تأقلم ساكنة عاصمة الأوراس باتنة، تدرجيا مع تداعيات إنتشار فيروس كورونا كوفيد 19 بصعوبة بالغة، وما رافقها من إجراءات وقائية واحترازية على غرار الحجر الصحي المنزلي والذي انجر عنه تحديد توقيت حظر التجول إلا للضرورة القصوى والذي يمتد من السابعة صباحا لغاية السابعة مساء، محاولين التوفيق بين الاجراءات الاحترازية وقضاء حاجياتهم سيما عشية رمضان، وهوما رصدته «الشعب».
لا تختلف كثيرا يوميات سكان بلديات ولاية باتنة الـ61 عن باقي ساكنة الولايات الأخرى التي تعيش الحجر الصحي، ورغم تسهيل السلطات العمومية تسجل حالات تعكس تهوّر بعض الشباب المراهق غير مدركين لمخاطر الاستخفاف بالوباء فيما تقوم مصالح الأمن العمومي بمعالجة ظواهر سلبية بطريقة تحويل مركبات ودراجات المخالفين للحشر وفرض غرامات مالية على الراجلين أيضا.
«الشعب»، رافقت ميدانيا حالة الترّقب والتوجس التي يعيشها السكان خوفا من انتقال العدوى، منذ بداية تفشي الفيروس، الأمر الذي أثر على سلوكات المواطنين، بين تهافت وراء اقتناء بعض المستلزمات الغذائية خاصة واسعة الاستهلاك على غرار تشكّل طوابير طويلة ببعض البلديات خاصة ذات التعداد السكاني الكبير على مادة السميد، رغم مضاعفة الإنتاج ببعض الوحدات المحلية، غير آبهين بإجراءات الحجر الصحي الذي يحتم البقاء بالمنزل، وأخذ الحيطة والحذر وفقا لنداءات المصالح الطبية المعنية.
وفرة الخبز والخضر والمواد الغذائية
ساهمت عملية مضاعفة إنتاج مادة الدقيق ببعض مطاحن ولاية باتنة، في التخفيف من حدة وطول وكثرة طوابير المواطنين أمام نقاط البيع المستحدثة وبعض المحلات التجارية التي تبيع هذه المادة التي شهدت ندرة كبيرة في الأيام الأولى لانتشار كورونا رغم تطمينات المسؤولين بوفرة السميد غير أن صور التهافت طبعت يوميات السكان خاصة بنقطة «سومباك» والمطاحن بالمخرج الشمالي لمدينة باتنة، مقابل محطة القطار بوسط المدينة.
في المقابل، تعمل المخابز بطاقتها العادية، حيث سجلنا وفرة كبيرة لمادة الخبز التي تعرف إقبالا كبيرا من طرف المواطنين خاصة الذين لم يسعفهم الحظ في اقتناء السميد، حيث لجأ أصحاب المخابز إلى إجراءات التعقيم وإتباع أساليب الوقاية والحيطة خلال إنتاجهم لهذه المادة وكذا خلال عملية بيعها الأمر الذي استحسنه المواطنون.
من جهة أخرى، سجلت أسعار الثوم الجاف والليمون، بالموازاة مع انتشار الفيروس كورونا قفزة ملفتة للانتباه لا سيما مع نصائح الأطباء والمختصين التي تدعو إلى استعمالها كمضادات حيوية وطبيعية لمحاربة أي علامة من علامات الإصابة بالفيروس ومنها الأنفلونزا العادية.
وحسب الجولة القصيرة التي قادت «الشعب» إلى بعض الأسواق وكذا محلات بيع التوابل ومحلات الخضر والفواكه، وقفنا على الإرتفاع الكبير في أسعارها، حيث أفاد أصحاب هذه المحلات أن منتج الثوم والليمون يعرف تهافتا كبيرا من طرف المواطنين نظرا للطلب الكبير عليه، حيث قدر سعر الكيلوغرام الواحد من الثوم 500 إلى 800 دج، أما الليمون الذي يعتبر مضادا للبكتيريا والميكروبات فقد ارتفع سعره إلى 150 إلى 350 دينار.
وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الخضر والفواكه في بداية انتشار الفيروس، فقد سجلنا وفرة كبيرة لها، قبل أن ترجع أسعارها للاستقرار من جديد، حيث قدر سعر البطاطا 55 دج، بعد أن قفز إلى 100 دج، أما الطماطم فسعر 1 كلغ قدر بـ75 دج بعد أن تجاوز الـ120دج ، ولعل ما ساهم في رفع الأسعار بهذه الطريقة هوإنتشار الإشاعة والأخبار الكاذبة بخصوص ندرة هذه الخضر وبعض المواد الاستهلاكية كالزيت والسكر قبل أن تتدخل الجهات المعنية ممثلة في وزارة التجارة ومصالح الأمن والجهات القضائية من خلال ملاحقة مروجي هذه الإشعاعات المغرضة.
عمال النظافة في الميدان كل وقت
ميدانيا رفع عمال النظافة وباقي المصالح الأمنية خاصة الدرك الوطني والأمن والحماية المدنية من درجة استعدادهم لمواجهة الفيروس منذ انتشاره خاصة ما تعلق بعمليات تعقيم الشوارع والأحياء الشعبية، خاصة في الفترات الليلية وموعد بداية تطبيق الحجر الجزئي، الذي تعاملت معه المصالح المعنية بصرامة كبيرة من خلال تشديد الإجراءات وإصدار قرارات فرض عقوبات على الأشخاص الذين لا يلتزمون بالحجر الجزئي داخل منازلهم.
وتجند عمال النظافة بباتنة لمواجهة الفيروس، حيث لا يقتصر تدخلهم على تنظيف وتعقيم الشوارع، في الفترات الصباحية فقط بل يعملون ليلا بكد وجد بعد أن وفرت لهم البلدية كل وسائل الحماية من ألبسة وأقنعة وواقيات وجه وقفازات ومعقمات.
ويقوم عمال البلدية بملء العديد من الخزانات الخاصة بشاحنات الدرك الوطني الخاصة بالرش بالمياه المعقمة، في الوقت الذي يكون فيه عمال آخرون موزعين عبر إقليم البلدية في عمليات تعقيم لا تنتهي حتى تبدأ من جديد مع عدة هيئات أخرى، أسفرت عن تعقيم وتطهير أكثر من 250 فضاء عمومي من طرقات وشوارع ومرافق عمومية.
من جهة أخرى، كشفت المؤسسة العمومية الولائية للنظافة «كلين بات»، عن تسجيلها لتراجع كبير في كميات القمامة المرفوعة، بسبب تطبيق نظام الحجر الصحي، الذي نتج عنه غلق للمحلات التجارية على غرار المطاعم والمقاهي والتي كانت أكبر منتج للقمامة، حيث أشارت ذات المؤسسة إلى مواصلتها لعمليات جمع القمامة بالتوازي مع عمليات التعقيم التي أصبحت النشاط الأهم للمؤسسة غير أنها لم تؤثر على وتيرتها في رفع القمامة عبر الأحياء وتنظيف الشوارع.
جاهزية كبيرة في مواجهة الأزمات
لا يكاد يمر يوم منذ انتشار جائحة كورنا كوفيد 19 بباتنة ومصالح الأمن المختلفة في مواجهة يومية دون انقطاع للفيروس من جهة ومحاربة الجريمة المنظمة والحضرية من جهة أخرى، حيث سطرت كل من مصالح الأمن الوطني والدرك برنامجا خاصا يتلاءم وإجراءات الحضر الجزئي والحجر الصحي.
وسجلت ذات الأسلاك الأمنية العديد من العمليات الشرطية والدركية للتصدي للجريمة وكذا المضاربة والغش والاحتكار من طرف التجار والأشخاص الذين راحوا يستغلون الفرصة لتهريب سلع المواد الغذائية، ورفع الأسعار، خاصة ما تعلق بمادة السميد، إلى جانب عمليات تطهير وتعقيم الشوارع التي تركت ارتياحا كبيرا لدى الساكنة.
وأبانت ذات المصالح الأمنية المشتركة جاهزية كبيرة في مواجهة الأزمات خاصة ما تعلق بانتشار الأوبئة، حيث تم تجنيد أعوان من الشرطة والدرك بعدة وسائل وتجهيزات، لرش الشوارع، وتقديم النصائح والتوجيهات للمواطنين بتوخي الحيطة والحذر وكيفية تعقيم المنازل بمختلف المواد الخاصة بذلك، وقد تم تسخير لإنجاح العملية كل الإمكانيات البشرية والمادية من عتاد للتدخل مع التركيز عل الفترة الليلية للقيام بذلك نظرا لقلة حركة المركبات والمارة.
وقد نجحت ذات المصالح في وضع حد لعمليات المضاربة والندرة في المواد الغذائية، وحتى المواد الصيدلانية، خاصة مواد التعقيم والكمامات الطبية التي تم حجز الآلاف منها وتقديمها للجهات المعنية على غرار الهلال الأحمر الجزائري الذي قام بدورها بتوزيعها على المرابطين في الصفوف الأمامية لمواجهة الفيروس كعمال قطاع النظافة والصحة.
ازدحام في الأحياء الشعبية
كما تم رصد عودة تدريجية حذرة وأحيانا خفية لفتح المحلات التجارية رغم قرارات الغلق وخروج المواطنين للشوارع ومختلف الفضاءات العمومية خاصة بمخارج المدن وضواحيها، الأمر الذي أثار مخاوف المختصين من عودة مظاهر التقارب الإجتماعي والاحتكاك واحتمال عدوة انتشار الفيروس المعدي.
فبعدما كانت أهم الشوارع التجارية خالية، أصبح التواجد المكثف للمواطنين خاصة بمدن باتنة، عين التوتة، بريكة،مروانة مقلقا نظرا لعدم احترام إجراءات الحجر في الأحياء الشعبية والقاطنين بالعمارات السكنية واستمرار حالة الإهمال واللامبالاة للمواطنين خاصة فئة الشباب والأطفال وحتى الكبار في السن.
ولاحظنا تجمعات الكثيرين للتسامر واللعب وارتشاف القهوة دون مبالاة بخطر فيروس كورونا، رغم تسجيل 4 وفيات وتأكيد إصابة أكثر من 26 حالة، فسجلت حركية عادية للمواطنين والمركبات رغم تأكيد من تحدثنا إليهم بهذا الخصوص عن تفاديهم للمصافحة أوالتقبيل، وكذا استعمال المعقمات خلال التواجد خارج المنزل.
وخلال دخول إجراءات حظر التجول سجلت مصالح الأمن المختلفة العديد من المخالفات ضد مواطنين كسروا إجراءات الحجر الجزئي الإجباري، الأمر دفع بذات المصالح إلى تحرير مخالفات ووضع عشرات المركبات في المحاشر البلدية، خلال أسبوع منذ انطلاق تطبيق الحجر الجزئي.
ارتفاع قياسي في استهلاك الماء
من تداعيات كورونا أيضا بعاصمة الأوراس باتنة، تسجيل ارتفاع قياسي لاستهلاك الماء، حيث سجلت مصالح وحدة الجزائرية للمياه ارتفاعا في مؤشر الاستهلاك، منذ بداية الحجر الصحي الجزئي، وقد أرجعت مصادرنا توجيه هذه الكميات الكبيرة من المياه لأغراض النظافة والتعقيم والتطهير لمواجهة الفيروس.
كما منحت الجهات الولائية المعنية بتطبيق إجراءات الحجر رخصا استثنائيا للجزائرية للمياه لتمكينها من التدخل الآني وضمان استمرار الخدمة العمومية ومواجهة مشاكل التسربات المائية التي تظهر بين الحين والآخر وتعيق وصول المياه الشروب لمختلف التجمعات السكنية، حيث سخرت ذات المصالح كل إمكانياتها المادية والبشرية لضمان توفير المياه الشروب.
واستثني من هذا الإجراء عمال المصالح والفرق كالصيانة والاستغلال، وعمال الفرق العملياتية ومراقبة الجودة والنوعية، وفي إطار الإجراءات الوقائية المتعلقة بمواجهة فيروس كورونا، كشفت مصادرنا اتخاذ مدير الوحدة لعدة تدابير صارمة، على غرار تمكين عمال الوحدة من مختلف أدوات التعقيم والتطهير والوقاية من قفازات وكمامات وباقي لوازم ومعدات الحماية، كما قررت ذات المصالح وقف عملية قطع التموين عن السكان بسبب الظرف الراهن، على الرغم من تراكم الديون التي أثرت على نشاط وحدة الجزائرية للمياه، حيث يندرج القرار في إطار مجهودات التعبئة الوطنية لمواجهة الفيروس وتخفيف تأثير هذه الجائحة على المواطنين.