تستوقفنا حوادث المرور هذه المرة من سعيدة بحادث مأساوي أودى بـحياة أزيد من 17 شخصا إثر اصطدام حافلة صغيرة بطاكسي جماعي للنقل بين الولايات ومن خلال المشاهد والصور التي تناقلتها مختلف القنوات التلفزيونية للحالة التي أصبحت عليها العربتان وحجم الخراب الذي لحق بهما يتبين أن السبب هو السرعة الكبيرة التي كانت تسير بها إحداهما أو كلاهما وإلا ما كانتا لتتحولا إلى كومة حديد.
إن هذا الحادث المأساوي يستوقفنا جميعا لإعادة النظر في كيفية التصدي للظاهرة - التي تخلف سنويا آلاف الأرواح و الملايير من الخسائر المادية - والبداية تكون بوسائل النقل الجماعي التي تحوّلت للأسف إلى وسائل للقتل الجماعي وهذا ليس بسبب تهور السائقين فقط ولكن لعوامل أخرى كثيرة على رأسها غياب أساليب فعّالة للرقابة وسائل المراقبة التي من المفروض أن تجهز بها إجباريا كل وسائل النقل العام للحصول على كل المعطيات المتعلّقة بالرحلة مثل المسافة المقطوعة، ساعات عمل السائق وراحته..إلخ يضاف إلى ذلك نقاط أخرى مثل هندام السائق والقابض ونوعية المركبة والراحة التي توفرها للمسافرين على متنها.
كل هذه المعايير التي تعتبر من بديهيات النقل في كل دول العالم مغيّبة في بلادنا إلى درجة أصبحت معها حظيرة تشوهها حافلات و«ميكرو- باصات” مهترئة ومتسخة تفتقد إلى أدنى شروط السلامة و الراحة وبعض السائقين والقابضين إن لم نقل أغلبهم يرتدون ملابس لا تليق بخدمة عمومية بحجم النقل بل منهم من تصل به الوقاحة إلى تشغيل أغان خادشة للحياء يجبر الركاب على سماعها وغيرها من المعاناة اليومية للمواطنين مع وسائل النقل.
إن استفحال حوادث المرور بهذا الشكل اللافت يستدعي عقد جلسات وطنية تشارك فيها كل الهيئات الرسمية من الأسلاك الأمنية، وسائل الإعلام وممثلي المجتمع المدني لبحث حلول جدية لهذا القاتل الذي يحصد حياة الآلاف وماذا عن الأرامل، اليتامى والمعوقين ؟.