هل اختصرت "الشراكة الاجتماعية" في تنظيم الإضرابات و الحركات الاحتجاجية فقط في حين أنها أكبر من أن تختزل في هذه الثنائية التي يفترض أن تكون الاستثناء و ليس القاعدة ؟! وأن يكون الإضراب كملاذ أخير يتم اللجوء إليه بعد استنفاد كل الوسائل القانونية الأخرى، بل حتى في هذه الحالة يجب أن يخضع لتأطير و ضوابط لأن الخيط الذي يفصل بينه و بين الفوضى رفيع جدا خاصة عندما يتعلق الأمر بقطاع بحساسية التربية الذي يتوقف عليه مصير أجيال.
إن هذا الطرح لا يعني البتة تجريم الإضراب كوسيلة لتحقيق المطالب و حق يكفله الدستور الجزائري و لكن ليس على حساب حقوق دستورية أخرى، فالتعليم و المدرسة حقان يكفلهما الدستور كذلك.
قد نتفق جميعا أن مدرسة الجودة لا يمكن الوصول إليها إلا بتوفير كل الظروف المادية، الاجتماعية و البيداغوجية للمعلم و التلميذ معا و لكن بالمقابل يجب أن يكون المعلم الذي كاد أن يكون رسولا - على قول الشاعر- في مستوى أمانة هذه الرسالة المقدسة و النبيلة ، كما لا يمكن لهذه المدرسة التي يصبوا إليها الجميع أن تتجسد إلا بتضافر جهود الجميع و في مقدمتهم النقابات وفق مفهوم شراكة اجتماعية تفرض عليها المساهمة في تصويب و معالجة الاختلالات و النقائص التي تشوب مدرستنا، فظاهرة الدروس الخصوصية التي تقدم في البيوت و المستودعات و في أماكن لا تتوفر على أدنى الشروط البيداغوجية أصبحت - للأسف - أصل و المدرسة فرع أو تكاد؟ ! ناهيك عن ظاهرة انتشار المخدرات ، التسرب المدرسي و غيرها من الظواهر التي تنخر مدارسنا فهل سألت هذه النقابات نفسها عن موقعها من كل هذا ؟.
إن العمل النقابي هو نضال مسؤول و واع لا يخضع للقانون فقط و لكن للأخلاق و مراقبة الضمير كذلك ، بينما يصبح أقرب إلى الابتزاز منه إلى النضال و يفقد بريقه و قيمه النضالية عندما يأخذ الآخرين كرهينة خاصة عندما يتعلق الأمر بالمدرسة و التلميذ.