تحسين الإطار المعيشي وترقية الخدمات العمومية

سعيد بن عياد
24 نوفمبر 2017

طويت الانتخابات المحلية لتمنح لممثلي الشعب خاصة الجدد فرصة تولي تسيير الشؤون العمومية لفائدة السكان مع التزام تام بخدمة الدولة في إطار منسجم لا يترك فجوة لأي تعثر، خاصة وأن القانون الجديد للبلدية أنهى معضلة تولي رئاسة البلدية بتكريس قاعدة من يفوز بأغلبية الأصوات يكون له شرف وفي نفس الوقت تكليف الجلوس على كرسي «المير».
بعد مساعي طلب التأييد الشعبي وقطع مسار انتخابي شاق من خلال خوض حملة عرفت تنافسا حادا وصل من وصل وخسر من خسر، لتكتمل العملية الانتخابية في كنف التعددية والحرية مفرزة ممثلين يدركون أن المهمة تقتضي إعادة الجميل للسكان سواء على مستوى البلديات أو المجالس الولائية، وذلك بالوفاء للتعهدات والحرص على تشريف الوعود مساهمة في تعزيز البناء الديمقراطي التشاركي.
تتطلب المرحلة أن تكون الخلية القاعدية للدولة وأساس البناء المؤسساتي المعبر عن الإرادة الشعبية ذات حيوية تغمرها روح بناءة، بحيث يمارس الوافدون الجدد خاصة وأولئك الذين جددت فيهم ثقة المواطنين، المهام بفعالية وشفافية وفي إطار القانون مع السعي دوما إلى توسيع الانفتاح على المحيط المحلي من مجتمع مدني ومتعاملين ومواطنين.
إذا كانت بلديات قد احتفظت بمسؤولها الأول نظير نجاحه في إقناع السكان طيلة العهدة السابقة فكان له الجزاء بالرضا، فإن بلديات أخرى تعرف بدءا من 23 نوفمبر، تغييرا على مستوى رئاسة البلدية وأعضاء المجلس البلدي، بعد أن حسمت أغلبية الناخبين في الاختيار أملا في أن تعرف أحياؤهم تطورا ويستفيد شبابهم من مشاريع جوارية، والأكثر استعجالا تحسين الإطار المعيشي وترقية الخدمات العمومية القاعدية.
يرتبط نجاح المسار التعدّدي والديمقراطي بمدى نجاح الممارسة المحلية على مستوى البلديات والمجالس الولائية التي لا تضع ممثلي الشعب على محك المصداقية من حيث مدى التزامهم بالتعهدات واحترامهم للمواطنين كافة وخاصة حرصهم على تقديم الأفضل سواء أثناء القيام بالمهام أو خلال الحياة العادية من أجل تسويق صورة مشرفة عن المسؤول المحلي خلافا للصورة السلبية المتداولة، التي شوّهت المنتخب المحلي وضربت عنصر الثقة لدى المواطنين في الصميم، لولا فسحة الأمل التي حملها مسار التغيير الوارد في الدستور.
حقيقة، لم يخيب المواطنون الأمل المعقود عليهم في المشاركة في الاختيار ليعطوا مثالا حيا لمجتمع يحسن التعاطي مع التعددية وممارسة حرية الاختيار عن قناعة وما حصل من تنافس شديد هو من خصوصيات مثل هذا التنافس السياسي. لكن الأهم أن لا يخيب المنتخبون آمال من اختاروهم فيحصلون على تحسين صورة البلدية وإرساء ثقافة المواطنة وإعلاء قيم القانون والشفافية من خلال الدفاع عن ممتلكات الجماعات المحلية وكسر مراكز النفوذ المحلية وتفكيك شبكات المضاربة بالعقار والصفقات وكل ممارسات الفساد التي عطّلت التنمية وبدّدت الموارد.
لن تكون المأمورية صعبة في السنوات القادمة رغم تداعيات الأزمة، بعد أن أكدت الدولة حضورها خاصة من خلال تخصيص مائة (100) مليار دينار لتمويل مخططات التنمية البلدية، ما يعطي للجماعات المحلية القاعدية نفسا جديدا يتطلب فقط أن يسهر القائمون على دواليبها على حماية المال العام وتقليص النفقات غير الضرورية وإتباع قاعدة العدل والتوازن في توجيه المشاريع للأحياء الشعبية خاصة تلك التي عانت التهميش، وتحمل سكانها عبء جمود أو ضعف منتخبين سابقين ضيّعوا على بلدياتهم فرصا كثيرة حملتها مشاريع التنمية التي سطرتها الدولة ورصدت لها التمويلات اللازمة.
إذا كان التغيير قد حصل داخل الجماعات المحلية فإن تغييرا آخر يجب أن يحصل على مستوى السلوكات والممارسات من جانب المنتخبين الذين يعول عليهم في بعث روح المواطنة بتجاوز الانتماء الحزبي الضيق، ليكونوا رواد الوثبة التنموية الجوارية وحراس المال العام وصمام أمان الديمقراطية بالمفهوم الواسع الذي يستوعب كافة التوجهات المختلفة في المجتمع ويعمق الانسجام الاجتماعي، بحيث تكون البلدية مثلما تأسست له إطارا خلاقا للثروة وعاملا منتجا للقيمة المضافة، وهذا ممكن باتباع قواعد العمل القانونية خاصة ما يخص منها تكريس شفافية المداولات والحرص المتين على المشروعية في الإجراءات وحماية الفئات الهشة من المواطنين أمام جبروت المال وتجاوزات النفوذ غير المشروع.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024