«الشعب» ترصد متاعب منتجي الطماطم الصناعية بالشلف

معضلة السقي تثير هاجس الفلاحين

الشلف: و.ي. أعرايبي

 في انتظار تطبيق برنامج الانخراط لتطوير الشعبة

يعرف منتوج الطماطم الصناعية تطورا ملحوظا في المنظومة الفلاحية، بولاية الشلف، بالنظر إلى المؤشرات الميدانية التي يكشفها اتساع رقعة المساحات المخصصة لزراعة هذا المنتوج وإقبال الفلاحين على هذه الشعبة، بالنظر إلى المردود والنوعية من جهة والآليات التي اعتمدتها الوزارة الوصية والتأطير التقني المتوفر، وكذا التحديات الإقتصادية التي تعتمد على توفير الأمن الغذائي من جانب والتوجه نحو التصدير من جانب آخر .

 هذه الثنائية التي تتحرك على ضوئها المصالح المعنية بالولاية بناء على المؤشرات التي يراها مختصون ومهنيون ومصالح الديوان الوطني المهني المشترك للخضر واللحوم، أصبحت من العوامل الأساسية لضبط برنامج الإنخراط وتكثيف أشكال الدعم والمرافقة للمنتجين الذين لم يترددوا خلال الملتقى الأخير للديوان الوطني الذي نظمته مديرية القطاع بالتنسيق مع الفاعلين والمتدخلين في كشف متاعبهم والمعوقات التي تنتظرهم في تنامي إنشاء الوحدات التحويلية بالمنطقة والولايات المجاورة.

الوضعية التي تكتسيها شعبة الطماطم الصناعية في المنظومة الزراعية والإقتصادية حتمت على الجهات المعنية بوضع خريطة طريق لإنعاش هذه الشعبة التي قفزت من مستوى الإستهلاك المحلي ضمن توفير الأمن الغذائي بداخل الولاية والمناطق المجاورة لها إلى التفكير في آليات التصدير من خلال نشاط الوحدات الصناعية  التي غيرت من خارطة التصنيع من الإستهلاك المحلي إلى حركية التصدير في تزايد النشاط الإستثماري وعودة المنتجين لممارسة زراعة الطماطم الصناعية بقوة داخل الولاية والمناطق المجاورة لها.
 لكن ما يثير القلق لدى هؤلاء المنتجين الذين حرصت «الشعب» على رصد ونقل انشغالاتهم بعدما ذاقوا مرارة المتاعب اليومية في إنتاج الطماطم الصناعية التي صارت شعبة تستقطب بامتياز اهتمام الفلاحين، هي المعوّقات التي تعترضهم والمشاكل التي يتحملونها في مزاولة نشاطهم والأخطار التي تهددهم ضمن فاتورة الخسائر التي يتكبدونها، بحسب تشخيصهم للوضع.
 وضع بات يستدعي تدخل الجهات المركزية لتنظيم الشعبة ذات البعد الإقتصادي الهام والمرشحة بقوة لدخول معترك جلب العملة الصعبة للإقتصاد الوطني كعائدات لازالت خزينة الدولة في حاجة لها.
 ويرى المستثمرون ضرورة اتخاذ آليات عملية وميدانية  دقيقة من طرف الوزارة الوصية على القطاع، يقول المنتجون العارفون بخبايا زراعة الطماطم، بولاية الشلف، المرشحة خاصة للعودة للواجهة في إنتاج هذا النوع من الطماطم إذا ما لقيت التخطيط والدعم والمرافقة التي يتحدث عنها المستثمرون على اختلاف مواقعهم وحجم نشاطهم الفلاحي، بحسب متحدثون من المنتجين والمتدخلين في القطاع.
تشريح الواقع المتعب للمنتجين رصدناه من خلال التصريحات التي جمعناها من المهنيين ببلدية أولاد بن عبد القدار، المعروفة بزراعة الطماطم الصناعية خاصة بمحيط سد سيدي يعقوب ووادي السلي وعلى طول مجرى وادي الشلف بذات الناحية.
وبالنظر لأقوال المنتجين فإن إنتاج هذه الطماطم بات أمرا مكلفا ومرهقا في الظروف الحالية التي حرص هؤلاء على سرد تفاصيلها وتعرية واقعها المرير، كونهم أصحاب مهنة صارت مهددة وبحاجة إلى إنقاذ إستعجالي، يقول محدثونا.
إنقاذ المنتوج أولوية
تحدّث الفلاحون بمرارة عن المعوّقات والمتاعب التي ظلت تصادفهم، خلال السنوات المنصرمة، ولازالت مطروحة لحد كتابة هذه الأسطر خاصة خلال هذا الموسم الذي وصفوه بالاستثنائي، يقول محدثونا، الذين ينشطون على مساحة أكثر من 6 هكتارات للفلاح الواحد، بحسب أقوالهم المسجلة.
فمعضلة السقي ازدادت حدتها وتتطلب تدخلا عاجلا لإنقاذ المنتوج قبل تسجيل خسائر باهضة يشير الفلاحون خاصة بعدما توقفت عملية السقي وانتهت حصة الكمية المخصصة من طرف وزارة الفلاحة والمحددة بـمليوني متر مكعب.
 كما ساهم مجرى الوادي في خفض الكمية التي تصل الفلاحين بعد انتظار لأكثر من 10ساعات إلى حقول المنتجين، يقول محدثونا، فالمعضلة الحالية هو التعجيل بإنقاذ المنتوج من التلف ومضاعفة الخسائر التي يتحملها الفلاحون، بحسب تصريحاتهم فقد بات من الواجب تخصيص كميات أخرى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
 يحدث هذا في وقت أن المساحة المخصصة لإنتاج الطماطم الصناعية قد عرفت تطورا ملحوظا بحيث انتقلت من 200 هكتار في السنوات المنصرمة إلى 1550هكتار هذا الموسم، يقول مدير الفلاحة بالشلف طاهر ميسوم في تصريحه لـ «الشعب» حيث كشف عن المخطط الجديد الذي وضعته الوزارة بالتنسيق مع الديوان الوطني المهني المشترك للخضر واللحوم، وهذا لإزالة النقائص المسجلة وإيجاد الحلول الناجعة ومساعدة الفلاح وتطوير الإنتاج بالولاية الذي حول لمصنعي التحويل ضمن عقود بين المنتجين والمستثمرين، يقول ذات المسؤول الأول، عن قطاع الفلاحة بالشلف الذي تحدث عن فتح المجال أمام حفر الآبار من طرف الفلاحين بعدما أعطى وزير القطاع تعليمات بخصوص هذا الملف يشير محدثنا.
أسعار التسويق منخفضة والمصاريف باهضة
 تعلق هؤلاء الفلاحين بالشعبة جعلتهم يدافعون عنها ويثيرون جملة المشاكل التي  تعيق عملهم حيث ينبغي، بحسبهم، على الجهات المعنية والمركزية معالجتها قبل تسجيل حالة عزوف على إنتاج هذه المادة التي صارت مرشحة للتصدير بعدما وفت الاكتفاء الذاتي، يقول المهنيون.
وتساءل هؤلاء عن السعر الشحيح المقدر بـ 12د.ج من عدة سنوات حيث كان سعر الأسمدة لا يتجاوز 3 آلاف د.ج في وقت فاق خلال هذه السنة 10آلاف د.ج، شأنه شأن المازوت حيث كانت الوحدة تصل إلى 3 آلاف د.ج  لتصل هذه الأيام إلى حدود 6 آلاف د.ج، وهو ما يقابلها مجموع المصاريف المقدرة بـ 60 مليون سنتيم للهكتار الواحد، يقول الفلاحون.
فمراجعة سعر التسويق الحالي والذي لم يتغير منذ سنوات رغم التقلبات المسجلة في أسعار المواد المستعملة في عملية الإنتاج صار ضرورة ملحة، يقول المنتجون الذين اعتبروا المنحة المخصصة غير كافية لتجاوز خسائر الفلاحين الذين صاروا بحاجة إلى دعم ومرافقة ميدانية، وهو ما أكد عليه والي الشلف الذي دعا إلى التنسيق بين كل الجهات والمصالح المعنية عبر كل المراحل، معترفا أن المنتجين يواجهون مشاكل ينبغي إيجاد الحلول في المتابعة الميدانية والإصغاء للمهنيين المكلفين بتنفيذ خارطة القطاع لوزارة القطاع الذي يعرف تطورا ونشاطا بولاية الشلف، بحسب قوله.
تطوير الشعبة مرتبط بالمرافقة
تطوير الشعبة بنظر الفلاحين وحتى المتدخلين في القطاع يرتكز على الدعم والمرافقة التقنية والميدانية والإصغاء لانشغالات المنتجين ومعالجتها حتى يتفرغ الفلاح للنشاط وتحسين مردوديته وتوسيع رقعة المساحات التي تعرف توسعا بالمقارنة بالسنوات المنصرمة، وهو ما أكده مدير القطاع.
 هذه الآليات صارت ضرورية خاصة بعدما اشتكى  الفلاحون من تأخر عملية الحصول على مستحقاتهم المالية بعد إيداع منتوجهم ومحصولهم الفلاحي لدى وحدات التحويل على قلتها، ابتداء من شهر أوت، لكن لا يحصلون على مستحقاتهم في غالب الأحيان، إلا ابتداء من شهر ديسمبر، حيث تساءل هؤلاء عن الشهور التي تستغرقها هذه العملية التي تعرقل إستئناف الفلاح لنشاط الغراسة وتهيئة التربة للموسم الجديد، يقول المنتجون، وهو انشغال تم رفعه للوزارة الوصية.
وفي هذا الصدد، أكدت ممثلة مصالح الوزارة حليمة حمادي أن الإجراء تمت معالجته، حيث يرتقب على حد تصريحاتها لـ»الشعب» حصول الفلاح على مستحقاته المالية فور دفع المنتوج لفائدة الوحدات التحويلية التي تعاقدت مع الفلاحين في وقت تم إنشاء مجلس وطني للطماطم الصناعية، بعدما عرفت المساحة توسعا كبيرا وصل إلى 24632 هكتار، هذا الموسم والذي مكن من الحصول كميات فاقت 19مليون  و300 قنطار من منتوج الطماطم الصناعية مع دفع ما قيمته 4.9 مليار د.ج للمحولين على المستوى الوطني.
لكن يبقى الإنخراط في برنامج الوزارة لكل المتدخلين من بنوك ومحوّلين والأقسام الفرعية لمصالح قطاع الفلاحة والمنتجين ضروري وأكيد في أجل لا يتعدى 30جوان الجاري، بحسب، ممثلة وزارة الفلاحة، كما استقبل المنتجون بارتياح الإجراءات الخاصة بالعقار وطبيعة الإجراء الوجيه خدمة لتطوير شعبة الطماطم.
الوحدات التحويلية مطروحة بحدّة  
اتساع رقعة زراعة وإنتاج الطماطم الصناعية وتربية الشتلات صار من العوامل المساعدة على تطوير الشعبة خاصة مع إقحام عنصر الشباب المستثمر في إنتاج الخضروات والفواكه بمحيط الشلف من جهة ووجود نشاط صناعي لتحويل المنتوجات الفلاحية بالإمكانيات المتوفرة وحدتي الشلف الخاصة بالعصير والتصبير والتعليب اللتان تواجهان ضغطا كبيرا في استقبال المنتوج من الخضر والفواكه.
هذا الضغط الذي فرضه الإنتاج المتزايد من موسم إلى آخر بمنطقة الشلف وولاية عين الدفلى التي ينقل فلاحوها منتوجاتهم نحو وحدة الشلف زيادة على فلاحي منطقة وادي رهيو وتسمسيلت.
فإستقبال منتوجات الفلاحين يتطلب تعاملا سريعا مع هؤلاء من خلال دفع مستحقاتهم المالية في وقتها، لكن ما تحدث عنه هؤلاء المتعاملين مع الوحدة التحويلية أن هذه الأخيرة تتأخر في التعامل الفوري، وهو ما يعرقل نشاط المنتجين الذين يفترض مباشرة تهيئة الأرض وتوفير الأدوية وتحضير مياه السقي مسبقا، وهذا يتطلب مصاريف باهضة، يقول المزارعون الذين ناشدوا الجهات المعنية بالتدخل على مستوى الوحدة للوفاء بالتزاماتها خاصة أنهم من المتعاقدين معها ومن جهة ثانية أنها ملزمة بتقديم الشتلات اللازمة، وذات النوعية و المردودية العالية، بحسب تصريحات المنتجين.
 وقد بات من الضروري الإسراع في إنشاء وحدة بعين الدفلى لرفع الضغط الذي تواجهه الوحدة التحويلية بالشلف وبالتالي التخفيف من أتعاب التنقل والمصاريف المكلفة والمتعلقة بكراء الشاحنات وأجرة السائقين خاصة عندما يتطلب الإنتظار لأكثر من 3 أيام، بحسب، تصريحات الفلاحين والتي وقفت «الشعب» عندها.
المشهد الذي ظل، بحسبهم، يتكرر كل موسم جني و استقبال لمنتوج الطماطم الصناعية التي صارت مرشحة لتطوير منتوجها والرفع من نوعيته وتوسيع مساحته، خاصة إذا تم إيجاد حلول ناجعة متعلقة بمصادر المياه الخاصة بالسقي والتي لا تتوقف على المياه السطحية فحسب، بل الشروع في دراسات جيولوجية تمكن الفلاح من حفر آبار عميقة توجه للسقي دون الإضرار بمستوى المياه الجوفية التي لازالت مخزنة كاحتياطي لمياه الشرب في الحالات الطارئة، بحسب ما أكده المدير الجهوي  للجزائرية للمياه منطقة الشلف صلاح الدين شريط في وقت سابق، عندما لجأت مصالحه لهذه الآبار بعد عطب في محطة التحلية بماينس.
ومهنيون ومختصون من «أونيلاف»   لم يخف المختصون من ديوان «أونيلاف» والخبراء والمهنيون حرصهم على إيجاد ميكانيزمات وآليات كالتي شرعت فيها الوزارة لمعالجة القضايا المطروحة والسبل الناجعة لتطوير الشعبة والتوجه نحو التصدير، وفق ما أوضحه، محمد خروبي، رئيس الديوان لدى اطلاعه على وضعيته وضرورة إيجاد الحلول التي ينتظرها المنتج والتي تمكنه من حرية اختيار المكان الخاص بزراعة الطماطم الصناعية حتى لو كانت خارج محيط بلديته وولايته لأن الهدف هو تفعيل عملية الإنتاج والبحث عن النوعية والمردود. حيث توجب، بحسبه، التعامل مع الوثائق بنوع من السهولة خاصة فيما يتعلق ببطاقة الفلاح والبيانات أو ممارسة النشاط، كما هو معتمد، بحسب المستشار مزيان بكروون من تيبازة  خاصة فيما يخص مسألة الكراء لدى أغلب الفلاحين فيما يرى ممثل الفلاحين بمستغانم أن معضلة العقار لازالت مطروحة لدى المنتجين الذين يكابدون حالة من الجفاف التي ألحقت أضرارا بالمنتوجات الفلاحية خاصة الحمضيات منها مع دعوة هؤلاء البنوك لتفعيل نشاطها والانخراط في العملية  وهي تمثل مسألة ضرورية للتحكم في النوعية والمردودية مع اعتماد نظام المعالجة والمكافحة للأمراض، يقول رئيس أونيلاف.من جانب آخر، أثار رئيس المجلس المهني المشترك لشعبة الطماطم لولاية عين الدفلى عبد الجليل لعلاوي مسألة اعتماد مشروع مصنع لتحويل هذه المادة بين بلديتي عريب وعين الدفلى كموقع يساعد الفلاحين للتعامل مع الوحدة في استلام المنتوج.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024