شقراء ... بوزن بارودة

نور الدين لعراجي
17 جانفي 2018

لاتزال الشقراء عهد التميمي تصنع ملامح المشهد السياسي والاعلامي في فلسطين وفي العالم ، ولا يمر يوم الا وصورتها وهي تقاوم بالأيادي  الفارغة وبحجارة  السجيل تقذف بها أعداء الارض والعرض ...تملأ الصفحات الاولى للجرائد العربية والدولية ... وعبر شاشات التلفزيون  تصنع لوحدها حركة مقاومة  لم يشهد العالم  مثلها قط .
عهد  التميمي اصغر مناضلة من اغوار التاريخ الكبير تأتي من ريف فلسطين ومن أغوارها القديمة تحاكي الذاكرة، تصنع من براءة طفولتها ملحمة خالدة ، ولولا ظفائر شعرها  النيزكي  لغمرتنا جميعا،بشعلتها الحارقة شحنة نادرة قلما وجد مثلها عند كبار القوم  اوصياء التاريخ وحماة الجغرافيا المطعون في هويتها.
تحمل حقيبتها المدرسية وعوض ان تشق طريق المعرفة ، راحت تدفع ثمن الصمت العربي بالوكالة ، دون خوف من عساكر الاحتلال ولا من دباباتهم وكلابهم التي ألفت نهش لحمها الممزوج بقسوة الزعتر ومرارة أغصان الزيتون ... تمضي الى فضاء المواجهة وجها لوجه ، وكأنها ترسم معالم الجرح العربي الساكن في أرض الميعاد ليست في حاجة الى احد وهي التي ألفت الغطرسة الاسرائيلية وصارت من يومياتها
عهد لم تركع ولن تكون في صف اولئك الذين  خانوا القدس بدراهم معدودات  ، وباعو الوطن بابخس الاثمان ، وهم كغيرهم ممن يتقاضون الاجور في السراء ، مقابل صمتهم حول ما يحدث للأقصى ولعروس العروبة  فلسطين.
تعامل سلطات الاحتلال مع قضية عهد ، لم يكن جديدا في سجلات العدو الصهيوني ، بل ان الامر صار ضمن خيارات اطفال الحجارة ، وما المشاهد المتكررة لأطفال ضحايا الهمجية الاسرائيلية منذ فجر الاحتلال الى اليوم ، لتعد سابقة في تاريخ الاستعمار الحديث ، الذي صار لا يفرق بين صغير وكبير، رغم المواثيق الدولية التي تمنع تجريم هؤلاء او معاملتهم كأسرى او مجرمي حرب ، ولعل صورة الشهيد محمد الدرة وهو يستشهد بين ذراع والده في تلك الواجهة الحزينة خير دليل ان هؤلاء  الحمقى يخافون صغارنا اكثر ...مما ترعبهم ايادي الفصائل والمقاومة .
تحية اكبار ايتها الايقونة الجميلة ...سلام يليق بمقامك خلف القضبان ...سلام بحجم هذه المسافات التي انجبت على ترابها  جميلات الجزائر الثلاث ..وزرعت على ترابها حسيبة بن بوعلي وغيرهن من شموع الجزائر وثورتها المظفرة ...
سلام اليك  في زنزانتك العاجية ... سلام  بحجم القصائد التي حفظنا  ابياتها  لفدوى طوقان  ومحمود درويش وسميح القاسم ....ولأنك دخلت التاريخ من ابوابه الكبيرة ..ابواب صنعتها  ملاحم تشي جيفارا ..وكاسترو  ومانديلا ...كنت خير خلف لحرائر الزمن المسجى بأساطير الخرافات  ..وكنت ايقونة بوزن  بارودة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024