تعتبر المؤسسات الناشئة الركيزة الأساسية في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية لما لها من أهمية في البحث، عن آليات فعالة لمواجهة الأوضاع الإقتصادية، والمساهمة في امتصاص البطالة والتوسع في الأسواق الدولية وبالتالي تحقيق قيمة مضافة، غير أن هذه المؤسسات ما تزال تعاني مشاكل ارتفاع تكاليف الإنتاج ونقص التمويل، وهذا ما وقف عليه الرئيس تبون لدى تدشينه لمعرض الإنتاج الوطني، حيث إلتزم بإستحداث وزارة وبنك خاص للمؤسسات الناشئة ما أثلج صدور أصحابها، وما رصدته «الشعب».
المؤسسات الناشئة الجزائرية تتواجد في محيط يفرض عليها جعل نشاطها دوليا، بسبب ما يشهده العالم من ثورة تكنولوجية ومعلوماتية، وبحكم أنها صغيرة الحجم فهي سهلة الإنشاء لا تتطلب تمويلا ضخما، حيث يمكن للشباب المتخرج من الجامعة تطوير مشاريعه وأفكاره بعد دراسة متطلبات السوق، كي يعرف مدى إمكانية تجسيده ونجاحه ميدانيا.
سفيان قواسمي مؤسس موقع البيع الإلكتروني « e-commerce.keyna.dz » من بين الشباب الجزائري، الذي أنشأ مؤسسة مصغرة في أوت 2017 في مجال البيع عبر الأنترنت من ملابس، أجهزة كهرومنزلية، مواد التجميل وغيرها، حيث يوظف هذا الموقع عشرات العمال، إلتقته «الشعب» على هامش معرض الإنتاح الجزائري.
أبرز قواسمي في حديثه أهمية المؤسسات الناشئة في الدول المتقدمة مثل ألمانيا، باعتبارها الركيزة الأساسية في إقتصادياتها، مشيرا إلى أن الجزائر ما تزال بعيدة في هذا المجال، وتولي إهتماما فقط بالشركات الوطنية الكبرى ومداخيل المحروقات وبالتالي أهملت دور هذه المؤسسات الصغيرة.
في هذا السياق، أعرب عن تفاؤله بما ستقدمه الحكومة الجديدة والإرادة السياسية للسلطات العليا لاسيما رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بالأخذ بيد هذه المؤسسات التي تنتشأ على حسب طلب السوق ومساعدتها، خاصة مع مبادرة الجزائر ابتكار، لكنه يأمل أن تجسد هذه القرارات في الميدان بأفعال ملموسة ولا تكون مجرد أقوال، مشددا على ضرورة إشراك الاختصاصيين في المجال لتقديم إضافة ودراسة إحتياجات السوق والنقائص قبل إنشاء وزارة وبنك خاص للمؤسسات الناشئة والذي سيعود بالفائدة.
وتحدث صاحب موقع التجارة الإلكترونية عن أهم العراقيل التي تواجهها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الميدان، وعلى رأسها البيروقراطية رغم بذل مجهودات لتحسينها في السنوات الأخيرة، ومشكل التمويل بسبب غياب ثقافة لدى رجال الأعمال للاستثمار في مؤسسة صغيرة، عكس ما يحدث في الدول الأوروبية التي تتوفر على صندوق التمويل ومقاولين ورجال أعمال يستثمرون في مؤسسات مصغرة، وهذا ما أدى لتطوير إقتصادهم.
وأضاف قواسمي أنه يحاول تقديم الإبتكار ويستوحي من تجارب الدول المتقدمة ومعرفة النقائص ثم تطبيقها في الجزائر، خاصة وأن التجارة الإلكترونية تعرف إقبالا كبيرا لدى المواطن، نظرا لأن أغلبيتهم يشتغلون وليس لديهم الوقت الكافي للتسوق خاصة في المدن الكبرى، وفي بقية المناطق التي لا تتوفر على محلات كبرى للتسوق فإن المواطن يجد ضالته عبر هذا الموقع للحصول على كل مستلزماته من ألبسة، أجهزة كهرومنزلية، مواد تجميل وغيرها.
في هذا الإطار أبرز محدثنا هدف مشاركته في معرض الإنتاج الجزائري، للتعريف أكثر بخدمات التجارة الإلكترونية وكسب زبائن جدد وكذلك إيجاد شراكات جديدة.
«أكا بلاصت»: منتوجات صحية تراهن على التصدير في 2020
شركة «أكا بلاست» لإنتاج المواد البلاستيكية الموجهة للإستعمال المنزلي من بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي أنشأت سنة 2016 بالعلمة ولاية سطيف، انطلقت في الإنتاج في نفس السنة وكانت تجربة أولية، حيث دخل صاحبها فوناس عبد الحليم السوق بمواد بسيطة بعد دراسة السوق ومعرفة احتياجات الزبون، وبالفعل فقد حققت نجاحا وشهدت إقبالا كبيرا على هذه المواد بفضل خمسين عاملا مع مساحة لا بأس بها في المصنع والمستودع، والمصنع في توسعة كبيرة ليصل إلى ما يقارب 150 عامل، حسب ما أوضحه لـ«الشعب» المسؤول التجاري للشركة.
وأضاف أن المصنع لديه قدرة إنتاجية بحوالي 120 منتوج، بمختلف أنواعها سواء المخصص لملحقات المطبخ أوالحمام، حيث الإنتاج يكون على حسب الطلب في السوق، مشيرا إلى إستحالة تصنيع بعض المنتوجات بكميات كبيرة جدا بسبب حجمها الكبير، قائلا: «هناك منتوجات تصنع بطلب خاص من الموزعين بالجملة أو الخواص، أو حتى بعض الشركات التي تطلب إنتاج بعض الأنواع من المنتوج خصيصا لها».
وحاليا شركة «أكا بلاصت» في تطور لتبلغ السوق الخارجية، بحكم أن السوق المحلية بدأت تتشبع في هذا النوع من المنتوح كون هناك عدة مصانع تقوم بتصنيع نفس المنتوح، ويؤكد فوناس في هذا السياق أنه في 2020 ستكون مشاريع للتصدير خاصة مع دعم رئيس الجمهورية المنتخب، وهذا هو هدفه الذي جعله يشارك في معرض الإنتاج الجزائري.
ومن الأسواق الخارجية التي يرغب فوناس في تصدير منتوجه لها هي موريتانيا، تونس،ليبيا، المالي، النيجر، السينغال، وله طموح للتصدير إلى إسبانيا، تركيا وقطر في 2020.
في هذا السياق كشف المسؤول التجاري عن مشروع تطوري لزيادة إنتاج بعض المواد التي لا تزال لم تقتحم السوق وليس للمواطن فكرة عنها، قائلا:»هناك مواد نصنعها بتصميمنا الخاص نبدع فيه».
ويتميز عمل الشركة بالمادة الأولية الصافية الخالية من الرسكلة ولا تضر بصحة المواطن والبيئة فالمستهلك يمكنه إقتناء المنتوج بكل إطمئنان، وكذا معالجة الألوان التي لا يتم اختيارها بطريقة اعتباطية بل بشكل مدروس مع تجريب اللون ومدى قبوله لدى المواطن بعد القيام بسبر الآراء، حيث يشرف على هذه العملية عمال متخصصون في وضع الألوان، ثم تعتمد الألوان المناسبة.
وعن تأثيرات الزيادات التي جاءت في قانون المالية على المنتوج الوطني، أكد فوناس أن هناك أمرين تضررت منهما الشركة وهي كلفة المادة الأولية التي تستورد من الخارج والرسوم الضريبية المرتفعة ما جعل المنتوج المحلي يرتفع في السعر، قائلا:» كلفة المادة الأولية تضرنا بالرغم من أنها مدعمة من طرف الدولة، في كل مرة فيه ضريبة وزيادة في السعر وبالتالي لن تكون في متناول الجميع»، مضيفا أن منتوجهم موجه للمواطن البسيط خاصة مادة البلاستيك المستعملة كثيرا.
شكل معرض الإنتاج الجزائري نجاحا كبيرا وجسر تواصل لشركة «أكا بلاصت» مع التجار بالجملة والتجزئة، ما سمح لهم بتغطية منتوجهم عبر 48 ولاية، حيث ستعمل الشركة على تقوية تواجدها ببعض الولايات لتوزيع منتوجها، هذا ما أكده المسؤول التجاري.