تعتبر الثقافة عماد الحضارات وواجهة الوطن ، وسلوكا يتناوب على المجتمعات الصغيرة والكبيرة ، يرسم معالمها الفكرية والمعرفية ، ويخلد قيمها الانسانية ، بين الامم ، وإذ تعتبر رهانا قائما لا يتغير فإن مدلولها الاكاديمي في تفسير الظواهر، وترسيم الافكار ، وتقييم الابداع ، لايمكن ان ترتكز على دعائم لا تمتن اسسها بالحجة والبرهان ، لذلك فانها السلوك المتجذر في اخلاقيات الانسان ، وفي تراثه المادي واللامادي ، وعلى خشبة المسرح ، وخلال العروض السينمائية او في الاصدارات الدورية والكتب والحوليات ، وكذلك في الندوات والملتقيات التي تكشف للاخر مزايا هذه القيمة اللامادية .
ونحن نودع سنة 2017 بكل ما حملته من انجازات وما حققته من رهانات قدمتها الوصاية او فعاليات المجتمع المدني ممن ساهمت في اعادة الاعتبار للمشهد الثقافي سواء بمرافقة المشاريع الثقافية وإقامة النشاطات المختلفة او من خلال التمثيل الخارجي في المحافل الدولية او الاقليمية .
لاشك ان المتتبع للسياسة الثقافية قد لاحظ ان رهانات الوصاية كانت قائمة على ثلاثية الابعاد وهي استراتيجية دأبت وزارة الثقافة اعطاءها حيزا مهما من الاهتمام ، لكنها بدأت ارضيتها محتشمة مقارنة مع ما تم الترويج له في الخطاب الرسمي ، وان كان ذلك يعود لاسباب رهينة النوايا في التعامل مع مشاريع مثل هذه ، او انها اعتبارات اخرى حالت دون تحقيق الهدف المرجو ، فانه لم يكن بالسهولة ارضاء الخواص بخوض الاستثمار في مشاريع ثقافية يكون الربح فيها غير واضح المعالم او هناك ضبابية تشوب الرؤى ، على اعتبار ان التجربة لا تزال فتية ، وغير مؤسس لها في الفضاء الثقافي ، ما يتوجب العمل على تحفيز الخواص بخوض غمار المساهمة كشركاء حقيقتين في الفعل لثقافي ، وليس توابع لاية جهة كانت .
ان حصيلة النشاط الثقافي لسنة 2017 فيها الكثير مما يقال حول النتائج وفيها ايضا ما يستوجب التوقف عنده برهة من الوقت ، وإعادة ادراج عقارب الوقت ، لتحديد مواضع الخطأ والصواب وتحديد ثنائية الفشل والنجاح ، بعيدا عن المحاباة والمعاداة، وبعيدا ايضا عن السياسة الاجتماعية التي اظهرت التجارب السابقة انها لا تذهب بعيدا وكل من سار دربها فان نقطة التوقف الاضطراري قاب قوسين او ادنى من انطلاقاته.
هناك برامج تثمن وأخرى مازالت تجر خيبة فشلها وبعضها يحاول تمكين اوصاله على سكة ، لكن الرهانات القائمة اكبر منه بكثير.
