مصفاة الجزائر سيدي رزين

من ملحمة التأميم إلى تحدّي التكرير

سعيد بن عياد

خلف مدينة الجزائر شرقا تسطعُ شُعلة لا تنطفئ، هي عنوان مضيء لمصفاة «سيدي رزين»، إحدى القلاع التي ترمز للسيادة على المحروقات المكرسة منذ ملحمة التأميمات في 24 فيفري1971.

هنا، رجال ونساء أكثر من كونهم مجرد عمال، يرفعون التحدي في كل لحظة، باحترافية والتزام، هدفهم الأول، المساهمة في تأمين إنتاج مختلف أنواع الوقود والمشتقات النفطية، عصب صناعة التكرير.
مجلة «الشعب الاقتصادي»، تنقلت إلى هذا العنوان، المصفاة، بدأت النشاط سنة 1964، سنتان فقط بعد استرجاع السيادة الوطنية، لتشملها التأميمات مثل باقي الفروع، فتحولت إلى محطة في منظومة قطاع حيوي، يراهن عليه في انجاز التحوّل الشامل من بوابة أنموذج جديد تشكل الطاقة قاطرته.
ذكرى التأميمات هذه السنة، بلسان مدير المصفاة حسني بوخالفة، شكّلت لعمالها موعدا لاسترجاع أمجاد الخلف الذين واكب انجازاتهم فيقول بتأثر «يوم توقيف المصفاة القديمة لإدخالها مرحلة التجديد والتهيئة أذرفوا الدموع لأنهم خلفوها للأجيال وهي تشتغل، ولا تزال بحلتها الجديدة، لذلك الذكرى تعتبر تجسيدا لتحد لا يوصف، فقد تحققت المهمة الوطنية بمهندس واحد». ويضيف بفخر «أدركت ذلك الجيل المشبع بالوطنية وبكل معاني الوفاء والتضحية والالتزام فكانوا يحبون المصفاة أكثر من أسرهم، كانت بحق ملحمة، إذ أوصلوا البلاد إلى بر الأمان من خلال بناء قاعدة السيادة الاقتصادية حجرا حجرا، فألف تحية لهم».

الوطنية بالملموس
هنا تترجم الوطنية والانتماء بنشاط ملموس لا تحدّه صعاب أو تكبحه معوقات مهما كانت طبيعتها. في هذا الميدان تلمس كيف يجسد الجزائري حبه لوطنه «تتجسد تضحيات من شباب بشكل رائع» يؤكد حسني بوخالفة، أبرزها خلال الجائحة «هناك من قضى 15 يوما في موقع العمل بلا انقطاع دون كلل أو عجز من أجل الحفاظ على وتيرة الإنتاج وتحملوا ضغوطات المهمة مظهرين تفوقا لافتا».
جولة داخل المصفاة كانت على متن مركبة رافقنا فيها «عقون حسن» رئيس دائرة الاستغلال، وهي القلب النابض لنشاط تكرير الخام واستخلاص المشتقات مثل الفيول ونافطا، موضحا أن الوحدة ترتكز على جملة دعائم من خزانات مع تسجيل ارتفاع في مستوى التكرير موازاة مع ارتفاع حجم الإنتاج. مسار الإنتاج ينطلق من إدخال الخام إلى مضخات ليتم إخضاعه لعملية تسخين تدريجيا في الفرن ليخرج بدرجة حرارة 345 درجة ثم يمر إلى مرحلة التقطير على مستوى عمود التقطير لإزالة الشوائب وفرز مشتقات الفيول والمازوت والكيروزان إلى جانب النفط، قاعدة الصناعة البتروكيماوية وكذا غاز البترول والبروبان والبوتان.

تاريخ ميلاد جديد
محطة التكرير هي إحدى شقيقات مصافي الجزائر، سكيكدة، وهران وأدرار، تحمل تطلعاتها في النمو، قاومت كل المراحل الصعبة، مؤدية وظيفتها بعيدا عن الأضواء، حققت بعد أشغال التهيئة، زيادة في إنتاج الوقود بنسبة 35 بالمائة لتنتقل من 2 مليون و700 ألف طن سنويا إلى 3 مليون و650 ألف طن. عمليات مختلفة للتهيئة وتجديد للجهاز الإنتاجي شملتها على مراحل، أثمرت تشغيلها بمعايير مطابقة في 19 جوان 2020، تاريخ ميلاد جديد مواكبة للتكنولوجيات الحديثة في قطاع الصناعة النفطية.
مدير المصفاة بوخالفة حسني، بلباسه المهني، إشارة للجاهزية والتواجد في مواقع الإنتاج، يوضح: « في السابق كان تحويل النفط الخام يتم خارج الوطن، ثم يعاد استيراده في شكل وقود، لكن اليوم أصبح التكرير يتم محلياً، من خلال تحويل شامل للنفط بفضل الخيار الاقتصادي لشركة سوناطراك منسجما مع التوجهات الوطنية الكبرى».
تتشكل المصفاة من عدة وحدات إنتاجية هي: وحدة التقطير، وحدة إنتاج البنزين، وحدة تحويل الفيول (كان يباع بسعر زهيد واليوم يتم منه استخلاص البنزين والمازوت والبروبان).
يضيف محدثنا، واحد من كفاءات الجامعة الجزائرية، فيقول: «اليوم لدينا قيمة مضافة ننتجها بموارد بشرية جزائرية خالصة، رفعت تحدي وقف استيراد البنزين منذ السنة الماضية 2020 وتقليص حجم استيراد المازوت (الغازوال) إلى حين تحقيق الاكتفاء الذاتي وفقا لمخطط العمل المسطر من الوصاية».

أهداف ورقة الطريق تحققت
تحققت الأهداف المسطرة وفقا لورقة طريق المصفاة، أبرزها إنتاج بنزين ممتاز بدون رصاص تجسيداً لقرار السلطات العمومية بإنهاء العمل بالبنزين الممتاز المتضمن مادة الرصاص، مادة مضرّة بالبيئة. ويجري اليوم إنتاج بنزين ممتاز خال تماما من مادة NTBE، وبالتالي مرور الجزائر إلى تسويق وقود مطابق لمعايير الحفاظ على البيئة، انسجاماً مع معالم بناء اقتصاد أخضر.
يوضح محدثنا: «في العالم لم يعد يستعمل البنزين الممزوج بمادة الرصاص التي تم تعويضها بمادة تستورد موازاة مع مشروع لإنتاجها محليا من طرف الشركة الوطنية للمحروقات «سوناطراك» والملف يوجد في مستوى متقدم».
بفضل كل هذه الاستثمارات التي شملت عصرنة المصفاة، أصبح إنتاج البنزين بدون رصاص محلياً بمعدل 3 أضعاف مقارنة بمعدل الإنتاج سابقا، ويتم حاليا إنتاج ما يعادل 200 ألف طن سنويا مما يغطي الطلب في منطقة ولايات الوسط، علما أن البنزين الحامل لمادة لرصاص اختفى تماما من السوق في ديسمبر الماضي.
وحدة البنزين القديمة توقفت عن العمل ويتم تفكيكها للتخلص منها وتعويضها بوحدة أخرى جديدة كما يركب بها فرن جديد.
وتيرة العمل تأخذ سرعة منتظمة، ففي 2021 يتم الاتجاه إلى توقيف تام للاستيراد الذي يصبح من الماضي بفضل التغطية المتزايدة لاحتياجات السوق المرشحة للارتفاع بالنظر لديناميكية النمو. بلوغ هذا الهدف أمر جوهري للعمال والإطارات الذين يدركون التحدي وهو على مرمى حجر لتوفر كل العوامل المحفزة.
أما بالنسبة لمادة المازوت فيوضح بأنه « يتم الانتقال إلى إنتاج 1 مليون و200 ألف طن في السنة لتغطية الطلب الوطني، والاتجاه نحو الحد تدريجيا من الاستيراد، هو التحدي الراهن الآخر.

الإنسان قبل كل شيء

تدبُ الحياة في مصفاة سيدي رزين من خلال 1100 عامل من مختلف الفئات المهنية المتكاملة، يتوزعون على جميع الوحدات الإنتاجية والأقسام التقنية والإدارية. في هذا الفضاء النفطي الصناعي ترتقي قناعة يتقاسمها الجميع هي «الإنسان قبل كل شيء» كما يؤكد عليه بوخالفة، موضحا أن «اليد العاملة في هذا المركب جزائرية مائة بالمائة والأغلبية هم من خريجي الجامعة الجزائرية، ما يشكل مكسباً ثمينا يضمن ديمومة النجاعة وتواصل الأجيال».
عن سؤال بشأن مدى تأثر المصنع النفطي جراء موجة الذهاب الطوعي للتقاعد السنوات الماضية، أكد مدير المصفاة بهذا الخصوص أنه «لم يكن للذهاب الطوعي في إطار للتقاعد المسبق والنسبي، وهي علة أصابت عالم الشغل، تأثير كبير على توازن الموارد البشرية، وإنما، شكّل فرصة فتحت المجال أمام قدوم كفاءات جديدة من جامعيين شباب احتلوا بثقة مواقع كان يشغلها الشركاء الصينيون، بعد أن غادروا جراء جائحة كورونا. فلم يكن حينها ممكنا البقاء على الهامش لذلك كان تحمل المسؤولية أمراً محورياً تماما كما قام به السلف خلال التأميمات».

رُبّ ضارّة نافعة
هذا المنعرج، بكل تحدياته، جعل المهندس الجزائري يكتشف قدراته في تطويع التكنولوجيات الجديدة ويفجر طاقاته الكامنة، وربَّ ضارة نافعة، في وقت قامت فيه شركات أجنبية بعدم التردد في السعي لاقتناص الكفاءات بشتى أنواع التحفيز، وهو بحد ذاته مؤشر يؤكد جدارة الإطار الجزائري في نيل الثقة وقوته الإبداعية في هذا المجال المتصل مباشرة بالعلوم.
تشتغل مصفاة «سيدي رزين» وفقاً لتصميمها الهندسي بأحدث الوسائل التكنولوجية يتم التحكم فيها من خلال لوحة قيادة رقمية تتم عبرها مراقبة ومتابعة وإدارة عن بعد لجميع العمليات الفنية. إنها صالة المراقبة ذات أنظمة إنذار مبكر ينشطها مهندسون وتقنيون في شتى التخصّصات، لا يغمض لهم جفن على مدار الساعة. عن طريق شاشات موصولة رقمياً بمواقع الإنتاج، تضبطها برمجيات دقيقة، كل شيء تحت المنظار مع أهبة في كل لحظة لاتخاذ القرار المناسب عند الضرورة، فالمهم أن لا يتوقف الإنتاج.

الصيانة صمّام أمان
الصيانة باعتبارها صمّام أمان هي الأخرى في صلب الإدارة اليومية لنشاط المصفاة. توجد بناية كاملة خاصة بهذا النشاط الجوهري، ومنها تنطلق أعمال الصيانة الدورية والطارئة وترتكز على نظام عمل قائم بذاته مع توفر الوسائل، ومن خلفها برامح تكوين تسمح للعمال بمواكبة التطورات التي لا تتوقف في قطاع هو محل أنظار واهتمام كل البلاد وترتبط به شرايين الاقتصاد.
يشير مدير الوحدة رفقة مساعديه الميدانيين إلى الحرص على أن تتم تلبية احتياجات أشغال الصيانة داخلياً بوسائل ذاتية للمؤسسة ضمن التنظيم الهيكلي الشامل، فلا مجال لأي خلل، وبالتالي إيجاد الحلول في حينها مع توفير متطلبات العمل مسبقاً من قطع غيار أو مدخلات أساسية حتى يمكن ضمان دوران السلسلة الإنتاجية.

انفتاح على الجامعة
يكتسي التكوين طابعاً استراتيجيا في غاية الأهمية، انطلاقاً من رؤية المؤسسة الأم، سوناطراك، التي، يؤكد محدثنا: «تولي عناية قصوى لتكوين الموارد البشرية في كل التخصصات وعلى مستوى جميع الوحدات، من خلال تسطير مسارات متعددة محلية ووطنية وحتى في الخارج للرفع من القدرات ذات الصلة بالذكاء الإنساني، مصدر القيمة المضافة».
بشأن هذه المسألة يضيف حسني بوخالفة، قائلا: «كل الإطارات يمرون على المعهد الجزائري للبترول من أجل امتلاك عناصر التكيف مع ثقافة وتقاليد المؤسسة. فالمعهد أصبح يسطر برامج للتكوين تقوم على مقاربة بيداغوجية تستجيب للاحتياجات المصانع والورشات وتلبي بسرعة الطلب المعبر عنه في الوسط المهني».
بنفس الروح وضمن الانفتاح على المحيط الجامعي، يفتح المجال، على مستوى المصفاة، أمام الطلبة لانجاز بحوثهم، فهو من تقاليد المؤسسة. لذلك فإن أكثر من 200 طالب من الجامعات مروا من هذه المصفاة وجسدوا أعمالهم. ونفس المعاملة تتم مع متربصي التكوين المهني، كونه الجسر العملي الذي يقود إلى عالم الشغل بفضل امتلاك التحكم في مهن وحرف من الصناعة النفطية وغيرها من حرف ذات صلة، وبالمقابل لهذا الاحتكاك المتنوع انعكاس مباشر على إطارات المؤسسة للبقاء دوماً على صلة بالجامعة بفضل التبادل وتحيين المعارف وتجديدها باستمرار.

خبرة الميدان
في حديث مع عدد من إطارات المصفاة، تُلمس الدقة والالتزام.. من بينهم، «قروي عبد النور»، رئيس دورية على مستوى وحدة التقطير والغاز يشرف على فريق عمل يتشكل من شباب تم تكوينهم في المؤسسة وفي الصين، تُنقل إليهم الخبرة المكتسبة في الميدان. تقاطع الخبرة للشباب مع اللمسة العصرية للمصفاة. الوحدة الأم تُموّن باقي الوحدات الجديدة وفق مسار متكامل.
هنا العين لا تغمض. نفس العزيمة عند المهندس «حمزة بودير»، من الجناح الخاص بالمكون الأساس في صناعة البنزين حيث تم معالجة وتحويل النفط إلى «ايزوميرا» و»ريفورما» وهما مكونان أساسيان في تركيبة البنزين، مؤكدا تسجيل تحسينات كبيرة بفضل معدات من آخر جيل، كما أن نظام الأمان المتطور يسمح بالسيطرة على المصفاة لدى أي خطر محتمل كل هذا يقلل من التعب مقارنة بالماضي.
خمس وحدات أساسية منها الجديدة لتكسير مادة الفيول المتبقية من معالجة البترول الخام، ويستخلص منها المازوت، البنزين، غاز البترول المميع الذي يستخلص منه البوتان والبروبان بانتهاج تكنولوجيا أمريكية.
محدثنا يشير إلى أن هناك غازات ملوثة لا تسترجع يتم تحويلها إلى المراجل (شوديير) لإنتاج البخار الذي يدخل في عملية التكرير.

وحدة من الجيل الجديد لإنتاج البنزين
توجد وحدة من الجيل الجديد لإنتاج البنزين تعتمد تكنولوجيا فرنسية، وحدة معالجة المياه قبل تصريفها إلى الديوان الوطني للتطهير، تصفى من زيوت وبترول، وحدة معالجة الغازات تسمح باستخراج كبريت صلب يدخل في الصناعة البتروكيماوية ويحول إلى مجال حماية البيئة أكثر من تسويقه.
أما وحدة التقطير تتولى استخراج وتحويل مكونات البترول إلى مواد مصنعة، مثل المازوت، الكيروزان، غاز البترول المميع، ويتم تسويقها انطلاقاً من خزانات مهيأة، وإلى مواد نصف مصنعة، توجه إلى وحدات جديدة للمعالجة والتحويل، ليستخرج منها نفط وفيول يوجه إلى وحدات للتحويل والمعالجة لصناعة مكونات البنزين وهي عملية فيها قيمة مضافة عالية. وحتى تضمن المصفاة استقلالية في التموين بالكهرباء، يرتقب خلال السداسي الجاري تدعيمها بمولد للطاقة يشتغل بالغاز والبخار  

مخبر النوعية.. القلب النابض
-للمصفاة قلبها النابض يتمثل في مخبر جديد يُواكب جانب الجودة. يشير رئيس المصلحة «ناصر بورطالة» إلى أن قاعة العمل مستقلة عن باقي المكاتب (معيار عمل). ينقسم المخبر إلى مصلحتين واحدة للمراقبة والثانية للكيمياء.
 تعمل مصلحة المراقبة بنظام عمل دوام التناوب. يتولى المخبر مراقبة الجودة لكل ما يدخل إلى المصفاة أو يخرج منها، وكل ما يوضع في الخزانات أو يتوجه إلى الزبون (نفطال، سوناطراك أو التسويق للخارج). القاعدة المعتمدة هي إرضاء الزبون معركة السوق.
يتوفر المخبر على تجهيزات حديثة مطابقة للمعايير العالمية، كما تم رصد موارد ملائمة لاقتناء عتاد عصري على أساس قناعة لا ادخار للإمكانيات في هذا المجال، ويؤكد «جميع الوسائل والمؤهلات متوفرة منها طرق التحليل، المراقبة الفيزيائية والكيميائية، مع اعتماد نظام تصريف من أجل ضمان مواد بلا رائحة. يتم إحضار عينات من جهاز الإنتاج وإخضاعها للمراقبة الشاملة. فيما توجد تجهيزات بأعداد مضاعفة لتوفير البديل حالة عطب جهاز، حتى لا تنقطع السلسلة، كما يمكن اللجوء الى وسائل مراقبة يدوية إذا تطلب الأمر. العنوان الكبير لمخبر الجودة، شهادة تضمن الديمومة في السوق خاصة في مجال الكيروزان.
خلال الجولة صادفنا إجراء تحليل منتوج وقود يصدر للخارج بحضور ممثل الزبون صاحب خبرة في المجال الكيميائي، وتمثلت العملية في قيام عناصر مخبر المصفاة بتحليل تركيبة المنتوج عن طريق تجهيزات دقيقة للتأكد من المطابقة مع المعايير.
للإشارة يجري تسويق المنتوجات عبر شبكة أنابيب تمتد إلى البليدة، ميناء الجزائر، الدار البيضاء والمطار وكذا خزانات بالعاصمة خاضعة هي الأخرى لنظام تحكم في العمليات والإنذار.
 (المصدر: مجلة الشعب الاقتصادي)
العدد 4 أفريل 2021

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024