- منصـات التواصـل تنشـر الإشاعة وتشـوش على الـرأي العـــام
- السبــق الصحفـي بــــدون مصــــدر موثـــوق انعـدام احترافيــة
- 6 أشهـر و10 سنـوات عقوبــات سالبــة الحريـة
عرفت العلاقات الاجتماعية في السنوات الاخيرة ظواهر غريبة ،راح المواطن ضحيتها ، وهو نفسه المتهم فيها ؛ و مع انتشار منصات التواصل الاجتماعي والفضاء الرقمي ، سجلت عديد التجاوزات مست المقدس والأشخاص والهيئات الدينية ، ولم يخلو منها التمييز وخطاب الكراهية، حيث أصبحت تهدد امن وسلامة المواطن ، من خلال بعض التصرفات غير المسؤولة ، لذلك جاء التفكير في تعديل قانون العقوبات وسن قوانين جديدة صارمة تحد من هذه الجرائم المختلفة وردع اصحابها .
وإذ يجرم المشرع و يعاقب على ارتكاب الأفعال ذات الصلة بالتمييز و خطاب الكراهية و التحريض عليها، جاءت آراء اساتذة وحقوقيين تصب في ذات السياق ، نظير تجاربهم و مرافعاتهم في قضايا مماثلة امام الجهات القضائية و هو ما وقفت عليه «الشعب» .
سعد نجاع: يعاقب المساس بالنظام والأمن العموميين
أوضح الاستاذ سعد نجاع المحامي بمجلس قضاء باتنة ،بان الظروف التي مرت بها الجزائر ،جعلها تعيد ضبط بعض آلياتها بما في ذلك الجهاز القضائي الذي يضرب بيد من حديد كل من سوَّلتْ له نفسه المساس بوحدة الوطن ،ليضيف بان القانون المعدّل، جاء في وقت تعالت فيه بعض الأصوات بإيعاز والتي لم يكن في الحقيقة لها وجود في الواقع سابقا ، هدفها تشتيت الوطن ولفت الأنظار عن ما هو أصلح وأبقى.
كما اعتبر أن منصات التواصل الاجتماعي جعلت من الإشاعة الطُعم الذي تمرر من خلاله مشروعها وذلك بالتشويش على المعلومة الصحيحة رغم ندرتها في ظل التهافت على السبق الصحفي ، هذا الأخير يجانب الصواب (اذا لم يستند الى مصدر موثوق) بسبب انعدام الاحترافية في الحصول على المعلومة تارة والتسرع في نشر الخبر تارة أخرى .
ومن خلال تلك الأسباب، يقول نجاع ، جاء التفكير في تعديل قانون العقوبات و ذلك بصدور القانون 05/20 المتعلق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية والذي حدد المشرع فيه صراحة من خلال المواد (30-31-32-33-34-35) للعقوبات التي تطبق على كل من حاول اللجوء إلى أدوات يمكن من خلالها التمييز ونشر الكراهية بين عامة الناس ، وكذلك صدور القانون 20/ 06 المعدل والمتمم لقانون العقوبات والذي جاء في فصله السادس في المادة 196 مكرر النص صراحة على العقوبة التي تطال كل من ينشر أو يروج لأخبار تمس بالنظام أو الأمن العموميين.
و يرى انه ليس من السهل التحكم في المنظومة الجديدة بسرعة في ظل الإصلاحات ، معبرا عن تفاؤله من عمليات التطهير التي يعرفها المشهد الإعلامي ، سواء بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي او المواقع الإلكترونية .
طارق سلالي : تجريم التمييز والكراهية
من جانبه يرى الناشط الحقوقي والمحامي طارق سلالي بان الديمقراطية الحقة لا تبنى إلا في ظل دولة قوية بعدالتها، أما الدولة الضعيفة، فلا تبنى فيها إلا ديمقراطية مزيفة تفتح الباب على مصراعيه على الفوضى والدوس على القانون, الأمر الذي يحيلنا - حسبه- الى توظيف الدولة لأغراض خاصة ،ما يحيل الى الفوضى التي تطال أحيانا الوحدة الوطنية.
وبالعودة الى نص المشروع التمهيدي لقانون العقوبات سيما القانون 20/05 يعدل ويتمم الأمر 66-156 المؤرخ في 08 يونيو 1966, الخاص بقانون العقوبات, للمناقشة والمصادقة علي تجريم التمييز وخطاب الكراهية كآليات جديدة ، يقول سلالي بان النص جاء لتدارك عجز المنظومة القانونية عن التصدي للظاهرتين ، فمن منظور المشرع تعتبر أفعال التمييز «كل تفرقة تقوم على أساس الجنس أو العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو ألاثني أو اللغة أو الانتماء الجغرافي أو الإعاقة أو الحالة الصحية».
كما تعني أفعال الكراهية «جميع أشكال التعبير التي تنشر أو تحرض أو تشجع أو تبرر التمييز وتلك التي تتضمن الازدراء أو الإهانة أو العداء أو البغض أو العنف».
جرائم الإهانة والتعدي على الإمام
في السياق ذاته، أوضح الاستاذ سلالي المحامي المعتمد بالمحكمة العليا، بان القانون عرف ايضا تشديد العقوبات في جرائم الإهانة والتعدي على الإمام ، وهدم أو تدنيس أماكن العبادة العمومية ، وأخيرا رفع الحدين الأدنى والأقصى لعقوبة الغرامة المتصلة بمخالفة الأنظمة الصادرة عن الإدارة وكذا ترويج اخبار و انباء تمس بالنظام العام للدولة واستقرارها هذه الأفعال التي تمس بأمن الدولة والوحدة الوطنية، أخذت أبعادا خطيرة، من شأنها ان تهدد النسيج الوطني.
اما بالنسبة للأشخاص المتورطين فيها و تلقوا أموالا ، سواء من داخل الوطن أو خارجه، وهنا جاء المشرع الجزائري ليضع حدا لمثل هذه الأفعال حيث تنص المادة 95 مكرر 1 من نص المشروع، على معاقبة بالحبس من 5 إلى 7 سنوات، وبغرامة مالية من 500 الى 700 الف دينار، كل من يتلقى أموالا او هبة، سواء من دولة او مؤسسة او هيئة عمومية، داخل او خارج الوطن، قصد القيام بأفعال من شأنها المساس بأمن الدولة، او باستقرار مؤسساتها، وتتضاعف العقوبة حسب نص المشروع، إذا تم تلقي الأموال في إطار جمعية أو جماعة.
وتضمنت الأحكام المقترحة التي تم المصادقة عليها تكييف هذا القانون مع التحولات الجارية في البلاد قصد التكفل بالأشكال الجديدة للإجرام الناتجة عنها, وكذلك سد الفراغ في المنظومة القانونية في مجال تسيير الأزمات.
زوال اللبس بين الحرية والفوضى
في السياق ذاته يؤكد المتحدث ، على ان هذا المشروع يدخل ضمن إلتزامات, و أخلقة المجتمع والإدارة, والحد من الممارسات التي شوهت الدولة, ونالت من نزاهة إطاراتها, على أن يكون ذلك ضمن دولة قوية وعادلة يزول فيها اللبس بين الحرية والفوضى»، و- حسبه - لن يتحقق ذلك إلا بالعزم على بناء ديمقراطية حقيقية باعتبارها مطلبا شعبيا لا رجعة فيه ، ينال في ظلها كل ذي حق حقه ، كيفما كان موقعه الاجتماعي وهذا ما يعتبره الحقوقي سلالي ، تطبيقا حرفيا لمطالب الحراك.
ويلاحظ ان مثل هذه الديمقراطية التي يتم بناءها مع كافة الأطياف ، قد لا تساعد أولئك الذين عاثوا في الأرض فسادا وكدسوا ثروات مشبوهة واستفادوا من امتيازات غير مستحقة بوسائل شتى كالعصابة القابعة وراء القضبان و اذنابها ممن لا يزالون يشككون في كل خطوات النجاح.
مسعودة حاجي: التعديل يتماشى مع تفعيل القانون
من جانبها اعتبرت الناشطة الحقوقية مسعودة حاجي ، ان قانون العقوبات المعدل الجديد في مجمله هام جدا لما يشمله من تعديل ، وترجع ذلك الى ان الجزائر تمتلك ترسانة قانونية قوية ، بيد ان بعض القوانين كانت لا تتجسد بسبب ضعف آليات التطبيق ، إلا ان المشرع الجزائري تفطن لضرورة تعديل القوانين وخاصة قانون العقوبات لاسيما المواد المتعلقة بالحريات و جاء بتغيير للمواد بما يتماشى مع آليات تطبيق وتفعيل القانون .
فايسبوك مرتع للجريمة الالكترونية؟
واوضحت المحامية حاجي أن الجديد في التعديل ، يكمن في التغيير ، او ما تعلق منه بخطاب الكراهية والتمييز ، فمع التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي و خاصة الفيسبوك الذي اصبح في مساحة كبيرة منه مرتعا للجريمة ، سن المشرع قانون 05\20 ، حيث يجرم هذه الأفعال وجعل لها عقوبة في المواد 30 الى 34 من نفس القانون وتختلف العقوبات حسب سن المجرم والضحية وتبدأ من 6 اشهر نافدة إلى خمس سنوات وقد تصل إلى سبع سنوات ان كانت مصحوبة بعنف .
كما أشارت المتحدثة الى العقوبات التي تمس الترويج للأخبار المغلوطة في المادة 196 مكرر من سنة إلى ثلاث سنوات اخبارا تمس بالنظام والأمن العمومي مغلوطة تؤثر على هيبة الدولة و كيانها ، حيث ان المشرع تفطن لتجريم هذه التصرفات التي تشكل جرائم خطيرة لان هناك فرق بين حرية التعبير على اساس صحيح و بين نشر اكاذيب وتهويل وأخبار مغلوطة تزعزع الاستقرار.
و في ختام تدخلها اعتبرت ان المنظومة العقابية رست على الطريق الصحيح ، من خلال وضع أسس فعالة لتنظيم العلاقات الاجتماعية و الإعلام بصفة خاصة ، لأنه مرآة عاكسة لواقع الشعوب .