عاد النقل بين الولايات للنشاط مجدّدا بقرار حكومي بعد 9 أشهر من التوقف جراء جائحة كورونا، حيث وصف قرار استئناف حركة النقل بالحكيم لإعادة بعث الحياة وإنقاذ مهنيّين من الإفلاس، وتجاوز حجم المعاناة والفاقة الاجتماعية التي طالت أسرهم، ناهيك عن الخسائر الاقتصادية التي قاربت 15 مليار دينار، حسب تصريحات المدير العام لمجمع النقل البري.
عرف الأسبوع الأول الذي دخل فيه القرار حيز التنفيذ استجابة متفاوتة بين الناقلين الخواص ووسائل النقل العمومي بدرجة أقل، حيث شهدت محطة النقل البري للمسافرين بالخروبة عودة محتشمة في الأيام الأولى وصفها عدد من الناقلين «بالطبيعية» بعد فترة طويلة من التوقف وعودة تنظيم الخطوط، مع التردد أيضا في مدى الاستجابة للتدابير الوقائية والشروط المصاحبة لاستئناف النشاط، ومنها مطلب تقليص طاقة استيعاب الحافلات إلى 50 بالمائة التي تحفظت عليه نقابة القطاع وأصحاب المركبات بحجة ضعف مردودية الخطوط الطويلة أمام ارتفاع التكاليف والزيادات التي عرفتها أسعار الوقود.
وتساءل بعض المواطنين القاطنين بالولايات الداخلية عن مدى تأثير تدابير الحجر المنزلي على سير الحافلات وسيارات الأجرة، وضمان الخدمة في هذه الفترة التي كان يفضلها الكثير في عملية التنقل بالخصوص إلى العاصمة لتجنب ازدحام الطرقات.
في حين جرت الأمور أكثر سلاسة على مستوى شركة النقل بالسكك الحديدية، حيث اتخذت المديرية العامة كل التدابير الوقائية والتحضيرات المسبقة للقرار من أجل استئناف رحلات القطار الذي بدأ أولا برحلات الضواحي عبر خطوط: العاصمة - الثنية بمجموع 46 رحلة يوميا، خط العاصمة - تيزي وزو - وادي عيسى 14 رحلة في اليوم، الثنية - وادي عيسى 8 رحلات في اليوم، الجزائر - زرالدة 22 رحلة في اليوم والعاصمة - العفرون 38 رحلة يوميا، بداية من الساعة السادسة صباحا الى السادسة مساءً مع أخذ بعين الاعتبار توقيت الحجر المنزلي، إضافة إلى خطوط نقل الطلبة التي تشمل كل من خط خميس مليانة الشف، خط عنابة سيدي عمار وخط باتنة عين توتة.
بعدها جاء الدور على الخطوط الجهوية الكبرى الرابطة بين مختلف ولايات الوطن بمعدل رحلات قد يصل إلى 200 رحلة يوميا في حالة عدم تسجيل اضطرابات في التوقيت، مع اتخاذ كافة الإجراءات لضمان سلامة الركاب واحترام تدابير التباعد الجسدي، إلزامية وضع الكمامة وتوفير جهاز كاف الحرارة، مع وضع تسهيلات أخرى في إطار تحسين الخدمات لفائدة الزبائن بتمديد صلاحية بطاقات الاشتراك القديمة، وفتح شباك جديد للحجز واقتناء التذاكر عن طريق الدفع الالكتروني للحد من ظاهرة الاكتظاظ والطوابير الطويلة أمام الشبابيك في ظل جائحة «كوفيد-19».
ارتياح لدى المواطنين
بدأت حركة حافلات نقل المسافرين التي تضمن الخطوط ما بين الولايات تشق طريقها مجددا نحو العاصمة وولاية تيزي وزو، وعدد من الولايات المجاورة الأخرى كالبويرة وبجاية لكنها باحتشام.
عرفت محطة الحافلات بعاصمة الولاية غيابا شبه تام للحافلات مع بداية الأسبوع تاريخ دخول القرار حيز التطبيق رغم استعداد المسافرين من عمال وطلبة للتنقل خارج الولاية، في انتظار عودة حركة النقل إلى وضعها السابق على الرغم من التردد الواضح الذي عبّر عنه البعض من أصحاب الحافلات «الذين تحفّظوا على شروط البروتوكول بتقليص عدد المقاعد إلى النصف»، الذي لا يغطي حجم التكاليف حسبهم، ولا يمكن تعويض 9 أشهر من البطالة المفروضة، وهي نفس الاهتمامات ايضا عبر عنها أصحاب سيارات الأجرة.
مقابل هذا شهدت حركة النقل بالقطارات توافدا معتبرا للمسافرين أغلبهم من الطلبة، الذين «عبّروا عن فرحتهم الكبيرة واستحسانهم لعودة حركة النقل ما بين الولايات المتزامنة مع بداية الموسم الجامعي الجديد»، حيث تعتبر وسيلة قطار الضواحي الرابط بين العاصمة بومرداس الثنية من أكثر الوسائل استخداما من قبل الطلبة والعمال المتوجهين من والى العاصمة، كما تداول رواد التواصل الاجتماعي قرار استئناف نشاط النقل وبالأخص حركة القطارات باهتمام كبير، ومتابعة مستمرة الى غاية نشر توقيت الانطلاق والعودة التي أعلنت عنه الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية، وهذا تعبيرا عن حجم السعادة وإبرازا للمعاناة التي تكبّدوها طيلة هذه المدة في رحلة البحث عن وسيلة نقل.
ووضعت إدارة الشركة ومسيّرو محطة النقل بعاصمة الولاية عدة إجراءات وقائية لضمان العودة العادية لحركة النقل بالقطارات وفق تدابير البروتوكول الصحي، عن طريق توجيه «تعليمات صارمة لمنع أي مسافر من الصعود دون قناع واقي والخضوع لعملية الكشف بالجهاز الحراري، الى جانب التباعد ومنع جلوس راكبين في المقاعد المزدوجة وغيرها من التدابير الأخرى لضمان سلامة المسافرين».
مع الإشارة في الأخير إلى أن السلطات العمومية ووزارة النقل لم تبق مكتوفة الأيدي من أجل التكفل بالانشغالات المهنية والاجتماعية للناقلين أصحاب المركبات، السائقين وقابض الحافلة من خلال تكليف المديريات الولائية ومنها مديرية النقل لبومرداس بإحصاء الأشخاص المتضررين من تدابير الحجر جراء توقف النشاط، ومطالبتهم بإعداد ملفات للاستفادة من الإعانة التي خصصتها الدولة للأشخاص المتضررين المقدرة بمليون سنتيم على ثلاثة دفعات، مسّت كل المهنيين الذين تتوفر فيهم الشروط كالسجل التجاري ودفع الاشتراكات السنوية لصندوق «كاسنوس»، مع تنظيم عدة لقاءات جمعت مدير النقل بممثلي النقابة الوطنية للناقلين لإيجاد مخرج لازمة توقف النشاط سواء بالتعويض أو منح رخص استثنائية تسمح للناقلين ما بين الولايات بالنشاط داخل الولاية في الخطوط ما بين البلديات، وغيرها من الإجراءات الأخرى للتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية التي مست هذه الشريحة.