تحديث قطاع الموارد المائية...رهان يُكسب بخطى ثابتة
كشفت الطبعة 15 للصالون الدولي للتجهيزات والتكنولوجيات وخدمات المياه “بوليتيك” بقصر المعارض الصنوبر البحري عن الانخراط التام للمؤسسات المحلية، وكذا الهيئات التابعة لوزارة الموارد المائية في التوجه الذي رسمته الدولة في الاعتماد على قدراتها الوطنية وكفاءاتها المحلية لتحقيق التنوع الاقتصادي وتحديث القطاع عبر الخدمات الرقمية الجديدة المبتكرة والخبرة والعبقرية الجزائرية أخذت شكل إسهامات تنموية ساعدت في تقليص تحويل العملة الصعبة نحو الخارج وضمان الأمن المؤسساتي وربح الوقت وتحقيق الآنية في المرافقة والمتابعة والتدخل.
«الشعب” ارتأت تسليط الضوء على جديد هذه المؤسسات من حلول ذكية وابتكارات في إطار تحديث قطاع المياه بالجزائر عبر عصرنة ورقمنة الخدمات لمواكبة التحديات وتحديد نقاط القوة، لتكون فاعلا أساسيا في التنمية ونقل هذه المقاربة الرائدة وتثمين المنجزات وتقاسمها لتعميق الاستفادة من أي خبرة أو عروض تكنولوجية حديثة متوفرة والتمكين منها، وهوما توقفت عندها عبر مختلف أجنحة الصالون الذي وضع أمامنا كل الجهود المبذولة بسواعد جزائرية محضة.
التسيير عن بعد للمحطات وورشات اللف الكهربائي جديد “لونا”
المحطة الأولى كانت بجناح الديوان الوطني للتطهير، حيث قدم لنا المهندس في الإلكترونيك مصباح عبد المومن تجربة نظام التسيير والمراقبة التقنية عن بعد المطورة في الجزائر 100% ،سواء من حيث الدارات الإلكترونية أو البرمجيات، حيث بدأ الديوان في اعتماد هذه التقنية بمحطة بومرداس منذ 3 أشهر، ما سمح بمراقبة بعدية لوضعية مختلف أنظمة تسييرها والإشراف عليها، كما تم وضع 3 محطات مختلفة الأولى ببومرداس والاثنتين المبقيتين بعيدتين عن المحطة الأولى الرئيسية، وقد نجح الأمر من خلال إدخالها في النظام، ما سمح بتجسيد المراقبة البعدية لها ميدانيا.
وحسب مصباح تحمل تجربة التسيير عن بعد الكثير من الإيجابيات حيث تساهم في الإشراف البعدي على المحطات وإدارتها من حيث تحديد البرامج الواجب عملها، وتسمح بالاقتصاد في الطاقة، كما تمكن من التدخل الفوري حال وجود عطب، وكذا حتى في حالة الفيضانات لضمان استدامة المحطات وسلامة الأجهزة أو عبر التدخل المباشر سواء لوقفها أو لتحديد الأعطاب، و ضمان الآنية في المعلومة من خلال تكنولوجية جزائرية محضة عبر شبكة موبليس الجيل الثالث، لضمان تأمين المعلوماتية للمؤسسة، ما سيسمح مستقبلا بتعميم التجربة.
في المقابل تطرق محمد وادو مدير الاستغلال والصيانة على مستوى المديرية العامة للديوان الوطني للتطهير، إلى مشروع يخص ترشيد النفقات فيما يخص صيانة محطات التطهير والضخ المزودة بماكنات كهربائية والمعرضة للعطب في كل لحظة، سيما المضخات التي تعمل داخل الماء ما كان يكلف الديوان كثيرا في عملية الصيانة.
في هذا السياق أوضح “وادو” أن الديوان ارتأى إنجاز ورشات للف الكهربائي تابعة له، حيث تم فتح 4 ورشات ما بين 2017-2018 موزعة عبر البويرة، بومرداس، سعيدة وتقرت ما سمح بخفض نسبة تكاليف الصيانة إلى ما يعادل 60 %، وهي مسيرة من طرف كفاءات الديوان حيث تم إعادة تنظيم الموارد البشرية التي لديها خبرة ومعرفة في مجال الكهرباء، كما فتحت هذه الورشات أبوابها على باقي المؤسسات التابعة للقطاع للاستفادة من خدماتها على غرار سيال، حيث تم إعادة صيانة 12 مضخة لها من الحجم الكبير.
وحسب مدير الاستغلال والصيانة لـ “لونا”سمحت هذه الورشات بربح الوقت في الصيانة سواء من حيث توفير المادة الأولية المتمثلة في الخيط الكهربائي، وتحقيق الجودة والنوعية الجيدة المطلوبة للخدمة، بالإضافة إلى المرافقة والمراقبة الآنية ونجاعة الصيانة بشكل لا يؤثر على عمل المضخات مستقبلا.
شلغوم : 70 % من الدراسات انجزت بمكاتب”أمنهيد”
وبجناح مجموعة “أمنهيد “ حيث استقبلنا الرئيس المدير العام للمجمع جمال الدين شلغوم أكد أن الجديد بالنسبة للمؤسسة التحكم في عملية الدراسة الهندسية كقيمة إضافية أخرى تعزز التحكم في تصنيع التجهيزات باعتباره الهدف المتوخى، إلى جانب الاستفادة من كفاءة المهندسين المتخرجين حيث تعطي المؤسسة الفرصة لهم كل في مجاله للاختراع وابتكار ما يمكن الاستفادة منه، ما سمح لأمنهيد أن تكتسب مكانة لها في السوق الوطنية، حيث أنه حاليا يتم إنجاز 70 بالمائة من الدراسات على مستواها بعدما كان الاعتماد كليا على مكاتب الدراسات الأجنبية.
في هذا الإطار كشف شلغوم أن “أمنهيد” أنشأت مكتب دراسات من خلال فرع جمعت فيه كل المهندسين، بالإضافة إلى مكتب دراسة يعنى بالتجهيزات، مشيرا إلى أن هذا لا يمنع من طلب رأي أو خبرة من مكتب محلي خارج المؤسسة من خلال الاستفادة من الباحثين الجزائريين.
وبالنسبة للاستثمارات المسطرة لسنة 2019 في مجال الموارد المائية أشار شلغوم إلى مخطط عمل الدولة الذي يصل إلى 2030، وبالتالي مشاريع كثيرة تنتظر التجسيد والمجمع اختار التركيز على قطاع الموارد المائية مستعدا لذلك بالتنسيق مع مؤسسات وطنية أخرى، وتحقيق نسبة إدماج 70 % في محطات المعالجة والتطهير، وكذا نزع المعادن بتقرت على غرار جامعة والمغير، حيث كانتا تجربة جزائرية خالصة 100% ماعدا “المرشحات” التي استوردت من الخارج، وفي هذا الإطار سيتم إمضاء اتفاقية شراكة مع اليابانيين لكسب خبرة أكبر في هذا المجال.
وأوضح الرئيس المدير العام لمجمع “أمنهيد “أن المؤسسات الوطنية يمكنها أن تخفف على الدولة نفقات الاستيراد خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية، حيث أن الكثير من المشاريع التي كانت تنجز بخبرة أجنبية أصبحت “أمنهيد” تقوم بها محليا وبكفاءاتها وخبرتها على غرار محطة تيشي حاف وهو المشروع الذي أنجز بمكتب دراسات أجنبية، لكن لما استلمت المشروع عملت على إعادة الدراسات، وتطوير نوعية المياه، التكلفة وكذا الآجال، وبفضل المهندسين الجزائريين ستكون المياه التي ستوزع من السد بنفس نوعية المياه التي تباع كما هناك محطة معالجة أخرى للمياه المستعملة بأم البواقي، حيث هناك حوالي 07 مليون م3 ترمى في الطبيعة تكفي لسقي 5 آلاف هكتار، حيث تم اقتراح وضع في آخر المحطة أجهزة أخرى تسمح بضمان معالجة ثانية للمياه للاستفادة منها في ريّ العديد من الهكتارات الفلاحية، وحاليا الشركة قامت بري حوالي 33 ألف هكتار في كل من الشلف، مستغانم، تلمسان والبويرة.
«وكالتي» ..تطبيق “سيال “ الجديد عبر الأنترنت
من جهتها، شركة المياه والتطهير للجزائر “سيال” هي الأخرى حاضرة في هذه الفعالية، حيث أطلقت خدمة “وكالتي” عبر الأنترنت، وهي تطبيق جديد متصل بصفة آنية ومؤمنة بقاعدة بيانات مركزية لزبائن المؤسسة بحيث تقدم معلومات محدّثة، إضافة لعدة خدمات بشكل ميسر لتكون في متناول اليد.
في هذا الإطار تحدث هشام مروان رئيس مشروع الزبائن وكالتي عن التطبيق وأوضح أنه يقدم عدة خدمات على غرار معرفة الرصيد، طبع نسخة من الفواتير، إرسال الانشغالات ومؤشر الاستهلاك، تلقي الإشعارات، الإبلاغ عن تسربات المياه، إيداع شكوى فضلا عن خدمات أخرى في المستقبل، وذلك كله عبر إدخال الرقم السري الموجود في الفاتورة.
وبمجرد الدخول يمكن للزبون أن يجد كل المعلومات العامة الخاصة به، على غرار الرصيد العام، آخر فاتورة والرسائل الخاصة التي تحدد نسبة الاستهلاك التي تسمح له بتفادي الفاتورة الجزافية، وكذا الاستهلاك العالي أوالإعلام بالفاتورة الجديدة وكذا التذكير بالدفع.
وتسمح خدمة “وكالتي” بضمان الآنية في المعلومة وتفادي المتابعات القضائية وكذا الدفع بالتراضي عبر الواب والهاتف النقال عبر “البلاي ستور” في صورة مطورة داخليا من طرف فرقها، تتصف بالآنية.
بن موفق: 30 مخططا بالمدن الأكثر تعرضا لخطر الفيضانات هذا العام
وبجناح الوكالة الوطنية للموارد المائية هذه الأخيرة التي تعمل على إعداد مخططات حماية المدن من الفيضانات في إطار تجسيد الإستراتيجية الوطنية لمكافحة هذه الظاهرة الطبيعية، كشف حسين بن موفق مدير تقني في الوكالة الوطنية للتسيير المدمج للموارد المائية المكلف بمشروع مخططات حماية المدن الفيضانات عن إنجاز كشطر أول 30 مخططا على مستوى المدن الأكثر تعرضا للخطر خلال 2019.
وأشار بن موفق إلى وجود وعي شديد على المستوى الوطني بأن الفيضانات الكل معني بها بما في ذلك المواطن الذي يتعين عليه أخذ احتياطاته، حيث سيتم عقد اتفاق بين الوكالة الوطنية للموارد المائية والوكالة الوطنية للتقنيات الفضائية يتضمن قيام الوكالة الوطنية للتسيير المدمج بهذه المخططات، بحيث يجب القيام بدراسات هيدرولوجية، النواقل الصلبة وقبل ذلك لابد من جمع معلومات تتعلق بمنسوب الأمطار وتاريخ الفيضانات بكل منطقة، والمعطيات الإحصائية التي يتم استغلالها في الدراسات الهيدرولوجية .
فيما تقوم الوكالة الوطنية للتقنيات الفضائية بأخذ الصور بالأقمار الصناعية لتقوم بإعداد نموذج رقمي للأراضي، ودراسة دخول مختلف التساقطات المطرية للمدن عبر كل المرتفعات والمنخفضات والمنحدرات، إلى جانب انتشار وتوزّع البنايات لتحديد الخطر وبناء على ذلك يتم وضع المخطط وأخذ كل المحاذير والممنوعات في أي بناء عبر التنسيق مع مختلف القطاعات المتدخلة.
وحسب بن موفق يشكل وضع هذه المخططات تحد كبير ما يجعل منها أداة قانونية، مساعدة ومنبهة، ستُأخذ بعين الاعتبار من واضعي المخططات العمرانية وكذا التكفل بمن هم في المناطق المهددة بالخطر، لأنها تتطلب إدماجها بصفة شاملة ومتكاملة تحسبا لأي احتمالات تفرض علينا أخذها بعين الاعتبار، ولهذا سيتم اقتراح داخل مخططات حماية المدن من الفيضانات، وضع أنظمة الإنذار والتنبيه المسبق وبعض الحلول التقنية لخفض نسبة الخطورة .
في المقابل، أشار المدير التقني المكلف بمشروع مخططات حماية المدن إلى وجود فيضانات أخرى لا بد من أخذها بعين الاعتبار، وهي فيضانات قنوات الصرف الصحي بسبب صغرها وعدم استيعابها للتساقطات المطرية الكبيرة، أو قدمها ما يستدعي الاحتياط لها لاحتواء الخسائر والكوارث التي قد تنجم عنها.
براقي: “المونوبلوك”و”الدرون المائي”خبرة تتعزّز بها وكالة السدود
أما الوكالة الوطنية للسدود فهي الأخرى تعززت بإنجاز المحطات الصغيرة أو ما يعرف بـ “المونوبلوك” المصنعة من طرف المؤسسة الجزائرية “ألييكو”، حيث أوضح المدير العام أرزقي براقي أنها حاليا قيد الاستغلال بسد بوحمود ببوقاعة البليدة تسمح بمعالجة المياه الخام للسدود من أجل توجيهها للاستغلال البشري أوالشرب، حيث بإمكانها معالجة 50 ل/ثا، وهي تجربة جديدة بالجزائر سمحت بتقليص تحويل العملة الصعبة، وكذا ضمان محطات مصغرة للسدود الصغيرة أو التجمعات المائية، والمناطق البعيدة والمعزولة، وكذا التجمعات السكنية الصغيرة .
كما ابتكرت الوكالة خبرة جزائرية 100 % تتمثل في “الباخرة المائية بدون طيار “ أو مايعرف بـ«الدرون المائي” بالشراكة مع المركز الوطني للتكنولوجيات المتطورة بدرارية، حيث تعتمد على تقنية ثلاثية الأبعاد لتحديد مكان الأوحال وكمياتها وانتشارها وتحديد منسوب السدود حتى تكون التدخلات موجهة ما يسمح بربح الوقت وتقليصه من شهر إلى نصف يوم، وتخفيف التكلفة التي كانت تقارب حوالي 15 مليون دج لمعرفة سعة السد، وبهذا يبقى فقط تكلفة بسيطة لهذا الاستثمار.
«لونيد” سقي 450 ألف هكتار من المحيطات الكبرى قريبا
من جهته، الديوان الوطني للسقي وصرف المياه يمضي قدما في تجسيد مشروع المساحات المسقية الكبرى، حيث تحدثت كارين أمقران مسؤولة الاتصال بـ “لونيد” عن المشاريع قيد الإنجاز والتي تعادل أكثر من 35 ألف هكتار على المستوى الوطني ومواصلة تهيئة الري ومحطات السقي، إلى جانب مشاريع الدراسة المكتملة والتي تنتظر التسجيل لتدخل حيز الخدمة والمقدرة بـ 113 ألف و 600 هكتار، مشيرة إلى أن الهدف هو الوصول إلى 450 ألف هكتار قريبا من المحيطات الكبرى المسقية باعتماد دائما أنظمة السقي الحديثة المقتصدة دائما خاصة نظام التقطير الذي سمح بتقليص الاعتماد على المورد التقليدي بنسبة 30 %.
..والجزائرية للمياه تعمل على كسب الرهان
من جهتها، الجزائرية للمياه هي الأخرى تحاول كسب الرهان، حيث نجحت حسب مديرها العام اسماعين عميروش في تزويد 80% من الجزائريين بماء الشروب يوميا منهم 46 % يزودون 24/24 سا، والهدف المسطر في 2019 هو بلوغ نسبة 86%.
كما تعمل المؤسسة على مواصلة تجسيد محطة التحلية ببجاية من الدراسة إلى الإنجاز بالعبقرية الجزائرية، وإدماج أكثر من 200 بلدية وتوسيع الخدمة، ناهيك عن تسيير 480 منبع مائي وتأهيل المنشآت ومحطات المعالجة والقضاء على الربط العشوائي وتبذير الذهب الأزرق.