تسابق ولاية باتنة الزمن لتنمية مناطق الظل، بتوفير الماء بإنجاز السدود والحواجز المائية والآبار الارتوازية وغيرها، تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية وتوصيات آخر لقاء للحكومة بولاة الجمهورية.
شرعت سلطات عاصمة الأوراس، في اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات خاصة لتوفير الماء الصالح للشرب، لسكان مناطق الظل التي جاءت في مخطط عمل الحكومة، ووجوب إيجاد حلول للنقائص المسجلة في هذا المجال بأي طريقة، حسب الإمكانيات المالية المتاحة على غرار صهاريج المياه.
ويبقى الأهم التكفل بانشغالات ساكنة هذه المناطق، والقضاء نهائيا على صور ومظاهر البؤس في نقل الماء بالطرق التقليدية، على غرار ظهور الحمير أو استعمال الجهد البدني، في رفعها من أماكن بعيدة وصعبة التضاريس حفظا لكرامة السكان.
مشاريع بـ 549 منطقة
تم إحصاء 549 منطقة ظل خصص لها 2031 مشروع، تلبية لاحتياجات السكان المتعلقة أساسا بنقص التزود بالماء أو انعدامها.
واشتكى السكان من انعدام الماء في عز هذا الفصل، ما يضطرهم إلى شراء صهاريج من المياه بأسعار باهظة في حال كان الأمر متاحا، إذ يرفض أصحاب الصهاريج الولوج إلى المناطق الجبلية صعبة التضاريس.
أما العائلات الفقيرة فملاذها الآبار التقليدية التي عادة ما تكون مياهها ملوثة، ما عرضهم في عديد المرات إلى الإصابة بالأمراض والأوبئة.
ورغم المشاريع المنجزة، إلا أن مشكل المياه الشروب يبقى مطروحا بـ 61 بلدية، خاصة في فصل الصيف الذي يكثر فيه استعمال هذه المادة الحيوية.
وتحصي مصالح مديرية الري على سبيل المثال سنويا، طلبات أكثر من 800 مواطن بين فلاح وساكن، يرغبون في الحصول على رخص حفر آبار ارتوازية تتكفل بها المديرية، بشكل لا يتعارض مع استراتيجية تثمين الموارد المائية الجوفية والحفاظ عليها، خاصة بعد استفادة الولاية من عدة مشاريع لإنجاز السدود والأحواض المائية، وكذا التحويلات الكبرى انطلاقا من سد تيمقاد لتوسيع المحيطات الفلاحية المسقية انطلاقا من المياه السطحية.
... 650 مليار سنتيم لإنجاز مشاريع تنموية
وأشارت مصادر من مديرية الري والموارد المائية بباتنة، إلى استفادة الولاية من غلاف مالي يفوق 650 مليار سنتيم، لإنجاز العديد من المشاريع التنموية المتعلقة بتحسين وضعية التزويد بالمياه الصالحة للشرب في إطار جميع البرامج المتعلقة بحشد الموارد المائية وربط الشبكة بمياه الآبار الارتوازية.
ويعول على المشاريع في الرفع من سعة التخزين و توسيع شبكة المياه الصالحة للشرب، لفائدة 23 بلدية تم إحصاء العديد من نقاط الظل بها، ضمن 32 بلدية التي تعاني من تذبذب مستمر في التموين.
وعرف قطاع الموارد المائية مؤشرات تطور هامة، لفائدة مناطق الظل بتحقيق نسبة 95 بالمائة في نسبة الربط بشبكة المياه الصالحة للشرب بطول شبكة إجمالي يفوق 5737 كلم، ما سمح لكل مواطن بالولاية من الاستفادة من 162 لتر يوميا موزعة عبر 549 وحدة تخزين سعتها الإجمالية تفوق 282.740 متر مكعب.
توديع التزود بالطرق التقليدية في 2021
ومن المتوقع تخفيف حدة أزمة المياه الشروب مطلع العام القادم، بعد ربطها ببعض المشاريع الكبرى، على غرار سد كدية لمدور بطاقة استيعاب 75 مليون متر مكعب، وسد بوزينة بسعة 18 مليون متر مكعب، الذي رصد له غلاف مالي ضخم يفوق 900 مليار سنتيم، موجه أساسا إلى تلبية حاجيات المياه الصالحة للشرب ولسقي الفلاحي للحفاظ على 100 ألف شجرة مثمرة موزعة على 600 هكتار.
وتدعمت الولاية بمشاريع 5 سدود جديدة بكل تابقارت ببلدية أولاد سي سليمان بسعة 11 مليون متر مكعب، توفر الري لـ 2400 هكتار بالمنطقة بها 275 ألف شجرة مثمرة، معظمها خاصة بفاكهة المشمش وكذا لضمان تزويد 42 ألف نسمة بالمياه الشروب.
وتستغل المياه المتساقطة للموسم المقبل، في دعم مشروع التحويلات الكبرى من مياه سد بني هارون نحو سد تيمقاد، والحفاظ على كمية الضخ الحالية عبر قناتين في سد تيمقاد، والمقدرة بشكل يومي بـ 320 ألف م3.
ويزود 20 بالمائة من سكان باتنة عبر 3 أروقة، أحدها خاص بتزويد بلديات عين التوتة، بريكة تازولت، وجزء كبير من مدينة باتنة ورواق ثان يزود بلدية أريس، أما الرواق الثالث فيزود جزءا كبيرا من بلديات خنشلة المجاورة التي تعاني أيضا من مشكل التزويد بالماء الصالح للشرب.
كما أنجز مشروع ضخم آخر من المنتظر أن تنتهي به الأشغال قريبا، يتمثل في الرواق الرابع لتموين 7 بلديات بالولاية، من أجل القضاء على معاناة سكان بلديات تيمقاد، الشمرة، عيون العصافير، شير، ثنية العابد، منعة وتيغرغار.
وسجل انطلاق إنجازه لتزويد سبع بلديات كتيمقاد، عيون العصافير، وادي الطاقة، شير، ثنية العابد، منعة وتيغرغار والشمرة، التي استفادت من مشروع ضخم لسقي أكثر من 7200 هكتار من الأراضي الفلاحية.
واستفادت الولاية من مشروع تأمين تزويدها بغلاف مالي يقدر بـ 550 مليار سنتيم، منها 30 مليار سنتيم لعمليات الربط، في إطار مشاريع كبرى مهيكلة، ستسهم في بعث التنمية.
ويضم المشروع محطتين للضخ و08 خزانات، بسعة 812 ألف متر مكعب، اثنان منها موجهتان للقطب العمراني حملة 3 لتزويد قاطنيه بالمياه الصالحة للشرب، بشبكة ربط تقدّر بـ 37.5 كلم، كما سيؤمن المشروع 72 ساعة، في حالة حدوث أعطاب من خلال حلقة أنابيب كبيرة نُصبت على مسافة 38 كلم.
الري الفلاحي أولوية
وتأتي هذه البرامج الهامة عملا بتعليمات رئيس الجمهورية، الذي حرص منذ انتخابه على إيلاء مناطق الظل الأهمية التي تستحق، حيث أمر أعضاء الحكومة وولاة الجمهورية وكل المسؤولين المحليين بتعزيز استقرار سكان الأرياف.
وأسدى تعليمات صارمة بضرورة توفير مستلزمات استقرار المواطنين والفلاحين بهذه المناطق من خلال الرفع من حصص السكنات الريفية وإنجاز مشاريع لتوفير لسقي الفلاحي لأراضيهم الزراعية.
وأشارت مصادرنا، إلى تحقيق الولاية قفزة نوعية في إنجاز 03 محيطات خاصة بالسقي الفلاحي، ويتعلق الأمر بمحيط الشمرة- بولهيلات بمساحة 16.930 هكتار، 3 ألاف منها تقع بولاية ام البواقي، ومحيط باتنة- عين التوتة بمساحة 7100 هكتار، وأخيرا محيط خنشلة- دوفانة الممتد على مساحة 1400 هكتار بالنسبة لباتنة سيتم سقيهما من مياه سد كدية لمدور.
ويعول عليها في تنمية المناطق النائية والفلاحية، من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، بتوفير مناصب شغل لمنطقة الشمرة لوحدها بـ 49842 منصب 15 ألف منها دائم، وبالنسبة لعين التوتة ستوفر 18200 منصب شغل 6 آلاف منها دائمة.
وتتوفر الولاية على 20 حاجزا مائيا، بطاقة استيعاب إجمالية تفوق مليون متر مكعب، موجهة لسقي 1800 هكتار من الأراضي الفلاحية، بالإضافة إلى مساهمتها في تغذية الطبقات الجوفية للمياه، وخلق مناخ رطب مستغلة من طرف الجمعيات الفلاحية المعتمدة لهذا الغرض.
4 حواجز مائية قيد الإنجاز
ويوجد 4 حواجز مائية قيد الإنجاز، ببلديات وادي الشعبة لسقي 90 هكتارا، ناهزت نسبة تقدم أشغالها 15 بالمائة، وحاجز مائي آخر ببلدية سفيان لسقي 300 هكتار، وحاجز ثالث ببلدية وادي الماء لسقي 60 هكتارا، وأخيرا حاجز مائي ببلدية سريانة لسقي 90 هكتار، ويضاف لما سبق إنجاز 10 حواجز مائية أخرى قطاعية موزعة عبر إقليم الولاية.
بدورها وحدة الجزائرية للمياه بباتنة، قطعت أشواطا هامة في تحسين التزويد بالمياه االصالحة للشرب، بمختلف البلديات التي تشرف على تسييرها، من خلال استغلال 112 نقبا، 6 منابع، 5 آبار، 26 محطة ضخ و156 خزان، عبر شبكة ولائية بطول 2930 كلم، في وقت تبذل فيه مجهودات جبارة لمحاربة الربط غير القانوني للشبكات من طرف المواطنين خاصة ببعض التجمعات السكنية الفوضوية.
وتتواجد بهذه البلديات مناطق ظل كثيرة تدعمت بعديد المشاريع التنموية الضخمة، على غرار مشروع تموين منطقة وادي عبدي، انطلاقا من سد كدية لمدور بتيمقاد، والذي يوصف بأنه «مشروع الأمل» سيحيي المناطق النائية بعدة بلديات جبلية، وذات تضاريس صعبة.
المشروع المقسم إلى جزأين الأول، انطلق من محطة معالجة سد كدية لمدور نحو بلديتي تيمقاد والشمرة على مسافة 120 كلم، والجزء الثاني يمتد على مسافة 108 كلم من الخزانات الرئيسية، لمحطة المعالجة من عيون العصافير إلى بلدية تيغرغار، عبر عدة بلديات على غرار تازولت، منعة، شير، وادي الطاقة، وإلى ذلك سيتم صيانة 06 آبار وخزان واحد، وتركيب تجهيزات تخص التسيير والتحكم عن بعد.
وتحصي وحدة باتنة للجزائرية للمياه ما يزيد عن 200 ألف زبون، في وقت تم وضع حد لتجاوزات الربط غير القانوني، التي تتسبب في تذبذب توزيع المياه من خلال قطع التموين الزبائن، الذين يتهربون من تسديد ديونهم وإحالة ملفات البعض منهم على العدالة بعد توجيه عديد الإعذارات.
وتواجه الوحدة تحيات كبيرة بـ 9 بلديات نائية بالولاية، لا تزال تحتاج لبعض التطوير والتحسين، حيث تبذل مجهودات كبيرة في هذا الشأن من أجل العمل على مواجهة النقص والقضاء عليه وذلك بالتنسيق مع مديرية الموارد المائية.
ولأن تنمية هذه المناطق وتحسين تزويدها بالمياه الشروب، لا يكتمل ولا يتحقق إلا بضمان السير الحسن لأنظمة التطهير على مستواها، فنجد مساهمة وحدة باتنة للديوان الوطني للتطهير في ذلك بشكل لافت وفعال، وتكتسي عملية التطهير أهمية بالغة في الحفاظ على البيئة.