المواطن المحلي ينتظر توّفر المياه المحلاة عبر الحنفيات
يعيش سكان ولاية ورقلة ولغاية اليوم على مياه الصهاريج المتنقلة بشكل دوري، بدلا من استغلال المياه الصالحة للشرب من الحنفية مباشرة، يحدث هذا بعد تأخر مشروع ربط كل السكان بمحطات تحلية المياه التي استفادت منها الولاية في إطار مشروع ضخم خصص لإنجاز 9 محطات تحلية المياه، ولعل السبب في ذلك بحسب أهل الاختصاص راجع لشبكة التزوّد بالمياه الصالحة للشرب ووضعيتها المتدهورة نظرا لقدمها.
وضع دفع بالعديد من المواطنين التساؤل عن أسباب التأخر الكبير المسّجل في دخول محطات التحلية حيز الخدمة، هذا المشروع الذي طال انتظاره، بحسب ما صرّح عدد منهم لـ»الشعب»، والذي كان من المفترض أن يكون موجها لفائدة السكان في إطار تحسين جودة المياه من أجل تمكينهم من الاستفادة من المياه المحلاة في بيوتهم.
ويعتبر الكثير من السكان أن مشروع إنجاز محطات التحلية الضخم، الذي لم يحقق بعد الفائدة المتوخاة منه بالنسبة للسكان المحليين، الذين تعتمد الغالبية القصوى منهم، على اقتناء المياه المحلاة للشرب من أصحاب الصهاريج المتنقلة، متكبدين بذلك مصاريف تتضاعف قيمتها بقدوم فصل الصيف في منطقة معروفة بتسجيلها لدرجات حرارة مرتفعة صيفا.
كما يشكو المواطنون مما وصفوه بـ»الضريبة المضاعفة»، حيث وبالإضافة إلى سداد فواتير إستهلاك مياه الحنفية، الشحيحة غالبا، يضطرون إلى دفع أموال أخرى مقابل شراء مياه الصهاريج أو ما يعرف بـ»الماء الحلو»، التي أضحت سمة طبيعية في البيوت، كما يلجأ الكثير منهم إلى اقتناء خزانات للاحتفاظ بهذه المادة.
مشاكل وراء تأخر وضع المحطات حيّز الخدمة
بهذا الصدد، أوضح مدير الجزائرية للمياه، وحدة ورقلة ،عبد القادر قادي، أن محطات التحلية في طور العمل على استغلالها بنسبة 100 بالمائة، مشيرا إلى أنه قد تم وضع إستراتيجية وخطة عمل بداية 2021، من أجل استغلال هذه المحطات ووضعها حيز الخدمة حتى تكون قيد الإنتاج في القريب العاجل، كما أشار إلى أن محطة تحلية إفري قيد الإنتاج بنسبة 100 ٪، أما باقي المحطات فمن المنتظر أن تكون في طور الإنتاج تدريجيا.
ولإرث الشبكة القديمة دور بحسبه، إذ يعد من بين مسببات تأخر وضع المياه المحلاة في خدمة وفائدة المواطن، حيث يواجه هذا المشروع بعض المشاكل التقنية على غرار وضعية الشبكة غير المدروسة، كما أن تأخر الدراسة التشخيصية التي تسمح بتعريف شبكة المياه على مستوى ولاية ورقلة وفصل الشبكة قطاعيا يعد من بين العوامل المساهمة في ذلك أيضا.
وأكد في سياق متصل أن مديرية الموارد المائية، خصّصت عمليات لتجديد الشبكات والقضاء على القديمة منها، بإسقاط المصنوعة من الإسمنت، بالإضافة إلى أن هناك شبكات في حالة متدهورة وتتسبب في ضياع الماء المنتج سيتم إعادة تهيئتها.
وفي تعليقه على تأثير توفير مياه محطات التحلية على نظام تزويد المواطن بالمياه لمدة 24 ساعة على 24 ساعة، إعتبر أن ثقافة التخزين للحفاظ على المياه في البيوت والمؤسسات ضرورية في إطار إقتصاد الماء الذي يتطلب عقلانية في الإستهلاك، كما يوّفر وقتا إذا وُجد تسرب للتدخل في الوقت المناسب قبل أن يلجأ المواطن للإحتجاج ويُمكن من التعرف على كميات الماء المنتجة لترشيد إستهلاكه.
في هذا السياق، ذكر مدير الموارد المائية نور الدين حميداتو أن محطات تحلية المياه، مشروع ضخم منه 9 محطات بورقلة ويقدر الحجم الإجمالي للمياه المعالجة في هذه المحطات بـ 70.500 متر مكعب، أي ما يقارب 75 ٪ من المياه، تعالج عبر هذه المحطات، وهي عملية مسجلة، منذ سنة 2008، وكانت مؤسسة الإنجاز تقوم على تسييره.
تشير المعطيات الحقيقية، كما ذكر، أن المشروع تم استلامه في أفريل 2020 وكان سيوضع في الخدمة، إلا أنه بسبب جائحة كورونا تأخر وأضاف أن الشبكة الموجودة غير قابلة لاستقبال المياه واستيعابها.
إلا أن بعض المحطات -بحسب ما أشار إليه- سُجل فيها خلل وبعض النقائص والشبكة غير متحكم فيها، وهذا دور الدراسة التشخيصية، حيث أن طول الشبكة الإضافية يقدر بـ165 كلم، وهناك مياه تمر عبر هذه الشبكات التي يجري العمل على عزلها وإعادة ترتيبها.
للإشارة، الدراسة قسّمت ورقلة الكبرى إلى 3 بلديات 12 مقاطعة ولكل مقاطعة محطتها وحدود طاقتها، على اعتبار أن لكل محطة طاقة محددة ودور الشبكة القادمة هو تحقيق توزيع عادل لكل المواطنين للتموين بالمياه المحلاة.
وقال إن هذا التأخر المسجل لا يعود سببه إلى المحطات فقط، بل هناك مشاكل في بعض الأمور ذات الصلة على غرار محطات الضّخ وبعض النقائص الأخرى، بالإضافة إلى الخلل المسجل في شبكة التزويد بالمياه الصالحة للشرب ووضعيتها المتدهورة نظرا لقدمها.
من جهتها، كشفت مصالح وحدة الجزائرية للمياه بورقلة أنه قد تم مؤخرا، وضع كل من محطة التحلية إفري القارة والتي تصل قدرتها الإستيعابية إلى 10500 ومحطة التحلية بحي بوزيد بقدرة 4500. وستغطي المحطتين عددا معتبرا من الأحياء وسط مدينة ورقلة وهي، حي إفري، حي القارة الشمالية، لاسيليس، حي بومادة، حي بوزيد، حي بني ثور، جزء من حي بوغفالة وكل من حي بالة وسيدي بن سياسي.
مياه الصهاريج تجارة رائجة
في توضيح لمدير الموارد المائية، بورقلة، حول ظاهرة شراء مياه الصهاريج المتنقلة، قال بشأنها إنها تعد ممارسة عامة، وهي عمل تجاري رائج لا يعني أن المياه غير موجودة والمواطن يمكنه شراؤها، معتبرا أن الأهم في هذه المياه أن تخضع للقوانين وأن هناك قوانين مضبوطة تحدد أوّل شيء منبع ومصدر المياه.
وبهذا الصدد، كشف أنه وباجتهاد خاص من القطاع خصصت بطاقات تقنية بالصور الأصلية للباعة تعرف البائع ومنبع المياه ومن حق المواطن طلب هذه البطاقة من الباعة للتأكد من معلومات البائع والتأكد من مصدر المياه، مؤكدا أن شراء المواطن للمياه من الصهاريج المتنقلة لا يعني بأن المياه غير متوفرة عبر الحنفيات.
وأضاف أن مراقبة مياه الصهاريج، مهمة جدا خاصة الرقم التعريفي الذي يجب أن يكون المواطن على إطلاع عليه قبل شراء المياه، وهذا سلوك يجب أن يندرج في ثقافتنا، يقول من أجل معرفة مصدر المياه الموزعة.
والقانون واضح في هذا السياق، حيث يحدّد أوّل شيء ما إذا كان مصدر المياه من منبع مرخّص له أو لا وكذا الخزانات التي يجب أن يكون لونها أخضر والحنفيات من البلاستيك ومضادة للصدأ، كما يشترط أن يمرّ البائع، قبل توزيع المياه للمواطنين إلى مكتب حفظ الصّحة لاستخراج تحاليل المياه، وذلك في حال ما كان فيه ضرر تسبب فيه استعمال معين يكون المواطن على اطلاع على مصدر المياه.
وبحسب المعلومات التقنية لمديرية المواد المائية، فإن محطات تحلية المياه التي أنجزت عبر مختلف أحياء المدينة، تندرج في إطار العمل على تحسين نوعية مياه الشرب الموّزعة والسعي إلى تقليص نسبة الملوحة حتى تصل إلى نسبة ضئيلة غرام/ لتر.
5 آبار لتدعيم ورقلة بالمياه
جدير بالذكر بأن المعايير الفيزيكو-كيميائية والبكتيريولوجية تتوافق وتوصيات المنظمة العالمية للصحة وتموّن كل محطة من آبار توفر مياه ذات ملوحة مرتفعة نحو 3 غرام، لتر كما تسمح هذه المنشآت بمعالجة 70.500 متر مكعب من المياه لتوفير 75 ٪ من المياه المحلاة بما يعادل 52.875 متر مكعب يوميا.
وفي سياق تحسين وضعية السكان في مجال التزود بالمياه الصالحة للشرب من خلال إنجاز الآبار الألبيانية وقنوات الجر للتزويد بالمياه وإنجاز منشآت التخزين،عملت الجهات المعنية على تطور المؤشرات الاقتصادية، حيث انتقلت نسبة الربط بالمياه الصالحة للشرب من 90 ٪ إلى 98 ٪ وعدد منشآت التخزين بمختلف الأنواع والأحجام.
ويقدر في الوقت الحالي بـ130 منشأة، منها 95 علويا و35 خزانا أرضيا، سعة التخزين الإجمالية بها 113.020 متر مكعب، كما انتقل عدد محطات المعالجة من محطة واحدة بدائرة البرمة إلى 13 محطة لتحلية المياه والتزويد بالمياه الصالحة للشرب وارتفع استهلاك الفرد من 200 لتر في اليوم إلى 369 لتر في اليوم.
وتقدر نسبة السكان الذين تصلهم المياه لمدة 24 ساعة على 24 ساعة بـ84 ٪، أما البقية فتتواصل فترة إمدادهم بالمياه مدة 8 ساعات إلى 20 ساعة في اليوم مع العلم أن كل البلديات مزوّدة بنظام المياه الصالحة للشرب والتزويد ويبلغ طول شبكة المياه الصالحة للشرب 27.031 كلم وشبكة الجر 238 كلم وشبكة التوزيع 2.493 كلم.
بالنسبة لمؤشرات إنتاج المياه في الولاية فيبلغ عدد الآبار المتواجدة والموجهة للشرب 159 بئر عدد الآبار الألبيانية، منها 21 بئرا ألبياني ويقدر الحجم الموّزع 120 ألف متر مكعب في اليوم وتتمثل احتياجات الساكنة بـ 96 ألف متر مكعب في اليوم، وهو ما يعني أن حجم المياه المنتجة يتعدى الاحتياجات المحلية.
عرف القطاع في سنة 2020، استلام 5 آبار لتدعيم ورقلة بالمياه الصالحة للشرب مع انجاز شبكة تقدر 10.500 متر طولي وانجاز شبكة الجر على طول 4.000 متر طولي.