رافقت الكتابات الادبية الثورة التحريرية وكانت لها الرافد والدافع لابرازها وانتشارها من خلال النصوص المنشورة باللغتين الفرنسية والعربية ، وساهمت تلك الحركة الادبية في حشد الهمم وكسب وعاء جماهيري من الغرب والعرب ، من المتعاطفين والمؤيدين لثورة التحرير الكبرى ، جاعلة منهم سفراءها في الخارج وممثلوها الاوفياء .
وقد حاولت فرنسا الاستعمارية الزج بالكثير من الاسماء في المعتقلات والمحتشدات والسجون ، إلا ان تلك الامكنة كانت دافعا لهم لكي يكتبوا اكثر و ينشرون اعمالهم بكل روح مقاومة ، حيث انخرطت في عملية الثورة القلمية ، رغم تهديدات المستعمر بمنعهم من نشر اصداراتهم وسحبها من المكتبات والأسواق ومنع عروضهم المسرحية على الخشبة ، او فرض سلطان القص على بعض فصولها ، لأنها كانت تحمل رسالة الشعب ، وتقوم بدور التوعية والتربية ، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل ، وتخطت عتبة المحلية الى العالمية من الاراضي الفرنسية نفسها وفي قاهرة المعز
لقد شكلت الحركة الادبية والثقافية لجيل الخمسينيات والستينيات اهم حلقة مفصلية في تاريخ الادب التحرري والثوري ، لما حملته من ارهاصات وأفكار ترفض الاستعباد والاستغلال وتتوق الى الحرية والاستقلال .
اذا كان منطلق الكتابة يقيني ، قادم من منطلق الارهاصات والتراكمات المتوارثة ، فان منطق العملية الابداعية يحمل ايضا نفس المواصفات ، وأكثر عندما يتعلق الامر بمسألة الوجود والتواجد ، ولعل المجموعة القصصية للدكتور عبد الله الركيبي التي كتبها سنة 1958 بعنوان « نفوس ثائرة « نموذج فريد لهذا النوع من الكتابات الثورية ، فهي تروي ذلك المحيط ، الملغم والفريد ، وإجابة عن تلك الصور المريرة التي عانى منها الجزائري في تلك الحقبة .خاصة في فترة الاستعمار
ويمكن ذكر ايضا نموذج مثالي للأدب الذي كتبه الشهداء ومثال على ذلك الشهيد محمد بناسي الذي خطه بيده قبل ان يسقط في ميدان الشرف ، وكانت حلقاته كلها كتبت تحت الخوف وترصد الادارة الاستعمارية ، وحالت الشهادة دون ان يرى تلك الكلمات التي خطها بيده ، وكتبها في جرائد فرنسية ، قدم فيها صورة حقيقية عن معاناة الشعب الجزائري .
ان ادب الشهادة والشهيد وجهان لعملة واحدة هي التحرر من براثن القيود الاستعمارية انطلاقا من ان الابداع هو ذلك التجاوز والخلق والظهور بوجه جديد يحمل سمات وإبداعات صاحبه.