يتساءل المستهلكون في كثير من الأحيان عن التّغيير المفاجئ في نوعية بعض المواد الغذائية، ونعني بذلك الذوق بعد فترة وجيزة من وجودها على رفوف المحلاّت ممّا يؤدي إلى النّفور منها، لتدخل مرحلة الكساد بسبب ما ضيّعته من سمعة كعلامة تجارية تنافس نظيرتها من نفس المنتوج.
ويلاحظ على مدار عيّنات من الأوقات أنّ هناك ارتياحا لدى المستهلكين حيال مواد تخرج لأول مرة إلى السوق، يتفاعل معها الجميع نظرا لما تحتويه من ذوق مقبول، زيادة على الاجتهاد في عملية التعليب، كإدخال جماليات جديدة والانتقال من البلاستيك إلى الزجاج ممّا يحدث تغييرا في الأسعار نظير هذا التحوّل.
إلاّ أن المادة المعدّة للاستهلاك مع مرور الوقت تضيع تركيبتها بشكل يثير الدهشة والاستغراب، فكيف يا ترى اختفى هذا الخيار الذي كان منطلقا في أول الأمر؟
هل أصبح التّحايل المكشوف قاعدة تحرّك كل هؤلاء المتعاملين، الذين يتوسّعون في فرض استثماراتهم حاليا، ففي كل مرة يطرحون منتوجا معينا، قد تتفاجأ بخصوص انتقال الصناعيين من مادة إلى أخرى لم نكن ننتظر رؤيتها في السوق إذا ما قسنا المفارقات، مثلا التحول من العجائن إلى العصائر وغيرها ، ولا ندري كيف نسمي هذا توسيع للاستثمار أم التكيف مع الواقع؟ خاصة إذا ما تعلق ذلك بالمواد التي تعرف تشبّعا لماذا يذهب إليها هؤلاء؟
حتى لا نضيع في الخلفيات الاقتصادية، نقول بأنّ ما تشهده البعض من المواد من فقدان لنوعيتها وذوقها وتراجعها بشكل كبير بشهادة المستهلكين، إنما يعود إلى أن أصحابها استرجعوا كل التكاليف والمصاريف والنفقات التي رافقت المشروع من بدايته إلى نهايته، استرجعت بشكل أو بآخر، وهذا في حدّ ذاته نقطة القطيعة مع الاستمرار في أداء الخدمة الأولى المبنية على فرض الذات.
هذه الذّهنية الرّبحية هي التي تقتل أحيانا المنتوج، وتقضي عليه كلية كون صاحبه أدرجه في منطق معين لا يتعدى ما يدر عليه من أموال، أما الباقي فلا يهمّه، لذلك فإنّ المواطن أصبح على دراية تامة بالمنتوج الذي يشتريه مهما كان تأثير الإشهار عليه، وعندما تستفسره في الأمر يرد عليك بأنّ المنتوج الفلاني أصبح سيّئا ورديئا من ناحية الذوق سواء مواد القهوة، العصائر، العجائن، الغسول، المصبرات، الحليب ومشتقاته وغير ذلك.
فلا تخلو التعليقات في الوسط العائلي تجاه تلك المواد من أنّ أصحابها انطلقوا جيدا في بدايتهم، لكن للأسف لم يواصلوا على تلك الوتيرة المهنية، لذلك يطلب بعدم الإتيان بمنتوج معين إلى المنزل، وإحلال آخر محله كونه دأب على مسار واحد في النوعية والذوق ولم يتغيّر، هذا التّقييم الموجود لا يحتاج لأي ترويج إعلاني يكفي فقط الاستماع إلى النّاس، ماذا يقولون.