تمت دسترة اللغة الأمازيغية كلغة وطنية و رسمية وأرفقت هذه الخطوة بأخرى استكملت مسار إعادة الاعتبار لأحد أبعاد هويتنا الوطنية التي تقوم على ثلاثية الإسلام، العربية والأمازيغية وكان ذلك بترسيم رأس السنة الأمازيغية عطلة مدفوعة الأجر وإدراجه في رزنامة الأعياد الوطنية.
إن الرهان الحقيقي الذي ينتظر اللغة الأمازيغية هي الانتقال بها من التراث الشفهي إلى الكتابي و هذه ليست بمهمة سهلة على اعتبار أن التراث الأمازيغي يكاد يخلو من الموروث الكتابي ماعدا تلك الرسومات و الكتابات الموجودة في جنوبنا الكبير والمكتوبة بحرف التيفناغ، ماعدا ذلك لم يذكر الباحثون والمؤرخون المختصون في تاريخ شمال إفريقيا أنهم عثروا على كتابات أو مخطوطات باللغة الأمازيغية وهذا ما يعني أن التراث الأمازيغي شفهي أكثر منه كتابي.
إن تأسيس أكاديمية للغة الامازيغية يعتبر خطوة مفصلية في النهوض بهذه اللغة وترقيتها ولكن الاكيد أن ثمار عملها لا تجنى إلا بعد سنوات طويلة لأنه عمل يحتاج الى نفس طويل ومعقد يتطلب انخراط نخبة من اللغويين، المختصين في اللسانيات، الانثروبولوجيا و علم الاجتماع ...الخ و غيرها من التخصصات العلمية الأخرى التي يجب أن تتضافر جهودها و أعمالها للتوصل إلى الاهداف من انشاء الاكاديمية.
إن التسرع أو محاولة إعطاء الانطباع بأن الأمر محسوم و أن الحرف الأنسب لكتابة اللغة الامازيغية هو الحرف اللاتيني هو استباق للأحداث، في حين كان الأجدر التريث و انتظار الاكاديمية التي دعا إلى تأسيسها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وهي هيئة المتوخى منها مراعاة الاعتبارات الاكاديمية والعلمية دون سواها لتكون في خدمة هذه اللغة وترقيتها وتمكينها من التحليق بجناحيها.
أما في حال استحق الامر - في مرحلة انتقالية- وبهدف تعميم تدريسها خاصة لدى الاطفال والشباب في انتظار استكمال عمل الاكاديمية والتوصل إلى كتابتها بحروفها الأصلية (التيفناغ) بعد حصول إجماع كل المختصين و الباحثين، فإنه من باب أولى كتابتها بالحرف العربي لأن ذلك يمكنه أن يعمق انسجام المجتمع الجزائري وتماسكه أكثر من خلال المزج بين هذين البعدين اللذين يشكلان محورا هويتنا وانتمائنا.