نستهل محليات الشعب خلال هذه السنة الجديدة ٢٠١٨، بملف حيوي واستراتيجي في آن واحد بالنسبة للجزائر، ألا وهو النمو الديمغرافي وما مدى مسايرته للإمكانيات المادية المتاحة على الصعيد الوطني، في الجوانب المتعلّقة بتلبية الإحتياجات الخدماتية اللازمة وتوفير المرافق الضرورية في الصحة، التعليم، التكوين ومناصب الشغل وغيرها من المسائل أو المتطلبات الملّحة، التي تقابل كل زيادة في الولادات.
وحاليا، فإن العديد من الأصوات تتعالى من هنا وهناك داعية إلى تنظيم النسل بما يتماشى مع الأوضاع الحالية في البلاد، ونقصد هنا الزاوية الاقتصادية التي تتأثّر مباشرة بنسبة ٢٫٢ ٪ أي ٩٠٠ ألف أو أقل من مليون مولود سنويا.. وبداية من جانفي الفائت وصل عدد الجزائريين إلى ٤١،٣ مليون نسمة.
وابتداءً من جانفي ٢٠١٨، سيبلغ عدد الجزائريين إلى ٤٢،٢ مليون نسمة، و ٤٤،١٩١ مليون في ٢٠٢٠، و ٤٤،٩٠٧ مليون في ٢٠٢٥، و ٥١،٠٢٦ مليون في ٢٠٣٠، هذه الأرقام تبين المنحنى المتجه نحو الأعلى وبالسرعة المسجّلة مرجعيتها تلك النسبة سالفة الذكر.
هذه الوقائع ظاهرة أمام السلطات العمومية من أجل مرافقة هذا التطور بالآليات المطلوبة، لاستحداث ذلك التوازن بين معادلة الولادات والقدرات وعدم ترك هذا الملف جانبا أو إدراجه ضمن ترتيب لا يليق به.. وأول ما يجب أن يكون حاضرا هو التفكير مليا في كيفية قلب أو تغيير التنقل من الجنوب إلى الشمال، ليكون على قاعدة من الشمال إلى الجنوب بعد ملاحظة أن الكثافة السكانية في الساحل تفوق بكثير على ما هي في الجنوب، مما أدى إلى كل هذا اللاتوازن.
وإن كانت هذه النظرة المطالبة بوضع حدّ لهذه الولادات، واشتراط أن لا يتجاوز العدد طفلين فقط، فإن هناك تحاليل ترفض هذا المنطق بحكم حيوية واستراتيجية الأمر هنا، وربط ذلك بالمساحة الشاسعة للجزائر، والتي تستدعي أن تستقبل المزيد من الساكنة.
وسيسمح لنا، الملف الذي أمامنا، بأن نطّلع على عينات من الحالات المتعلقة بالنمو الديمغرافي في بعض ولاياتنا يوافينا مراسلونا، بالواقع اليومي في هذا المجال أي الولادات وعلاقاتها العضوية بحيثيات المعيشة على ضوء المتغيرات الحاصلة في ميدان التنمية وتأثرها بالحركية المالية.
إننا أمام قضية حسّاسة جدا، تتطلّب قرارا حاسما من أجل التكفل بها وفق نظرة بعيدة المدى، تراعي كل المعطيات في الميدان من خلال التنظيم الفعّال لمصلحة البلاد، والقراءة الحاملة للدّلالات الخاصة بالأرقام سالفة الذكر، لا تكون سلبية فقط.