هل من اللائق اطلاق تسمية “متحف الإنسان” على ذلك المبنى الباريسي الذي تتكدس فيه جماجم الآلاف من شهداء المقاومات الجزائرية ؟ ألم تكمل تلك الجماجم الطاهرة الرسالة
وهي ظلت شاهدة على حرب ابادة مارسها الاستعمار الفرنسي و دليل يدين ماضيه الاجرامي ؟
لقد كان الجرم الوحيد الذي اقترفه أصحاب تلك الهامات الشامخة هو تمسكهم بأرضهم و مقاومة الوجود الاستعماري منذ الوهلة الأولى لتؤكد تلك الجماجم أن الشعب الجزائري لم يهضم أبدا رواية “الجزائر فرنسية”
و أنه حارب الاستعمار منذ اليوم الأول و أدرك أن الحضارة التي بشّر بها هي (حضارة) التنكيل و قطع الرؤس و هذه الجماجم شاهدة على ذلك و على أن فكر “داعش” الارهابي له خلفياته التاريخية و لم يأت من عدم و ما يقترفه اليوم افعال شنيعة مارسها الاستعمار الفرنسي قبل أكثر من قرن في حق الجزائريين و البشرية جمعاء.
اذا كان الحفاظ على كرامة الانسان حيا هي عدم التعرض لأي من حقوقه مهما كانت بسيطة فان الحفاظ على كرامته ميتا
وبإجماع كل المعتقدات و الاديان السماوية هو دفنه أو حرقه أو أي طريقة تصون كرامة الميت بل حتى الفراعنة الذين كانوا يخلدون علية قومهم بتحنيطهم كانوا يفعلون ذلك بدفنهم في توابيت لا يصل اليها أحد.
حان الوقت لإكرام جماجم شهداء المقاومة الجزائرية بدفنها في تراب الجزائر التي ماتوا من أجلها لأن ارواحهم الطاهرة التي التحقت ببارئها و هي تتقلب اليوم في جنات الخلد والرضوان لن تشعر بالراحة إلا عندما تعود تلك الجماجم الى الارض التي احتضنتها عندما سقطت من بطون امهاتها ثم احتضنتها و ارتوت من دمائها الزكية
و هي تسقط شهيدة من أجل الجزائر، أما عرضها في المتاحف و المعارض هي جريمة قتل ثانية و انتهاك لكرامة الانسان.