كلمة العدد

تحدي اكتساب المهارة

سعيد بن عياد
06 جانفي 2018

خلافا لرؤية البعض السلبية تجاه قائمة المواد الممنوعة من الاستيراد، فإن البعض الآخر من المتعاملين وأصحاب المبادرة الاستثمارية يدرجون هذا القرار في إطار تعزيز قدرات المؤسسة الإنتاجية الجزائرية ومنح فرصة ثمينة للمستثمرين بمختلف قدراتهم لإدراك مرحلة الانتعاش، طالما أن المنتجات المعنية إما يتم إنتاجها محليا أو توجد إمكانيات لذلك بقليل من المبادرة والجرأة فقط، خاصة وان مناخ الأعمال يوفر عناصر النجاح من كافة الجوانب المالية أو الطلب أو التحفيز.
هذه القراءة الايجابية، أكدها رئيس غرفة التجارة والصناعة لبسكرة ومنسق غرف ولايات الجنوب، موضحا أن خيار منع استيراد منتجات يحمل رسالة قوية للمتعاملين عبر السوق الجزائرية تفسح لهم المجال لمراجعة نمط العمل وتصحيح مسارهم بالتحول من مستورد لكل أو بعض المنتجات إلى منتج لها وذلك بالحرص على إقناع شركائهم بالخارج بضرورة القدوم إلى السوق الجزائرية لانجاز مصانع أو وحدات إنتاجية عن طريق مختلف أصناف الشراكة المتاحة.
يرتكز هذا التوجه على أكثر من مؤشر محلي وخارجي، فعلاوة على تشكيلة الإجراءات والتحفيزات والمرافقة التي تكرسها الدولة لفائدة المؤسسة الإنتاجية مهما كان طابعها القانوني بما في ذلك المشكلة برأسمال أجنبي، فإن تقريرا نوعيا صدر قبل يومين عن «مجموعة أكسفورد» البريطانية لخبراء الاقتصاد يضع الاقتصاد الجزائري في مركز ايجابي لما يوفره من عناصر نجاح أي مشروع استثماري منتج خاصة خارج المحروقات، يتم وفقا لمعايير النجاعة، مسجلا وجود آفاق ايجابية رغم تراجع إيرادات النفط. مثل هذه المؤشرات الخضراء تبعد تلك المثبطة التي تسوقها بعض الأوساط المنزعجة من الخيارات الكبرى للاستثمار، وتبرز مدى القناعة الراسخة لدى المتعالمين خاصة وان 61 بالمائة من رؤساء المؤسسات يبدون رأيا ايجابيا و 70 بالمائة يحذوهم تفاؤل موضوعي مع خشية فقط من تأثيرات سلبية لارتفاع رسوم بعض الضرائب التي من شأنها أن تحد من الإقبال على المنتوجات في السوق، مما يستدعي العمل على ملف مراجعة وتعديل في الجوهر للنظام الضريبي في ضوء معطيات السوق في السنة الجارية، تحسبا لحماية وتيرة الاستثمار المنتج وحرصا على إدراك معدل مقبول للنمو.
التحدي القائم اليوم أكبر بكثير من مجرد الاكتفاء بتشخيص الظرف كون مواجهته مسألة وطنية تتطلب انخراط كل الكفاءات المختصة في التحليل والتدقيق في المعطيات في ديناميكية مرافقة للمؤسسة الإنتاجية، وإحاطة رؤساء المؤسسات المنتجة للثروة والتي تستثمر في قطاعات يمكن التحكم فيها بمناخ ايجابي يبدّد المخاوف ويساعد على إدراك الأسواق الإقليمية والعالمية لجلب شركاء من كل جهات العالم لبناء مشاريع تستجيب للطلب وفقا لقاعدة تقاسم الأعباء والأرباح.  يبقى جوهر هذا التحدي الحرص على امتلاك المهارة عن طريق تنمية الشراكة والتبادل مع متعاملين أجانب يبحثون أيضا عن مواقع في أسواق جديدة، كما هي السوق الجزائرية التي تنتقل من مرحلة زبون يستورد الجاهز إلى مرحلة شريك ينتج مع غيره من المتعاملين شريطة أن يعطي المستثمر الجزائري صورة جذابة بتأكيد ارتباطه بها من خلال اعتماد قراءة تفاؤلية لكل ما يبدو في البداية توجها صعبا وجعله منصة للانطلاق مجددا بهوية المتعامل المنتج والحريص على مركزه في السوق.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024