كثيرا ما تصيبنا الغرابة جراء أشياء لم نكن ننتظر حدوثها، ولم نرسم لها في الخيال مكانا، لذلك قد نتفاجأ من تصرفات بشرية هي أقرب إلى الحيوانية منها إلى الإنسانية، وبعد ثلاثية صنعت المشهد الإعلامي والافتراضي افتتحها ترامب وما أقدم عليه بتحويل عاصمة بلده من الكيان الاسرائيلي إلى أرض المسجد الأقصى بفلسطين، صدمتنا شيطانية الحوت الأزرق وتداعياتها، وما أسفرت عليه من تبعات لا تحدث حتى في أفلام الهيتشكوك وهلوسات الرعب، خلفت وراءها حذرا كبيرا داخل الأسر الجزائرية وفي باقي المجتمعات الأخرى التي راحت ضحية هذه الطامة المجنونة، وخوفا من هذا الحوت المتسلل جهارا ونهارا إلى عقول أطفالنا واليافعين منهم، قصد إقحامهم في غياهب الانتحار والعياذ بالله، مازلنا نتجرع سمومه وإفرازاته، يخرج علينا بعض الطفيليين والبارازيت من شباب، يحرقون العلم الوطني الذي ضحى من أجله الملايين من الشهداء والمجاهدين، داعين إلى ترقية اللغة الأامازيغية، والأمازيغ الأحرار براء من أفعالهم، لأنهم ينفذون أجندات صديقة ومن وراء الضفة وشقيقة، وهم في الحقيقة كالزبد يذهب جفاء، وسرعان ما تكشفهم الحقيقة للعيان. لأان أفعالهم ستزيد من تأليب الحقد والكراهية بين أبناء الشعب الواحد.
الهدوء لم يدم طويلا، وعلى عتبات مدينة سيدي الخير بأعالي سطيف، شخص ملتحي ومقمصص بنص ساق، يهدم مفاتن «عين الفوارة « وهو التمثال الذي نحته الفرنسي دوسان ديفال، الفعل غير مسبوق، في تاريخ المدينة بعد الانفجار الإرهابي الذي استهدفها سنة 1997، وماذنب تحفة أثرية حجرية، محمية كتراث عالمي، لم تكن لتفتن أحد وهي مزار لكل العائلات سواء من سطيف أو من خارج المدينة، واذا كانت تلك المفاتن الخفيّة التي استطاعت أن تغري هذا المغولي الجديد وتفتنه وقام بفعلته، ألم يكن بوسعه غضّ بصره عنها، لأن سلوكه هذا ليس له أي تفسير ماعدا أنه شخص بوهيمي غرائزي وغير سويّ.