ «الشعب».
في اتصالهم بـ «الشعب»، أوضح سكان قرية سيدي رغيس أنّهم طالما انتظروا التفاتة جادة ومسؤولة من قبل السلطات المعنية إلى مطالبهم لتحسين ظروفهم المعيشية؛ إذ تفتقد سكناتهم لصيانة شبكة الصرف الصحي ومياه الشرب، ناهيك عن تدهور الطرقات، وغياب الإنارة العمومية، وكذا شح في السكنات بجميع صيغها، الأمر الذي انعكس سلبا على يومياتهم.
وقد أعرب عدد من سكان القرية عن استيائهم الشديد من الوضعية المزرية التي آلت إليها منطقتهم، نتيجة الانعدام شبه التام للمشاريع على غرار الإنارة العمومية، ما تسبّب في صعوبة تنقلهم خلال فترتي الليل والصباح الباكر، خاصة أن طرقات القرية غير مهيأة ومملوءة بالحفر، وكذا الأوحال التي تسيطر على المشهد في كل مرة تتساقط الأمطار، كما تشهد القرية تسرب المياه المستعملة والصرف الصحي، بسبب قدم الشبكة المتواجدة حاليا، والتي لم تخضع لأية عملية صيانة أو تجديد.

لعنة أزمة السكن
لا يزال شبح أزمة السكن يطارد مختلف أحياء قرية سيدي رغيس، وأغلبيتها في الخانة الحمراء بسبب غياب مشاريع سكنية ، حتى أصبح الجميع يسميها بالقرية المنكوبة.
المتضرّرون أشاروا إلى أنّ العديد منهم أودعوا ملفات طلب سكن اجتماعي منذ عدة سنوات، ومنهم من لا يتذكّر تاريخ إيداع ملفه القديم جدا، غير أنّ السلطات لم تلتفت لمعاناتهم اليومية في سكنات ضيقة، لا تستوعب العدد المتزايد لأفرادها، فضلا عن مشكل الإيجار الذي أثقل كاهل أغلبيتهم، في انتظار حصولهم على شقق لائقة.
وأكّد أحد سكان القرية أنّهم سئموا العيش في شقق ضيقة خاصة بعد تزايد أفراد عائلاتهم مع مرور السنوات، خاصة وأن وضعهم لا يسمح بتأجيل عملية استفادتهم من السكنات، نظرا للظروف المزرية التي يعيشونها وأنّ أغلبهم من ذوي الدخل الضعيف.
يعد ملف السكن الريفي من الأولويات الكبرى لدى سكان قرية سيدي رغيس، حيث عبّر الكثير من سكان القرى والمداشر عن استيائهم وتذمّرهم من الحصة القليلة الممنوحة في إطار السكن الريفي، والتي لا تفي بالطلبات المودعة لدى مصالح البلدية منذ سنوات.
ويأمل سكان قرية سيدي رغيس والمداشر المجاورة، في الحصول على حصص أفضل وأكبر بالنظر إلى الطابع الجبلي والريفي لمناطقهم، مطالبين بتحسين ظروف معيشتهم برفع حصة السكن الريفي، فهم في غالبيتهم من الفلاحين والذين يشتغلون على فلاحة الأرض وتربية المواشي ومنهم الذين بدون عمل، يقطنون بمناطق ريفية وجبلية لا يتوفرون على أدنى شروط الحياة، وغير قادرين على بناء مسكن لائق بإمكانياتهم الخاصة.
للإشارة، آخر استفادة من السكن الريفي بقرية سيدي رغيس كان سنة 2013، وبقي إلى الآن دون تهيئة ودون عقود ملكية، حسب ما أفاد به السكان.

خدمات صحية تبحث عن اسعاف
حسب مواطنين قرية سيدي رغيس فإن الصحة لازالت بعيدة كل البعد عن تطلعات المواطنين؛ وبالتالي لم تصل خدمة الصحة العمومية إلى الحدّ الأدنى المطلوب الذي تتحدث عنه الوزارة المعنية في لغة خطابها، والمتعلق برفع سقف التغطية الصحية وتقريب المواطن من خدماتها بشكل دائم؛ حيث يضطر المرضى لاسيما الحوامل، لقطع مسافة لا تقل عن 20 كلم بين الذهاب والإياب باتجاه مستشفى أم البواقي لوضع الحمل، وعادة ما يستنجد المواطنون بسيارات الكلوندستان في غياب سيارة الإسعاف، التي تبقى حلم المواطنين.
يفتقر المركز الصحي الموجود في القرية إلى الأطباء الأخصائيين، حيث يبقى المركز بحاجة ماسة إلى جهاز للأشعة، هذا زيادة على ضرورة توسيعه، من جهة أخرى، تعرف قاعات العلاج بمشاتي سيدي رغيس  نقائص عديدة ومتنوعة، حيث تقتصر خدماتها على تضميد الجراح وحقن الإبر فقط.
في سياق آخر، تفاقمت معاناة شباب قرية سيدي رغيس مع الواقع المرير، نتيجة الفقر المتفشي في أوساطهم الناجم عن البطالة الخانقة، التي تلازم يومياتهم بسبب انعدام مشاريع تنموية وفرص عمل أو هياكل قاعدية تنتشلهم من الضياع ومختلف الآفات الاجتماعية التي تتربص بهم بسبب الفراغ القاتل الذي يتخبّطون فيه، علما أنّ أغلبهم خرّيجو جامعات ومعاهد عليا ومتحصّلون على شهادات في مختلف الاختصاصات.
ومن جانب آخر، أشار الشباب إلى انعدام المرافق الشبانية أو الرياضية وأبسط وسائل الترفيه واللعب والتثقيف لممارسة نشاطاتهم التي يرغبون فيها، حيث يقضون معظم أوقاتهم في المقاهي، كما يتخذ البعض الآخر من حواف الطرقات ملاذا لهم.
وأمام هذه المعاناة اليومية، يطالب هؤلاء من السلطات المحلية بإدراج مشاريع تنموية لخلق مناصب شغل في قريتهم من أجل انتشالهم من شبح البطالة.
كما يناشد مواطنو وممثلو المجتمع المدني بقرية سيدي رغيس بولاية ام البواقي السلطات الولائية والأمنية استحداث مركز للأمن الحضري على مستوى القرية، خاصة بعد تفشي العديد من الظواهر الاجتماعية السلبية بالمنطقة، على غرار سرقة المواشي والممتلكات، تعاطي وترويج المخدرات في أوساط الشباب، ناهيك عن تجاوزات أخرى من قبل بعضهم، كالتعدي على الأرصفة والإخلال بالنظام العام وغيرها، علما أن القرية تبعد عن عاصمة الولاية بـ 07 كلم، ويتجاوز عدد سكانها 16 ألف نسمة.

حافلات «خردة» تهدّد حياة الركاب
مشكل آخر يؤرق سكان قرية سيدي رغيس، فالمئات من المسافرين عبر خط قرية سيدي رغيس أم البواقي، يشتكون من استمرار تدهور وقدم الحافلات التي أغلبها تعود للسبعينيات، مشيرين إلى أنّهم باتوا يتنقلون بخوف كبير بالنظر إلى حالتها التي لم تعد قادرة على تقديم خدماتها لهم، مطالبين السلطات بالتحرك الجدي لإيجاد حل لهذه الإشكالية التي تزداد حدتها مع مرور الوقت.
وفي السياق ذاته، عبّر المسافرون عن استيائهم من تلك المركبات القديمة التي تعود إلى سنوات خلت، حيث أن بعض تلك الحافلات باتت تشوه صورة النقل الحضري بالنظر إلى قدمها واهترائها، بل أنها تغامر بحياة المسافرين.
ووصف هؤلاء تلك الحافلات بالخردة لا تصلح حتى لنقل الحيوانات، متأسّفين على تجاهل السلطات لمعاناتهم والدليل على ذلك إبقائها في الخدمة لحد الساعة، متسائلين عن دور المصالح التي تمنح الرخص التقنية لسير هذه الحافلات، وعن المعايير التي من خلالها سمحت لها بمواصلة تقديم الخدمة للمواطنين، الذين يعرضون أنفسهم يوميا للموت.

انعدام الماء والغاز بمشتة أولاد جواد
ناشد سكان مشتة أولاد جواد ب أم البواقي، السلطات المحلية والولائية، وعلى رأسها والي الولاية من أجل التدخل وأخذ انشغالاتهم بعين الاعتبار وتجسيدها على أرض الواقع، وعلى رأسها الماء والغاز الطبيعي.
وأكّد سكان مشتة أولاد جواد في اتصالهم بـ «الشعب»، أنّها تفتقر لأدنى الضّروريات التي تأتي في مقدمتها الغاز الطبيعي، حيث تبدأ معاناتهم مع رحلة البحث عن قارورة غاز البوتان التي لا تزال مستمرة، وتتفاقم أكثر مع حلول كل فصل شتاء، وهو ما أثقل كاهلهم خاصة من ناحية المصاريف، إذ يستغل أصحابها الفرصة للرفع من السعر.
كما جدّد السكان مطلبهم بضرورة تزويد مساكنهم بالغاز الطبيعي نظرا لمعاناتهم الكبيرة في كل موسم برد، حيث يشيرون إلى ضرورة الإسراع في ربط سكناتهم بهذه المادة الحيوية، خاصة مع البرودة الشديدة التي تعرفها المنطقة.
من جانب آخر، يعاني سكان المشتة من أزمة عطش تعود الى سنوات طويلة، قضاها سكان المنطقة في رحلة شاقة في البحث عن قطرة ماء يجلبونها من مختلف الينابيع ومصادر المياه.
المشكل الذي لا يزال يشكل أحد أبرز انشغالاتهم حسب تصريحات سكان القرية، الذين أكدوا أنه وبالرغم من وجود خزان مائي، إلا أن الماء لا يزال غائبا عن حنفياتهم وهو الأمر الذي دفع بهم الى الاعتماد على مياه الينابيع والصهاريج الباهظة الثمن، والتي لا تتماشى وقدراتهم المادية.
وأمام هذا الوضع المزري، طالب سكان قرية سيدي رغيس بضرورة تدخل السلطات المعنية في أقرب الآجال من أجل وضع حدّ لمشكلاتهم المتواصلة وبعث مشاريع تنموية، لأنّ القرية تعد إحدى المناطق  المهمشة ببلدية ام البواقي، وعليه هم يطالبون والي الولاية بزيارة ميدانية لقريتهم للوقوف على حجم معاناتهم اليومية.

أحياء تغرق في النّفايات
تسبّبت ثنائية مخلفات البناء وكذا الرمي العشوائي لنفايات في تشويه وجه قرية سيدي رغيس استياء وتذمرا كبيرين لمسناهما لدى قاطني قرية سيدي رغيس إزاء تردي الوضع البيئي للمنطقة، بعدما غزته في الفترة الأخيرة النفايات، ما حوّله إلى شبه مفرغة عمومية تتراكم به أكوام القمامات المنزلية مشوهة المنظر الجمالي لهذا الحي الكبير، الأمر الذي ينفر الزوار إليه.
وأكّد السكان القرية، أنها تحولت في الفترة الأخيرة إلى مفرغة عمومية في ظل الانتشار الكبير للنفايات والأوساخ، مرجعين السبب إلى انعدام الحاويات بالمنطقة، الأمر الذي جعلهم يقدمون على رمي النفايات بشكل عشوائي على الأرصفة والطرقات وفي مختلف الزوايا والأزقة، ما شوّه المنظر الحضري والمحيط البيئي، متسائلين عن سبب عدم توفير البلدية لحاويات النّفايات.
أجمع السكان على أنّ ذلك يعد إهمالا وتقاعسا في حقهم، مبدين استياءهم الشديد جراء تفاقم انتشار النفايات بحيهم، ما أدّى إلى تراكم أكياس القمامة وانتشار الروائح الكريهة وانعدام النظافة بعد تكدس القاذورات، مضيفين في السياق ذاته، أنّ هذا الوضع تسبّب في خلق أرضية لانتشار الحشرات والروائح الكريهة التي تسد الأنفاس، خاصة في فصل الصيف الذي يتطلّب هواء نقيا.
من جهة أخرى، تشهد القرية انتشارا كبيرا في مخلفات البناء الناتجة عن توسعات سواء تعلقت بمنازل المواطنين أو مخلّفات تشييد بعض المرافق العمومية، والغريب في الأمر أنّ هذه المخلّفات خاصة الأتربة لا ترفع من قبل المكلفين بالانجاز المشاريع في الكثير من الأحيان، وتترك على ما هي عليه.
وأمام هذه المشكلة التي أرّقت يوميات قاطني قرية سيدي رغيس بولاية أم البواقي، طالب هؤلاء المسؤول الأول عن البلدية بالتدخل السريع والعاجل من أجل توفير حاويات بالأحياء التي من شأنها أن تنهي ظاهرة الرمي العشوائي للنفايات، إلى جانب زيارة عمال النظافة لحيهم كثيرا، وهو ما من شأنه أن يضع حدا للكارثة البيئية التي قد تتعرض لها القرية في الأيام القادمة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024