أكد الخبير في الموارد المائية بجامعة بشار، مرزوق توهامي، أن الجزائر تستهلك أكثر من 90٪ من مخزونها المائي المتاح سنويًا عند احتساب جميع القطاعات، بينما لا تتجاوز حصة الاستهلاك المنزلي 11٪، مقابل استحواذ الزراعة على قرابة 60٪ من الموارد. وأوضح في تصريح لـ«الشعب” أن هذه الأرقام تكشف حجم الضغوط المتزايدة على الموارد التقليدية بفعل التغيرات المناخية والنمو السكاني السريع.
أشار الخبير مرزوق توهامي إلى أن ندرة المياه لم تعد سيناريو مستقبليًا، بل واقعًا يفرض نفسه، ما جعل هذا الملف أولوية في السياسة التنموية لرئيس الجمهورية. وقد اعتمدت الدولة استراتيجية وطنية متكاملة لتحديث قطاع المياه وتعزيز الأمن المائي، ترتكز على تنويع المصادر وتحسين الإدارة.
وأوضح أن تحلية مياه البحر أصبحت ركيزة أساسية لمواجهة تراجع الموارد التقليدية، حيث تسارعت وتيرة إنجاز وتشغيل محطات التحلية لتلبية جزء معتبر من حاجيات مياه الشرب، مما يقلل الاعتماد على المياه الجوفية والسدود ويوفر مصدرًا أكثر مرونة واستدامة.
كما شدّد على أهمية إعادة استخدام المياه المعالجة، خصوصًا في الزراعة، لافتًا إلى خطط الدولة لزيادة طاقة المعالجة بإنشاء محطات جديدة وتطوير الحالية، بهدف تخفيف الضغط على الموارد الطبيعية وضمان استهلاك رشيد.
وأضاف أن الحكومة تعمل على ترشيد الاستهلاك وتحسين إدارة الشبكات للحد من التسربات، إلى جانب نشر تقنيات ري حديثة تقلل الهدر في المناطق الزراعية ذات الطلب المرتفع. وفي الوقت نفسه، لم تُغفل الدولة مشاريع السدود وصيانة الموارد الجوفية، خاصة في الجنوب والمناطق شبه الجافة، لضمان استدامتها.
وفي سياق آخر، أكد توهامي أن الابتكار والبحث العلمي يلعبان دورًا محوريًا في تطوير تقنيات المعالجة وإعادة الاستخدام، بما يسمح بتوسيع استعمال المياه المعالجة في الري والصناعة، ويعزز حماية البيئة. كما أشار إلى أن الجزائر تعالج حاليًا نحو 600 مليون متر مكعب من المياه المستعملة سنويًا، وفق الإحصاءات الرسمية لسنة 2025، مع تشديد الرقابة للحد من التلوث الصناعي والزراعي.وختم الخبير بالقول إن هذه الجهود تشكل منظومة متكاملة تهدف إلى تحقيق أمن مائي وطني قائم على الاكتفاء الذاتي والاستدامة، مع رؤية بعيدة المدى تراعي التحديات البيئية والمناخية التي تهدد مستقبل المياه في الجزائر والعالم.