بدأ أفق أسواق المحروقات على ضوء اتفاق الجزائر، والمكرس في اجتماع فيينا، ترتسم معالمه بشكل تدريجي بفعل التقارب المسجل وتطابق التوافق، حول حتمية تصحيح معادلة السوق، التي طال اضطرابها.
يتدعم هذا المسار بشكل فعال بالخطوة التي بادرت بها منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» للانفتاح على الدول المنتجة من خارج المنظمة، من أجل المساهمة في إعادة بناء التوازن المفقود، عن طريق ترميم الأسعار وتماسكها وامتصاص تخمة العرض وفقا للتوزيع المتفق عليه.
لعل هذا التقارب التاريخي، الذي يرشح فيه إعادة ترتيب أوراق المنتجين للذهب الأسود، من داخل أوبك ومن خارجها، ستكون له كذلك انعكاسات جد إيجابية على صعيد تنمية وانتعاش الاقتصاد العالمي.
وبعد إنجاز مكسب استرجاع الثقة داخل المنظمة وتجاه البلدان من خارجها، فإن المنتجين يوجدون أمام منعرج جديد يحتاج إلى تفعيل أرضية التوافق وعدم إضاعة الفرصة الذهبية، باعتبار أن كل توافق من شأنه أن يعيد رسم ملامح السوق والحد من الاضطراب الذي عصف بالسوق النفطية لأزيد من سنتين وخلف من بعده تكبد العديد من الدول خسارة مالية وانكماش المداخيل وتراجع الاستثمارات النفطية.
بالموازاة مع ذلك، تواصل الجزائر جهودها، حتى يتمكن منتج النفط من إرساء الأسس التي يمكن بواسطة ركائزها، الاستمرار في ضخ المحروقات بعقلانية وبشكل يمنح للأسعار تماسكا، ينصف المنتج والمستهلك على حد سواء.
وبانضمام ما لا يقل عن 12 دولة من خارج أوبك إلى 14 دولة عضوا في المنظمة النفطية إلى موقف واحد، فإن المصلحة المشتركة ستؤخذ بعين الاعتبار... ومن شأن هذه العودة القوية أن تعيد بعث التكتلات النفطية مجددا وتمتين ثقلها وتفعيل تأثيرها، ويمكن توقع بروز تنظيم حقيقي للصفوف من جديد، ولن تترك للقوى المسيطرة على سوق العرض بالتلاعب بالأسعار مثلما حدث، منذ الانهيار التاريخي لمعادلة العرض والطلب.
لذلك، فإن عام 2017 لن يكون كسابقيه، عقب الانجذاب وانصهار إرادة المنتجين للنفط حول خيار التقارب والتنسيق المشترك، الذي شرعت فيه بعض الدول، على غرار الجزائر وفنزويلا، التي بادرت بتذليل الكثير من نقاط الخلاف واختزال مسافات التباعد في وجهات النظر.
لعل من أكبر الدول المنتجة التي دعمت المسعى، روسيا التي جمعت بالمقابل الدول المنتجة من خارج منظمة أوبك وشجعتها بموقفها المدعم للانضمام حول مبادرة التصحيح... لذا ينتظر، على المديين القريب والمتوسط، أن تظهر مؤشرات جديدة سوف تأخذ منحى إيجابيا لإعادة رسم خارطة نفطية متوازنة من حيث العرض والطلب وكذا الأسعار والاستثمار.