سياسة الدعم الفلاحي تحفّز على خدمة الأرض

تسوية العقود والسقي مشاكل تنتظر الحل في ولاية الشلف

مبعوثة الشعب إلى ولاية الشلف: فضيلة بودريش

يتطلع فلاحو ولاية الشلف إلى الكثير من الاهتمام من أجل تشريح العقبات التي تعترضهم في ترويض الأرض، وترقية المنتوج الفلاحي المتنوع، على اعتبار أن أراضيها خصبة وشاسعة، ومما شجع أكثر على عودة أبنائها إليها سياسة الدعم الفلاحي التي جذبت الشباب على وجه الخصوص، وجعلتهم لا يرضون عن خدمتها بديلا، لكن تحديات تسوية أراضيهم للحصول على قروض، ومشكل السقي وغياب اليد العاملة وسلسلة من المخاوف والنقائص الأخرى مازالت قائمة ويبحثون فيها عن حلول ناجعة حتى يرتفع سقف الإنتاج  ..

وقفنا على حبهم الكبير للأرض، واقتنعنا بأنهم لا يرتاحون إلا عندما ينجحون في زراعة اكبر مساحة منها، يتنفسون من هوائها، ولا يتحسسون نبض الحياة إلا بعد قطف غلتها، هكذا وجدناهم بعد اقترابنا منهم، تعلق كبير بأديمها غير مستعدين الابتعاد منها، والتخلي عن مهنة الفلاحة التي تسري في دمائهم والكثير من ورثها عن آبائه ووجد نفسه اسيرا لها يتحايل على العراقيل تارة وتارة أخرى يبحث عن فرصة أو قنوات لرفع صوته إلى الوزارة الوصية ..

تخوف من عدم تجديد عقود التأجير  

عبد القادر سليماني من بوقادير كان أول فلاح نلتقيه من الولاية لدى ترددنا على مديرية الفلاحة عندما كنا بصدد انجاز تحقيق آخر، فتحمس في طرح انشغالاته علينا لما أدرك بأنه يمكننا حمل انشغالاته، أخبرنا بأنه ينتج البطاطا بنوعيها الموسمية وغير الموسمية إلى جانب اختصاصه في زراعة الحبوب،وما يؤرقه تخوفه الكبير بعد انتهاء عقد تأجيره للأرض مع المزرعة النموذجية في إطار الشراكة من فقدانها ببلدية بوقادير، ومتخوف أن لا تكون له رفقة ثلاثة فلاحين آخرين الأولوية في العودة إلى الأرض التي تعب في استصلاحها وصمد فيها خلال العشرية السوداء، على اعتبار ان انتقاء المستخدم سيكون عن طريق المناقصة، وفي أي لحظة يرى نفسه مهدد بفقدانها، بعد أن استغلها لمدة عقدين كاملين من الزمن، وناشد عبد القادر السلطات الوصية أن تنظر في مسألتهم لأنهم يطمحون بتجديد العقود وليس التمليك، كونهم يملكون الكثير من الآلات من بينها ٨ جرارات و٦ حاصدات و٤ جرارات ذات سلاسل.
وقال إنه تمكن خلال الموسم الفلاحي للسنة الجارية ٨٠٠٠ قنطار من القمح اللين والصلب وما لا يقل عن ٢٠ ألف هكتار من البطاطا.
واعترف عبد القادر، أن الإنتاج متكفل به من طرف مديرية الفلاحة للولاية.

الأرض متعطشة للماء..

وأثار امحمد/ب فلاح شاب من تاجنة مشكل شح السقي الذي يضطرون بسببه إلى تقليص حجم المساحات المزروعة، في ظل صعوبة استصدار، كما أوضح رخصة من البلدية لحفر آبار المياه، رغم توفر البذور.
وتحدث عن تعذر حصوله على قروض بسب أن الأرض التي ينتج فيها مازالت ملك لورثة العائلة ولا يملك عقدا باسمه مما يحرمه من الحصول على قرض وتوسيع مساحات انتاجه.
واقترح امحمد ان يتم تعويض كل من تجاوز سنه الـ٦٥ عاما في المستثمرات الفلاحية بشباب، حتى تستغل حسب تأكيده الأراضي الفلاحية بشكل جيد، لأنه مقتنع بأن المعركة التنموية القادمة يجب ان نكسبها في المجال الفلاحي.

مجاري صرف المياه مشكلة شائكة

ودلّنا يوسف ٣٨ عاما على مشكل يؤرق جميع الفلاحين في تاجنة وقال، انه السبب الجوهري الذي جعل الكثير منهم يتوقفون عن زراعة أراضيهم بتاجنة بسبب صب قنوات صرف المياه في واد بوحملة الذي كان العشرات من الفلاحين، حسب تأكيده ينتجون من مياه ينبوعه الذي يتفجر فيه الخضروات، وكل فلاح أضاف يقول في سياق متصل، باستطاعته تشغيل ما لايقل عن ٥ عمال،رافعا انشغاله للبلدية التي قال إنه يجب ان تجد حلا لهذه المشكلة، متأسفا لاختفاء تلك المساحات الخضراء التي تركت المكان لقسوة الطبيعة وتجاوزات يد الإنسان بعد أن انت تغزوها البيوت البلاستكية وحركية الفلاحين.
واغنم يوسف الفرصة ليطرح الانتظار الطويل الذي يتجاوز السنتين من أجل التأكد من قبول طلبية اقتناء العتاد الفلاحي، وأكد بعض فلاحة تاجنة ان بعض المستثمرات الفلاحية، هنا لم تقدم الكثير وبعضها لا ينشط بشكل تستغل فيه الأرض على أحسن وجه .
وبسبب بعد المسافة بين تاجنة والشلف قال يوسف أن الكثير من التجار والسماسرة يتوجهون خلال موسم جني القمح إلى الفلاحين ويقتنون منهم المحاصيل، حيث لا يقوم الفلاح الحقيقي بإيداعها على مستوى مصالح الديوان الوطني للحبوب.
بينما علي وجدناه يبحث لنفسه عن سوق تحتوي وتستقبل إنتاج العسل الذي يدره عليه نحو ٦٠ صندوقا من النحل، ولم يخف أنه كثيرا ما يتكدس لديه المنتوج واقترح أن تستقبل المصالح الفلاحية هذا المنتوج بنفس العناية التي يحظى بها القمح والزيتون والبطاطا، على اعتبار أنه يمتهن تربية النحل ويعكف بالموازاة مع ذلك على زراعة القمح والجلبانة والحمص والفول ويشتكي فوق هذا وذاك من النقص الفادح في اليد العاملة، تركناه ينتظر قبول طلبه لاقتناء جرار كون العملية حسب اعترافه تحتاج إلى سنتين منذ الطلب الأولي للاستفسار فقط، لكنه لم يخف وجود تسهيلات يتلقونها من طرف مديرية الفلاحة.

نقص فادح في اليد العاملة المؤهلة

وزرنا إحدى المستثمرات الفلاحية بتاجنة، حيث التقينا بالسيد حداد عبد القادر الذي ينتج الفواكه والخضر في مساحة تقدر بـ٧٦ هكتارا، حيث عبرنا طريقا طويلا غير معبد ويصعب عليك اجتيازه بسهولة، ولن تقطعه دون أن يعلو حذائك الغبار، وقال انه في فصل الشتاء يضطر إلى الخروج من منزله أو التنقل في الحقل بالجرار، وأبدى استيائه لأنه توقف خلال هذه السنة عن إنتاج الجلبانة بسبب قلة اليد العاملة، والشح في مياه السقي والنقص في الآلات لأنه في حاجة ماسة إلى جرار.
يذكر أن متحدثنا لديه أزيد من ٨٠٠ شجرة من الكروم بالإضافة إلى أشجار البرقوق والإجاص والمشمش والزيتون.
وأخبرنا احد الفلاحين أنه يضطر إلى جلب اليد العاملة من ولايات أخرى لجني محاصيله على غرار ولاية مستغانم، واعترف الحاج بلعلى أن الكثير من الفلاحين مجبرون على التعامل مع سماسرة وتجار الخضر، حيث لا يتوجهون بأنفسهم إلى السوق، وبعد احتراق آلة حصاده تركناه يتطلع إلى تعويضها عن طريق اقتناء أخرى لكنه يدرك انه مطالب بالانتظار لمدة سنوات.
أما محمد وجدناه فلاحا حقيقيا لا يستطيع تغيير مهنته وقطع علاقته بالأرض التي يتعذر عليه العيش خارج نطاقها، لكنه منذ سنتين متوقف عن زراعتها رغم انه بحوزته ٢٨ بيتا بلاستكيا في ظل صعوبة حصوله على ارض يؤجرها، وتأسف كون العديد من أصحاب الأرض يفضلون تركها بور وعدم تأجيرها لمن يخدمها، ويرفض فكرة التنقل ببيوته البلاستكية إلى ولاية أخرى من أجل مزاولة مهنته، كونه يعكف على زراعة البطاطا ويحلم بأن يحوز على غرفة تبريد، وبالإضافة إلى ذلك يعكف محمد على تربية الدجاج والنحل.
ووقفنا في طريقنا إلى عين سلطان على موقعين شاهقين لتربية الدجاج قيل لنا بأنهما تابعين لمستثمرة فلاحية لكنهما مهجورين وغير مستغلين منذ سنوات، حسب مصادرنا..

١١ ألف فلاح لا يحوزون
البطاقة المهنية

وفي لقاء جمعنا بالسيد عبد القادر حجوط رئيس الغرفة الفلاحية لولاية الشلف، عكف محدثنا على تشريح وملامسة انشغالات الفلاحين بالكثير من الاهتمام والحرص، رغم اعترافه بالمردود الجيد الذي تم جنيه خلال الموسم الفلاحي المنقضي، واغتنم الفرصة ليؤكد صعوبة العثور على اليد العاملة التي قال أنها صارت جد مكلفة، بسبب ارتفاع أجرتها إلى سقف قياسي، مما ـ حسبه ـ ينعكس على ارتفاع المحاصيل عندما تصل إلى المستهلك، ولم يخف في ذات المقام أن الفلاحين ينشطون في ظروف صعبة في ظل صعوبة وتعذر اقتناء العتاد الفلاحي.
وقال السيد حجوط، أن الاحصائيات الرسمية تشير إلى تسجيل ٣٣ ألف فلاح بولاية الشلف، لا يحوز منهم  على بطاقة فلاح سوى ٢٢ ألف فلاح، وأشار إلى وجود العديد من الفلاحين الذين يملكون أرضا ويمارسون نشاط الفلاحة ويمولون السوق بمنتوجاتهم، لكن مازالوا لم يحوزوا على وثائق الأرض، وبالتالي يستحيل استفادتهم من الدعم الفلاحي، خاصة ما تعلق بالأراضي المشاعة وتلك الموروثة  ولم تقسم بين أصحابها.
وتأسف لتواجد مصنع الاسمنت على أرض فلاحية، بالنظر إلى أثاره السلبية على الأراضي الفلاحية وبساتين الحمضيات، ويرى السيد حجوط أنه كان بالإمكان نقله إلى منطقة تربتها أقل خصوبة.
واستحسن رئيس الغرفة الفلاحية لولاية الشلف حجوط عبد القادر الجهود التي قال، إن الوالي محمود جامع يبذلها وانفتاحه على الاستماع لمشاكل الفلاحين واستعداده لحل كل ما يدخل تحت نطاق مسؤوليته.
وبلغة تفاؤولية يتوقع أن تحتل الولاية مستقبلا في ظل تمسك ابنائها بالأرض وشغفهم بالفلاحة المراتب الأولى من حيث الانتاج مستقبلا، خاصة إذا تم احتواء مشاكل الفلاحين في ظل القروض والدعم الذي توفره الوزارة الوصية.
٢٠ ٪  من الأراضي
 شملها المسح

قدر السيد البوعلي امحمد مدير بالنيابة للمصالح الفلاحية لولاية الشلف عدد المستثمرات الفلاحية بذات الولاية بنحو ٣٣ ألف مستثمرة فلاحية، قال إن من بينها ٧٥٦ مستثمرة جماعية                                                                                                                                                                  وتتربع على أحسن الأراضي، إلى جانب ٢٣٢ مستثمرة فردية و٣٠ ألف مستثمرة خاصة إلى جانب ما لا يقل عن ٢٥٥٠ مستثمرة تستغل في إطار أصحاب حق الانتفاع.
وأثار السيد البوعلي التحديات والعوائق التي تواجه هذا القطاع الحيوي والاستراتيجي بالولاية، عندما أشار إلى النقص الكبير المسجل على مستوى اليد العاملة، لأنه حسب تأكيده مقارنة بالسنوات التي سبقت العشرية السوداء، كان الوسط الريفي خزان لليد العاملة، وذكر كيف كانت النسوة تشاركن في موسم جني الجلبانة والفول وما شابه ذلك، أما اليوم اعترف أن قطف كيس من الجلبانة يكلف الفلاح ما لايقل عن ٥٠٠  دينار.
ومن بين التحديات التي تنتظر المواجهة والتكفل أوضح مدير الفلاحة بالنيابة، يقول أن مساحات شاسعة من الأراضي آلة لا سيما تلك المتواجدة بالريف الشلفي الذي يقطنه السكان تنتظر عملية المسح حتى يتسنى لهم حيازة العقود ومن ثم تسوية وضعية المستثمرات الفلاحية، وبالتالي حصول العديد من الفلاحين على القروض والدعم الفلاحي.
وكشف السيد البوعلي في ذات المقام أن نسبة الـ٢٠ بالمائة فقط من الأراضي بالولاية تم مسحها، وقال أن أغلبية المستثمرات الفلاحية الفردية والجماعية لديها عقود امتياز، حيث أشار إلى وجود ٥٢٧٩ ملف متعلق بالمستثمرات الفلاحية من بينها ٥٠٢٧ ملف مودع على مستوى الديوان الوطني للأراضي الفلاحية للحصول على عقود، وتم ارسال أضاف متحدثنا يقول ٤٠٠٠ ملف على مستوى مديرية أملاك الدولة، ولم يتبق حسبه سوى الملفات التي وقع بخصوصها نزاع وخصومة وقدرها بـ٧٨٠ ملف ويتعلق الأمر بنزاعات الورثة لعدم اتفاقهم.
وشدد السيد البوعلي على ضرورة تحيين الملفات لإنهاء مشاكل مسح الأراضي.
ومن بين التحديات التي يواجهها القطاع الفلاحي قال مدير الفلاحة بالنيابة الاعتماد في عملية السقي على سدين فقط، ويرى رغم انه بعض الأراضي الفلاحية تختفي سنويا إلا أنه وبالمقابل تستصلح أراضي أخرى حيث تسترجع مساحات جديدة، وأكد في سياق متصل أن المساحة الاجمالية للأراضي الصالحة للفلاحة بالولاية ناهزت ٢٠٣ ألف هكتار، أما المساحة المستغلة وغير المسقية تبلغ ١٨٤ ألف هكتار، أما المساحة المسقية لا تتجاوز حدود ١٨ ألف هكتار.
واعترف البوعلي أن انتاج البطاطا ارتفع بشكل محسوس من حيث المردودية وليس المساحة، لأن المحاصيل تضاعفت لتصل إلى سقف الـ٥٠٠ قنطار في الهكتار الواحد، والأمر ساري على انتاج القمح الذي وصل منتوجه إلى ١ مليون و٧٠٠ قنطار.
وتشكل البقوليات بالولاية حسب نائب المدير للمصالح الفلاحية بولاية الشلف حصة معتبرة من الانتاج الفلاحي بنسبة ٣١ بالمائة والحمضيات بـ١٦ بالمائة، أما اللحوم الحمراء لا تتعدى حدود ١٣ بالمائة والحليب لم يتجاوز نسبة الـ ٦ بالمائة وخلص إلى القول، إن عدة مستثمرات فلاحية اختفت وأخرى رأت النور.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024