تعرف العديد من أحياء وبلدية الشراقة، غرب العاصمة، حالة كبيرة من الإهمال فيما تعلق بجانب النظافة والتهيئة بسبب الإنتشار الرهيب للنفايات والإنبعاث المقلق للروائح الكريهة التي تؤرق حياة السكان والزوار على حد السواء. وضعية مزرية جعلت المدينة تسجل تراجعا كبيرا في مجال التنمية المحلية لتفقدها بذلك بريقها المعهود، خاصة إذا ما نظرنا الى حال طرقها وأرصفتها التي تعرف هي الأخرى وضعية كارثية على ضوء أشغال الحفر المنتهجة على مستواها في كل مرة.
يحصل هذا بالمدينة التي تسجل أكبر المداخيل الجبائية التي جعلتها تصنف ضمن أكبر وأغنى بلديات عاصمة البلاد، باعتبارها منطقة تجارية بامتياز جعلت منها قطبا تجاريا يستقطب المواطنين من كل مكان، كان من المفترض أن تجعلها من أرقى وأجمل البلديات، غير أن الواقع يظهر العكس، بحسب تأكيدات المواطنين لنا.
فلا يزال سكانها منذ عدة سنوات ينتظرون لحد الساعة، بعث مشاريع تنموية لإعادة الاعتبار للمنظر الجمالي لأحيائها وشوارعها، خاصة الرئيسية التي غابت عنها كثيرا، خاصة في ظل ما تعرفه من توسع عمراني كبير جعلها تسجل كثافة سكنية، دون الحديث عن حرة المواطنين الذين يقصدون بصورة يومية من مختلف بلديات العاصمة وحتى من الولايات الداخلية من أجل التبضع، بالنظر الى ما تحتويه من محلات ذات علامات تجارية هامة.
فالبرغم من الطلبات الملحة للمواطنين لإعادة الاعتبار لمنظرها الجمالي، إلا أن السلطات لاتزال تنتهج سياسة الصمت إزاء ذلك ما طرح لديهم الكثير من التساؤلات حول سبب إهمال الجهات المسؤولة عن تسيير هذه المدينة لهذه، ليعبر في هذا الإطار المواطن جمال في تصرح لـ»الشعب»، عن دهشته واستغرابه من غياب تهيئة حقيقية كان من المفترض أن تنطلق منذ سنوت، خاصة إذا ما نظرنا الى طابع المدينة التجاري الذي يمكنها من تحصيل مداخيل هامة من شأنها أن تشكل مصدرا ماليا رئيسيا لمشاريع تنموية ذات نطاق واسع.
واستطرد محدثنا يقول: «أنا لا أعرف سبب عدم إطلاق مشاريع، لكن حتى وإن كانت هناك مشاكل خفية تعاني منها البلدية على الأقل يتم تعبد الطرق، فشوارع وأحياء المدينة اليوم في حالة كارثية، أو حتى يتم تدعيم شوارعها بحاويات كافية على استيعاب الكم الهائل من النفايات المنزلية التي يتم إخراجها يوميا».
ويبقى جمال، عينة من المواطنين الذين أبدوا امتعاضهم الشديد للحالة التي آلت إليها المدينة التي عرفت مؤخرا حالة من التهميش، معبرين عن استيائهم إزاء سياسة الصمت التي تنتهجها السلطات حول هذه الوضعية التي تظهر للعيان بشكل ملفت.
ليشكل بذلك تزفيت الطرق وإعادة تهيئة الأرصفة، أهم انشغالات سكان البلدية الذين يعانون الأمرين صيفا وشتاء، فبمجرد سقوط القطرات الأولى من المطر، يجدون أنفسهم مرغمين على السير مع أطفالهم وسط برك موحلة تتطاير منها المياه في كل اتجاه.
وفي جولة استطلاعية قادت «الشعب» نحو عدد من أحياء البلدية وشوارعها الرئيسية، لمسنا ذلك الإهمال الذي عبر عنه المواطن جمال، خاصة ما تعلق بجانب النظافة، حيث صادفنا الكثير من النفايات المترامية على مستوى العديد من الأزقة جعلتها تبدو في حالة كارثية، دون الحديث عن الروائح الكريهة المنبعثة منها والتي تجعل المارة في حالة من الاشمئزاز.
عيوب واضحة في إنجاز المشاريع
كما لاحظنا العيوب المترتبة عن العمليات السطحية المتبعة في إنجاز مشاريع إعادة تهيئة وتعبيد الطرق بعد وضع قنوات الصرف الصحي التي تعرف هذه الأيام انتشارا كبيرا بها، حيث سجلنا أشغالا كثيرة عبر العديد من الشوارع، على غرار ما يعرفه شارع محمد بوضياف وكذا الشارع المؤدي الى السوق التجاري. هذان المحوران اللذان يرجو المواطنون، خاصة أصحاب المركباتو الإسراع في إنجازهما وإعادة تعبيدهما من أجل فك الخناق عن حركة المرور على مستواهما، حيث تتسبب في وقوع الكثير من المشاكل كثقل حركة المرور والراجلين على حد سواء والذين أفادوا في تصريح لـ «الشعب» أن حجم المعاناة تزداد حدة كل يوم.
صورة أخرى طبعت أحياء بلدية الشراقة، خاصة على الطريق المحاذي للمركز التجاري القدس وبالضبط أمام موقف الحافلات الذي يعرف هو الآخر حالة تدهور كبير، رغم تمركزه وسط المدينة. فقد سجلنا على مستواه أرصفة متدهورة وطرقا مهترئة، دون إغفال ظاهرة ترك النفايات بجانب الموقف. ظاهرة أعطت صورة جد سيئة، خاصة مع انبعاث روائح كريهة منها. ولعل حالة الموقف المائل أكثر ما أثار اندهاشنا، حيث بات يشكل خطرا حقيقيا على المواطنين ممن يفضلون الوقوف تحته أو المشي بجانبه والغريب في الأمر ان هذا الموقف لا يبعد عن مقر بلدية الشراقة إلا ببضعة أمتار.
وضعية مأساوية إستدعت المواطنين، ممن كان لهم حديث مع «الشعب»، مطالبة السلطات المحلية الوقوف عليها ومحاولة إيجاد حلول لها، بتوفير حاويات خاصة برمي النفايات التي يزداد حجمها يوما بعد اخر، في ظل الكثافة السكنية المسجلة، حيث شهدت المدينة خلال السنتين الأخيرتين إرتفاعا كبيرا للساكنة في ظل فتح أحياء سكنية جديدة. مع ضرورة إعادة إصلاح موقف الحافلات المقابل للمركز التجاري القدس قبل وقوع الكارثة.
معطيات جديدة كارتفاع الكثافة السكنية بالبلدية دخلت على المدينة لم تراعها السلطات بعد، جعلت المواطن يضطر الى وضع القمامة على الأرض على مستوى مكان متفق عليه ليتم جمعه من طرف عمال النظافة.
وإن كان عمال النظافة يقومون بجمعها بصفة يومية، إلا أن منظرها فوق الأرض بات يشوه المنظر الجمالي لمختلف طرق وشوارع البلدية ويسيئ لواجهتها بشكل كبير. والحديث عن جمعها من قبل عمال النظافة يقودونا لسرد يوميات هؤلاء الرجال ممن يتكبدون معاناة رفعها بسبب انتشارها الرهيب وتبعثرها هنا وهناك جراء ما تخلفه القطط والكلاب الضالة التي تعبث فيها بحثا عن ما تأكله.
صورة مقلقة باتت تطبع مدينة الشراقة جعلت الزائر يأخذ نظرة معاكسة عن التي رسمها في ذهنه على أنها أرقى بلديات غرب العاصمة ونقصد بالحديث هنا الشارع الرئيس المؤدي الى المركز التجاري القدس، فالنظافة الدورية على مستواه غائبة حتى أن هناك بعض الأزقة المجاورة له إن لم تنظف بمياه الأمطار، فلن تعرف النظافة لها عنوان.
وليس بعيدا عن ساحة الرئيسية للقدس، نجد الشارع التجاري للمدينة هكذا يفضل السكان المنطقة تسميته لما يعرفه من حركة تجارية هامة والذي يبقى بعيدا عن واقع التهيئة، حيث تشهد أرصفته هو الآخر إهمالا كبيرا، فرغم ما يتميز به الشارع من حركة كبيرة للمواطنين إلا انه لا يزال يعرف نوعا من الإهمال وغياب النظافة.
واقع أليم جعل التجار يطالبون في حديث مع «الشعب» السلطات بضرورة إعادة تهيئته حتى يعطي صورة أجمل له، خاصة وأنه يعرف توافدا كبيرا للزوار الذين يقصدون تلك المحلات من كل أرجاء العاصمة لاقتناء مستلزماتهم، حيث كان من الممكن جعله من بين أرقى الشوارع على الإطلاق، خاصة وأن جل المحلات المتمركزة على مستواه تعرف واجهة عصرية ينقصها فقط إعادة تهيئة طرقه وأرصفته.
إزدحام مروري يومي
كما تسجل بلدية الشراقة حركة مرور ثقيلة، جعلت أصحاب المركبات في حالة من الانزعاج والتذمر اليومي، باعتبارهم يقضون ساعات طويلة من أجل إجتيازها، خاصة ما تعلق بالمحورين الرابطين مابين حي محمد بوضياف والمحور الرئيس المحاذي للمركز التجاري القدس، بسبب تدهور حالة الطرق التي تضطرهم الى السير ببطء، خلقت معها طوابير من السيارات زادت من تأزم الوضع أكثر مما كان عليه، مشكلة بذلك النقطة السوداء بالمدينة الى جانب الشارع المؤدي الى محكمة الشراقة، خاصة أوقات الذروة ما يستغرق وقتا كبيرا لإجتيازها.
محطة نقل برية بحاجة إلى إعادة تهيئة وتوسيع
لعل من بين النقاط التي أثارها سكان البلدية في تصريح لـ»الشعب»، حالة محطة نقل المسافرين التي لا تزال هي الأخرى تعرف حالة كارثية، فرغم التوسع العمراني الذي عرفته المدينة إلا أن المحطة لا تزال على حالها، إذ لم تعد تستوعب الكم الهائل من المسافرين، جعلها تدخل في فوضى كبيرة حيث طالبوا في هذا الصدد من السلطات بضرورة إعادة الاعتبار إلى محطة النقل المجاورة. من جهة أخرى يرى سكان البلدية ضرورة إعادة تهيئة مختلف المرافق العمومية المتواجدة وجعلها تتماشى والكثافة السكنية أو دعمها بملحقات أخرى، حيث لم تعد تستوعب العدد الهائل للمواطنين، على غرار ما يعرفه مركز البريد الذي لم يعد كافيا لتلبية طلبات زبائنه، متسببا في طوابير يومية للمواطنين. وعلى ضوء جملة النقائص التي تشوب عددا كبيرا من أزقة وشوارع بلدية الشراقة، يطالب المواطنون بضرورة إعادة النظر في المنظر الجمالي للمدينة والتقيد بضمان تنظيف دوري لشوارعها وتبليط أرصفتها بما يليق بواجهتها التجارية.
المطالبة بإعادة الاعتبار للمدينة
وفي ظل جملة المشاكل التي تتخبط فيها أحياء وشوراع بلدية الشراقة التي أفقدت المدينة بريقها، وجه السكان نداء استغاثة للسلطات بضرورة التدخل السريع لرد الاعتبار للمنطقة التجارية بامتياز وانتشالها من جل المشاكل التي تتخبط فيها بإعادة الاعتبار لشوارعها وطرقها التي تغزوها الحفر والنفايات والأتربة المتطايرة في كل مكان من خلال إدراج مشاريع تنموية.
جدير بالذكر، أن المسؤولين المحليين لبلدية الشراقة، كانوا يحرصون خلال خرجاتهم الميدانية اليومية على التركيز على واقع التنمية بها والتي عرفت، بحسبهم، حركة واسعة النطاق، مست مختلف القطاعات الحساسة التي لها علاقة مباشرة بالمحيط الإجتماعي للمواطن.
وسجلت البلدية العديد من الإنجازات تم استلام بعض منها وأخرى لا تزال قيد الإنجاز. مشاريع هامة رصدت لها أموال معتبرة تم تسطيرها وفق مخططات مستقبلية ترمي إلى النهوض بالتنمية المحلية أكثر، مع الحرص الدائم على تذليل المشاكل الخاصة بأزمة السكن، الشغل، التربية، الصحة، وإعادة تحريك مختلف النشاطات الرياضية، الثقافية، الترفيهية مع العمل الدائم على تحقيق مطالب السكان من خلال سماع انشغالاتهم والعمل على معالجة مختلف المشاكل التي تنغص حياتهم وتحسن من أوضاع البلدية.