«..صوتهم يناديكم فاسمعوا هذا الصوت ياعباد...» انهم الشهداء الابرار الذين تحلق أرواحهم على ربوع وطننا المفدى في ظل الذكرى الـ 56 لاسترجاع السيادة الوطنية ليتجدد العهد مرة اخرى والى الابد مع الذاكرة التي تحفظ للاجيال افضل وديعة تستوجب المحافظة عليها وصيانتها في كل الظروف. إنهم منبع الطاقة التي نحتاج اليها لمواجهة التحديات وتخطي الصعاب ومواصلة المسيرة ضمن ركب الشعوب التي لا يتسلل اليها لحظة أدنى ريبة أو يأس مهما كانت أوزار الازمات وتكرر المنعرجات المحفوفة بمخاطر، لن تثني الأجيال المتعاقبة عن بذل الجهود بإخلاص لتجاوزها بكل تلك الإرادة القوية والعزيمة الثابتة والاصرار الدائم لتكون الجزائر دوما في منأى عن أي خطر محدق. لا ينبغي الوقوع في مصيدة التشكيك ومشاريع الاحباط التي ما ان يتم فضح بعضها وتعرية اصحابها حتى تلوح في الأفق أخرى، وفي صفحات التاريخ أكثر من تجربة تبين مدى اليقظة في مواجهة تلك البرامج التي تعد في مخابر قوى تريد ممارسة الهيمنة باستهداف معنويات المجتمع وذلك من خلال ترويج الدعاية المفبركة وتسويق اشاعات محبوكة من طرف خبراء في الحرب النفسية لزعزعة الإرادة الوطنية لدى الفرد الجزائري. ولا يزال ممن لم يهضموا إلى اليوم انتزاع الشعب الجزائري بقيادة جبهة وجيش التحرير الوطنيين حريته وسيادته بتضحيات وشجاعة خارقة نالت إعجاب الشعوب الحرة، يناورون ويسعون، بكل ما اوتوا به من وسائل ومناهج بما فيها تكنولوجيات الاتصال الجديدة الخارقة للحدود والمتصلة مباشرة بالأفراد تتجاوز نطاق الجغرافيا مهما اتسعت مساحتها ووعرت تضاريسها، لتصفية حسابات التاريخ.
في هذا الاطار لا يتورعون في تسويق قراءة مغالطة ومزيفة للتاريخ من خلال التلاعب بالاحداث وتصميم سيناريوهات تستعمل فيها مواد تاريخية مصطنعة تارة وموظفة بمكر وغدر تارة اخرى للمساس بالرصيد الثمين للثورة التحريرية المجيدة، لكن هيهات ان يحققوا اهدادفهم والشباب الجزائري يدرك الرهانات ولا يتأخر لحظة عن الرد بالشكل اللائق على ورثة المدرسة الاستعمارية وعدم إعارة أي اهتمام لكتابات والروايات التي لا تزال الشواهد تفضحها، ومن ثمة تأكيد الارتباط الابدي بالوطن والحرص على مواصلة مهمة البناء. منذ استرجاع السيادة الوطنية قبل اكثر من نصف قرن لم تتراجع درجة اليقظة أمام تكرار عمليات بشتى الاشكال تسعى لضرب عنصر الثقة، واستثمار حاقدين في أخطاء أو تقصير أو تهاون وتراخ لمحاولة عرقلة وتعطيل المسيرة الوطنية التي تنجز بكل تصميم تحت عنوان إزالة تراكمات 132 سنة من الاحتلال البغيض واعادة بناء الجزائر بكل ما توفرت عليه من إمكانيات موارد. وينبغي أن لا تمسح من الذاكرة تلك المرحلة السوداء التي خلفها الوجود الفرنسي الاستعماري والرد عليها بمواصلة التمسك بقيم ثورة أعادت بلدا عملاقا وشعبا رائعا إلى واجهة العالم بالحرص على قيم السلم والتضامن والعمل من اجل البشرية. هناك ملفات وقضايا تتعلق بالتاريخ لا ينبغي ان يجرنا الطرف الاخر للتعاطي معها بالمنهج والأسلوب الذي رسمه وفقا لفلسفته رعاة المدرسة الاستعمارية، وإنما يجب أن توضع الامور في سياقها وتناولها بالعقلانية وبمعطيات زمانها، وذلك حتى لا تتم الإساءة دون أن يدري المرء لمآثر أبطال ثورة اول نوفمبر الذين حملوا الرسالة وأدوا المهمة كاملة غير منقوصة دون ان يبخلوا بالتضحية والمعاناة. لقد قادوا جيلا مكبلا بالجهل ومحطما بادوات ووسائل التعذيب الجهنمية ليبعثوا من خلاله مسار الحرية التي تستوجب من كل واحد منا وعلى كافة المستويات صيانتها والدفاع عنها سلوكا وعملا وقناعة.