الأختـام الضائعة والمسروقـــة من اختصاص وكيـل الجمهوريـة
ما هي الوثائق المدرجة ضمن خانة المسموح التصريح بضياعها على مستوى مصالح الشرطة وما السبيل لاسترجاع الوثائق والأختام المدرجة في قائمة 65 وثيقة المعنية بالتصريح بالضياع لدى مصالح الأمن؟.
أسئلة وغيرها لا تزال تتبادر إلى ذهن المواطن، في وقت تدعو فيه المصالح الأمنية إلى الإسراع في التبليغ عن ضياع أو سرقة وثائق وأختام وشرائح الهاتف النقال، لتفادي وقوع المعني بالأمر في قضايا إجرام قد تكون سببا في دخوله في دوامة لا ناقة ولا جمل له فيها.
65 وثيقة مسموح التصريح بضياعها
التصريح بضياع الوثائق، هي استمارة مكتوبة ومرقمة، مهما كان الأسلوب التقني المستعمل، تتضمن مجموعة معطيات ومعلومات تصدر عن مختلف الهيئات والإدارات العمومية وفق الشروط والأشكال التي يتطلبها التنظيم المعمول به، فيما يكون تصنيف الوثائق التي يجب أن تكون محل تصاريح بضياع، بالاعتماد أولا على التصريح بحدّ ذاته، وحسب الوثيقة، وإذا ما كانت تندرج ضمن الأطر القانونية في حالة الضياع، مثلا بطاقة التعريف الوطنية، وثائق الهوية بصفة عامة، كذلك جواز السفر، المنصوص عليه في القانون سنة 2014، الذي ينص على ضرورة تبليغ جميع المواطنين، في حالة تضييع أو سرقة أو إتلاف، أو إذا كان أيضا الأمر يتعلق بضياع الوثيقة في الخارج، فعلى المواطن التقرب إلى الهيئات الدبلوماسية لغرض التصريح بضياع هذه الوثيقة، لأهميتها.
وهناك أيضا وثائق متعلقة بالسائقين، تتمثل في رخصة السياقة، بطاقة تسجيل السيارات، البطاقة الرمادية، شهادة تأمين المركبات، إلى جانب وثائق أخرى مدرجة ضمن قائمة الوثائق الخاضعة للتصريح، كالسجل التجاري أو بطاقة التاجر الأجنبي أو الوثائق المتعلقة بمهنة الصحفي. كذلك فيما يخص الدفع المسبق، يعني الشرائح المسبقة، كون الشريحة مدرجة ضمن القانون كذلك.
في هذا السياق، دعا مراد فضال رئيس فرقة الشرطة العامة لأمن المقاطعة الإدارية لحسين داي بالعاصمة، في لقاء مع «الشعب» بمقر الأمن الحضري، كل المواطنين الذين ضيّعوا وثائقهم المدرجة ضمن قائمة 65 للتقرب من مصالح الأمن بغية التصريح بالضياع، حفاظا على عدم تورطهم في قضايا احتيال وإجرام من قبل عديمي الضمير، مبرزا أن «الشرائح لها أهمية كبرى لدى المواطن، باعتبارها تدخل في قائمة التجهيزات الحساسة ولها إطار تنظيمي قانوني في حالة ضياعها».
ضياع أكثر من 70 ألف وثيقة في السداسي الأول
وأشار المسؤول الأمني، إلى أن «المعيار الثاني المحدد من قبل المديرية العامة للأمن الوطني الخاص بالوثائق التي يتم استعمالها غير المشروع، كل ما يمس بالأمن والنظام العام، مثل وثائق الحالة المدنية، الدفتر العائلي، شهادة الميلاد رقم 12 الخاصة، الوثائق الخاصة بوضعية الأجانب كبطاقة المقيم الأجنبي، بطاقة التاجر، حيث تم تحديد نظام معلوماتي من خلاله تم حصر 65 وثيقة خاضعة للتصريح بالضياع، خاضعة لمعيارين: أولا، يجب أن تكون وثائق مقنّـنة أو الوثائق الأخرى الماسة بنظام الأمن العمومي، منها وثائق الشهادات الجامعية، الوثائق المتعلقة بالأسلحة، رخص حمل الأسلحة ورخص استيرادها، ووثائق أخرى مثل صفة المجاهد، وذوي الحقوق، بطاقات ذات شرائح، شهادات اكتساب الجنسية وغيرها.
وأضاف، أن «التصريح بالضياع بالوثائق تعتبر خدمة أساسية للمرفق العام، يؤدي إلى إدراج التصريح في إطار هدفين: الأول ذو طابع داخلي يرتبط بمقتضيات العمل الشرطي وسرعة أدائه. والثاني ذو طابع خارجي يستند إلى فكرة توطيد التعاون بين القطاعات المختلفة قصد تذليل الصعوبات الموجودة في الميدان بفعل التشاور المشترك».
وسجلت مصالح أمن ولاية الجزائر خلال السداسي الأول من سنة 2021، 70175 تصريح بالضياع عبر إقليم ولاية الجزائر العاصمة.
التصريح لا يقبل إلا من صاحبه
أما على المستوى الداخلي، فإن مصالح الشرطة توفر كل الظروف المناسبة والضرورية للتكفل الفعلي بالمواطن الذي يطلب استصدار تصريح بضياع الوثائق، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأمر يتعلق قبل كل شيء بتنفيذ خدمة عمومية. لهذا الغرض يعفى المُصرح من تقديم نسخة عن الوثيقة التي ضاعت، أو كل وثيقة إدارية أخرى. وأبرز المحافظ مراد فضال، أن «التكفل بطالب التصريح بضياع الوثائق يتم من قبل مصالح الشرطة على المستوى المحلي والأمن الحضري حتى وإن كان مكان إقامته لا يقع في دائرة اختصاص هذه المصالح. غير أن التصريح بالضياع يكون شخصيا، مما يعني عدم قبول التصريح إلا من طرف صاحبه، عدا القاصر الذي ينوب عنه وليّه. وفي بعض الأحيان يكون التصريح بالضياع بدون رقم الوثيقة أو تاريخ استصدارها من طرف الجهات المعنية، ومكانها».
وإذا تقدم المواطن بالتصريح لا يستوجب منه إحضار الوثائق الخاصة بالوثيقة، ماعدا صفة الوثيقة. لكن وفي بعض الإدارات، فإن عملها يستدعي أن تتوفر المعلومات الدقيقة عن الوثيقة، في هذه الحالة يتم توجيهه لإحضار رقم الوثيقة، وإحضار استمارة معلومات خاصة بالوثيقة.
غير أنه في حالة تقديم تصريح كاذب، فإن المُصرح يتحمل المسؤولية كاملة، وفي حالة معرفة وجود احتيال يحال الشخص المعني مباشرة على المصالح القضائية، وقبل تسليم تصريح بالضياع للمواطن، سيمر عبر سلسلة من العمليات، أولا بمكتب التصريحات، بعد تنقيط هوية الشخص، يعني هل هو محل بحث من قبل السلطة القضائية، سواء لمغادرته تراب الوطن، أو متورط في قضايا، وإذا ما ثبت العكس تسلم له الوثيقة في حينها.
أما عن قضية وقوع مواطنين ضحايا عمليات سرقة ويتقدمون لمصالح الأمن على أساس أنهم ضيّعوا وثائقهم، حسب تصريح المواطن، فإن مصالح الشرطة تسلم لهم التصريح بالضياع. أما إذا ما كان قد صرح بالضياع أو بالسرقة يعدّ ملفا على أساس محضر أو شهادة إيداع شكوى، ويرسل الملف إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميا وتسلم له شهادة إيداع شكوى التي لها نفس القوة القانوينة لتكوين ملف إيداعه لغرض الحصول على نسخة ثانية من الوثيقة الضائعة.
أكثر الوثائق عرضة للضياع
من بين أكثر الوثائق ضياعا، بطاقات الهوية، مثل بطاقة التعريف، جواز السفر، رخصة السياقة، وهي الأكثر استعمالا من طرف المواطن ومعرضة للضياع وللإتلاف.
كذلك هناك اختلاف من أمن حضري إلى آخر، خاصة أولئك المتمركزين بجانب الإقامات الجامعية، حيث هناك إقبال من طرف الطلبة للتصريح بضياع مختلف الوثائق والمتمثلة أساسا في شهادات التسجيل بالجامعة، شهادة النجاح المؤقتة، دبلومات وبطاقة الطالب.
مصير الوثائق والأختام
أما بالنسبة للوثائق الضائعة ــ يقول ممثل مصالح الأمن الوطني ــ هناك قسم من أقسام الشرطة العامة متكفل بالوثائق التي يعثر عليها والتي يتم إدراجها من طرف المواطنين أو مصالح الشرطة. وكمرحلة أولى يتم تسجيل الوثيقة في سجل مخصص لنفس الغرض، أو أشياء معثور عليها ذات قيمة، مثل الأختام الإدارية أو أختام المهن الحرة، لطبيب، محام، موثق وغيرهم... حيث يسهل استرجاعها لدى المصالح المعنية، فيما تبقى الوثائق التي تثبت هوية الشخص وعنوانه، لترسل مباشرة إلى المصلحة المختصة إقليميا التي تقوم بدورها باستدعاء المعني وتسليمه الوثيقة مقابل وصل استلام.
وتبقى الوثائق غير محددة العنوان، حيث ترسل إلى المصلحة المصدرة التي تقوم بدورها، إما أنها تملك ملفا لدى قاعدة بيانات إلكترونية وتستدعيه وتسلم له أغراضه، أو تسلم بطاقة أخرى، بينما يتم حفظ البطاقة المعثور عليها في الأرشيف. وفي هذا السياق، أبرز محدثنا أن الشرطة تتلقى تصاريح بالضياع تتعلق بالأختام الإدارية التي تضيع في أماكن مختلفة، كما تتعرض الأختام للسرقة تحت التهديد، حيث يفتح تحقيق قضائي، فور التبليغ عن الأمر من قبل المواطن المعني بالأمر.
شريحة الهاتف النقال الأكثر ضياعا
وتعتبر شريحة الهاتف النقال ضمن الأجهزة الحساسة التي تستوجب التصريح بضياعها فورا، حماية للشخص المعني من التورط في قضايا إجرام، ويسلم التصريح بالضياع للشخص المعني، باعتبار أن شرائح الهاتف النقال أكثر الوثائق عرضة للضياع، لذلك فإن المواطنين ملزمون بالتصريح فور اكتشاف ضياعها لما لها من أهمية وخطورة.
كما أن هناك أمورا أخرى لا يصرح بها المواطن، مثل سرقة الشريحة تحت طائلة التهديد، لكن الشكوى تقدم على أساس الضياع، في هذه الحالة، وإن تم اكتشاف الأمر وفي إطار التنسيق مع مصالح النظر، يتم فتح تحقيق من طرف الشرطة القضائية، بحيث يقومون بعملية التنقيط، ويستخرج ملف الشخص ويتم الإطلاع عليه، وإذا استدعي التحقيق سيكون على مستوى المحفوظات العامة والنشر والمحفوظات المركزية الخاصة بالمديرية العامة للأمن الوطني، حيث تستطيع الجهات المعنية اكتشاف الأمر أثناء التحقيق، وتقدم تصريحا بالضياع.
ووجه مراد فضال نداء لكل المواطنين من أجل التبليغ عن ضياع شريحة الهاتف النقال بسرعة، حيث قال «يجب على المواطن التقرب من أقرب مقر أمني للتصريح بضياع شريحة هاتفه، لقطع الطريق على كل من يريد استغلالها من المجرمين، حيث يحتمل أن تستعمل في قضايا إجرامية، ويصبح صاحبها ضحية وطرفا في قضية لا ناقة له ولا جمل فيها، ضف إلى قضايا أخرى تتمثل في إعارة الهاتف بين الشباب، وما قد يسجل من قضايا إجرام وتهديد، وفي هذه الحالة يتم الإتصال بمتعامل الهاتف النقال للاستعلام حول ذاكرة الهاتف.
التحايل ينتهي أمام القضاء
في حالة أراد المواطن التحايل، بعد أن تعرض لسحب رخصة القيادة من قبل مصالح الأمن على خلفية ارتكابه مخالفة مرورية تستوجب تقديم ملف لاستصدار وثيقة الضياع، فإنه يتحمل مسؤوليته. علما أنه مسجل في قاعدة البيانات ويتم تنقيطه من طرف المصالح المختصة، سواء من الشرطة القضائية أو الشرطة العامة.
كما هناك قضايا أخرى تتمثل في أن يقوم المواطن بتغيير المقر الأمني، ليستخرج تصريحا بالضياع ويذهب لمقر أمني آخر ويصرح بالسرقة، في حالة ما تم التعرف عليه يحال على الجهاز القضائي.
وشدد المسؤول الأمني، على أن التصريحات بالضياع تذهب نسخة منها الى وكيل الجمهورية، مثل وثائق الهوية زائد إعداد ملف قاعدي يتمثل في محضر سماع أقوال، وشهادة ميلاد واستمارة معلومات وشهادة ميلاد، يعني أن قاعدة البيانات المسجلة لدى الشرطة هي نفسها لدى وكيل الجمهورية، فإذا قدم مواطن شكوى في جهة أخرى من الوطن، يتم التحقق منها في السجل الوطني.
بالنسبة للأجانب والجزائريين بالخارج
أما بالنسبة للأجانب في الجزائر، فهم يخضعون لقوانين البلاد السارية، حيث لابد من أن يتقدموا للمصالح الأمنية بغية الحصول على تصريح بالضياع. وأكثر الوثائق المسجلة تتعلق بالتجارة والمقيم الأجنبي، فهم يتمتعون بنفس الحقوق ويخضعون لنفس الإجراءات، حيث يستلمون شهادة التصريح بالضياع، ويتقدمون أمام المصلحة لغرض استصدار نسخة ثانية، باعتبار أن بطاقة المقيم الأجنبي، السلطة المصدرة هي ولاية الجزائر، حيث تراسلها الشرطة العامة للولاية لغرض الحصول على نسخة طبق الأصل من الوثيقة، وتسلم له وثيقة باللغة الأجنبية ويتم المصادقة عليها على مستوى سفارته.
أما تضييع الوثائق بالنسبة للجزائريين في الخارج، فالتصريح يكون على مستوى المصالح الأمنية، حسب قوانين ذلك البلد. بعد التصريح يسلمونه وثيقة رسمية بلغة البلد ويخضع لإجراءات نفس البلد، ويتقدم بعدها لمختلف الهيئات الدبلوماسية الوطنية المعتمدة في الخارج، وأغلب الوثائق الضائعة بالنسبة لهذه الفئة من المواطنين تتمثل في جوازات السفر أو بطاقة الإقامة.