يــاسين.. الـذي عــرفت

بقلم: أسامة إفراح
18 جوان 2017

ياسين بن جملين في ذمة الله.. أصدقكم القول إنني كذبت الخبر حين سمعته.. ليس فقط لأن ياسين رحل في سنّ مبكّرة، ولكن لأنه من الصعب أن نتقبل هذه الخسارة المفاجئة لابتسامته الدائمة..
بلى.. أول ما أذكره في ياسين هو تلك الابتسامة التي لم تفارق محيّاه مذ عرفته مطلع الألفينيات.. ابتسامة تحالفت مع نبرة صوته المعتدلة وطبعه الهادئ ونظرته المتعاطفة، لتجعل منه إنسانا اجتماعيا يحظى بالقبول ويكسب حبّ الآخرين منذ الوهلة الأولى..
لا يختلف اثنان على أن التعامل مع ياسين كان متعة حقيقية.. إنسانيا، كان الرجل يجعلك تحسّ بالراحة وأنت تحادثه، لم يكن يسعى إلى فرض آرائه على الآخرين، ولكنه لم يكن يخفيها أو يتخلى عنها فقط لينال إعجاب الآخرين.. كان يطرح أفكاره بصراحة ولكن بلباقة وحسن أدب..
ذاك هو ياسين الذي عرفت.. هذا الإطار في عمله لم يتخلّ عن حلمه في التمثيل، كان يحبّ الشاشة ويهوى الفن، ومارس هوايته التي أتقنها.. وكأنّي بالتمثيل لم يعد يشبه شغفه، فانتقل إلى الإخراج والإنتاج.. أذكر جيدا حينما كان يعمل، إلى جانب صديقه الفنان عزيز بوكروني، على فيلمه «اللعبة»، الذي دعاني إلى حضور تصوير جانب من مشاهده، بل وكدت أن أظهر في إحداها.. كان يفتخر وهو يقول لي إنه يعمل على إنجاز الفيلم بأبسط الإمكانيات، وكانت رسالته واضحة وهي أن الفكرة والإيمان بها كفيلان بتجاوز العراقيل وتحقيق الأحلام الأكثر جنونا..
اليوم، وقد تأكد خبر التحاق الصديق الفنان ياسين بن جملين بالرفيق الأعلى، بقيت أنظر إلى هاتفي، وأرى رقمه، وتذكرت أرقام الفنانين والمبدعين الآخرين التي ما يزال هاتفي يحتفظ بها رغم رحيل أصحابها.. أعترف أنني لا أمحو هواتف من يرحل إلى العالم الآخر.. ربما طمعا في أن يجيب صاحبها ذات يوم.. ربما لكي أعين ذاكرتي على عدم النسيان.. ولكن قائمة الهواتف بدأت تكبر وتتسع.. واليوم جاء الدور على هاتفك يا ياسين بن جملين.. رحمة الله عليك أيها الخلوق.. رحمة الله عليك أيها الصدوق.. رحمك الله، وأعاننا على تحمّل فقدانك..

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024