تمثل الشراكة بين القطاع الخاص الوطني والمتعاملين الأجانب خيارا يفتح أفقا أمام الاستثمار المنتج في قطاعات عديدة خارج المحروقات خاصة في مجالات الصناعة المختلفة المرتبطة بالتكنولوجيات الجديدة، بالنظر للطلب عليها في الأسواق المحلية والخارجية وارتباطها بالتطور الاقتصادي والاجتماعي.
في هذا الإطار بادرت مؤسسة جزائرية خاصة (بومار كومباني) بإطلاق شراكة مع المتعامل الكوري الجنوبي «ألجي الكترونيكس الجزائر» تخصّ تركيب ولاحقا إنتاج تشكيلة من الهواتف النقالة الذكية. هذا التعاون جاء بعد نجاح تجربة إنتاج أجهزة التلفزيون لنفس العلامة التي تعزّز ثقتها في السوق الجزائرية كمنصة للناتج والتصدير للأسواق القريبة المغاربية والإفريقية، مثلما أعلنه ياسين خلاف مدير قسم الهاتف النقّال في ندوة صحفية نهاية الأسبوع بمناسبة الكشف عن أصناف جديدة تدخل السوق قريبا وبأسعار تراعي القدرة الشرائية لمختلف الفئات.
وأوضح أن الهدف المحوري في المدى القريب والمتوسط يتمثل في الرفع من حجم الصادرات نحو أسواق قريبة مع تنمية نسبة الاندماج المحلي الذي يوفر للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والناشئة إمكانيات الدخول في مشاريع شريطة البروز والتمتع بالمصداقية من حيث الالتزام بالمعايير. وضرب لهم المدير العام لذات المتعامل موعدا السنة القادمة لتوسيع دائرة إنتاج الأجهزة الكترومنزلية مثل الثلاجات والمكيفات وهي فرصة للمتعامل الجزائري المحلي لمواكبة الاستثمار والدخول في سوق تعتمد على اقتصاد المعرفة والحوكمة في إدارة المشاريع وفقا للمناجيريالية. وأكد ذات المتعامل أن البحث عن مناولين يهتمون بالاستثمار قائم حاليا من أجل الرفع من الإنتاج المحلي.
وتعتبر تجربة المتعامل بومار كومباني مثالا يؤسس لمسار شراكة جزائرية أجنبية بعد أن واجه المحيط بكل تشعّباته ومعوقاته لينجز مشروعا أصبح اليوم حقيقة بحيث يشغل 600 عامل حاليا مع الطموح لتوفير حوالي 400 منصب عمل السنة القادمة بفضل نمو مؤشراته المالية والمناجيريالية بحيث بلغ رقم الأعمال ما يعادل 60 مليون دولار سنة 2016 و65 مليون دولار في 2017 مع التطلع لبلوغ 100 مليون دولار. وأوضح بومدين علي مدير عام المؤسسة الجزائرية أنه بدا في تصدير أجهزة التلفاز عالية الجودة المصنعة محليا في نطاق الشراكة سنة 2007 وإبرم في 2015 صفقة بمبلغ 50 مليون دولار للتصدير نحو اسبانيا والبرتغال تمّ تصدير ما يعادل 6 ملايين دولار في 2017.
ويعزز قدراته بدخول مرحلة تركيب ثم إنتاج تام للهاتف النقال على مستوى وحدة الإنتاج الموجودة بمصنع المؤسسة بأولاد شبل قرب بئر توتة والمتوفرة على الشروط التقنية لمثل هذا النشاط مثل الغرفة البيضاء، حيث يساهم هذا الاستثمار في تغيير وجه المنطقة وإدماج جانب من سكانها في التنمية. وبالفعل تتجه هذه المنطقة، التي تخلصت من العزلة بفضل مثل هذه الاستثمارات الناشئة وخاصة بفضل المشاريع القاعدية التي أنجزتها الدولة مثل الطرق وتهيئة المحيط، إلى الانتقال نحو اقتصاد نوعي يدرجها في المشهد التكنولوجي.
وأشار صاحب المؤسسة إلى أن احترام معايير الحفاظ على البيئة وحماية المحيط أمر جوهري في مخطط التنمية بما في ذلك الحرص على تطوير الاسترجاع ورسكلة النفايات التكنولوجية خاصة بمرافقة من السلطات العمومية ذات الاختصاص، مع الاهتمام بإحداث مركز للبحث لمواكبة مسار الانتقال من نظام التركيب «اس. كا. دي» إلى نظام الانتهاج «سي. كا. دي»، مع توجيه الاهتمام غالى الأسواق المجاورة على مستوى منطقة المغرب العربي وإفريقيا.
وبالمناسبة عبّر والي ولاية الجزائر عبد القادر زوخ الذي حضر تدشين وحدة إنتاج الهاتف الذكي عن وجود إرادة لمرافقة الاستثمار المنتج لما في ذلك من انعكاسات على التنمية المحلية، خاصة بالنسبة لتوفير فرص العمل للشباب وبالذات الجامعي معلنا عن ترحيب بكافة المستثمرين الجادين الذين ينخرطون في مخطط الاستثمار المنتج.
وهو نفس الانطباع الذي أبداه سفير كوريا الجنوبية واصفا «هذا الانجاز بالهام كون الشراكة بين البلدين من خلال مؤسسات إنتاجية يساهم في تنمية فرص العمل ملتزما بالحرص شخصيا على أن تشارك المؤسسات الكورية في الاستثمار في الجزائر» التي تعطي سوقها فرصا عديدة لا توجد ف بأسواق أخرى. ويقع على عاتق المتعامل الجزائري، وفي مرتبة أولى القطاع الخاص الحقيق، العبء الأكبر في بناء معادلة شراكة وهي مأمورية في المتناول إذا ما حرص على إقناع المتعاملين من مختلف جهات العالم وتصرف باحترافية قائمة على كسب معركة تحويل التكنولوجيا والتواجد في الأسواق الخارجية بوضع الثقة في الكفاءات المحلية وإحداث منافسة حول الذكاء والابتكار من جهة وتوظيف عقلاني للموارد وخاصة تلك التي تقدمها الدولة.