البنوك في رحلة البحث عن موارد إضافية

سعيد بن عياد
07 أفريل 2018

تتجه الساحة المالية الوطنية للتعامل مع عروض بنكية مطابقة لقواعد الصيرفة الإسلامية في ضوء التوجه العام الذي رسمه اليوم البرلماني الذي نظمه المجلس الشعبي الوطني من خلال لجنة المالية والميزانية، وجمع كافة الفاعلين والمتدخلين في السوق المالية حول انشغال واحد يتعلّق بالبحث عن الكيفيات المثلى لاحتواء الموارد المالية التي تنشط خارج إطار البنوك أو التي يكتنزها أصحابها، في وقت يحتاج فيه الاقتصاد خاصة في قطاع خارج المحروقات إلى سيولة نقدية متوفرة من شأنها أن تساهم في تنشيط مسار النمو.
بدأ يتشكل رأي عام لدى المعنيين من المشرّع إلى المصرفي مرورا بالمجلس الإسلامي الأعلى الذي يبدي استعدادا لمرافقة هذا الانفتاح المصرفي يدفع إلى إمكانية تطوير المبادرة إلى مشروع عملي ينسجم مع المنظومة المصرفية الوطنية لتستوعب كافة الخدمات والمنتوجات من أجل استيعاب جميع الفئات التي تتطلّع لعروض بنكية تلائم تطلعاتها بحيث لا ينبغي ترك أي مصدر مالي أو خدمة بنكية تستقطبه خارج دائرة المنظومة الاقتصادية لتكون كل إضافة وطنية حجرا متينا يعزّز الأمن المالي الوطني.
منطلقات هذا التوجه العام الذي يجد صدى إيجابيا لدى البنوك الوطنية المستفيدة من مناخ إيجابي من مختلف جوانب البيئة الاستثمارية ترتكز على وجود إرادة سياسية واضحة تستهدف إتاحة الفرصة لكل الموارد من السيولة المالية لتنخرط في ديناميكية الاستثمار المنتج من أجل خلق الثروة اقتصاديا وتوسيع مساحة الشغل اجتماعيا وفي البعد الاستراتيجي المساهمة في تحصين القدرات المالية بما يوفر الحماية لاحتياطي الصرف بالعملة الصعبة، خاصة في هذه الظروف الصعبة الناجمة عن التداعيات السلبية للصدمة المالية الناجمة عن أزمة أسعار المحروقات.
ولعلّ أبرز ما لاح في الأفق في ضوء النقاش المفتوح الذي أثاره اليوم البرلماني وقد جلب مشاركة واسعة ومتنوعة من مهنيين مصرفيين وأساتذة في الاقتصاد أن التعامل بالمنتوجات المسماة إسلامية أمر ممكن مع الحرص على مرافقة المسار بتحسين الإطار التشريعي والتنظيمي لاحقا والأكثر أهمية يكاد توفر إجماع على ما هنالك من اختلاف في التوجهات السياسية لدى النواب بأن نزع الطابع الإيديولوجي عن الصيرفة الإسلامية من شأنه أن يمنحها القوة الاقتصادية والقبول في الساحة.
وإن كان تدخل سعيد لخضاري رئيس كتلة حزب جبهة التحرير الوطني جاء بصيغة تحمل موقفا يثير تساؤلات بقوله أنه لا يعلق الكثير على هذا النمط المصرفي طالما كما أضاف يمكن التعامل مع نظام المنتوجات المعمول بها حاليا دون أخذ الفوائد لمن يريد ذلك وأن اعتماد بلدان غربية للصيرفة الإسلامية يرمي إلى جمع الادخارات وتمويل المصارف بالرفع من الودائع، وبالتالي جمع الأموال ليتساءل إن كان مشكل البنوك اليوم يتعلق بالثقة أو الربا قبل أن يدعو إلى عقد لقاءات في المستقبل لتقييم التجربة. علما أن هناك من أشار إلى أن كلفة المنتوجات المصرفية الاسلامية التي يتمّ التعامل بها على مستوى بنكين مرتفعة مقارنة بتلك المسوقة من بنوك عمومية.
قطاعات شتى مثلما أشار إليه رئيس جمعية البنوك بوعلام جبار يمكنها أن تكون مسرحا لهذا التوجه وبالخصوص في الفلاحة من خلال عروض المساقاة والمغارسة والمزارعة، المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، الاجارة للتمويلات الموجهة للعقار السكني، المضاربة، وكل العمليات الموجهة لإنتاج القيمة المضافة في السوق.
 غير أنه ينبغي أن تكون للجانب التقني في هذا التحوّل مكانته حتى تتحقّق الأهداف بإنجاز مسار الاحتواء المالي في ظلّ تفعيل آليات مرافقة ومراقبة تفاديا لتسرب ما يوصف بأموال الفساد الى المصارف من خلال نوافذ لها خصوصوياتها، وإنما تحفيز جدب السيولة التي تنشط في السوق الموازية وتقدر حسب التقديرات بين 20 و40 مليار دولار، أو الثروات النقدية المكتنزة لدى أصحابها في وقت اعطيت فيه مؤخرا تعليمات صريحة من بنك الجزائر تؤكد ضرورة أن تبادر المصارف العمومية بالعمل بروح أكثر ديناميكية من خلال اتباع قواعد عمل بنكية بناءة ترفع الحرج عن أي مواطن أو متعامل يريد إيداع أمواله أو سحبها من أجل ترميم جانب الثقة وتعزيزها بين البنك وزبونه.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024