حافظت ولاية سكيكدة خلال الموسم الفلاحي الماضي، على ريادتها وطنيا في العديد من الشعب الفلاحية، لاسيما شعبتي الطماطم الصناعية والعسل، بالإضافة الى تحقيق الرتبة الثالثة في شعبة الحليب، وذلك وفق تصريح لهوام عماد مدير المصالح الفلاحية لولاية سكيكدة لـ «الشعب ويكاند»، موضحا، أن الولاية تتميز بتنوع المنتوجات الفلاحية، واحتلالها المراتب الأولى في العديد من الشعب الفلاحية، على غرار الطماطم الصناعية، إنتاج العسل، وبذور البطاطا ذات الجودة العالية، وأضاف أن ذلك للمجهودات الكبيرة التي بذلت للنهوض بهذا القطاع الحيوي، وبالتحاق مستثمرين آخرين ستكون لامحالة إضافة للقطاع، لاسيما في مجال التحويل.
تحتل سكيكدة الريادة في إنتاج الطماطم الصناعية الذي وصل خلال الموسم الفلاحي الماضي، إلى أكثر من 4 ملايين قنطار، مما أهل الولاية لأن تتربّع لسنة أخرى، على عرش الطماطم الصناعية ذات الجودة العالية على المستوى الوطني، بنسبة إنتاج تمثل حوالي 51 بالمائة من الإنتاج الوطني.
رغم أن ولاية سكيكدة تعدّ قطبا استراتيجيا في البتروكيمياء، ولديها إمكانيات هائلة في المجال السياحي، تتوفر على أكبر ساحل على المستوى الوطني بـ141 كلم، الا انها تعدّ قطبا فلاحيا بامتياز كذلك نظرا لمختلف المنتوجات الفلاحية وبكميات كبيرة ونوعيات بأراضي بدرجة خصوبة نادرة قدرت مساحتها بـ 131879 هكتار من إجمالي مساحة الولاية 68،4137 كيلومتر مربع.
ويأتي هذا الإنتاج بالرغم من التقلّص النسبي الذي عرفته المساحة المزروعة، والذي نزل من 8000 هكتار، خلال السنوات الماضية، إلى 7500 هكتار السنة الحالية، وذلك بسبب لجوء بعض المنتجين إلى التنويع في الزراعة من خلال تهوية الأرض وتركها ترتاح حتى تضمن في السنة الموالية إنتاجا نوعيا من الطماطم الصناعية.
وتبقى بلدية ابن عزوز الرائدة وطنيا في إنتاج الطماطم، حيث تقدّر المساحة المزروعة بها بـ 4 آلاف هكتار، تليها بلديات بكوش لخضر عزابة وجندل، موازاة مع 15 بلدية أخرى تقع معظمها بالجهة الشرقية والجنوبية من الولاية المشهورة بزراعة الطماطم الصناعية.
وتتوفّر سكيكدة على أراض فلاحية خصبة، تقدَّر مساحتها الإجمالية بحوالي 194 ألف هكتارا، تمثل حوالي 32 بالمائة من المساحة الإجمالية، منها 30 ألف هكتار مستغلة، كما تحصي ما يزيد عن أكثر من 92 ألف فلاح، من بينها 14 ألف فلاح بشعبة الطماطم الصناعية لوحدها، وتحوّلت إلى قطب فلاحي هام بامتياز، بقيمة إنتاجية تصل إلى 101 مليار دينار جزائري.
إنتاج 12.7 مليون قنطار وطنيا
حقّق قطاع الفلاحة على المستوى الوطني، الموسم الماضي، نتائج مذهلة لحملة جني وتحويل الطماطم الصناعية التي بلغت أوجّها، بإنتاج إجمالي بلغ 12.7 مليون قنطار، بمردود متوسط بلغ 743 هكتارًا في القنطار الواحد أي بتسجيل زيادة نسبتها 77 من المئة مقارنة بالكميات المسجلة في نفس الفترة من السنة التي قبلها، حيث تمّ تسجيل إنتاج 7.2 مليون قنطار، وبلغت المساحة المخصّصة لزراعة الطماطم الصناعية، بـ24.453 هكتار.
ومن إجمالي الكمية المنتجة، تمّ تحويل 5.3 ملايين قنطار من الطماطم، بما سمح بإنتاج 471780 قنطار من مركز الطماطم الثلاثي و239.922 قنطار من مركز الطماطم المضاعف.
توقّع 5 ملاين قنطار الموسم الحالي
يقول هوام عماد مدير المصالح الفلاحية، انه يطمح الى تحقيق منتوج من الطماطم الصناعية للموسم الفلاحي القادم بـ5 ملايين قنطار، والمحافظة على الريادة على مستوى الوطني، حيث خصّصت مساحة لهذه الشعبة تقدر بـ 7500 هكتار، وأشار الى أن عملية غرس الشتلات انطلقت في بداية الشهر الجاري، على مستوى بلدية بكوش لخضر، حيث مسّت العملية الى حدّ الآن 300 هكتار، وستتواصل الى غاية أواخر شهر افريل القادم، والذي هو بمثابة ذروة غرس الشتلات، وتمسّ كل المساحة المخصصة لهذه الشعبة.
وأوضح مدير المصالح الفلاحية لسكيكدة، ان أكبر أشكال هو نوعية الشتلات التي تعطي المنتوج في وقت واحد، وان أمكن الحصول على شتلات متباعدة في الإنتاج على الأقل بين كل منتوج 15 يوما، يمكن الجزائر التحول الى تصدير الطماطم الصناعية.
وأضاف هوام، ان مجموع انشغالات فلاحي هذه الشعبة تتمحور حول ثلاثة نقاط، أولها غلاء هذه الشتلات، وأسعار ملتهبة للأسمدة والأدوية، بالإضافة الى مصاريف الإنتاج المختلفة.
لقاءات مع االتقنيين والمهنيين والمنتجين
من جانبه، اوضح رابح مسيخ إطار بمديرية الفلاحة، أن هذه الأخيرة رسمت هدف غراسة 7500 هكتار من الطماطم الصناعية، بعد سلسلة من اللقاءات مع الإطارات التقنية والمهنيين، والمنتجين، من اجل التحضير الجيد لهذا الموسم، مع توفير كل الأدوات ووسائل الإنتاج، وأضاف، أن الامطار المتساقطة مؤخرا، جاءت في وقتها، رغم انها أخرت عملية الغراسة، ولكن ليس بالشكل المؤثر على العملية.
وأشار مسيخ رابح، انه في انتظار دخول مشروع الشطر الثاني لمحيط السقي لزيت العنبة، والذي يمسّ 3500 هكتار، ويمتد الى بلدية بن عزوز، والذي يوجد في لمساته الأخيرة، بالإضافة الى الشطر الأول لمحيط السقي والذي يمس أكثر من 2500 هكتار، وهذا الأخير كفيل بتشجيع الفلاحين في رفع من سقف الاهتمام بهذه الشعبة الحيوية.
وقد أرجع المتحدّث بلوغ إنتاج محصول الطماطم الصناعية بولاية سكيكدة إلى هذا المستوى، نتيجة الدعم الكبير الذي قدّمته الدولة للمنتجين من جهة، ومن جهة أخرى إلى الحملات التحسيسية التي أشرف عليها المعهد الوطني لحماية النباتات ضد الأمراض الفطرية، خاصة مرض «المليديو» في وسط المنتجين، زيادة إلى الظروف المناخية المواتية التي تتميز بها المنطقة، نوعية التربية وكذا الاستعمال الجيد للشتلات.
اما عن وحدات التحويل يقول مسيخ، انه بالإضافة إلى الثلاث وحدات المعروفة في الولاية، تتواجد وحدة تحويل الطماطم الصناعية ذات طاقة لا بأس بها، تبعد على حدود دائرة بن عزوز بـ 2 كلم لكنها تابعة إلى ولاية عنابة، وتستفيد بكميات هائلة من الطماطم الصناعية، مما تساهم في امتصاص وتسهيل عملية الاستلام.
عقد النجاعة للقطاع الفلاحي
تمّ إبرام عقد النجاعة الخاص بقطاع الفلاحة لولاية سكيكدة، الذي هو بمثابة التزام ما بين الإدارة المركزية والإدارة المحلية، يتمّ بموجبه التعهد بالسعي من اجل تحقيق أهداف يتمّ الاتفاق عليها مسبقا، وبالنسبة لقطاع الفلاحة والتنمية الريفية، فإن عقود النجاعة هي إحدى الآليات الأساسية التي تضمن تفعيل حوكمة، وتحقيق الرشادة الاقتصادية، حيث تسمح لكل الأطراف بمتابعة وتقييم التنفيذ الفعلي لخارطة الطريق القطاعية 2020 ـ 2024.
كما ستمكن ورقة الطريق، من الوقوف على مدى التقدم في تعزيز مستويات الإنتاج من خلال عصرنة وسائل وطرق الإنتاج، لاسيما فيما يخصّ الشعب الفلاحية الاستراتيجية، ذات الاستهلاك الواسع، على غرار شعبة الطماطم الصناعية، دون إغفال التنمية الريفية والمساهمة في تنمية مناطق الظل.
الهدف من عقود النجاعة أيضا، هو حشد الفاعلين على المستوى المركزي والمحلي، لتعزيز المجهود الوطني ومرافقة منتجي الثروة من الفلاحين والمربيين وكافة المتدخلين في توفير الغذاء من مختلف الشعب الفلاحية، وكذلك القائمين على حماية وتثمين الثروة الغابية.
ويتضمّن محتوى هذه العقود، الأهداف السنوية المتفق عليها مع كل ولاية، وهي تمثل الحد الأدنى المتوسط الذي يمكن بلوغه فيما يخص الإنتاج الفلاحي لكل شعبة فلاحية مستهدفة، وكذا تجسيد البرامج الجارية مع مراعاة توفير الخبرة والمعرفة والإمكانيات، إضافة إلى القدرات الطبيعية والظروف المناخية لكل ولاية.
ويخضع تنفيذ هذه العقود إلى متابعة ميدانية مستمرة على مستوى المحلي، وتقوم المصالح المركزية للوزارة بالموافقة ومتابعة مدى تجسيدها على أرض الواقع من خلال عملية تقييم فصلية، وكذا من خلال الخرجات الميدانية.
تحفيز ومرافقة
وأشارت تقارير رسمية، إلى أن السياسة الوطنية المتبعة فيما يخصّ التكفل بالفلاحين ماديا وتقنيا في إطار الصندوق الوطني للتنمية الفلاحية، قد أعطت نتائج إيجابية على صعيد المنتوج الذي يسجّل ارتفاعا من حيث الكمية والنوعية، وبالرغم من ذلك يبقى هذا الانتاج دون مستوى الإمكانيات الحقيقية التي تزخر بها الولاية في مختلف الميادين، إذ تمتلك مساحة إجمالية تتجاوز 132 ألف هكتار تعدّ من أخصب وأجود الأراضي الفلاحية بالوطن، إلاّ أنّها غير مستغلة بنسبة كبيرة ومنها ماهو مستغل بصورة عشوائية وفوضوية كبعض المستثمرات الفلاحية الفردية والجماعية، أصبحت مهملة وضائعة والمستفيدون لا يستغلونها بكيفية منتظمة وحقيقية، وبعضها تخلى عنها فيما لجأ آخرون إلى كرائها والتفرغ لأعمال أخرى غير الميدان الفلاحي.
إمكانات مائية هائلة
وتراهن شعبة الطماطم الصناعية بالولاية على محيطين كبيرين هما محيط سهل الصفصاف المسقي ومحيط سهل زيت العنبة، لكونهما من بين أهم وأكبر المحيطات المسقية على المستوى الوطني، ففيما يخصّ المحيط المسقي لسهل الصفصاف الذي يوجد على امتداد سهلي وادي الصفصاف وامجاز الدشيش، أي على مساحة اجمالية للمشروع تقدر بـ5496 هكتار. ومحيط المسقي زيت العنبة والمسير من قبل الديوان الوطني للسقي والصرف الذي دخل حيز الاستغلال سنة 2007، بالنسبة للشطر الأول منه، فإنه يتربع على مساحة اجمالية تقدر بـ 10584 هكتار عند الانتهاء من تجسيد المشروع كلية، منها مساحة 6500 هكتار مستغلة، ويشمل بلديات الجهة الشرقية من الولاية عين شرشار وبكوش لخضر وابن عزوز وجندل ويعتمد على السقي انطلاقا من سدّ زيت العنبة ببكوش لخضر، حيث تقدر احتياجات هذا المحيط من المياه الموجهة للسقي بـ 983.16 هكم3 في السنة.
وقدرة استيعاب سد زيت العنبة بـ116 مليون متر مكعب، يمون بلديات عزابة وجندل وعين شرشار والسبت بالماء الشروب، بالإضافة إلى استغلاله لسقي مساحات زراعية.
مشروع نموذجي للطماطم المجفّفة
تمكّنت في وقت سابق، جمعية «بريق 21 « من تجسيد مشروع إنتاج الطماطم العضوية المجففة بصفر»0» انبعاث ثاني أكسيد الكربون، وذلك من خلال مشروعها النموذجي الخاص بمزرعة إنتاج الطماطم المجففة 100% بيولوجية والمدمج بالمحمية الطبيعية صنهاجة قرباز، والممول من طرف البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وشركائه GEF و.SGP
ويعدّ المشروع الثامن من المشاريع الممولة من قبل برنامج الأمم المتحدة للتنمية بالجزائر، والمتمثل في إنجاز المزرعة النموذجية لإنتاج الطماطم المجففة 100% طبيعية بالمنطقة الرطبة « قرباز».
التجربة تم إطلاقها على مستوى مزرعة نموذجية تقع بمنطقة قرباز صنهاجة الرطبة ببلدية جندل شرق سكيكدة وتربعت على مساحة تقدّر بهكتار واحد، وهي أوّل عملية لجني الطماطم العضوية المجفّفة 100 بالمائة طبيعيا على المستوى الوطني، حيث أن المشروع بادرت به جمعية «بريق 21» لترقية الطاقات المتجدّدة والتنمية المستدامة لسكيكدة، امتد على أكثر من 06 أشهر، وهو مموّل من قبل برنامج الأمم المتحدة للتنمية بالجزائر، حيث قدّرت تكلفته ب 2.2 مليون دج في إطار التمويل المصغر.
وعملية جني المحصول، جاءت بعد الانتهاء من تثبيت الهياكل والشباك الخاص بعملية التجفيف، لتأتي عملية جني المحصول الذي تعد الأوّل من نوعها وطنيا، وبعد عملية الجني، تم تقطيع الطماطم وتجفيفها ووضعها في قنينات زجاجية، بها القليل من زيت الزيتون.
والمشروع الحيوي حسب مسؤولي الجمعية، ساهم في انجازه كلّ من شركة الدراسات والإنجاز في الطاقة المتجدّدة، وكذا فرع مركز التنمية في الطاقات المتجدّدة، وولاية سكيكدة، وجامعة 20 أوت 55، وأيضا مديرية البيئة للولاية، وغرفة التجارة والصناعة «الصفصاف»، وبلدية ابن عزوز، بمشاركة منتخبو بلدية ابن عزوز ومتطوعون وصاحب الأرض، بالإضافة إلى 10 جامعيين من معهد الزراعة والفلاحة، ومعهد العلوم البيولوجية بجامعة 20 أوت 55، وأعضاء جمعية «بريق 21».
كما حرصت الجمعية كلّ الحرص على أن يكون إنتاج هذه الطماطم طبيعيا 100 بالمائة، انطلاقا من الزرع إلى غاية السقي بما في ذلك الأسمدة، حيث تمّ الاعتماد على بقايا الحيوانات وكذا النفايات العضوية النباتية، وتتوقع الجمعية، أن يكون الإقبال على هذا المشروع كبيرا، خاصة بعد نجاح تجربة الزراعة العضوية، بالاعتماد على الأشعة الشمسية، ناهيك عن الإضافة التي ستقدّمها للمزارعين فيما يخص تسويقها، خاصة باتجاه الدول الأوروبية التي يكثر بها الطلب على هذا النوع من المحصول الزراعي.