التحليل الاسبوعي

مناجم أخرى للثروة البديلة

سعيد بن عياد
31 مارس 2018

ترتسم معالم جديدة للتنمية المحلية الجوارية من خلال مقاربة الاستثمار المحلي عن طريق عمليات تكون نواة لمشاريع تنسجم مع التوجهات الاقتصادية الجديدة التي تندرج تحت عنوان التنمية المستدامة خارج المحروقات.
في هذا الإطار برزت في الآونة الأخيرة مبادرات لبعث هذه الديناميكية مجددا على مستوى الولايات الحدودية عن طريق اسناد مشاريع تطابق الخصوصيات الاقتصادية المحلية لفائدة يد عاملة من الشباب المتطلّع للشغل، وبالتالي المساهمة في الجهود التي تبذل لتحقيق النمو.
يندرج هذا الخيار الذي يرتكز على عنصر المبادرة الخاصة بدعم من السلطات العمومية ضمن استراتيجية وطنية ذات أهداف متكاملة تتمحور حول العنصر البشري باعتباره مصدر الطاقة الخلاقة للثروة.
لذلك يمكن من خلال رسم دقيق للمشاريع الممكنة الانجاز وقراءة سليمة للمؤشرات مع استعمال عقلاني للموارد المالية بلوغ الهدف المسطر للشباب المستفيد بالحصول على موارد دخل غير ريعية شريطة استكمال المشاريع والسهر على نجاحها وللسلطات العمومية الاطمئنان تجاه تحسن معدل التنمية بإمكانيات محلية.
إن منطلقات هذا الخيار الذي يمكن الأخذ به إلى غاية تحقيق أهدافه قائمة وبغير كلفة مقارنة بالتشغيل في المرافق الإدارية التي تموّل من الخزينة العمومية، ومن بينها يمكن الإشارة إلى الفلاحة بمختلف أشكالها سواء استصلاح مساحات متوسطة أو عمليات ضمن التنمية الريفية كتربية النحل والمواشي وغرس الأشجار المثمرة إلى غيرها من النشاطات المصنفة في خانة الاقتصاد المحلي على غرار الصناعة التحويلية البسيطة لمواد أولية محلية كالصوف والجلود التي تدخل في الصناعة التقليدية.
غير أن الطموح لمثل هذا الهدف يتطلّب توفر إرادة صلبة لدى الجماعات المحلية بحيث تكون على قناعة راسخة بأن المرحلة بكل ما تحمله من صعوبات تحمل أيضا تطلعات مشروعة لتجاوز الظرف الراهن، إذا ما ارتدى المسؤولون على مختلف مستوياتهم ثوب المقاول الذي يكون مكتبه في الميدان وسط برامج ومشاريع تتمّ صياغتها محليا وتعتمد على وسائل توجد على أرض الواقع ويقودها شباب من مختلف الأعمار من نفس البيئة مع ضمان مرافقة قصيرة أو متوسطة المدة لتأمين استكمال حلقات السلسلة الاستثمارية. ويعني هذا، أن يتمّ التركيز على جذب اهتمام العنصر البشري المحلي في كافة المناطق التي يشملها هذا التوجه ذي الأبعاد الحيوية التي تكتسيها التنمية المستدامة بما في ذلك تعميق روابط الصلة بين العنصر البشري ومحيطه الجعرافي، بحيث يكون أول الحريصين على حمايته من كل التهديدات المحتملة في وقت تحوم فيه مخاطر عديدة تستوجب المبادرة بمواهتها بشكل استباقي عن طريق الفعل الاقتصادي باعتباره حلقة جوهرية في حماية جانب الأمن الاجتماعي والاقتصادي بوسائل وامكانيات محلية بالأساس. ويعطي هذا الطموح الذي تتقاسمه كل الأطراف وخاصة الجماعات المحلية والقوى الشبانية المتطلعة للشغل مساحة ملائمة لتظافر الجهود برؤية دقيقة تقود معالمها الأساسية إلى إدراك عجلة النمو بجانبيه المحلي والوطني، حيث يصبح المسؤول المحلي سواء المنتخب أو الموظف بإشراف سلطة الوالي عنصر عطاء فيتجاوز بذلك صفة الموظف التقليدية التي تجاوزها الزمن أمام بروز صفة الموظف بذهنية رجل الاقتصاد، بحيث يتحوّل من متلقي للاعتمادات المالية من الخزينة العمومية إلى منتج للموارد المختلفة التي تساهم في تنمية إيرادات نفس الميزانية. ومن أجل ذلك ليس من بديل لتجاوز الظرف الراهن سوى التركيز بقوة على تحويل كل منطقة جغرافية إلى منجم لخلق الثروة مهما كان حجمها في البداية، كونها سوف تزداد نماء كلما تعززت بالمرافقة وفقا لمعايير النجاعة التي ينبغي أن تكون المقياس الحقيقي لتقييم آداء العنصر البشري الذي يقود كل هذا المسار الذي ينجح طالما تكون هناك عزيمة لإعادة صياغة الدور الاقتصادي للجماعات المحلية بإعادة انتشار مواردها البشرية حول مشاريع الاستثمار والتنمية بفعل تطور المنظومة البيروقراطية جراء حلول الرقمنة محل الموظف التقليدي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024