ظواهر تستدعي التفاتةعاجلة للسلطات المحلية
«جوهرة الشرق بونة»، هذه الصفة تكاد اليوم لا تليق بواحدة من أكبر المدن الجزائرية، ما يحدث بعنابة بات يثير استياء الكثيرين من سكانها، انقطاعات متكرّرة للكهرباء، أزمة مياه متواصلة، أحياء تشتكي من انتشار الناموس والحشرات والفئران، وأحياء أخرى أصبحت بها المواشي والأبقار والخنازير تتقاسم الحياة اليومية لسكانها.
تشهد عدد من أحياء عنابة منذ مدة طويلة انقطاعات متكرّرة للكهرباء، على غرار حي الريم الذي يقضي سكانه في بعض الأحيان يوما كاملا بدون إنارة، ليكون أشبه بالجحيم، في ظلّ الارتفاع الكبير لدرجة الحرارة الذي تشهده عنابة هذه الصائفة، والتي تتجاوز الـ40 درجة تحت الظلّ، الأمر الذي يثير استياء قاطني الحي الذين لم يجدوا الجواب الشافي لتساؤلاتهم حول الانقطاع المتكرّر للكهرباء.
المشكل يعيشه أيضا سكان البوني، برحال، حجر الديس، عين عشير وسيدي عمار والذين يحملون المسؤولية الكاملة لشركة توزيع الكهرباء والغاز التي لم تتمكّن من وضع حلّ لهذه الأزمة التي تشهدها عنابة منذ حلول فصل الصيف، حيث تتحجج فقط بالارتفاع الشديد لدرجة الحرارة.
مع العلم أن المتضرّر الكبير هم أصحاب محلات المواد الغذائية، والمطاعم وبائعي اللحوم والألبان بسبب توقف أجهزة التبريد عن العمل وتعرض منتجاتهم للتلف، وللإشارة والي عنابة توفيق مزهود أرجع السبب إلى غياب برنامج استعجالي بهذه الولاية لتفادي مثل هذه الظواهر.
شحّ الحنفيات في الواجهة
إن وجدت بعض الأحياء تعاني من الانقطاع المتكرّر والمفاجئ للتيار الكهربائي،فإن أحياء أخرى ما تزال تعاني من أزمة الماء الشروب، حيث تكاد تشحّ الحنفيات، ولا تسيل منها المياه الصالحة للشرب سوى لسويعات قليلة، وموعدها بين الواحدة والخامسة صباحا والناس نيام، وهو ما يثير أيضا حفيظة قاطني هذه الأحياء على غرار المحافر، سيدي عمار، شعيبة، المدينة الجديدة ذراع الريش..
هؤلاء السكان الذين ابدوا تخوفا من شحّ الحنفيات يومي عيد الأضحى المبارك، والذي يحتاج لتوفير الماء لتنظيف مخلفات عملية ذبح أضحية العيد، لا زالوا تحت تهديد أزمة الماء وقد سئموا من الاستنجاد بالصهاريج، فهم ينتظرون من مسؤولي مديرية المياه لولاية عنابة التفاتة لهم والنظر في وضعيتهم والتي باتت تؤرق يومياتهم، وبالرغم من أنهم ملوا من الوعود الكاذبة، إلا أنهم يتيمنون خيرا في مدير الجزائرية للمياه الجديد محمد سرايعية، والذي أكد على تسخير كافة الإمكانيات لأجل تمكين المواطن من استغلال المياه على أحسن وجه، مؤكدا بأنه تمّ ملء الخزانات لتوزيع المياه على جميع بلديات عنابة بدءا من الساعة السابعة صباحا.
الناموس والجرذان والحشرات.. معاناة لا تنتهي
سكان أحياء السهل الغربي بعنابة بحّت أصواتهم وهم ينقلون انشغالاتهم للسلطات المحلية، لكن دون أن يجدوا أذانا صاغية، فما يؤرق يومياتهم بالدرجة الأولى انتشار الناموس بشكل لا يطاق، فسكان أحياء الريم، حي الأبطال، واد الفرشة، 05 جويلية والصفصاف.. تحوّلت حياتهم إلى جحيم بأتم معنى الكلمة، فمن غير المعقول أن تظل نافدة الشرفات مفتوحة بعد الساعة الخامسة أو السادسة مساء وإلا تحل الكارثة بمنظر «تزينه» الحشرات الطائرة، والتي تؤرق الصغير أيضا قبل الكبير، مع العلم أن لسعتها قد تترك أثار على جسم ضحيتها ولا يشفى منها إلا بعد أيام.
هذا دون الحديث عن انتشار الجرذان وما يسمى بـ «القرلو» الذي يعرف هذه الصائفة في سابقة غير معهودة انتشارا كبيرا، وهروبه إلى المنازل لتبدأ بينه وبين ربة البيت حربا ضروسا.. وهذا كله بسبب انتشار النفايات والقمامات، حيث يرفع سكان أحياء السهل الغربي انشغالاتهم بخصوص هذا الوضع البيئي الكارثي الذي يهدّد صحة سكانها، ومعالجة الوضع السائد في أقرب وقت، وتخليصهم من الأوساخ المنتشرة في كل مكان.
الخنازير تدخل على الخط.. والأبقار تقاسم يوميات السكان
خطر كبير يداهم على وجه الخصوص الأطفال بسبب الخنازير التي تكاد تشارك بدورها سكان بونة يومياتهم لا سيما حي الريم، وحي 19 ماي 1956، وهو ما أثار تخوفهم، حيث أن الخنازير تخرج إلى الواجهة في شكل سرب بحثا عن الأكل لها ولصغارها، ما يشكل خطرا على السكان والذين باتوا يتخوفون من حدوث كارثة، مطالبين من السلطات المحلية التدخل في أقرب وقت للقضاء عليهم.
إلى جانب ذلك، فإن العديد من الأحياء الحضرية تشهد شوارعها انتشارا كبيرا للأبقار والتي تتجوّل إلى جانب المارة بكل حرية وبشكل عادي، فقد أصبحت عادة مألوفة لدى العديد من سكان عنابة، حيث باتت هذه الظاهرة تشوّه المنظر الجمالي والحضري للمدينة، وذلك في ظلّ غياب التفاتة السلطات المحلية والوقوف ضد هذه الظواهر المشمئزة، لا سيما منظرها وهي ترعى وسط القمامة والنفايات.
فبالرغم من تعليمة السلطات المحلية بحجز هذه الأبقار إلا أن أصحابها ضربوا بها عرض الحائط، وهو ما جعل سكان بونة يطالبون بالتدخل السريع للمسؤولين لوضع حدّ لهذه الظاهرة وكل ما من شأنه تشويه المنظر الجمالي لبونة أو التسبب في استياء سكانها، حتى تسترجع هذه المدينة مكانتها على مختلف الأصعدة.
إنها صورة بونة الأخرى غير التي تسق كعروس المتوسط. بونة لؤلؤة الشرق الجزائر التي يتعايش فيها اخضرار الطبيعة وزق البحر، في حاجة إلى تحرّك السلطات المحلية من اجل نفض عنها هذا الغبار وازالة عنها التلوث الملصق بها بلا وجه حق لتعود مثلما كانت ايام زمان المدينة الساحرة التي تلهم كل زائر وتجعله يهيش على جمالها ما دام حيا.