الشهداء .. خط أحمر

جمال أوكيلي
21 جويلية 2017

كم صدمنا خبر إقدام أشخاص على تخريب نصب تذكاري للشهداء بالأربعاء; إلى درجة أننا لم نصدق حدوث مثل هذا الفعل الشنيع من قبل أبناء جلدتنا، في بلد استرجع أرضه بالدم والدموع وشعاره الدائم الشهداء أكرم منّا جميعا.
بالأمس فقط، تضمن مخطط عمل الحكومة رسالة قوية في هذا الصدد عنوانها: «الذاكرة»، محتواها العمل على حماية مآثر الثورة، والحفاظ على قيمها وتعزيز هذا التوجه بشكل دائم في أوساط الجيل الصاعد، بواسطة تخليد الأحداث بترقية الأرشيف إلى مستوى عال من الاستغلال تعميقا للفائدة، وكذلك السهر على إبقاء الجزائريين على صلة بتاريخهم الثوري عن طريق النصب التذكاري.
فلماذا تعرض هذا الموقع التاريخي إلى المساس؟ في مثل هذه الحالات لا يوجد ما يسمى بالعفوية، كون المكان يحمل الكثير من الرمزية وكل من اعتدى عليه إنما يدرك جيدا ما مدى ردود الفعل التي تتوارد عن ذلك، والغضب الذي ينتاب كل الوطنيين الأحرار، وليس فئة ذات الصفة فقط، نظرا لحرص الجزائريين دائما على تقدير واحترام كل من ضحى من أجل هذا البلد.
لسنا في موقع قصد توزيع التهم على فلان وعلان، لكن ما وقفنا عليه مؤخرا من محاولات لتبييض صورة البعض ممن تصدوا للمجاهدين في مناطق معينة من الوطن خلال الثورة، وقيام البعض الآخر بإعطاء الانطباع بأن الثورة كانت تأكل أبناءها، يدفعنا أو بالأحرى يحتم عبينا، أن نربط تلك العلاقة بين الوقائع القائمة على تحيين الخواطر وتلك الصور التي يراد منها تقديم التاريخ بقراءة أخرى خاطئة بالأساس، مبنية على توجه خطير جدا، لا يسمح بتلقينه إستنادا إلى هذه الروايات المغرضة القائمة على مبدإ التشكيك، وهذه الحالة النفسية يحذر من السقوط أو الوقوع فيها، قد تؤدي إلى الانتقام أو شيء من هذا القبيل.
ولا ندري لماذا امتدت تلك الأيدي إلى النصب التذكاري؟ كل الفرضيات مقبولة ولا يستبعد أيّ منها، وما يطرح بقوة هنا هو أن أصحابها على علم مسبق بأن إلحاق الضرر المعنوي بهذه الأمكنة هو الأكثر وقعا في أعماق الجزائريين... على غرار ما أصاب الأملاك العمومية تعوض ماديا لكن الأخيرة تبقى جروحا غائرة لا تندمل بالسرعة المطلوبة.
فبين نبش قبور الشهداء، وتخريب النصب التذكاري لا فرق يذكر، كل ما في الأمر أننا بهذا الإنحراف المسجل والتطاول على التاريخ، إنما تجاوزنا الخط الأحمر، وأصبحنا نتخبط في اللامعقول، وجلد الذات من حيث لا نعي ما يجري من حولنا، خاصة ما تعلق بالضوابط الصارمة التي هي عبارة عن ثوابت راسخة في اللاشعور، تكبح كل ما يرمي إلى تشويه معالم الثورة بالطريقة التي يتبعها البعض.
وإن كانت هذه الجوانب واضحة من ناحية الترسانة التنظيمية والتشريعية، غير أننا في حاجة ماسة إلى إعادة صياغة الكيفية التي يتم بها نقل منظومة الثورة إلى الشباب، وهذه هي الحلقة المفقودة حاليا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024