لم يكن القرار التاريخي المتضمن الإعلان عن تأميم الدولة الجزائرية للشركات الأجنبية، وهي فرنسية أساسا، رد فعل أو مغامرة، إنما كان تتويجا لمسار مفاوضات شاقة حاولت خلالها الحكومة الفرنسية كسب مزيد من الوقت لكسب أرباح مالية لم تتوقف منذ 1956، سنة اكتشاف النفط في بلادنا وهي تحت نير الاستدمار 1956. كم كان القرار الشجاع الذي دوى في الساحة الوطنية والعالمية لتستحوذ الجزائر في اقل من عشرية من استرجاع السيادة الوطنية على حقوقها، لتتحمل المسؤولية الوطنية في إعادة بناء بلد خرج للتو من حقبة استعمارية آتت على الأخضر واليابس، لولا أن ذلكم الجيل النوفمبري صمّم على استكمال المشروع التحرري وانتشال البلد كله من مخالب المحتل. كان القرار الاستراتيجي الذي أعلنه الرئيس الراحل هواري بومدين من دار الشعب تحت عنوان «قررنا التأميم» موقفا مفصليا استكمل مسار استرجاع السيادة الوطنية كاملة بمضمونها الاقتصادي بعد أن بدا باسترجاع البنوك والمناجم وقبلها القاعدة البحرية مرسى الكبير. لم يكن ممكنا إطلاقا لثروة بحجم ثورة أول نوفمبر ان تقبل بأنصاف الحلول. كانت مسؤولية ثقيلة حملتها القيادة الوطنية يومها دون تردد، بعد أن أدركت أن لا مجال لمواصلة مفاوضات عقيمة، إذ تبين أن الطرف الآخر يراوغ ويتلاعب مع أن هناك اتفاق بين الحكومتين مؤرخ في 29 جويلية 1965 يقضي في مادته الـ 27 بمراجعة السعر المرجعي الضريبي سنة 1969. وبالفعل اشتدت المفاوضات منذ تلك السنة لكن دون جدوى ليتم قلب الطاولة والنهوض مجددا في مشهد دولي لا مكان فيه للأمم المتأخرة و المترددة. وتلا القرار مباشرة بإصدار رئيس الدولة أمرا في 11 افريل 1971 يتضمن القانون الأساسي للمحروقات كما اعتمد سعر مرجعي جديد للضرائب المحصلة من المحروقات بمعدل 3,60 دولار للبرميل. ويؤرخ تاريخ الـ 24 فبراير الذي تعود ذكراه الـ 47 هذه السنة في ظل ظروف صعبة لبداية مسيرة طويلة لعبت فيها شركة سوناطراك دور القاطرة التي لا تتوقف مجسدة إرادة التحدي ومؤكدة حضورها في كافة برامج مخططات التنمية والاستثمار الشامل، الذي يتواصل وفقا لخيارات المسطرة للمراحل المستقبلية. ويرتقب أن تلعب فيها المحروقات، من خلال كافة فروع المجمع العمومي الذي يبقى ضمن أملاك الدولة الجزائرية في خدمة المجموعة الوطنية، دورا متميزا في انجاز الانتقال الطاقوي ضمن إستراتيجية دقيقة تتطلب الالتزام بمعايير النجاعة والحوكمة بحيث يستدعي الظروف أن تخضع الشركة التي توفر الموارد المالية بالعملة الصعبة للتدقيق الدوري من اجل الرفع من المردودية ومكافحة الجوانب التي تمثل فجوات للتبذير أو اختلالات يمكن معالجتها بإمكانيات ذاتية. ولعل من بين الموارد التي بحوزة الشركة العنصر البشري المؤهل على كافة المستويات والتي يمكن إدراجها في الديناميكية الجديدة بتشجيع الكفاءات على التموقع في الصدارة وهو من بين التحديات الداخلية التي ينبغي أن ترفعها المديرة العامة الحالية. وهو مار في المتناول إذا ما اخذ جانب الاتصال الدور الذي يعود إليه، وهو دور يتعدى بكثير الوظيفة التقليدية نحو انجاز الأهداف الحيوية من خلال الحضور المستمر لسوناطراك في المشهد العام بجميع ميادينه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.