«البوق» يعوّض الزغاريد لإعلان النّجاح
منذ الساعات الأولى لنهار اليوم تترقّب العائلات الجزائرية إعلان نتائج شهادة البكالوريا بعد سنة كاملة من الدراسة والجد والمثابرة، كان الاستثناء أهم ما ميّزها بسبب وباء أقسم على قلب حياتنا رأسا على عقب، وبين متخوّف ومتفائل اختلفت الحالة الشعورية التي تعيشها العائلات المعنية بهذا الامتحان.
تنقل لكم «الشعب» اليوم حالة الترقب والقلق في انتظار الإعلان عن نتائج امتحان شهادة البكالوريا دورة جوان 2021 مساء اليوم على الساعة الـ 16:00 عبر موقع الديوان الوطني للامتحانات والمسابقات، او الرسائل النصية القصيرة بتشكيل الرمز #567*.
قلق وتخوّف
حالة قلق كبيرة يعيشها محمد جباري ذو الـ 18 سنة قبل ساعات من اعلان نتائج البكالوريا، حيث وصف اختلاط المشاعر داخله لـ «الشعب ويكاند» قائلا: «زاد تأجيل اعلان نتائج البكالوريا الى الـ 22 جويلية من حالة القلق والتوتر التي اعيشها منذ اول يوم من اجتياز الامتحان، فمنذ أن علمت انني وقعت في خطأ جسيم في حل امتحان الرياضيات، وأنا أشعر بإحباط كبير بسبب خوفي من الفشل والاخفاق، خاصة وأن والدتي تضغط علي من اجل الحصول على معدل يمكّنني من دخول تخصص طب، فبالرغم من أنني لا اريده الا انها تصر عليه وتفرضه فرضا حتى أنّها هدّدتني بعطلة سوداء في حالة فشلي، لذلك فالامتحان بالنسبة لي هو قضية حياة أو موت؟؟».
واستطرد محمد موضحا أن الظروف الاستثنائية للسنة الدراسية زادت من توتر وقلق الاولياء والتلاميذ في نفس الوقت، فالخوف من أسئلة الامتحان وعدم استكمال البرنامج الدراسي او حتى الإصابة بالعدوى جعل الجميع يعيش على اعصابه، لكن الحمد لله بالرغم من الظرف الاستثنائي مرت بسلام، لذلك سيكون النجاح هدية جميلة لكل من ثابر واجتهد ودرس في سنة الوباء.
أما نيبال حسين 19 سنة، فترى ان البكالوريا كانت ومازالت وستبقى الامتحان المصيري الذي يعتبره الاولياء بوابة المستقبل لأبنائهم ومفتاح النجاح في عالم الشغل، حيث قالت لـ «الشعب ويكاند»: «غالبا ما يرتبط امتحان البكالوريا بحالة شعورية متناقضة سواء عند الاولياء او التلاميذ، فالآباء يعطون الشهادة أهمية اكبر من حجمها، حقيقة هي تذكرة الولوج الى الجامعة لكنها لن تكون الطريق الوحيد المؤدي الى النجاح، لذلك يجب ان يتعلم الاولياء ان ابناءهم ليسوا آلات حاسبة او «المشروع التنفيذي» لرغباتهم واحلامهم، فعندما تجد الاب او الام يحددان تخصص الأبناء في الجامعة دون سؤال المعني الأول بالدراسة الجامعية عن ميولاته وما يريده ان يكون في المستقبل، فهذا بمثابة سطو على «مستقبل» الابن، لأنه لن يكون والديه وان أراد ذلك».
«للمرة الثانية أجتاز امتحان البكالوريا»، هكذا عبرت نيبال عما تعيشه ساعات قبل اعلان النتائج، فتأجيل إعلانها زاد من قلقها بسبب خوفها من تكرار تجربة الفشل في الحصول على الشهادة، حيث قالت: «أعيش توتر الانتظار للمرة الثانية في نفس السنة، المرة الأولى في الـ 14 أكتوبر 2020 والثانية في اليوم الـ 22 جويلية 2021، أشعر بقلق كبير وخوف وأتمنى لو يكون اسمي مكتوبا في قائمة الناجحين حتى أنتقل الى مرحلة جديدة من حياتي، أكون فيها سيدة نفسي، وأملك حرية اتخاذ القرار في خياراتي».
«مؤجّل إلى حين إعلان النّتائج»
لا يمكن الحديث عن نتائج امتحان البكالوريا دون الاقتراب من الاولياء، الذين غالبا ما يكونوا اللاعب 12 في ملعب السنة النهائية، زينب - ب تنتظر اعلان نتائج الامتحان بصبر كبير، آملة في ان يكون اسم ابنيها ضمن قائمة الناجحين، حيث وصفت ما يخالجها من مشاعر مختلطة ومتناقضة قائلة: «كان عليّ انتظار سنة كاملة حتى أتجاوز خوف المرض والاصابة بالعدوى، ففي السنة الماضية أصيب ابني بكوفيد-19 شهر سبتمبر الماضي ما منعه من اجتياز الامتحان، لذلك أعاد السنة ليلتحق به اخاه في السنة النهائية، في الحقيقة كان الامر مخيفا ومقلقا خاصة بعد تجربتي الأولى مع البكالوريا، فقد كان خوفي من تكرارها يتعاظم في كل يوم، ولم ارتح الا بعد اجتيازهما لامتحان اخر يوم من شهادة البكالوريا، واليوم نحن ننتظر النتائج التي أجّلت خوفا على فرحة العيد، لكن الحقيقة ان كل الافراح مؤجلة الى غاية اعلان النتائج، لذلك كان من الأولى إعلانها يوم الاحد الماضي حتى نرتاح، ولا نبقى في حالة نفسية متدهورة بسبب الوباء والخوف من الفشل».
أما عبد الجليل فيداوي، فيجد ان ما تعيشه العائلة الجزائرية من قلق وخوف تزداد حدته سنة بعد سنة الى المكانة التي تحتلها شهادة البكالوريا في تحديد مستقبل التلميذ وتوجهاته في عالم الشغل، لكن الأكيد حسبه ان العائلة الجزائرية لم تتعلم بعد كيف تتحكم في مشاعرها حتى لا تشكل عبئا نفسيا على التلميذ واسرته بصفة عامة، فالأكيد ان الشهادة لها قيمتها العلمية في كونها نقطة فاصلة بين مرحلة المراهقة والشباب، وبين وصف «ما زالو صغير» و»خلاص راهو كبير»، تلك المكانة الاجتماعية المستمدة من النجاح في شهادة البكالوريا غالبا ما تكون الغاية التي يبحث التلميذ عن تحقيقها، بمعنى آخر هو البحث عن «بلوغ مكانة الرشد الاجتماعي» أو التحرر من الوصاية والحماية الابوية.